في السنوات الأولى من حياة الطفل، تشهد خلايا الدماغ نموا سريعا وتطورا هائلا يشكّلان الأساس لقدراته الإدراكية والمعرفية والسلوكية في المستقبل. ولتحقيق هذا النمو السليم، يحتاج الدماغ إلى مجموعة من الفيتامينات والعناصر الغذائية الحيوية، أبرزها فيتامين B1، المعروف أيضاً بالثيامين. رغم أن دوره لا يُسلط عليه الضوء كثيرا مقارنة بفيتامينات أخرى، إلا أن نقصه قد يؤدي إلى عواقب خطرة، خصوصاً في مراحل الطفولة المبكرة التي تُعد حسّاسة وحاسمة لبناء القدرات العقلية.
الثيامين هو أحد الفيتامينات الأساسية القابلة للذوبان في الماء، وينتمي إلى مجموعة فيتامينات B المركبة. يؤدي دورا جوهريا في تحويل الكربوهيدرات إلى طاقة، وهو عنصر حاسم في أداء الجهاز العصبي، إذ يدخل بشكل مباشر في عمليات تصنيع النواقل العصبية، ونقل الإشارات بين الخلايا العصبية. ونتيجة لهذا الدور، فإن نقص الثيامين في المراحل الأولى من حياة الطفل يمكن أن يُعيق تطوّر الدماغ ويؤثر في قدرته على معالجة المعلومات وتخزينها.
تشير دراسات متعددة إلى أن نقص الثيامين، خاصة في السنة الأولى من عمر الطفل، يرتبط بتأخر في تطوّر اللغة، وضعف في الذاكرة قصيرة المدى، وتراجع في القدرات التحليلية والمعرفية. ففي مرحلة الرضاعة، عندما تكون خلايا الدماغ في طور الانقسام والتواصل المكثف، يكون الثيامين ضروريا لدعم تكوين المشابك العصبية وتثبيت التعلم. وفي حالات النقص الشديد، كما لوحظ في بعض الحالات الناتجة عن تغذية غير كافية أو الاعتماد الحصري على ألبان صناعية تفتقر للثيامين، ظهرت أعراض عصبية مثل الارتباك، التشنجات، وحتى تلف دائم في الدماغ.
من ناحية أخرى، يُعتبر الثيامين عاملا مساعدا في بناء الذاكرة. إذ تُظهر الأبحاث أن هذا الفيتامين يؤثر في المناطق الدماغية المسؤولة عن تخزين واسترجاع المعلومات، مثل الحُصين (Hippocampus)، وهو مركز الذاكرة في الدماغ. وعند نقص الثيامين، تُضعف قدرة الطفل على حفظ الكلمات، وربط المفاهيم، وحتى فهم العلاقات الزمنية والمكانية، مما قد ينعكس لاحقا على أدائه المدرسي والاجتماعي.
وتتجلى خطورة هذا النقص أيضا في صعوبة اكتشافه مبكرا، إذ إن أعراضه الأولية قد تكون غير محددة، مثل التهيّج، ضعف الشهية، أو الخمول، ما قد يُنسب في كثير من الأحيان إلى مشاكل نفسية أو بيئية دون الانتباه إلى السبب الغذائي الكامن. لذلك، يُعدّ التوعية بأهمية هذا الفيتامين جزءا من الوقاية المبكرة لضمان صحة عقلية ونمائية سليمة للأطفال.
لتفادي هذا النقص، يجب أن تتضمّن تغذية الطفل مصادر غنية بالثيامين مثل الحبوب الكاملة، البقوليات، المكسرات، اللحوم، والبيض. كما ينبغي الحرص على تنويع النظام الغذائي خصوصا في مرحلة الفطام، مع تجنّب تقديم الأغذية المصنعة التي تُفقد خلال تصنيعها كميات كبيرة من هذا الفيتامين. أما في حالات الرضاعة الطبيعية، فينبغي التأكد من تغذية الأم بشكل متوازن، نظرا الى أن جودة حليبها تتأثر بما تتناوله من فيتامينات.
أخيراً، فإن فيتامينB1 لا يقتصر دوره على توليد الطاقة، بل يُعد أساسا في بناء الدماغ والوظائف العقلية في الطفولة. ونظرا الى أن السنوات الأولى من حياة الطفل لا تُعوّض، فإن توفير الثيامين بالقدر الكافي خلالها هو استثمار طويل الأمد في قدراته العقلية والمستقبلية. لذلك، من الضروري تعزيز الوعي الغذائي لدى الأمهات ومقدمي الرعاية، وتشجيع المتابعة الصحية المنتظمة للكشف المبكر عن أي نقص قد يهدد تطوّر الطفل الطبيعي.
يتم قراءة الآن
-
الأنظار الى <جلسة الثلاثاء> و<الحزب> مُلتزم بالحوار مع الرئيس عون قادة حزبيون هددوا بتفجير الشارع: الاصبع على الزناد قاسم: لن نقبل أن يكون لبنان ملحقاً بإسرائيل والبلد معرض لخطر وجودي من إســرائيل وداعــش
-
الشرع ونتنياهو يلتقيان في لبنان؟
-
أمن الدولة يصطاد "صيداً ثميناً": توقيف أمير "داعشي" في قلب كسروان
-
الطفلة التي حاورت زياد قبل 29 عاماً: "منحبّك كتير بلا ولا شي"...
الأكثر قراءة
عاجل 24/7
-
23:49
الحكومة السلوفينية: أصبحنا أول دولة أوروبية تحظر استيراد وتصدير ونقل الأسلحة من وإلى "إسرائيل".
-
23:13
حماس: نؤكد جاهزيتنا للانخراط الفوري في المفاوضات مجددا حال وصول المساعدات لمستحقيها وإنهاء المجاعة في غزة.
-
23:12
وول ستريت جورنال عن مسؤولين أميركيين ومقربين من ترامب: الرئيس يعتقد أن الضغط على روسيا أفضل وسيلة لإنهاء الحرب.
-
23:12
الحكومة السلوفينية تفرض حظرا على الأسلحة إلى "إسرائيل" وتمنع واردات الأسلحة إليها عبر أراضي سلوفينيا.
-
22:27
المتحدث باسم الخارجية الفرنسية: باريس تؤكد على أهمية حل الدولتين وعلى ضرورة الاعتراف بدولة فلسطينية، ولا يوجد حل عسكري للحرب في غزة.
-
22:26
المتحدث باسم الخارجية الفرنسية: نشجب عمليات الاستيطان لأنها تقوم على أراضي الدولة الفلسطينية لعام 1967، وحل الدولتين صار مهددا بعد الحرب "الإسرائيلية" على غزة ولا بد من إنعاشه.
