اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


سابقاً مر القطاع العقاري في مرحلة من الانتعاش ترافق مع الإقبال الخليجي على شراء العقارات، مما أدى إلى تضاعُف قيمتها وارتفاع عدد المشاريع العقاريّة.

وفي تقرير للمؤسّسة العامّة لتشجيع الاستثمارات في لبنان "إيدال- IDAL"، تبيّن أنّ القطاع العقاري استقطب ٧,٥٨ مليار دولار خلال السّنوات الممتدّة من ٢٠٠٣ إلى ٢٠١٦، بما يوازي ٦٣,٣% من إجمالي الاستثمارات العربيّة في لبنان.

وكشف التقرير أن في العام ٢٠١٧، تدفّق إلى البلد نحو ٢,٦٢ مليار دولار من الاستثمارات الأجنبيّة المباشرة واستحواذ قطاع العقارات على ٩٣,٣% من مجمل الاستثمارات الأجنبيّة المباشرة. لكن بعد هذه الفترة بدأت بعض الدّول الخليجيّة بسحب الاستثمارات من قطاع العقارات، وبيع تلك المملوكة من خليجيّين.

و مع بدء الأزمة الإقتصادية و المالية والنقدية في لبنان في العام ٢٠١٩، بدأت سوق العقارات الّتي كانت تُعَدّ من المحرّكات الأساسيّة للاقتصاد اللّبناني، تعاني من تحدّياتٍ كبيرة وبدأ القطاع العقاري بالتراجع إلى حد الركود في ظل غياب القروض المصرفيّة بعد انهيار القطاع المصرفي، وتوقُّف مصرف الإسكان عن منح قروضٍ جديدةٍ، بالإضافة إلى المشاكل المرتبطة بانتظام عمل الدّوائر العقاريّة وتأثيرها على عمليّات البيع والشّراء والتّسجيل. فضلاً عن تراجع القدرة الشرائية للمواطنين .

إلا أن هذا القطاع كغيره من القطاعات بدأ يتنفس الصعداء مع بدء مرحلة من الاستقرار السّياسي والأمني النّسبي التي يشهدها لبنان بعد انتخاب رئيس الجمهوريّة جوزاف عون و تشكيل حكومة برئاسة القاضي نواف سلام ترافق ذلك مع عودة انتظام عمل مؤسّسات الدّولة تدريجيًّا، ما يُنبئ بفتح شهيّة المستثمرين مجدّدًا وبدء عودة الثّقة بالسّوق العقارية، و إن كانت الأمور لم تعد إلى نصابها بعد مع استمرار الأزمة الإقتصادية والمصرفية وحتى الأمنية، لكن على الأقل هناك بوادر بوضع القطار على السكة مع إنطلاق ورشة الإصلاحات المطلوبة التي باشرت بها الحكومة والمجلس النيابي .

الديار أجرت حواراً مع نقيب مقاولي الأشغال العامة والبناء اللبنانية المهندس مارون الحلو حول واقع القطاع العقاري و والتحديات التي واجهها ويواجهها في ظل التطورات السياسية والأمنية .

وهذا نص الحوار :

كيف تصفون وضع القطاع العقاري في ظل التطورات السياسية والأمنية؟ يقول الحلو: يشهد الوضع العقاري في لبنان منذ العام 2019 تقلبات وتحديات كبيرة، نتيجة توقف الحركة المالية والاقتصادية بالتزامن مع انخفاض قيمة العملة الوطنية وحجز المصارف لودائع المودعين، وتوقف التسليفات..، الأمر الذي ترك تداعيات سلبية على حركة المبيعات العقارية حيث إنخفضت الاسعار في كل المناطق اللبنانية، لتعود وتستقر في منتصف سنوات الأزمة عند حدود الـ 50 في المئة لمن يرغب في البيع؛ وبعد اعلان وقف اطلاق النار بين اسرائيل وحزب الله في العام الماضي 2024 ، عاودت الأسعار إرتفاعها في بيروت والمدن الكبرى بين 70 و 80 في المئة، فيما إستمرت الاسعار تتراوح في باقي المناطق بين 50 و 60 في المئة؛ إلا أن عدم الاستقرار الأمني لا يزال تأثيره سلبياً على النشاط العقاري ما يدفع المستثمرين الى الإحجام عن الاستثمار الأمر الذي يُفقد القطاع الكثير من الفرص.

هل يؤثر قانون الإيجارات غير السكنية الجديد على المؤسسات التجارية والاقتصادية؟ أكد الحلو أن هناك تأثيرات متفاوتة لقانون الإيجارات غير السكنية الجديد على القطاع العقاري وفقاً لواقع كل منطقة؛ إن لعدم وجود حركة إقتصادية فاعلة تساهم في التخفيف من أسعار الإيجارات المرتفعة التي ستؤثر برسومها وضرائبها إيجاباً على الخزينة العامة، "والتي برأيي مهما بلغت أرقامها ستبقى مجحفة بحق الاقتصاد، طالما أن الدورة الإقتصادية لم تعاود حركتها الطبيعية، بما يسمح للمستأجرين من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة تحمل أعباء كلفة الايجارات غير السكنية وفق القانون الجديد، الذي قد يعرّضها الى الإقفال وتسريح عمالها مما سيخلق أزمة إجتماعية".

