اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب
لبنان الغارق في ازماته السياسية والاقتصادية، شهد امس يوما اخر من الغرق في وحول فيضانات الاوتسترادات والطرقات والمجاري والانهار نتيجة الطقس العاصف الذي يضرب لبنان وبسبب الاهتراء للبنى التحتية، رغم استنفار وزير الاشغال علي حمية واجهزة وزارته والدفاع المدني لمعالجة ما يمكن معالجته بالامكانات القليلة المتاحة جراء هذا الاهتراء والمخالفات في مختلف المناطق التي زادت الطين بلّة.

واذا كان لبنان يتخبط في مواجهة عاصفة الطبيعة وتسليك المجاري، فانه يبدو عاجزا عن معالجة ازماته السياسية لا سيما ازمة رئاسة الجمهورية بسبب اسقاط المبادرات الداخلية وانشغال الخارج بحرب غزة وتداعياتها.

ماذا بعد زيارة هوكشتاين؟

وعلى هذا الصعيد، السؤال المطروح: ماذا بعد زيارة الموفد الاميركي آموس هوكشتاين والحركة الديبلوماسية الاوروبية باتجاه لبنان لاحتواء التفجير على جبهة الجنوب؟

النتائج الاولية تؤشر الى ان المواجهة مع العدو الاسرائيلي على جبهة لبنان ما زالت مفتوحة على كل الاحتمالات بما ان حرب غزة ما زالت مستمرة.

واذا كان هوكشتاين جاء الى بيروت برسالة تغليب الحل الديبلوماسي بدل التهديد والوعيد، فان الوساطة الاميركية تبقى غير مقنعة ما دامت واشنطن تكشف يوما بعد يوم حجم دعمها ورعايتها لحرب الابادة التي تشنها «اسرائيل» على الشعب الفلسطيني في غزة، وانخراطها مباشرة للدفاع عنها في العدوان الذي شنته على اليمن بالتعاون مع حليفتها الدائمة بريطانيا.

ماذا طرح هوكشتاين وكيف كان الرد؟

وفي المعلومات المتوافرة لـ «الديار» وفقا لمراجع مطلعة، ان الزيارة لم تنته الى نتيجة عملية او محددة، وبالطبع لم يكن مرتقبا ان تؤدي الى نتيجة حاسمة في ظل استمرار حرب غزة.

وكشفت المعلومات عن ان هوكشتاين وعد الرئيسين بري وميقاتي بطرح « افكار عملية في اطار صيغة متكاملة « في مرحلة لاحقة لمعالجة الوضع على جبهة الجنوب. وطلب من الجانب اللبناني ان يبلور افكاره في هذا الاطار.

وسمع الموفد الاميركي كما صار معلوما موقفا لبنانيا رسميا بان معالجة القرار ١٧٠١ وتنفيذه هو في خانة الكيان الاسرائيلي، وانه لا يمكن تهدئة الوضع على جبهة لبنان من دون وقف حرب الابادة التي يشنها العدو الاسرائيلي على غزة.

ووفقا للمعلومات، جرى الاتفاق على متابعة هذا الموضوع في ضوء ما سيقوم به هوكشتاين، مع التاكيد اللبناني ان مفتاح التهدئة على جبهة الجنوب هو وقف الحرب على غزة.

والمح الموفد الاميركي الى امكانية تخفيف التوتر على جبهة الجنوب اللبناني مع تراجع او تخفيف حدة الحرب في غزة، مركزا على خلق اجواء هدنة على حدود لبنان بموازاة تحقيق هدنة انسانية في غزة.

مهمة السفيرة الجديدة

وعلمت «الديار» ان هوكشتاين قد يعتمد على السفيرة الاميركية الجديدة في لبنان ليزا جونسون في متابعة التطورات، وهذا الموضوع لتكوين ملف حول الحلول الممكنة وتخفيف حدة سخونة جبهة الجنوب. وقال مصدر مطلع ان السفيرة جونسون مرشحة لان تؤدي هذا الدور المباشر المساعد لمهمة هوكشتاين وان تكون جزءا من مهمته، خصوصا ان الادارة الاميركية تعول على خبراتها في هذا المضمار.

وحسب المعلومات ايضا، فان هوكشتاين طرح فكرة الهدنة المؤقتة في الجنوب، لكن الرد اللبناني كان صريح وواضحا بان هذا الطرح ليس في محله ما دام العدو الاسرائيلي مستمرا في العدوان على غزة، واذا كانت الادارة الاميركية حريصة على التهدئة في الجنوب عليها ان تتجه الى التهدئة في غزة من خلال دعم وقف النار فيها.

