اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


لا شك أن النوم الجيد يُعدّ أحد أعمدة الصحة الجسدية والعقلية، ولكن ما قد لا يعرفه الكثيرون هو أن النوم العميق والمتوازن يلعب دوراً محورياً في تنظيم هرمون التستوستيرون لدى الرجال، والذي بدوره يؤثر على مجموعة واسعة من الوظائف الحيوية، بما في ذلك الصحة الجنسية، وبناء العضلات، والطاقة، والمزاج العام.

يُنتج هرمون التستوستيرون في الخصيتين تحت تأثير الإشارات القادمة من الدماغ، ويبلغ ذروته عادة في الصباح الباكر. تشير الدراسات إلى أن جزءاً كبيراً من إنتاج التستوستيرون يحدث أثناء مراحل النوم العميق، تحديدا خلال مرحلة النوم غير الحركي. ولذلك، فإن أي خلل في جودة النوم أو عدد ساعاته، ينعكس مباشرةً على مستوى هذا الهرمون الحيوي.

أظهرت أبحاث طبية متعددة أن الرجال الذين ينامون أقل من 5  إلى 6  ساعات في الليلة يعانون من انخفاض ملحوظ في مستويات التستوستيرون، مقارنةً بأولئك الذين يحصلون على نوم كافٍ. في إحدى الدراسات التي أجريت في جامعة شيكاغو، وُجد أن النوم غير الكافي لمدة أسبوع واحد فقط،  يمكن أن يخفض مستويات التستوستيرون بنسبة تصل إلى 15% . هذا الانخفاض قد يؤدي إلى أعراض تشمل تراجع الرغبة الجنسية، الإرهاق، ضعف التركيز، وزيادة الدهون في الجسم.

من المهم أن ندرك أن الأمر لا يتعلق فقط بعدد ساعات النوم، بل بجودته أيضا. فالأرق، أو الاستيقاظ المتكرر خلال الليل، أو انقطاع النفس أثناء النوم، كلها عوامل تعرقل وصول الجسم إلى مراحل النوم العميق، التي تعتبر ضرورية لإفراز التستوستيرون. ولهذا السبب، يعاني العديد من الرجال المصابين بانقطاع النفس الليلي من مستويات منخفضة من التستوستيرون، دون أن يدركوا السبب الكامن وراء ذلك.

يُعدّ التستوستيرون من الهرمونات المسؤولة عن التوازن العاطفي لدى الرجل، ونقصه قد يؤدي إلى القلق والاكتئاب وانخفاض الثقة بالنفس. والنوم بدوره له تأثير مباشر على الصحة النفسية، مما يجعل العلاقة بين الاثنين أشبه بدائرة متكاملة: النوم الجيد يعزز التستوستيرون، ومستوى التستوستيرون السليم يعزز بدوره جودة النوم والمزاج.

لتحقيق توازن صحي في مستويات التستوستيرون، يُنصح الرجال باتباع نمط حياة يعزز النوم الطبيعي والجيد. من أهم الخطوات في هذا السياق الالتزام بجدول نوم منتظم، بحيث يذهب الرجل إلى النوم ويستيقظ في أوقات ثابتة يوميا، ما يساعد على تنظيم الساعة البيولوجية للجسم. كما يُفضل تجنب تناول المنبهات مثل الكافيين والنيكوتين قبل موعد النوم، نظرا لتأثيرها السلبي على جودة النوم وسرعة الاستغراق فيه. ومن المهم أيضا تقليل التعرض للضوء الأزرق الصادر عن الشاشات الإلكترونية في الساعات القليلة التي تسبق النوم، إذ يؤثر ذلك على إنتاج الميلاتونين، وهو الهرمون المسؤول عن النعاس.

إلى جانب ذلك، تلعب ممارسة الرياضة دورا كبيرا في تحسين جودة النوم وتعزيز التوازن الهرموني، غير أنه من الأفضل تجنب التمارين المكثفة في أوقات متأخرة من الليل، لأنها قد تؤدي إلى تنشيط الجهاز العصبي وزيادة صعوبة الاسترخاء. وأخيرا، يجب عدم تجاهل اضطرابات النوم المحتملة مثل انقطاع النفس النومي، والتي يمكن أن تؤثر بشكل مباشر على النوم وجودته، وبالتالي على إفراز التستوستيرون. لذا يُنصح باستشارة طبيب مختص لمعالجة هذه الحالات بشكل دقيق وفعّال.

إنّ النوم ليس رفاهية يمكن الاستغناء عنها، بل هو ضرورة بيولوجية تؤثر على هرمونات الجسم، وبشكل خاص على التستوستيرون الذي يُعدّ حجر الزاوية في صحة الرجل. تجاهل النوم الكافي قد لا يظهر تأثيره في يوم أو يومين، لكنه على المدى البعيد يُضعف القوة الجسدية، يقلل الرغبة الجنسية، ويؤثر سلباً على الحالة النفسية. إن الاعتناء بجودة النوم هو خطوة ذكية لكل رجل يسعى للحفاظ على شبابه وصحته البدنية والعقلية.

 

الأكثر قراءة

الأنظار الى <جلسة الثلاثاء> و<الحزب> مُلتزم بالحوار مع الرئيس عون قادة حزبيون هددوا بتفجير الشارع: الاصبع على الزناد قاسم: لن نقبل أن يكون لبنان ملحقاً بإسرائيل والبلد معرض لخطر وجودي من إســرائيل وداعــش