اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

عندما اندلعت الحرب على غزة في تشرين أول الماضي، تحرك حزب الله في الجنوب، لذلك رغم أن الطرفين لم يعلنا ذلك صراحة، إنما كان متوقعاً أن يكون لأي هدنة في غزة انعكاسها في لبنان، وهو ما حصل يوم أمس بعد بدء سريان الهدنة في فلسطين المحتلة، ما أرسى نوعاً من الهدوء على الحدود الجنوبية، لكنه يبقى قابلاً للاندثار في أي وقت.

لم تظهر بوادر نهاية الحرب على غزة بعد بشكل واضح، رغم أن الهدنة قد تكون بداية مسار جديد، وبالتالي فإن نهاية الحرب على الحدود الجنوبية غير واضحة المعالم بعد، خاصة بظل وجود رفض مطلق من سكان المستعمرات الشمالية على الحدود مع لبنان، للعودة إليها طالما أن حزب الله يحافظ على قوته في جنوب لبنان وقوات الرضوان تنتشر على طول الحدود، وتُشير مصادر سياسية متابعة أن هؤلاء يضغطون على حكومة الاحتلال لفتح الحرب على لبنان وشن ضربة استباقية للمقاومة، وبالتالي تواجه الحكومة الاسرائيلية معضلة كبيرة في استعادة ثقة المستوطنين بها وبقدرتها على تأمين الامن والامان لهم في شمال فلسطين المحتلة، وهذا ما يزيد من حساسية هذه الجبهة، ويعقد امورها.

وكما تم ربط الاستقرار الامني على  الحدود الجنوبية بجبهة غزة، كذلك فإن ملفات لبنان السياسية قد ربطت بالحرب على غزة والنتائج منها أيضاً، خاصة أن التفاوض بين اللاعبين الأساسيين في المنطقة، بشكل مباشر أو بشكل غير مباشر لم يتوقف، وبحسب المصادر فإن الملف اللبناني سيكون جزءا من الملفات التي يتم التفاوض بشأنها، بظل وجود خشية "عربية" ولبنانية، من إمكان استفادة حزب الله وإيران من نتائج الحرب.

بظل هذا الواقع يُطرح تساؤل أساسي بدأ البعض يدور حوله في التحليلات والمواقف، وهو هل يمكن الوصول الى تسوية رئاسية بمعزل عن نتيجة الحرب، أو قبل وضوح نهايتها ونتائجها؟

في هذا السياق، تستغرب بعض الأوساط حديث الموفد الرئاسي الفرنسي عن عودة قريبة إلى لبنان، بالرغم من أنه كان قد حافظ على قنوات إتصالات مع العديد من الأفرقاء طوال الفترة الماضية، نظراً إلى أن الجميع يدرك صعوبة الوصول إلى تسوية متعلقة بالأوضاع في غزة، خصوصاً أن الأوضاع في لبنان، إنطلاقاً من الجبهة الجنوبية، باتت مرتبطة بشكل كامل بما يجري في القطاع.

بالنسبة إلى هذه الأوساط، ما تحدث عنه لودريان لا يمكن التعويل عليه، لا سيما أن غالبية الأفرقاء لا تزال تتحدث عن شرق أوسط جديد على مستوى المنطقة، في حين أن التوازنات التي ستفرزها التسوية في فلسطين المحتلة من الطبيعي أن تنعكس على الملف الرئاسي اللبناني، في حين أن الرهان على قدرة الأفرقاء المحليين على الذهاب إلى تسوية منفصلة هو في غير محله، بدليل ما يجري في أكثر من ملف، خصوصاً ذلك المتعلق بالفراغ المحتمل في قيادة المؤسسة العسكرية.

ولكن، يبقى هناك احتمال أن يكون ملف الرئاسة والملف اللبناني "حصة" لإيران وحزب الله، في سياق المفاوضات، من أجل الانتقال الى مرحلة اخرى متقدمة، وبالتالي حتى ولو كانت نسبة نجاح اللبنانيين بانتخاب رئيس للجمهورية قبل التقدم بمفاوضات وقف الحرب على غزة، فإن هذا الاحتمال يبقى قائماً، ولكن الأمر الأكيد هذه المرة أن حزب الله قد تعلم من تجارب سابقة تتعلق بالانتصارات وكيفية صرفها.

 


الأكثر قراءة

إنهم يقتلون أميركا...