اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب غياب صورة الانتصار في غزة وغرق جيش الاحتلال في وحولها، وعدم ايجاد «السلم» الذي ينزل اسرائيل عن «الشجرة»، يربك حسابات الاميركيين في المنطقة في ظل انعدام الثقة الشخصية برئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتانياهو الذي يحاول اغراق الرئيس الاميركي جو بايدن في «مستنقع» لحساباته الشخصية لا لمصلحة استراتيجية بين الحلفين. هذا الارباك، ينعكس على الساحة اللبنانية حيث لا تجد الدبلوماسية الاميركية صيغة واضحة ومناسبة للتعامل مع الجبهة المشتعلة في الجنوب كونها تواجه معضلة عدم رضوخ حزب الله للتهديد والوعيد، واصراره على «الصمت» في مقابل كل العروض التي قدمت له خلال الايام القليلة الماضية بصيغة «العصا والجزرة»، واختصار ردوده على جملة واحدة مفادها لا حديث عن اي مستقبل للمواجهة المفتوحة على الحدود وما يليها من ترتيبات الا بعد وقف العدوان على غزة، وهو امر يبدو ان الاميركيين قد اقتنعوا انه شرط اساسي للبحث بالوضع على الحدود الجنوبية.

خلاف فرنسي-اميركي

ومع تاكيد واشنطن عدم وجود نية لزيارة مرتقبة لآموس هوكشتاين الى بيروت، برز خلاف واضح بين التقييم الفرنسي والاميركي لزيارة مدير المخابرات الخارجية الفرنسية برنار ايمييه قبل ساعات، وفيما ينتظر حضور وفد فرنسي من الخارجية والدفاع الى بيروت في الساعات المقبلة قادما من اسرائيل، رفع الفرنسيون تقريرا «ايجابيا» يفيد بانهم خرجوا بانطباعات عامة تفيد بان حزب الله «مردوع» وسيقبل باي صيغة تعرض عليه حيال ترتيبات القرار 1701، في المقابل قابل الاميركيون هذا التقييم «الساذج» بالكثير من الشك واعتبروا ان التقديرات الفرنسية مبنية على حسابات غير دقيقة، ومعلومات مضللة قد يكون حزب الله اوحى بها عبر «وسطاء» للمبعوث الفرنسي الذي لم يقدم اي شيء حسي يدعم استنتاجاته. وبالامس خرج «كابينيت» الحرب في كيان العدو باستنتاج حول تطور الاوضاع على الحدود الشمالية نحو الاسوأ في ضوء التقييمات الميدانية، المعطوفة على التقرير الاستخباراتي الفرنسي الخالي من اي اشارة يمكن البناء عليها حيال موقف حزب الله.

النقاش بعد وقف النار؟

وفيما اكتفت باريس، علنا ببيان صادر عن الخارجية الفرنسية، شددت فيه التمسك باحترام استقلال لبنان ولاسعي لعدم توسّع الصراع في المنطقة، كشف بالامس عن اجتماع عُقد الأربعاء بين آموس هوكشتاين ونائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب في دبي، ووفقا للمعلومات، لمس بوصعب ان مقاربة الأميشركيين تختلف عن مقاربة الفرنسيين بشأن تطبيق الـ1701 حالياً والكلام الفرنسي عن تهديدات بحال عدم انسحاب حزب الله من جنوبي الليطاني لم يكن منسقاً مع الأميركيين.وقد شدد هوكشتاين الذي لا يزمع راهنا زيارة لبنان، ان بلاده لا تريد التصعيد بين حزب الله واسرائيل لافتا الى أن خرق الـ1701 يحصل أيضاً من الجانب الاسرائيلي وأي نقاش بهذا القرار أو بالحدود البرية يبدأ بعد وقف اطلاق النار.

نقطة تلاقي واحدة؟

ووفقا لمصادر مطلعة، فان نقطة التلاقي الوحيدة بين التقييم الفرنسي- والاميركي كانت حول دور الجيش الراهن والمستقبلي، وعلى عكس المتداول فالقناعة تامة لدى الجانبين بانعدام اي فرصة لحصول مواجهة بين المؤسسة العسكرية وحزب الله، لان قيادة الجيش غير معنية بالقيام بمهمة تنفيذ الـ1701 وضبط الاوضاع الامنية بمعزل عن التفاهم مع الحزب، وذلك لقناعة بان هذا الدور وصفة لحرب اهلية، وكان واضحا من خلال الاتصالات التي اجريت مؤخرا في بيروت مع القيادة في «اليرزة» بان الجيش غير مستعد للقيام باي دور خاص، وهو مستعد للعودة الى دوره السابق قبل اندلاع المواجهات في الثامن من تشرين الثاني بالتنسيق مع «اليونيفيل»، وغير ذلك من ضمانات لقوات الاحتلال ليست من مهامه، وهو لن يكون «حرس حدود» لأحد.

