اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

تستمر عملية استنزاف الودائع في المصارف اللبنانية عبر تعاميم صادرة عن مصرف لبنان دون ان يرف جفن للدولة الحاضرة الغائبة لا بل المشلولة عن تطبيق اي اصلاح او انجاز اي استحقاق من اكبر منصب فيها اي رئاسة الجمهورية وحكومة لا تتعدى مهامها عن تصريف للاعمال وبرهنت فشلها او عجزها او عدم ارادتها في تطبيق الاصلاحات المطلوبة من صندوق النقد الدولي والتي تعتبر مفتاح الحل لخروج لبنان من أزماته المتعددة واهمها الأزمة المصرفية والودائع العالقة في المصارف والمطلوب لحلها اعادة هيكلة المصارف وقانون الكابيتال كونترول وحتى الآن لم يتم تطبيقهما فلماذا؟

في هذا الاطار يقول الأمين العام المساعد لاتحاد أسواق المال العربية الدكتور فادي قانصو في حديث للديار :

"بعد مرور أكثر من 3 سنوات على اندلاع أسوأ أزمة اقتصادية في تاربخ لبنان الحديث، لا يزال التأخير المفتعل في معالجة الخسائر المالية سيد الموقف، نتيجة التجاذبات السياسية الداخلية المستمرة. على سبيل المثال المماطلة في إقرار مشروع قانون الكابيتال كونترول أفقدته اليوم فعلياً الدور الأساسي الذي كان يجب أن يلعبه مباشرةً بعد نهاية العام 2019، ألا وهو ضبط حركة الأموال من لبنان إلى الخارج للحفاظ على حقوق المودعين، بحيث كان يجب أن يقرّ المشروع إجراءات وتدابير استثنائية ومرحلية مباشرةً بعد 17 تشرين 2019، تهدف إلى وضع ضوابط مؤقّتة تشكّل في الوقت نفسه حمايةً لحقوق المودعين وتعزيزاً لقدرات المصارف على القيام بواجباتها، مع حرية التصرف بالتحويلات الجديدة الواردة من الخارج من دون أية قيود، ما يعيد الثقة تدريجياً في القطاع المالي اللبناني".

وتابع قانصو "إن إصلاح القطاع المصرفي بجهود إعادة الهيكلة لتعزيز وضعيته المالية وحوكمته وقدرته على مواجهة الضغوط، بات يشكل اليوم مطلباً أساسياً، إذ أن فقدان الثقة في القطاع المصرفي اللبناني، الركيزة الأساسية لأي اقتصاد وطني، يعني فقدان الثقة في النظام المالي اللبناني ككلّ، ناهيك عن أن سلامة القطاع المصرفي لها تأثير ملحوظ على المخاطر السيادية وبالتالي على أي تصنيف سيادي محتمل للبنان".

ورأى قانصو أنه طالما "أن الثقة مفقودة وطالما أن المصرف المركزي يواصل طباعة الليرة اللبنانية لسداد أجور القطاع العام والمستحقات الأخرى المطلوبة من الدولة اللبنانية في ظلّ هذا التراخي المستهجن من قبل أصحاب القرار لناحية إطلاق عجلة الإصلاحات الهيكلية، فإن عملية استعادة الودائع على ما يبدو باتت اليوم شبه مستحيلة. وبالتالي فإن كل يوم تأخير في معالجة الأزمة الراهنة يعني المزيد من الاستنزاف في الاحتياطيات الأجنبية، ما يعني المزيد من الاقتطاع المرتقب في الودائع المصرفية. وهو ما لمسناه في بيانات جمعية المصارف الأخيرة التي تضمّنت اعترافاً رسمياً بعدم قدرة المصارف على سداد أموال المودعين، وكأنهم يرمون الطابة في ملعبي مصرف لبنان والدولة اللبنانية، بمعنى آخر، كأنهم يقولون للبنانيين طالبوا مصرف لبنان والدولة اللبنانية بوادئعكم، فأموالكم ليست معنا، بل أنفقها المركزي على سياسة تثبيت سعر الصرف وعلى استدانة الدولة اللبنانية التي أنفقت بدورها أموالكم لتمويل احتياجاتها من دون حسيب أو رقيب، ولكن متناسين أيضاً بأن أحد أسباب الأزمة الراهنة يتمثّل بانكشاف المصارف المطلق على مصرف لبنان طمعاً بالفوائد المرتفعة".

