اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

لم يكن ما قاله رئيس الجمهورية جوزاف عون في ذكرى عيد الجيش مفاجئا لأحد، الا في بعض المفردات غير <الموفقة> في توصيفه للفعل المقاوم، اما <اسرائيل> فلم تتاخر بالرد <برسائل> معبرة الى كل من يراهن على الضمانات الاميركية، فشنت  قبل ان يجف <حبر الخطاب> بغارات عنيفة على البقاع والجنوب، واستهدفت على نحو خاص  مرتفعات وطريق العيشية- الجرمق <مسقط رأس> الرئيس. اما السياق العام للخطاب فمفهوم لجهة توقيت صدوره ومضمونه الذي لا يتعارض مع خطاب القسم ولم يضف اليه جديدا. اما لجهة التوقيت، فاهميته انه جاء قبيل ساعات من وصول قائد المنطقة الوسطى الاميركية مايكل كوريلا الى بيروت، وعلى مسافة ايام من جلسة حكومية يفترض ان تناقش ملف حصرية السلاح،  وبعد ساعات على كلام الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم الذي جدد التمسك باولويات المقاومة...

خطاب الرئيس عون ياتي في ظل حجم ضغوط هائلة تتولاها واشنطن مباشرة ومعها المملكة العربية السعودي، نيابة عن <اسرائيل> التي دخلت كالعادة على خط التصعيد، تواكبها <جوقة> داخلية اعلامية وسياسية بدات بحملة على الرئيس نفسه في محاولة لاحراجه امام الخارج، فجاءت بعض التعابير في الخطاب امس لارضاء تلك <الرؤوس الحامية> في مقابل محاولة ارضاء جمهور المقاومة بتعابير اخرى فيها اجلال وتقدير لتضحيات الشهداء ودورهم، لكن تبقى الاسئلة مفتوحة حيال كيفية ترجمة المضمون الى وقائع في ظل تعقيدات المشهد داخليا واقليميا ودوليا. الا ان الرئيس اراد ان يقول للجميع <اشهد اني قد بلغت>..

لا للصدام الداخلي

واذا كان الرئيس شفافا وصريحا بشرح حجم المخاطر التي تواجه البلاد في ظل التحديات الداهمة، واذا كان قد توجه الى قيادة المقاومة بطلب التعامل بواقعية مع التطورات، الا انه لم يتخل قيد انملة عن قناعاته الراسخة بعدم تحويل اي تباين حول الاولويات الى صدام داخلي مهما كبرت التحديات، وهي ثابتة راسخة، كما تقول اوساط مطلعة على الاتصالات بين بعبدا وحارة حريك، وهي ثابتة ايضا لدى حزب الله العارف بحجم الهجمة الداخلية والخارجية ولهذا قد يتجاوز على مضض اي تعبيرات قد تعتبر انتقاصا من وطنية شباب وقيادات المقاومة الذين بذلوا دمائهم لاجل لبنان وليس <حروب الآخرين> على الارض اللبنانية، ولكنه لن يسمح بان تنتقل المواجهة مع العدو الخارجي الى الداخل ولن يتخلى عن الايجابية في التعامل مع الرئاسة الاولى، وان بدى للوهلة الاولى وجود تعارض يصل الى حد <التصادم> بين خطابي الرئيس والامين العام، الا ان <التصادم> ممنوع عمليا، لان الجانبين كل من موقعه يريد حماية لبنان وتجنيبه المخاطر، ولا خلاف في الجوهر، والرئيس يقول ما يقوله على طريقته، وقائد المقاومة يعبر ايضا على طريقته، لكن في نهاية المطاف كلا الرجلين يعرفان مكمن الخطر الداهم، ويدركان حساسية الموقف، ولهذا ستكون الخطوات المقبلة دقيقة للغاية ومحسوبة لتجنب اي <دعسة ناقصة>، خصوصا في الحكومة حيث يفترض ان يكون خطاب الرئيس جزءا من عملية امتصاص اي رد فعل سياسي من خارج السياق، لهذا فان ثمة الكثير من النقاط المتفق عليها مع الرئيس، اما نقاط الخلاف فيستمر النقاش حولها، خصوصا مسالة ربط السلاح بالاستراتيجية الوطنية، ومسألة الالولويات، وسيكون هناك لقاءات مباشرة خلال الساعات والايام المقبلة.