تهديدات اسرائلية عبر باريس

 في هذا الوقت، رفع رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتانياهو سقف تهديداته مهددا بيروت بمصير مشابه لغزة وخان يونس اذا اختار حزب الله الحرب الشاملة، وذلك في ترجمة صريحة للتهديدات الفرنسية التي حملها ايمييه الي بيروت، حين اشار الى ان الضغط الاميركي على إسرائيل لعدم توسيع حربها لتشمل لبنان قد لا يصمد، وأن عدم استجابة لبنان للمطالب بمنع وجود حزب الله جنوب نهر الليطاني، سيدفع الجيش الاسرائيلي الى القيام بالمهمة بهجوم بري «ساحق». ونقل ايميه عن جهات عسكرية اسرائيلية قولها» نريد ان تتوقف حرب الاستنزاف شمالا، ونرغب في التوصل الى تسوية وحل دبلوماسي، لكن صبرنا بدأ ينفد!

قلق اسرائيلي ومعضلة الشمال

وفي هذا السياق، اكدت وسائل الإعلام الإسرائيلية عدم رغبة عشرات الآلاف من المستوطنين، الذين جرى إخلاؤهم من مستوطنات غلاف قطاع غزة ومستوطنات شمالي فلسطين، في العودة مجدداً إليها.وتحت عنوان «إلى أيّ واقعٍ سنعود؟»، قالت صحيفة «يديعوت احرنوت» ان المستوطنين يشعرون بالخوف من العودة حتى مع الاعلان عن نهاية الحرب.ونقلت عن مسؤولين في مستطونات الشمال قولهم للقيادة العسكرية والسياسية « لا شكراً، لسنا عائدين، هذا ليس خيالياً ولن يحدث» «ولن نعود إلى الواقع ذاته». من جهته، قال الرئيس الأسبق لشعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية «أمان»، أهارون زئيفي فركاش، أنّه حتى لو انتهى القتال المكثّف خلال الأسبوعين أو الثلاثة المقبلين في غزة، لكننا لم نحل المشكلة في الشمال، وإلى أن يصبح واضحاً أننا سنعود إلى 1701، سيكون من الصعب رؤية سكان الشمال يعودون إلى بيوتهم»

جنبلاط والرسائل الفرنسية؟

وما حمله رئيس الاستخبارات الخارجية الفرنسية برنار ايمييه نقله على شكل «رسالة» الى حزب الله رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي السابق وليد جنبلاط الذي نقل تحذيرا فرنسيا شديد اللهجة حول الوضع  جنوبا. ودعا جنبلاط الى ضرورة التزام القرار 1701، وابلغ المستشار السياسي للامين العام لحزب الله الحاج حسين خليل ورئيس لجنة الارتباط وفيق صفا بان الفرنسيين يعتقدون ان شيئا لن يمنع اسرائيل من شن الحرب، ولهذا «عليكم عدم استدراجهم الى المعركة باي ذريعة». من جهته حمل وفد حزب الله رسالة شكر من السيد نصرالله الى جنبلاط على مواقفه الاخيرة من الحرب على غزة ومن التطورات جنوبا وهي مواقف تحصن اللحمة الداخلية، وشدد من جهة اخرى على موقف الحزب الذي يريد تجنيب لبنان الحرب، لكنه شدد على ان الكلمة تبقى للميدان في ضوء التطورات في غزة والاعتداءات الاسرائيلية على السيادة اللبنانية. اما بشان التمديد لقائد الجيش العماد جوزاف عون، فان وفد الحزب لم يمنح جنبلاط موقفا نهائيا من مسألة التمديد، على الرغم من التشديد على نقطتين، الاولى الحرص على المؤسسة العسكرية وعدم حصول اي تطور يضعفها في هذه الظروف الحساسة، والثانية،التاكيد على العلاقة الوطيدة والجيدة مع قائد الجيش.

«نصيحة» خليجية بالاستعداد للأسوأ!