ووفق قانصو " لبنان يقف اليوم أمام مفترق طرق مصيري يضعه أمام سيناريوهين لا ثالث لهما. السيناريو الأول أو التفاؤلي، هو رهن تسوية سياسية تعبّد الطريق أمام الاستقرار السياسي والأمني مباشرة بعد الانتخابات الرئاسية العتيدة، مع ضرورة تشكيل حكومة بشكل سريع وتفعيل عملها بشكل منتج لمواكبة عملية إطلاق برنامج إنقاذ شامل من أجل إعطاء صدقية للمساعي الإصلاحية المطروحة، ولاستعادة الثقة بالوضع الاقتصادي والسياسي والحكومي وثقة المغترب اللبناني والتأسيس لمرحلة جديدة ونهج جديد ورؤية اقتصادية جديدة."

وأكد قانصو "أن هذا المسار الإصلاحي شاقّ وطويل وصعب ويشوبه عدد من التحديات والعراقيل، إذ يحتاج إلى توافر أربعة عناصر مترابطة لضمان نجاحه، صدق النوايا بين مختلف الأفرقاء السياسيين وانسجامهم لضمان المناخ المؤاتي من الاستقرار السياسي والأمني، حكومة توحي بالثقة وذات مصداقية قادرة على تطبيق ما يلزم من إجراءات، الحشد الدولي والدعم المالي لتمويله، والأهم من ذلك عامل الوقت لتُترجم هذه الاصلاحات بشكل فعلي ونبدأ بقطف ثمارها. لافتاً انه في ظلّ هذا السيناريو، من المتوقع أن نشهد أقلّه عملية كبح لتفلت سعر الصرف في المرحلة الأولى يليه تحسن ملموس إذا ما ترافق ذلك مع إجراءات إصلاحية ودعم مالي دولي وتمكّنا من ضخّ الدمّ من جديد في شرايين الاقتصاد الوطني، ناهيك عن ضرورة المباشرة في عملية التنقيب عن النفط والغاز، ما من شأنه أن يُؤمّن الاستقرار الاقتصادي المنشود والقادر على إخراج لبنان من فخّ الركود التضخمي في بضعة أعوام قليلة نظراً لجحم الاقتصاد اللبناني المنكمش، وذلك بالتوازي مع استقرار مالي ونقدي من شأنه أن يوحّد أسعار صرف الدولار مقابل الليرة عند مستويات معقولة نسبياً".

ولكن يستطرد قانصو بأنه " حتى الساعة فإن السيناريو الأكثر احتمالاً يبدو سوداوياً، في ظل استمرار الفراغ الرئاسي والحكومي في ظلّ الانقسام العمودي الحادّ المتجلّي في مجلس النواب وتشنّج المناخ السياسي المحلي بشكل خاص، والأخطر من كل ذلك هو اقتراب انتهاء ولاية حاكم مصرف لبنان ناهيك عن مذكرة التوقيف الصادرة في حقه، ما من شأن ذلك أن يفتح الأبواب على مصراعيها أمام تفلت مرتقب في سعر الصرف خلال الأشهر القليلة المقبلة، خاصة وأن الخطوات الاستباقية والظرفية التي يقوم بها مصرف لبنان اليوم من خلال منصة صيرفة قد تذهب في مهب الريح في ظلّ الشكوك حول قانونية قرارات حاكم مصرف لبنان، ما من شأنه أن يعرّض موجودات مصرف لبنان إلى المصادرة ويعزّز المخاوف بشأن علاقة مصرف لبنان مع المصارف المراسلة. متخوفاً من أن كل ذلك سيكون له تداعيات قاسية على الواقع الاقتصادي والنقدي والمالي والمعيشي، وتحديداً إذا ما قطعت المصارف المراسلة علاقتها مع المركزي، ما يعني عزل لبنان وإخراجه بشكل تدريجي من السوق المالي العالمي، أي لا استيراد ولا تحويلات مالية عبر المصارف".

وفي المحصلة يقول قانصو "إما أن ننجح في فرملة وضبط تفلّت المسار الاقتصادي والنقدي من خلال إنجاز السلطات المعنية ما عليها من استحقاقات دستورية وإصلاحية، وإما فإن تفلت سعر الصرف دون سقوف سيطغى على المشهد النقدي في الأشهر القليلة المقبلة خاصةً في حال انتهت ولاية حاكم مصرف لبنان دون تعيين بديل واستمر معه الكباش السياسي وبالتالي فشلنا في انتخاب رئيس للجمهورية، وهو أمر غير مستبعد على الإطلاق حتى الساعة". 

الأكثر قراءة

هكذا نفّذت عمليّة اصفهان العسكريّة – الأمنيّة المركبة