مصير الحكومة!

ووفقا لمصادر مطلعة، فان الدولة اللبنانية كان معنية باصدار مواقف واضحة ورسمية حول حصرية السلاح خلال 10 ايام انتهت اليوم، بعد مراسلة وصلت الى بعبدا من قبل المبعوث الاميركي توم براك، ولهذا وجد الرئيس نفسه معنيا بتجديد مواقفه السابقة بنبرة عالية لكنه تجنب اقران كلامه بجدول زمني واضح يحّول الاقوال الى افعال، والان ثمة انتظار لرد الفعل الاميركي حيال مواقفه، فيما <العين> على جلسة الحكومة يوم الثلاثاء، والتي اعتبرها رئيس الحكومة نواف سلام غير استفزازية لاحد بل تاتي في سياق الالتزام بخطاب القسم والبيان الوزراي، حيث يفترض طرح الملف على جدول الاعمال، وقد بينت الاتصالات حتى الان، ان ثمة حرصا من الجميع على عدم تفجير الحكومة من الداخل، لما لهذا من انعكاس على الاوضاع الداخلية حيث لا يرغب احد في شل العمل الحكومي وادخال البلاد في ازمة مفتوحة غير مضمونة النتائج لاحد.

موقف <الثنائي>

 ولهذا تتركز الاتصالات على حصر النقاشات داخل الحكومة في اطار تجديد التمسك بمضمون البيان الوزاري دون الذهاب بعيدا في تقديم التزامات او <خارطة طريق> لمعالجة ملف السلاح، وغير ذلك <سنكون امام مشكلة كبيرة>، لا يرغب بها احد. وبانتظار ان تتبلور نتائج تلك الاتصالات بين الرؤساء الثلاثة، يبقى موقف <الثنائي> من الجلسة ايجابيا حتى الان، وهو مرتبط بفحوى الاخراج السياسي الذي سيتم الاتفاق عليه، وعندها <ويبنى على الشي مقتضاه>. واذا ما تم الاتفاق على مخرجات الجلسة سيشارك وزراء حزب الله وامل ، وسيؤكدون على التسلسل الزمني الذي يبدا بالانسحاب الاسرائيلي اولا، ووقف الاعتداءات، والافراج عن الاسرى، وبعدها فان الحزب منفتح على مناقشة ملف السلاح ضمن اجندة وطنية تحمي البلاد.

الاستسلام او الفوضى؟

 وفي هذا السياق، تحذر اوساط سياسية بارزة من لعبة اميركية -اسرائيلية خطرة تضع البلد  في موقع الاختيار بين الاستسلام اوالفوضى؟ ولهذا يجب على الدولة ان تجيب شعبها عن ماهية الضمانات الاميركية؟ وكيف يمكن الثقة بمضمونها اذا لم تكن موجودة اصلا؟ واذا كانت اسرائيل مصرة على التصعيد وعدم القيام باي خطوة على طريق الالتزام بالقرار 1701، فكيف يمكن تقديم التنازلات من طرف واحد؟ وفي هذا الاطار، يفترض ايضا ان يعلق الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم على التطورات المتلاحقة مطلع الاسبوع المقبل في احياء الذكرى الاربعين لاغتيال احد كبار ضباط الحرس الثوري <الحاج رمضان>، المسؤول عن ملف حركات المقاومة.

ضغط اعلامي وسياسي

وبعد ساعات من كلام الرئيس، وتزامنا مع الغارات الاسرائيلية، عادت الماكينة الاعلامية المعادية لحزب الله الى ضخ معلومات ضاغطة على الدولة، بتسريب معلومات بان هناك عدم رضى عربي وتحديداً سعودي على الردّ اللبناني على ورقة برّاك وقد أُبلغ الاستياء السعودي الى الجانبين الأميركي والفرنسي. وكذلك القول بان، فرنسا غير ممتنّة من أداء لبنان وتخشى من العودة الى ما قبل اتفاق وقف إطلاق النار.!

