اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


كلما تأملت في الأوضاع السائدة في بلادنا، التي تتردى من سيىء إلى أسوأ، خطرت على بالي قصة الحمامة المطوقة، من كتاب كليلة ودمنة، التي استطاعت بذكائها وفطنتها أن تنجو هي ورفيقاتها من شباك صياد متربص.

من البديهي، من وجهة نظري، أننا في لبنان وقعنا في شباك "إسرائيل" والدول الغربية الاستعمارية، التي تعتبر بلدان المشرق موقعاً استراتيجياً في صراعها ضد روسيا والصين.

مجمل القول أننا نغرق أكثر فأكثر في مأزق خانق، بينما تختبئ من حولنا بعض الغربان التي تعلم بوجود المصيدة، فدفعتنا إليها ظناً منها أن التضحية بنا سوف تتخم الذين يريدون إبادتنا أو ترحيلنا.

ولكن دعهم يشمتون بنا، فالسؤال الأساس هو عما يمكننا فعله، لعلنا نفشل خطة دول الغرب الاستعمارية، التي لن تتورع كما يبدو عن استخدامنا متراساً لسد الطريق أمام تجارة الصين وروسيا.

لا يختلف من حيث الجوهر المأزق الذي نتخبط فيه، عما جرى حولنا في العراق وسوريا وفلسطين. فلا يخفى بهذا الصدد، أن لبنان كان دائماً حقل تجارب، فيه ترسم الخطط ومنه تنطلق المؤامرات والانقلابات، وتعقد الصفقات على مستوى كافة أقطار المشرق، حيث تباع وتشترى البلاد وسكانها تاريخياً، مقابل الوصول إلى السلطة والاستئثار بها "مدى الحياة". لا تداول سلمياً للسلطة في دنيا العرب!...

استناداً إليه، إن المطلوب في لبنان تكتل وطني أكثري، حول ضرورة البحث عن طريق للخلاص من المأزق، تقتنع به أكثرية هذا التكتل من ناحية، ويلتزم به الجميع شاءوا أم أبوا من ناحية ثانية. يفيدنا مثَل الحمامة المطوقة، ان الخلاص نجم عن تعيين خطة عمل التزم الجميع بها، وهكذا استطاعت الحمامات أن تطير في داخل الشباك، وأن تأخذه بعيدا عن مكمن الصياد، إلى حيث يسكن جرذ قارد على تقطيع خيوطه.

وإلا كان مصيرنا، كمصير السوريين أو العراقيين أو الفلسطينيين، والرأي عندي أنها مصائر غير مأمونة، أو قل أن من شأنها أن تضيّق الخناق إلى درجة الموت. أكتفي هنا بهذه الملحوظة، لست بصدد البحث في هذه المسألة، لذا أقتضب فأقول أن الصياد عادة لا يفك شباكه ليحرر الطرائد!!

إذن ما العمل؟ هذا هو السؤال الأساس من وجهة نظري، فمن يريد بقاء لبنان وطناً ليأتي إلى مؤتمر جامع يضع أمامه نقطتين لا غير:

1 ـ إجبار الذين لا يريدون أن يبقى لبنان وطنا لأهله، على أن يختاروا الحياد، فلا يتعاونوا مع الصياد بأي شكل من الأشكال، وألا يعملوا محلياً على إثارة الفوضى وقطع الطريق على الناس، منعاً لانضمامهم إلى سيرورة الحوار الوطني الهادفة إلى وضع خطة إنقاذ وطنية، مقابل اعطائهم الأمان والوقت لمراجعة موقفهم.

2 ـ المؤتمر الوطني للإنقاذ : يدعى إليه جميع اللبنانيين دون تمييز، على أساس عقيدة أو معتقد، غايته تحرير الأرض المحتلة و"الرهائن"، الذين يتعرضون اليوم وكل يوم على يد "الإسرائيليين" في جنوب البلاد للعذاب والقتل، بعد أن دمروا منازلهم، وقتلوا أبناءهم، ومنعوهم من العودة وإعادة الإعمار، ومن العيش بحرية بحسب الأساليب التي تلائمهم. لا بد من "لبننة" لبنان أولاً، و ابعاده عن "الإسرائيليين" والدول الغربية دون استثناء، الذين يكملون معا فصول إبادة الفلسطينيين بواسطة الرصاص و الجوع!

إن الذين يعون أن بقاءهم وحريتهم وتقدمهم وازدهار أعمالهم، مرهونة بمعاضدة بعضهم بعضاً، يكتشفون معنى الوطن!.

الأكثر قراءة

بارّاك يعلن سياسة «العصا والجزرة» لإخضاع لبنان لخطة واشنطن توافق بين عون وبري على الرد اللبناني... وسلام اكثر تشدداً!