اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

ماذا يعني أن تخصص خطة الاستجابة الطارئة للأمم المتحدة مبلغ 200 مليون دولار لمساعدة اللبنانيين الفقراء والفلسطينيين والمهاجرين دون السوريين الذين تُخصص لهم الخطة حوالى 3 مليارات ونصف المليار دولار؟ الجواب ليس صعباً، فالمطلوب هو إبقاء النازحين السوريين في لبنان بهدف استثمارهم بالسياسة والأمن، وربما بحسب مصادر الخارجية اللبنانية، بالتغيير الديموغرافي في البلد وتغيير الواقع.

يضمّ لبنان أكبر عدد من اللاجئين مقابل عدد السكان، ففي لبنان حوالى 2 مليون نازح، وهو الرقم الذي لا يمكن التأكد منه بشكل دقيق بسبب غياب الاحصاءات الرسمية، وامتناع المنظمات الدولية على تقديم الداتا للحكومة اللبنانية، مقابل حوالى 6 مليون لبناني، ما يعني أن مقابل كل 10 لبنانيين هناك 3 سوريين، وهذا الرقم قد يتغير للأسواً اذا ما اطلعنا على حجم الولادات لدى السوريين، وحجمها لدى اللبنانيين الذين يعانون من وضع اقتصادي صعب جدا.

رغم هذه الأرقام، تعمل المنظمات الدولية على تثبيت وجود النازحين في لبنان من خلال تمويلهم، رغم كل النتائج الاقتصادية السلبية التي يتركها النزوح على الاقتصاد اللبناني، وفي ذلك بحسب مصادر الخارجية خطة ممنهجة تهدف الى إبقاء لبنان ساحة مفتوحة على كل الاحتمالات.

تُشير مصادر الخارجية عبر «الديار» الى أن مفوضية اللاجئين تتعامل مع كل السوريين على أساس أنهم نازحون هربوا من الحرب السورية وهناك خطر على حياتهم بحال قرروا العودة، لذلك هي ترفض إعطاء لبنان لوائح تكشف بوضوح مَن يستفيد من المساعدات ومَن يزور سوريا باستمرار ثم يعود الى لبنان، وأعداد هؤلاء باتت كبيرة، حيث أنهم يعتبرون لبنان مصدر دخلهم بسبب ما يحصلون عليه من مساعدات مالية مباشرة وغير مباشرة.

بحسب معلومات «الديار» كل المساعي المحلية والخارجية التي بُذلت بهدف تحويل الدعم المالي الدولي للسوريين من بلد النزوح الى داخل سوريا باءت بالفشل، لأن الهدف ليس حمايتهم وتمكينهم، بل استثمارهم في أماكن وجودهم.

عام 1977 كشف الرئيس الياس سركيس أن دولاً غربية عرضت عليه أربعة مليارات دولار، هي كلفة إعادة إعمار لبنان، إذا وافق على توطين الفلسطينيين، لكنه رفض، وفي زمن رفيق الحريري يُقال انه عُرض عليه شطب جزء كبير من ديون لبنان بحال وافق على توطين الفلسطينيين، فلم يتم الأمر، كذلك حصل الأمر نفسه مؤخراً في عهد ترامب من قبل صهره جاريد كوشنير الذي عرض دفع مبلغ 15 مليار دولار مقابل توطين الفسطينيين ، فهل هناك عروض مشابهة اليوم لتوطين السوريين؟

عندما كانت تُثار مسألة توطين الفلسطيين كان الهدف إنهاء القضية الفلسطينية وحماية «اسرائيل»، بينما لأجل توطين السوريين فالنتيجة نفسها إنما بطريقة مختلفة، فبحال توطين السوريين، ينتهي الوجود المسيحي في لبنان، ويُستثمر السوريون في حرب مع الشيعة بغية إنهاء المقاومة، وهذا الامر الذي سيقف اللبنانيون بوجهه.

لم تُعرض الأموال للبنان بشكل مباشر للقبول بدمج السوريين، تقول مصادر معنية بملف النزوح عبر «الديار»، مشيرة الى أن عدم العرض ينبع من معرفة جواب اللبنانيين، لذلك هناك محاولات أخرى للدمج يحاول المجتمع الدولي اتباعها، وأساسها تمويل بقاء النازحين في لبنان ورفض دفع الدعم لهم في سوريا، مشددة على أن أكثر من 40 منظمة دولية وغير حكومية تعمل في هذا المجال، منها ما يهتم بالمأكل ومنها ما يهتم بالتعليم ومنها ما يهتم بالملبس والطبابة، وصولاً الى السكن والتدفئة.

لم تتعامل الحكومة اللبنانية مع ملف النازحين بجدية طوال فترة وجودهم، وهي حتى اليوم لم تعمد الى استعمال وسائل الضغط القصوى على المجتمع الدولي لإعادتهم الى بلدانهم، لذلك نجد أن إجراءات الجيش اللبناني لترحيل من سقطت عنهم صفة النازح تعرضت لحملة انتقادات واسعة من المنظمات الدولية التي تدعم هذا الوجود، إذ دعت في أيار الماضي، 20 منظمة غير حكومية محلية ودولية لبنان إلى وقف ترحيل اللاجئين السوريين، دون أن تقدم للبنان الحلول البديلة.

رغم أن الخسائر التي تكبدها ولا يزال لبنان بسبب النزوح والتي بلغت حوالى 30 مليار دولار، الا أن الخطر الاجتماعي الناتج من وجودهم في لبنان أكبر من أن قياسه بالمال، فهناك مجتمعات لبنانية تغيرت بالكامل مثلما حصل في عرسال على سبيل المثال، كذلك لن يكون دمج السوريين في لبنان سوى خطوة على طريق انهياره وانتهاء دوره، وهذا ما تفعله المنظمات من خلال تمويل وجود النازحين الذين يجدون بلبنان بلداً لتحصيل مال دون مقابل.

ففي معلومات «الديار» أن إحدى الجمعيات حاول مطلع العام الجاري إجراء مسح لـ «حقوق السكن والأرض والملكية» لللاجئين والنازحين في لبنان، وذلك في سياق التمهيد لتشريع التملك الذي سيكون أولى خطوات الدمج داخل المجتمع، والأخطر أن المشروع كان يمهد لفكرة وضع اليد من قبل النازحين على ممتلكات لا يوجد عليها معوض قانوني، مثل المشاعات على سبيل المثال.

وتشير المعلومات الى أن اللبنانيين تنبهوا لمثل هذا المشروع وأسقطوه مؤقتاً، لأن من قام به سيجرب القيام بغيره. 

الأكثر قراءة

ضغوط قصوى على «إسرائيل» لمنعها من اجتياح رفح عون في قطر لإعادة تحريك المساعدة الشهريّة للجيش الأمن العام يستنفر بمواجهة السوريين المخالفين