اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

 

يُعرف الكورتيزول بأنه "هرمون التوتر"، وهو هرمون يُفرَز من الغدة الكظرية كرد فعل طبيعي على الضغوط النفسية والجسدية. وفي الحالات الطبيعية، يُساعد الكورتيزول الجسم على التكيّف مع التوتر، تنظيم ضغط الدم، وتحفيز عملية التمثيل الغذائي للطاقة. غير أن الارتفاع المزمن لمستويات الكورتيزول قد يتحول من أداة حماية إلى عنصر تهديد لصحة الإنسان، خاصة إذا استمر لفترات طويلة دون تدخل.

إنّ ارتفاع الكورتيزول المستمر يؤدي إلى سلسلة من التغيرات الفسيولوجية الضارة، تبدأ من زيادة في معدل ضربات القلب وارتفاع ضغط الدم، وقد تصل إلى اضطرابات خطيرة في الجهاز المناعي، والهضمي، والعصبي. إذ يعمل الكورتيزول على تعطيل بعض الوظائف الحيوية غير الطارئة أثناء التوتر، مثل الهضم والتكاثر والمناعة، مما يفتح الباب لأمراض مزمنة على المدى الطويل.

واحدة من أخطر نتائج الكورتيزول المرتفع هي زيادة الوزن، وخاصة في منطقة البطن، حيث يحفز الكورتيزول تخزين الدهون. كما يرتبط ارتفاعه المزمن بـ زيادة خطر الإصابة بالسكري من النوع الثاني، هشاشة العظام، الاكتئاب، اضطرابات النوم والقلق المزمن. أما على المستوى المعرفي، فيؤثر الكورتيزول سلبا على الذاكرة والانتباه، وقد يؤدي إلى تلف في خلايا الدماغ إذا استمرت مستوياته في الارتفاع لفترات طويلة.

هذا، ولا يتساوى الجميع في استجابتهم للضغوط النفسية، وبالتالي لا يتساوون في احتمال تعرضهم لارتفاع الكورتيزول. أكثر الفئات عُرضة لهذه المشكلة، هم الأشخاص الذين يعيشون في بيئات ذات ضغط نفسي مزمن، مثل الموظفين في وظائف تتطلب مجهودا ذهنيا وعصبيا عاليا، والأمهات العاملات اللواتي يُوازنّ بين مسؤوليات العمل والأسرة، والطلاب في فترات الامتحانات، ومرضى القلق والاكتئاب.

بالإضافة إلى ذلك، يُعد الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات النوم المزمنة، أو يتبعون نمط حياة غير متوازن من حيث التغذية والرياضة، أو يفرطون في تناول الكافيين والمنبهات، من أكثر الفئات المعرضة لارتفاع الكورتيزول. كما أن الإفراط في ممارسة الرياضة العنيفة دون فترات كافية للراحة، قد يؤدي هو الآخر إلى زيادة مفرطة في مستويات الكورتيزول.

إلى ذلك، فإنّ التحكم في مستويات الكورتيزول يتطلب نهجا متكاملًا يشمل الجسد والنفس معا. من أهم وسائل الوقاية: الحفاظ على جودة النوم، إذ يُعد النوم العميق ليلا أحد أهم العوامل التي تُعيد التوازن الهرموني. كما يُنصح بممارسة رياضات الاسترخاء مثل اليوغا والتأمل، التي ثبتت فعاليتها في خفض الكورتيزول.

كذلك، تؤدي التغذية الصحية دورا محوريا، حيث يساعد تناول الأطعمة الغنية بالمغنيسيوم وفيتامين C وأحماض الأوميغا-3 في دعم الغدة الكظرية وتقليل التوتر. كما يجب تقليل تناول الكافيين والسكريات، التي تُحفّز استجابة التوتر في الجسم. ولمن يعانون من ضغوط نفسية مزمنة، يُستحسن اللجوء إلى الدعم النفسي أو العلاج السلوكي المعرفي للمساعدة في تنظيم الاستجابة للتوتر.

في نهاية المطاف، لا يمكن إنكار أن الكورتيزول يلعب دورا أساسيا في استجابة الجسم للتوتر، لكن تحوّله إلى عامل تهديد يحدث عندما تطول مدة التوتر ، أو تتكرر باستمرار دون مخرج صحي. وعي الأفراد بمخاطر ارتفاعه، واتخاذ خطوات عملية نحو نمط حياة متوازن، هو السبيل لحماية الصحة الجسدية والعقلية على المدى الطويل.

الأكثر قراءة

إسرائيل تسعى الى منطقة عازلة من حاصبيا الى السويداء ودرعا جبل الشيخ والجولان سيتحوّلان الى نقاط استثمارات دوليّة واشنطن والرياض تسعيان لانقلاب أبيض يُغيّر موازين القوى في لبنان