ما هو تأثير تراجع تسليمات الأسمنت على واقع القطاع العقاري وعلى تدني عدد رخص البناء ؟ لفت الحلو إلى إن حركة التسليم لمادة الاسمنت من الشركات المنتجة للسوق المحلي لا تزال طبيعية، في ظل غياب المشاريع في القطاعين العام والخاص الأمر الذي لا يتطلب إغراق السوق بكميات كبيرة، كما أن حركة التصدير الى الخارج مستمرة، ومتى توفر التمويل المنتظر عربيا ودوليا لإطلاق ورشة إعادة الإعمار، عندئذ يمكننا الحكم على حاجة السوق من مادة الاسمنت.

"أما النشاط المُسجل اليوم في قطاع البناء فمرتبط بالقطاعين العام والخاص حيث تتراوح الحركة بين 10 و 20 في المئة، مع العلم ان القطاع الخاص يعمل بشكل إفرادي في ظل عدم وجود تحالفات استثمارية لتنفيذ المشاريع الكبيرة، التي عرفها لبنان خلال الورشة الاعمارية التي شهدناها في تسعينيات القرن الماضي أو قبل الأزمة في العام 2019، في ظل حركة اقتصادية طبيعية أعطت دفعاً لقطاع البناء بنسبة تجاوزت الـ30 في المئة".

بالنسبة للوحدات السكنية هل العرض اليوم أكبر من الطلب أم العكس وكيف تصفون واقع القطاع؟ هنا يقول الحلو : لا يوجد طلب على الوحدات السكنية في ظل الوضع الاقتصادي والمالي الراهن، لهذا فإن عدد الشقق السكنية المطروحة للبيع محدود بفعل تراجع النشاط في قطاع البناء جراء الأزمة المالية والمصرفية التي لا تزال تضغط عليه، ما يجعل المالك يتردد في طرح المتوفر لديه للبيع؛ لهذا إتجه السوق السكني نحو الإيجارات التي إرتفعت أسعارها نتيجة الطلب وخصوصاً خلال فترة الحرب ونزوح الأهالي نحو المناطق الآمنة.

أضاف: لا يتوقف تراجع الطلب على المساكن عند تأثير الأزمة المالية والمصرفية، فالشاري أيضاً بات لا يملك اليوم القدرات المالية لإمتلاك مسكن نتيجة غياب القروض المصرفية، باستثناء ما يقدمه مصرف الاسكان لشريحة من الطبقة المتوسطة الجديدة بفوائد مرتفعة، فيما باقي شرائح المجتمع اللبناني التي يعمل أفرادها في لبنان تكاد تكون معدومة ولا تملك قدرات مالية تسمح لها بشراء منزل، لهذا تراجعت حركة الشراء والبيع باستثناء ما نشهده من إقبال المغتربين لدى قدومهم في موسم الصيف على إمتلاك مساكن لعائلاتهم، وهذه الحركة لاتعتبر نشاطاً ولا يمكن الإعتداد بها للقول بعودة النشاط الى القطاع العقاري.

"لهذا فإن أي تبدّل في المشهد العقاري والسكني مرتبط بإستعادة الدورة الاقتصادية عافيتها بما سيُعيد نبض الحياة الى القطاع بحيث ينعكس إيجاباً على سائر القطاعات الانتاجية".

ما هي التحديات التي يواجهها القطاع العقاري؟ يشرح الحلو: يواجه القطاع العقاري حالياً الكثير من التحديات، من أبرزها غياب الإستقرار الأمني، لهذا فإنطلاق أي نشاط يتطلب على الأقل تأمين شرطين أساسيين الأول تطبيق القرار 1701 بكامل مندرجاته، والثاني تنفيذ الاصلاحات في الادارات والمؤسسات العامة والقضاء وإكمال التعيينات في المراكز الشاغرة ومعالجة الفجوة المالية وأموال المودعين وإعادة الثقة بالقطاع المصرفي، وتنفيذ بنود خطاب القسم.. كي يتشجع المستثمرين على الاستثمار، لأن بقاء الدورة الاقتصادية في حدّها الأدنى كما هي اليوم سيعيق إنطلاق أي نشاط في القطاع العقاري وسائر القطاعات الاقتصادية والانمائية.

الأكثر قراءة

جهد رئاسي للوصول الى صيغة توافقيّة لحصريّة السلاح... وإلّا المجهول؟ حزب الله يزور عون في الرابية الاثنين... ولقاء قريب مع جنبلاط الانتخابات النيابيّة مفصليّة: الحريريّون باشروا التحضيرات... وتحالف «الاشتراكي» و«القوات»