مضمون المفاوضات مع واشنطن

وكان رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون جدد عزم الدولة على احتكار السلاح. و كشف خلال الاحتفال الذي أقيم في  مقر وزارة الدفاع الوطني في اليرزة ، في ذكرى شهداء الجيش مضمون المفاوضات مع الجانب الاميركي قاطعا الطريق امام «المصطادين في الماء العكر» داخليا، وقال «ان المفاوضات التي باشرها مع الجانب الاميركي بالاتفاق الكامل مع رئيس مجلس الوزراء نواف سلام وبالتنسيق الدائم مع رئيس مجلس النواب نبيه بري التي تهدف الى احترام تنفيذ إعلان وقف النار، لافتا الى ان لبنان اجرى تعديلات جوهرية على مسودة الأفكار التي عرضها الجانب الاميركي ستطرح على مجلس الوزراء مطلع الأسبوع المقبل، معددا اهم النقاط التي طالب بها ومنها: وقف فوري للأعمال العدائية الاسرائيلية، وانسحاب اسرائيل خلف الحدود المعترف بها دولياً، وإطلاق سراح الأسرى وبسط سلطة الدولة اللبنانية على كافة أراضيها، وسحب سلاح جميع القوى المسلحة ومن ضمنها حزب الله وتسليمه الى الجيش اللبناني، وتأمين مبلغ مليار دولار أميركي سنويا لفترة عشر سنوات من الدول الصديقة لدعم الجيش اللبناني والقوى الأمنية وتعزيز قدراتهما،  وإقامة مؤتمر دولي للجهات المانحة لإعادة إعمار لبنان في الخريف المقبل، وتحديد وترسيم وتثبيت الحدود البرية والبحرية مع الجمهورية العربية السورية بمساعدة كل من الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة العربية السعودية والفرق المختصة في الأمم المتحدة، وحل مسألة النازحين السوريين، ومكافحة التهريب والمخدرات ودعم زراعات وصناعات بديلة».

تحذيرات الرئيس

واعتبر الرئيس عون، ان من واجبه وواجب الأطراف السياسية كافة عبر مجلس الوزراء والمجلس الاعلى للدفاع ومجلس النواب والقوى السياسية كافة، أن نقتنص الفرصة التاريخية، وندفع من دون تردد إلى التأكيد على حصرية السلاح بيد الجيش والقوى الأمنية»، داعيا الى ان نحتمي جميعاً خلف الجيش متوجها بنداء «الى الذين واجهوا العدوان والى بيئتهم الوطنية الكريمة أن يكون رهانكم على الدولة اللبنانية وحدها. وإلا سقطت تضحياتكم هدراً، وسقطت معها الدولة أو ما تبقى منها.» واكد رئيس الجمهورية أن حكومة الرئيس نواف سلام أعطت الأولوية لستة ملفات نظراً لحدود ولايتها الزمنية دون أن تغفل ملفات أخرى،  مشددا على ان القضاء مطلق اليدين لمكافحة الفساد والمحاسبة وإحقاق الحق وتكريس مبدأ المساواة أمام العدالة، وعلى انه سيوقع  مرسوم التشكيلات القضائية فور ورودها. وقال: «معا نريد استعادة دولة تحمي الجميع فلا تستقوي فئة بخارج، ولا بسلاح، ولا بمحور، ولا بامتداد ولا بعمق خارجي ولا بتبدل موازين. بل نستقوي جميعاً بوحدتنا ووفاقنا وجيشنا، واجهزتنا الأمنية.