وفي المعلومات ايضا انه فشل في محاولة الفصل بين مسار جبهة الجنوب اللبناني وحرب غزة، قبل ان يعتمد على فكرة تخفيف حدة التوتر على جبهة لبنان وعدم توسيع رقعة المواجهات فيها.

الاستحقاق الرئاسي: تضييع الفرص والمبادرات

وعلى صعيد الاستحقاق الرئاسي، لم تبرز اي مؤشرات او معطيات جديدة عن قرب حل ازمة رئاسة الجمهورية في ظل انسداد الافاق امام المبادرات الداخلية وعدم نضوج الحلول الخارجية. وعلمت «الديار» ان الفرصة التي كان الرئيس بري تحدث عنها لتحريك الملف الرئاسي مطلع العام الحالي لم تتوافر عناصرها بسبب عدم تلقيه اشارات او مواقف ايجابية من اطراف سياسية عديدة، لا سيما الاطراف المعارضة او المتحفظة عن الحوار التمهيدي للذهاب الى جلسات مفتوحة لانتخاب رئيس للجمهورية.

لا مبادرة داخلية قبل اجتماع اللجنة الخماسية

وتتجه الانظار الى ما سيؤول اليه اجتماع اللجنة الخماسية الذي يتردد انه سيعقد في مطلع الشهر المقبل، والتحركان الفرنسي والقطري المرتقبان والمنبثقان من عمل اللجنة المذكورة.

وفي هذا المجال قال مصدر سياسي بارز لـ» الديار» ان موعد اجتماع هذه اللجنة لم يؤكد حتى الان، وان لبنان لم يتلق معلومات دقيقة في هذا الشأن.

واضاف ان عودة الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان الى لبنان مرتبطة عمليا بما سينتج من اجتماع اللجنة الخماسية. كما ان هناك ترقبا لعودة الموفد القطري ابو فهد الى بيروت.

وحسب المصدر، فان اي مبادرة داخلية لن تكون قبل استئناف عمل اللجنة الخماسية ومجيء الموفدين القطري والفرنسي، مشيرا الى ان هناك تعويلا اكثر على تحرك الدوحة بعد تراجع وضعف تحرك لودريان اثر حرب غزة وتداعياتها.

وردا على سؤال حول ما نقل عن الرئيس بري بانه لا يوجد مرشح للرئاسة في الوقت الراهن سوى سليمان فرنجية، قال المصدر ان كلام رئيس المجلس واقعي لان قائد الجيش العماد جوزف عون لم يرشحه علنا حتى الان اي طرف، وان مرشح المعارضة جهاد ازعور طويت صفحته واصبح منسيا.

عون لـ «الديار»: هناك استقالة جماعية من طرح اي مبادرة داخلية للرئاسة

وحول ما يحكى عن فصل بين الاستحقاق الرئاسي وما يجري على صعيد حرب غزة، قال النائب ألان عون لـ» الديار»: في الواقع ان مثل هذا الكلام جيد ويصح مبدئيا، فملف رئاسة الجمهورية لا يجب ان يكون مربوطا بحرب غزة، لكن واقعيا ايضا انه اذا كان هناك من فرصة اليوم لانجاز الاستحقاق الرئاسي، مع الاسف يمكن ان تكون من الخارج بعد تعطل كل المبادرات وانسداد المنافذ الداخلية لانتخاب الرئيس.

اضاف: انه في التعاطي الخارجي مع حرب غزة والوضع في الجنوب اللبناني قد يجري التطرق الى ملفات اخرى، ومنها ملف الرئاسة. وبتقديري ان هذا هو الافق الوحيد الظاهر في الوقت الحاضر الذي يمكن ان يؤدي الى انجاز الاستحقاق الرئاسي بمعزل عن مسألة ارتباط او عدم ارتباط هذا الاستحقاق بحرب غزة.

وردا على سؤال حول المسار الداخلي للاستحقاق الرئاسي، اجاب عون: في الوقت الحالي هناك استقالة جماعية من طرح اي مبادرة يمكن ان تؤدي الى خرق في جدار هذه الازمة. لذلك فان الفرصة المتاحة اليوم هي في ان يساعد الخارج لبنان لانتخاب الرئيس. ومن هنا القول ان حرب غزة قد تكون فرصة لانجاز خرق في جدار ازمة رئاسة الجمهورية.