 وتزامنت هذه الاجواء مع رسالة دبلوماسية خليجية وصلت الى بيروت تدعو رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي الى التنبه من خطر الوصول الى مرحلة «اللاعودة» في المواجهة مع اسرائيل، واقترح الدبلوماسي البدء بالإستعداد للأسوأ لمواجهة من اسماهم «بمجانين» يقودون حكومة حرب في اسرائيل وباتوا قاب قوسين او ادنى من الخروج عن «السيطرة» في ظل عقم المواجهة البرية في غزة والضغط الاميركي لتقليص المدة الزمنية ما يمكن ان يدفعهم الى الخروج من «المأزق» بتوسيع الحرب او تجاوز الحدود القائمة الآن لايصال رسائل بالنار الى واشنطن بضرورة تخفيف الضغوط وتمديد المهل في غزة؟! ووفقا لتلك الاوساط، فان ثمة قناعة تتبلور في واشنطن بأن نتنياهو يبحث عن مواجهة علنية مع الرئيس الأميركي بايدن من خلال محاولة جر الولايات المتحدة إلى حرب ضد إيران ، فالثقة بين واشنطن ونتنياهو معدومة؛ ويعتبر حليفاً لا يعتمد عليه. وهناك موقف يتبلور داخل الإدارة الأميركية يعتبر نتنياهو شخصاً واقعاً في أزمة سياسية ويبحث عن المواجهة مع بايدن كي يظهر وكأنه مُنع من تحقيق انتصار حاسم يغير الوضع. وهذا امر مقلق.

الوضع ساخن جنوبا

ميدانيا، حافظت جبهة الجنوب على سخونتها امس، واغارت طائرات العدو مساء امس على محيط بلدة الخيام، وأطلقت مسيّرة إسرائيلية صاروخا استهدف منزلاً شرق بلدة شيحين، كما استهدفت مسيرة أخرى طاقم إسعاف لجمعية الرسالة للإسعاف الصحي في القطاع الغربي، من دون التسبب بوقوع إصابات. وأعلن الإعلام الحربي في حزب الله، استهداف موقع بياض بليدا بالأسلحة المناسبة، واستهداف تجمع لجنود الاحتلال الاسرائيلي في خلة وردة بالأسلحة ‏المناسبة وحققوا فيه إصابات مباشرة. كما تم استهداف موقع المرج وحرج راميم (قرية هونين اللبنانية المحتلة)؛ ‏بالأسلحة المناسبة، واستهدف ايضا موقع معيان باروخ بالأسلحة المناسبة وتمت اصابته اصابة ‏مباشرة». واستهدف المقاومون ايضا «تجمعاً لجنود الإحتلال الإسرائيلي في محيط ثكنة ميتات ‏بالأسلحة المناسبة وأوقع فيه إصابات مؤكدة. كما إستهدف موقعي بياض بليدا وحدب البستان.في المقابل، تحدثت وسائل إعلام إسرائيلية عن مقتل إسرائيلي في الشمال نتيجة إطلاق نيران من لبنان على مستوطنة «ميتات».

واعلن حزب الله عن استشهاد 3 مقاومين،الشهيد المجاهد عماد محمد الرشعيني «أبو الفضل» من مدينة الهرمل في البقاع، الشهيد المجاهد حاتم علي جعفر «كاظم» من مدينة الهرمل في البقاع، والشهيد مصطفى علي درويش من بلدة المجادل في الجنوب. وكانت أطراف عدد من البلدات تعرضت لعدد كبير من القذائف الفوسفورية.

الراعي يدعم الجنوبيين

وفي غضون ذلك، اعلن البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي أن الحرب المدمّرة غير محصورة في غزّة ونخاف من امتدادها وما نراه لا يخضع لأي شرعة دولية أو إنسانية ونحن نريد السلام. وأضاف الراعي خلال زيارته مطرانية صور المارونية، في إطار جولة تضامنيّة الى الجنوب، ان «السلام عطية إلهية والمنطقة تدفع ثمن حرب ضروس ليس فيها أي احترام لحقوق شعب ونقول للجنوبيين نحن معكم وإلى جانبكم». وقال: القرى الجنوبيّة تعيش تبعات الحرب على غزّة وجئنا لنوجّه تحيّة إلى كلّ أبناء البلدات من دون استثناء وكنا نتمنّى زيارة مختلف البلدات لكنّ الأوضاع لا تسمح بذلك». وخلص الراعي الى القول «علينا أن نعمل من اجل القضية الفلسطينية التي عمرها 75 سنة، ونعلن أننا بثقافتنا الروحية واللبنانية لا نرضى أن تشطب هذه القضية بلحظة سريعة بل نسعى للسلام الدائم، من صور نوجه التحية لاهالي غزة، وحل الدولتين هو المطلوب وهو الذي يحقق السلام وسنعمل على أن نكون صانعي السلام.

