اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


يُعد المفصل نقطة الالتقاء بين عظمتين أو أكثر في جسم الإنسان، وتُحيط به أنسجة رخوة وغضاريف تسهّل الحركة وتحمي العظام من الاحتكاك المباشر. غير أن هذا التركيب الدقيق يمكن أن يتعرّض مع الوقت للتلف أو التآكل، ما يؤدي إلى تدمير المفصل وفقدان وظيفته جزئيًا أو كليًا. لكن ما الذي يقف خلف هذا التدمير؟ ولماذا يعاني البعض أكثر من غيرهم؟

في مقدّمة الأسباب، تأتي الأمراض المزمنة، وعلى رأسها الفُصال العظمي (خشونة المفاصل)، الذي يُعتبر أكثر أنواع التآكل المفصلي شيوعًا، ويحدث نتيجة تآكل الغضروف الواقي الذي يغلف أطراف العظام. مع الوقت، يصبح المفصل أقل قدرة على امتصاص الصدمات، وتبدأ العظام بالاحتكاك، مسببة ألمًا وتصلبًا قد يزداد سوءًا تدريجيًا. من جهة أخرى، يؤدي التهاب المفاصل الروماتويدي – وهو مرض مناعي ذاتي – إلى مهاجمة جهاز المناعة للأنسجة المبطّنة للمفاصل، ما يسبب التهابات مزمنة قد تنتهي بتدمير المفصل بالكامل.

ولا يقتصر السبب فقط على الأمراض. فالعوامل الميكانيكية مثل الحركات المتكررة، أو الاستخدام المفرط للمفصل، أو التعرض لإصابة مباشرة كالكسر أو الخلع، قد تسرّع من تلف المفصل، خاصة إذا لم تُعالج بالشكل الصحيح. كذلك، فإن السُمنة تُعد عامل خطر رئيسي، إذ أن الوزن الزائد يشكّل عبئًا مستمرًا على المفاصل، خصوصًا مفاصل الركبة والورك، مما يسرّع من تآكل الغضاريف ويزيد من احتمالية الإصابة بالفصال العظمي.

من ناحية أخرى، يلعب العامل الوراثي دورًا لا يمكن تجاهله. فالأشخاص الذين لديهم تاريخ عائلي بأمراض المفاصل يكونون أكثر عرضة للإصابة في سن مبكرة. كما أن التغيرات الهرمونية، خاصة لدى النساء بعد سن اليأس، قد تؤثر على صحة المفاصل، بسبب انخفاض مستويات هرمون الإستروجين الذي يُعتقد أنه يساهم في الحفاظ على الغضاريف.

أما الفئة الأكثر عرضة لتدمير المفصل، فهي تشمل كبار السن، إذ تزداد احتمالية الإصابة مع التقدم في العمر نتيجة لتراجع تجدد الأنسجة وانخفاض مرونة الغضاريف. كما تُعد النساء أكثر عرضة من الرجال في بعض أنواع التهاب المفاصل، كالروماتويد. ولا يمكن إغفال الرياضيين، خاصة من يمارسون رياضات عنيفة أو تعتمد على الضغط المكثف على المفاصل مثل رفع الأثقال وكرة القدم، حيث يكون خطر التآكل أو الإصابة أعلى إذا لم يُراعى التوازن في التمارين أو يتم الالتزام بتقنيات الوقاية.

أخيراً، إن تدمير المفصل ليس نتيجة سبب واحد، بل هو حصيلة عوامل متداخلة، بعضها يمكن التحكم فيه كالسُمنة ونمط الحياة، وبعضها الآخر يصعب تجنبه مثل العوامل الوراثية أو التقدم في السن. لكن ما يبقى مؤكدًا هو أن الوقاية ممكنة من خلال الحفاظ على الوزن المثالي، ممارسة التمارين الرياضية بانتظام وبشكل معتدل، تجنب الحركات المجهِدة، ومتابعة أي أعراض مبكرة مع الطبيب المختص. فصحة المفاصل ليست فقط مفتاحًا للحركة، بل شرط أساسي لجودة الحياة.

الأكثر قراءة

دمشق تحت النار ومجازر في السويداء: لا رابح من لعبة الخراب التركية «الإسرائيلية»! كيف انكسرت حسابات الشرع على أبواب السويداء؟ «تل ابيب» تريد الجنوب السوري «منطقة عازلة» وحاكم خليجي: لقد خدعنا الأميركيون