اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

الهشيم

بعدما تأكّد وصولنا الى الهاوية، بدأ يواجهنا صافعاً، السؤال: هل تفرض المرحلةُ التي نحن منها على قاب قوسين أو أدنى، أن يستقيلَ مِن الكتابة بالكلمات مَنْ لا يتقن الكتابةَ باللكمات، بل بالحديد والنار؟ فالكلمات لم تبقَ مع ثقافة التدجين والبلادة والبلاهة والهوان صالحةً، لأن يصوغَ منها الصادقون مع ما تعاهدوا عليه، جملةً مفيدةً بفعلٍ معلوم وفاعلٍ غير مستَتِر الضمير.

لم يبق لنصٍّ تأثير، لم يبق لحالٍ مصداق. يقول الناس في سرهم الكثير ما لا يقولونه في الجهيرة، رغم الفواجع والمواجع يقولون: اين هي احزاب الرجاء بالخلاص؟ ويضيف الذين ما عادوا يخشون في ويلهم لومةَ لائم، ولا تغريدة فاتن: الذين ائتمنهم وجدانُ الشعب على الماء والتراب والهواء، أقلّه على الرجاء، لم يُبقوا لنا هم ومتبوعوهم، لا تربةً صالحةً لزرع ولا ماء صالحاً لشربٍ أو لريّ، ولا هواءً تتنفّسه ولا اعلاماً تسمعه من دون ان تتلوّث رئتان وتتسمّم عقول.

كلّ ما حولنا تحوّل هشاشةً وهشيماً. وهل يصلح هشيمٌ الّا مكان اقامةٍ للافاعي وابناء الافاعي وغيرها من الزواحف؟ في الصحارى تنشط الاحلام بالواحات، كلّما طال تيه بالتائهين فيها وسط حرّ الفضاء والرمال. يسأل واحدنا وهو في سباق مع العمر والمرض والتيه: أتراها لا تزال بعيدةً المسافةُ الفاصلة بيننا وبين واحة امل ورجاء ؟ تلك اللحظةُ التي يخترقُ فيها ظلامَ هذا الليل البهيم احرار كأولئك الذين كانوا... بل حرّ واحد تقيم في ذاكرته حكايةُ حبيبٍ، حكايةُ خالد، حكايةُ حسين الشيخ، حرّ واحد يجمع كل حكايا النار التي "تحرق وتُضيء"، فيرمي منها شرارةً تشعل ناراً في مساكن الافاعي، في كل هذا الهشيم.


الأكثر قراءة

الليرة تنهار دون كوابح ولبنان ينافس افغانستان على المرتبة الاخيرة في «التعاسة» «مساومة» سعودية تؤجل الحل وفرصة مقيدة للمعارضة للاتفاق على مرشح رئاسي دعوة بكركي للصلاة تكتمل بموافقة الاحزاب المسيحية الرئيسية ولا تفاهمات سياسية