قائد الجيش: حماية السلم الاهلي

وفي المناسبة نفسها، كانت كلمة لقائد الجيش العماد رودولف هيكل، تعهد فيها حماية الاستقرار والسلم الأهلي، وقال «لن نسمح ابدا بأي تهديد لأمن بلادنا. اجدد ترحيبي بكم، فخامة الرئيس، وأعرب عن شكري لكم ولمعالي وزير الدفاع الوطني، ولكل من يبدي التضامن والدعم للمؤسسة العسكرية. وكلي أمل بأن تحمل الأيام المقبلة ما نتمناه من إستقرار وإزدهار لوطننا العزيز». وقد استقبل هيكل عضو «كتلة الوفاء للمقاومة» حسن فضل الله الذي هنأ باسم حزب الله الجيش بعيده، مجددا الثقة بدوره، كما جرى البحث باخر التطورات جنوبا في ظل تنسيق عال المستوى بين المقاومة والجيش.

عربدة اسرائيلية جنوبا وبقاعا

ميدانيا، واكبت «اسرائيل» الضغوط السياسية بتصعيد غاراتها الجوية على البقاع والجنوب، حيث شن الطيران الاسرائيلي 4غارات على جرود بريتال وعلى السلسلة الشرقية، كما استهدفت الغارات منطقة الدمشقية ووادي برغز والمحمودية ومرتفعات الريحان في جنوب لبنان، وطريق ومرتفعات الجرمق –العيشية، ومنطقة الخردلي، وقد زعم وزير الحرب الاسرائيلي يسرائيل كاتس ان الجيش الإسرائيلي هاجم مرة أخرى أكبر موقع لإنتاج الصواريخ الدقيقة لحزب الله. وقال «ستستمر سياسة فرض أقصى العقوبات ضد حزب الله وأي محاولة من الحزب لإعادة تأهيل نفسه ستقابل بقوة لا هوادة فيها، ولفت الى ان الحكومة اللبنانية تتحمل مسؤولية منع حزب الله من خرق اتفاق وقف إطلاق النار؟! وقد زعم الجيش الإسرائيلي مهاجمة موقع تحت الأرض لإنتاج الصواريخ وتخزين وسائل قتالية لحزب الله. وقد استهدفت غارة معادية  فجرامس، منزلا غير مأهول ومستهدف سابقا في محيط جبانة عيتا الشعب، كما ألقى جيش العدو قنبلة مضيئة بإتجاه بلدة الناقورة بهدف إشعال الحرائق، وحلّقت مسيّرة اسرائيلية على علو منخفض في أجواء منطقة مرجعيون.

قانون اصلاح المصارف

 على الصعيد التشريعي، اقر مجلس النواب، قانون إصلاح المصارف وفقا للصيغة المحالة من لجنة الموازنة مع بعض التعديلات الطفيفة وربط تنفيذه باقرار قانون الفجوة المالية، ما يعني انه سيبقى «حبرا على ورق» حتى الاتفاق على تحديد كيفية توزيع الخسائر...كما أقر المجلس أربعة مشاريع واقتراحات قوانين شملت ملفات قانونية وإدارية واقتصادية، منها اقتراح قانون يهدف إلى تعديل بعض أحكام القانون رقم 11 الصادر بتاريخ 12 حزيران 2025، والمتعلق بإيجارات الأماكن غير السكنية مع ادخال تعديلات طفيفة وذلك بموافقة 65 صوتا ومعارضة 21وامتناع 15. كما اقر اعطاء تعويض ادارة لمديري المدارس الرسمية وأحال إلى لجنة الصحة اقتراح يتعلق بتعديل مزاولة مهنة الصيدلة لجهة المتممات الغذائية، قانون يرمي إلى تعديل أحكام القانون رقم 73 الصادر في 23 نيسان 2009 وتعديلاته، والمتعلق بشروط منح تعويض الإدارة لمديري المدارس الرسمية. مشروع القانون الوارد بموجب المرسوم رقم 315، والذي يهدف إلى تنظيم القضاء العدلي. مشروع قانون إصلاحي متعلق بوضع المصارف وإعادة تنظيمها،وفي سياق الجلسة، أعاد المجلس مشروع القانون المتعلق بمزاولة مهنة الصيدلة إلى لجنة الصحة النيابية لمزيد من الدرس..

الأكثر قراءة

عون في مُواجهة المخاطر: اشهد اني قد بلّغت لبنان بين خطابين... تباين لكن لا صدام داخلي إسرائيل تصعد...واتصالات لمنع انفجار الحكومة