  التحقيقات تدين اسرائيل

في هذا الوقت، اعلنت منظمة «هيومن رايتس ووتش»، امس أن الضربتين الإسرائيليتين على صحفيين بجنوب لبنان مؤخرا، هما هجومان متعمدان على مدنيين، يستدعيان تحقيقاً (قضائيا) حول حدوث جريمة حرب.جاء ذلك في مؤتمر صحفي مشترك مع منظمة العفو الدولية للكشف عن نتائج تحقيقين منفصلين أجرتهما المنظمتان حول هجوم إسرائيلي على مجموعة صحفيين جنوب لبنان في 13 تشرين الأول الماضي، أسفر عن استشهاد الصحفي من وكالة رويترز عصام العبدالله، وإصابة ستة آخرين.وذكرت رايتس ووتش، أنّ الجيش الإسرائيلي كان يعلم أو ينبغي له أن يعلم أنه يطلق النار على مدنيين. ودعت المنظمة حلفاء إسرائيل الرئيسيين – الولايات المتحدة، وبريطانيا، وكندا، وألمانيا – إلى تعليق المساعدات العسكرية ومبيعات الأسلحة لإسرائيل نظرا لخطر استخدامها في ارتكاب انتهاكات جسيمة.من جانبها، أشارت آية مجذوب، نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية  إلى أنّ الضربتين الإسرائيليتين على صحفيين في جنوب لبنان يرجح أن تكونا هجومين مباشرين على مدنيين، واشارت إلى أن القذيفة التي قتلت مصور رويترز عصام عبدالله أُطلقت من موقع إسرائيلي، وهي من صنع شركة «آي ام آي سيستمز» الإسرائيلية. وفي السياق نفسه،  خلص تحقيق أجرته وكالة رويترز ونُشرت نتائجه امس، إلى أن نيران دبابة إسرائيلية قتلت أحد صحافييها وجرحت آخرين بينهم مصوران في فرانس برس في جنوب لبنان قبل زهاء شهرين.ويحدّد تحقيق أجرته ايضا وكالة فرانس برس ونُشر امس، نوع الذخيرة نفسه،كما أجرت «تي أن أو» تحليلات صوتية للضربتين اللتين استهدفتا المجموعة الصحافية، ووفقاً لتلك التحليلات، فإن الضربتين المتتاليتين أطلقتا من مسافة 1,3 كلم من الصحافيين. ويعتقد خبراء «تي أن أو» أن الضربتين أطلقتا من موقع عسكري في قرية الجرداخ الإسرائيلية.

التمديد الى «ساحة النجمة»

في هذا الوقت، تحرك رئيس مجلس النواب نبيه بري على خط ملء الفراغ المرتقب في قيادة الجيش، عبر توجيه دعوة الى هيئة مكتب مجلس النواب الى اجتماع يوم الاثنين المقبل، وسط ترقب لمواقف الكتل النيابية، لا سيما المعارضة منها في شأن مشاركتها او عدمها في جلسة سيدعو اليها بري منتصف الجاري متضمنة اقتراحات التمديد للقائد جوزاف عون. وفي هذا السياق، استقبل بري في عين التينة رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي تيمور جنبلاط على رأس وفد من اللقاء، ووفقا للمعلومات فان التمديد بات امرا واقعا في مجلس النواب في ضوء الاعتراض المسيحي على التعيين بخاصة من بكركي، خصوصا ان جنبلاط ابلغ بري ان الحزب الاشتراكي لا يرغب بتعيين رئيس اركان يتحمل وزر الامن في البلاد في ظل التطورات جنوبا ووجود انقسامات طائفية لا يريد جنبلاط ان يتحمل وزرها.

ووفقا لمصادر نيابية عارضة فان مخرج ملف التمديد لقيادة الجيش سيكون عقد جلسة تشريعية بجدول أعمال من سلة قوانين من بينها تأجيل تسريح العماد عون، بعد موافقة القوات اللبنانية على تغطية التمديد بالموافقة على التشريع في غياب الرئيس رضوخا لمطلب بري، وستكون جلسة اللجان المشتركة يوم الاثنين نوعا من اختبار لكل القوى لتحديد مصير الملف.

الأكثر قراءة

«حبس انفاس» بانتظار نتائج الانتخابات الأميركيّة والردّ الإيراني صمود المقاومة براً يضع حكومة العدو أمام خيارات «أحلاها مرّ» قائد الجيش «مُستاء» ويكشف معطيات عن الإنزال: تعرّضنا للتشويش