اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

ما أكثر الشائعات، وما أقل الحقائق... هو الواقع الذي صبغ وجه لبنان، منذ أن بدأ السعي لاختيار رئيس للبلاد. ولعل أكثر حدث خضع للتأويلات في اليومين الماضيين، هو ما ورد في مضمون زيارة الرئيس السابق ميشال عون الى سوريا ولقاؤه الرئيس بشار الأسد. هذه الزيارة، التي لم تحصل في فترة حكم عون الفعلي لأسباب عديدة، جاءت الآن بعد أن تبنى «التيار الوطني الحر» خيار ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور، في مقابل ترشيح «الثنائي الشيعي» للنائب سليمان فرنجية، والذي أسفر عن توتر غير مسبوق في العلاقة بين حزب الله و «الوطني الحر» وصلت حد الانقطاع التام.

انقطاع جاء بعد سلسلة لقاءات جمعت الطرفين، كان آخرها لقاء الوزير جبران باسيل مع وفد من حزب الله، ضم المعاون السياسي للأمين العام الحاج حسين خليل ومسؤول وحدة الارتباط الحاج وفيق صفا في ميرنا الشالوحي قبل عدة أشهر، لم تقبل بعدها أي طلبات من باسيل، الذي كان كثير الزيارات للضاحية، والسبب خلو لائحته من اسم فرنجية.

انتهت الزيارة وعاد الرئيس عون الى لبنان، وكانت سبقته الى محطة الوصول سلسلة اشاعات اضطر ان يدحضها ببيان، أكد فيه أن لا صحة لكل التأويلات التي جاءت خارج السياق، وبعيدة كل البعد عما دار فعليا خلال اللقاء، مؤكدا ان المباحثات في شؤون المنطقة ومستجداتها بشكل عام كان محوريا، سوريا بوابة العروبة وهذا امر حتمي، بالاضافة الى ملف النازحين. ولم يتم التطرق مطلقا الى فكرة تعويم التيار وتحصين الوزير جبران باسيل، كما أنه لم يجر النقاش في شأن العلاقة بين الرئيس عون وأمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله بحسب البيان، وان اي حديث عن فشل ترتيب موعد بينهما هو عار عن الصحة على الاطلاق، علما أنه طوال ست سنوات لم يلتق الرئيس عون فيها السيد نصرالله مطلقا لاعتبارات بروتوكولية من جهة الرئيس عون، وأمنية من جهة أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله. وحتى اللحظة، لم يطلب الرئيس عون اللقاء، والسيد حسن لم يرفض. ولو طلب لاستجيب طلبه فورا.

بموازاة ذلك، لعل الأحداث التي جرت سابقا، وفي مقدمتها إحجام الرئيس عون عن زيارة سوريا خلال فترة حكمه الفعلي، كان لها انعكاس مباشر على ما يجري اليوم، سواء في ما خص اللقاء البارد من قبل سوريا أو الانقطاع مع حزب الله اللذان لعبا دورا بارزا في ايصال عون الى سدة الرئاسة. علما أن الرئيس عون تلقى دعوات عدة من دمشق، لم تكن على مستوى خطاب رئاسي مباشر، لكنها كانت من خلال وساطات ووفود زارت بعبدا ودعته الى الزيارة، ومنها زيارة وزير شؤون رئاسة الجمهورية السورية منصور عزام، التي استتبعها بتوجيه دعوة صريحة ومباشرة لعون، ولكنه لم يستجب.

كما كانت للسفير السوري السابق علي عبد الكريم علي محاولات عدة في هذا الإطار، وهي ايضا لم تلق آذانا صاغية من قبل الرئيس عون، أسوة ببقية الدول التي زارها، وفي بعضها كالسعودية لم يلق الاستقبال المأمول.

طبعا هذا الرفض المتكرر لزيارة سوريا ازعجــهــا، خصوصا انه لم يكن مرتبطا مباشــرة بشخص الرئيس، وانما ارتبــط بســببين لهما علاقــة بباسيل، اذ ان التسوية التي جرت في باريس بين باسيل والرئيس سعد الحريري، تضمــنت شرطا لقبول رئاسة عون وهو عدم زيارة سوريا، أما السبب الثاني فله علاقة بفرص باسيل فــيما بــعد، لكون سوريا تخضع لعقوبات اميركية، او ما يسمى بقانون قيصر، فخشية من أن يخسر باسيل فرصه في تحقيق طموحه بولاية ثانية بعد عمه، كان يستبعد الزيارة الى سوريا.

وهذا الامر ينسحب ايضا على الجمهورية الاسلامية الايرانية، التي وجهت له دعوة رسمية لزيارتها عدة مرات، من قبل نائب الرئيس الايراني وكذلك وزير الخارجية الايراني، ولكنه كان مصرا على الرفض للاسباب التي ذكرت آنفا.

طبعا جبران باسيل، طلب زيارة الشام مرات عديدة، ولكن كان يشترط بالزيارة ان تكون سرية، وهذا الامر لم يكن يجد استحسانا او قبولا من السوريين.

الجدير ذكره، أنه وفي الزيارة الاخيرة، سرت شائعات ان باسيل سيكون ضمن الوفد، ولكن هذا لم يكن صحيحا وقد تضمن الوفد كالمعتاد الوزير بيار رفول المبعوث الشخصي للجنرال ميشال عون، الذي يقود العلاقات بين الطرفين منذ حوالى العشر سنوات.

وعلى الرغم من أن البيان استبعد الخوض في الملفات اللبنانية الداخلية، الا أن معلومات «الديار» الخاصة، أكدت أن اللقاء لم يستثن طرح اسباب اختيار أزعور، اذ برر الرئيس عون ذلك بالقول ان غالبية مسيحية تريد أزعور.

الى ذلك، فقد حمل الرئيس عون الى الرئيس السوري شكوى على حزب الله، مفادها أن الحزب فرض سليمان فرنجية بالقوة، ولم تتم استشارته والاستماع الى وجهة نظره. علما ان الموضوع كما هو معروف طرح في لقاء طويل بين السيد نصرالله وباسيل، انتهى الى تعميق الخلاف بين الطرفين، لهذا السبب تحديدا.

ولا يمكن لاجتماع لبناني مع سوريا ألا يتطرق الى العلاقات مع حزب الله الحليف الأقوى، لذا كانت القطيعة بين حزب الله و»التيار الوطني الحر» بندا مطروحا، رد عليه الرئيس الأسد بالاتي: «عودوا الى الحوار مع حزب الله، ولدينا ملء الثقة بسماحة السيد، وسوريا لن تتدخل بملف داخلي كالرئاسة، وهذا الملف بيد السيد حصرا».

وعليه، فالرسالة واضحة وقد فهمها الرئيس عون جيدا، وكل شي متوقع في الأيام المقبلة، وبالطبع حين يطلب الرئيس عون موعدا سيحصل عليه، ولكن في هذه المرحلة عون لم يطلب والسيد لم يرفض. 

الأكثر قراءة

طوفان الأجيال في أميركا