مصدر في الثنائي لـ «الديار»: المقايضة غير مطروحة

وقال مصدر نيابي في الثنائي الشيعي لـ «الديار»: ان الاستحقاق الرئاسي مفصول في الواقع عما يجري في غزة او على جبهة الجنوب من مواجهة مع العدو الاسرائيلي.

ونفى ان يكون هناك مقايضة بين ما يسمى بتسوية الوضع على الحدود الجنوبية وبين ملف رئاسة الجمهورية، مؤكدا ان معالجة الموقف على جبهة الجنوب مرتبطة بوقف الحرب على غزة، وان اي بحث في حل للوضع الحدودي لن يكون قبل ذلك ويجب ان يثبت حقوق لبنان في تحرير كامل ارضه وحدوده كاملة.

وحول المستجدات المتعلقة بملف الرئاسة قال: لا يوجد اي شيء جديد، ولا احد يستطيع التكهن بنتائج اجتماع اللجنة الخماسية المرتقب وتحرك الموفدين القطري والفرنسي.

جعجع لبري: لجلسات متتالية مع الحق في حرية التصويت

وفي رد على ما نقل عن الرئيس بري، قال رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع امس: «نحن مستعدون لحضور اي جلسة انتخاب رئاسية تدعو اليها بدورات متتالية حتى الوصول الى انتخاب رئيس جديد للجمهورية لكن مع الحفاظ طبعا على حق كل كتلة وكل نائب في التصويت لمن تراه او يراه مناسبا».

زوبعة سياسية ودستورية

من جهة اخرى، ارتفعت وتيرة السجال حول رد الحكومة لقوانين ثلاثة الى مجلس النواب تتعلق بمعلمي المدارس الخاصة والايجارات غير السكنية.

وفيما اعتبرت مصادر سياسية لا سيما من اطراف مسيحية ان ما قام به الرئيس ميقاتي يعتبر تجاوزا وخرقا صريحا للدستور ولصلاحيات محصورة برئيس الجمهورية، قالت مصادر حكومية ان ما قام به مجلس الوزراء لا يتجاوز الدستور وان الظروف الاستثنائية تستدعي مثل هذه الخطوة، لافتة الى الاعتراض الواسع واضراب المؤسسات التعليمية الكاثوليكية هي جزء من اسباب وموجبات الرد، وكذلك اعتراض التجار على قانون الايجارات غير السكنية الشديد لما له من نتائج سلبية كبيرة على هذا القطاع.

ودعت نقابة معلمي المدارس الخاصة الى جمعيات عمومية غدا تمهيد للاضراب المتوقع الاسبوع المقبل، واشارت الى التوجه الى مجلس الشورى للاعتراض على قرار الحكومة.

ولفت امس بيان المجلس الشرعي الاسلامي بعد اجتماعه برئاسة مفتي الجمهورية الشيخ عبد الاطيف دريان الذي اكد «ان الحياة الدستورية لا تقوم ولا تستقر من دون انتخاب رئيس للجمهورية». لكنه اعرب عن اعتقاده بان استمرار تعطيل انتخاب رئيس جديد للجمهورية يدفع حكومة تصريف الاعمال الى اتخاذ قرارات من نوع «ابغض الحلال»، مشيرة الى «انه اذا كان الاجراء الذي اتخذته يثير اجتهادات دستورية متناقضة فانه يقع في حكم الضرورة للمحافظة على المصلحة الوطنية».

الوضع الجنوبي

على صعيد الوضع الميداني، برز بعد ظهر امس الرد الحازم لحزب الله على غارة اسرائيلية استهدفت منزلا في يارين، حيث استهدف بالصواريخ مستوطنة شتولا الاسرائيليية، واعترفت مصادر العدو باصابة مبنى اصابة مباشرة.

ونفذ الحزب سلسلة هجمات بالصواريخ والمدفعية شملت تجمعات جنود ومواقع عديدة هي: قلعة هونين وتلة الطيحات، ثكنة برانيت، بركة ريشا، وموقع العاصي.

وحققت الهجمات اصابات دقيقة بالمواقع المستهدفة.

وشن الطيران الحربي الاسرائيلي سلسلة غارات على عدد من المناطق والبلدات منها على منزل في يارين، وثلاث غارات على ميس الجبل، كما قصف بالمدفعية مناطق وبلدات جنوبية حدودية مستخدما القنابل الفوسفورية.