اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب جوزف فرح

ماذا يقول رئيس جمعية تجار بيروت وأمين عام الهيئات الاقتصاديه نقولا شماس بخصوص الموازنة التي كان للهيئات الاقتصادية رأيها المناهض لها وقد طالبت بجملة من التدابير التي من شأنها إنصاف القطاع الخاص والناس عموما وقد اعتبرتها موازنة تدميرية . هذا بالإضافة إلى قانون الإيجارات غير السكنية التي كان لجمعية التجار رأيها المندد به. أما بخصوص العام ٢٠٢٣ وكيف يقيمه تجاريا فيقول:

لقد كان المشهد خلال العام متفاوتا وقد مر بمراحل ثلاث إذ كنا في البداية في مرحلة تصاعدية وقد كانت شهور السنة التسعة جيدة وكان الصيف استثنائيا بالنسبة لقطاع السياحة وجيدا على مستوى القطاع التجاري، وكنا قد بدأنا نراكم الإيجابيات الا ان المسيرة التصاعدية كسرت إذ حدث طوفان الأقصى وهبطنا دفعة واحدة إذ بلغ انخفاض بعض القطاعات بنحو٥٠% وبعضها الآخر ٧٠% حتى ان بعض القطاعات توقفت كقطاع المجوهرات الذي انحدر إلى نحو٩٥%. لقد عشنا كارثة حقيقية إذ ان زنار النار الذي أحاط منطقة الجنوب امتد إلى كل المناطق اللبنانيه ولم تتحسن الأمور قليلا الا عندما تم الاتفاق على الهدنة لمدة اسبوع وقد صادف ذلك ايام "البلاك فرايداي". لكن الذي انقذ الوضع فعلا هو عودة ٣٠٠ الف لبناني من الخارج خلال فترة الأعياد وقد أحدث هؤلاء جوا من التفاؤل في المزاج العام في البلاد . هنا انتهت المرحلة الثالثة على شكل إيجابي لكن الإيرادات بقيت أقل من العام الماضي . لذا اقول ن السنة كانت انتقالية بينما كنا نريدها سنة لتكريس الإيجابيات لكن هذا لم يحدث إذ انه في اليوم الثاني من بداية السنة الجديدة حدث اغتيال بعض عناصر حماس في الضاحية . و لبنان ما زال "في بوز المدفع" وهذا ينعكس مباشرة على الوضع التجاري والاقتصادي بينما كان المفروض ان يتراكم الاحتياط المالي بعد الأعياد وهذا لم يحدث إذ اننا بالكاد اقفلنا بعض الخسائر التي تكبدناها في شهري أكتوبر ونوفمبر ونحن اليوم كقطاع تجاري "واقفين على صوص ونقطة" بينما اول محطة تجارية مقبلة ما زالت بعيدة فهي في عيد الفطر بعد ثلاثة أشهر. اننا في المدى المنظور نعيش عدم يقين ينعكس على القدرة الشرائية لدى الناس وتوقعاتهم غير الايجابية فالناس إزاء هذا الوضع لن تصرف المال بطبيعة الحال الا على الحاجات الأساسية بالحد الأدنى.

النظرة التشاؤمية

من الملاحظ نظرتكم التشاؤمية وهي لم تتغير على مر السنوات لماذا؟

انها تتغير موسميا وظرفيا لكن القاعدة هي التشاؤم والاستثناء هو التفاؤل . ان الوضع العام منذ ١٧ تشرين اول ٢٠١٩ لا يدعو إلى رؤية إيجابية إذ عشنا الانهيار الاقتصادي والمالي وجاءت كورونا ثم انفجار المرفا ومن ثم الشغور الرئاسي وحرب غزة حاليا . اننا منذ اربع سنوات نتنقل من مصيبة إلى أخرى وانا اعكس الوضع الحاصل. ان القطاع التجاري موجود بقوة على كل مساحة الوطن لذا عندما تتلبد الأمور فهو اول المتأثرين .

لكن القطاع السياحي تعرض لضربات أقسى من القطاع التجاري لكنه كان يتلقى الضربة وينهض مجددا فكيف تفسرون ذلك؟

انها ملاحظة صحيحة جدا إذ ان هبوط القطاع السياحي اشد من القطاع التجاري لكن صعوده كان أعلى بكثير . لقد كان القطاع السياحي ايام كورونا على شفير الإفلاس وكنا كتجار على تعاطف شديد معه لكن عندما اعيد فتح البلاد وعاد المغتربون تعدلت أموره خصوصا ان ذلك تزامن مع التسعير بالدولار .

ألم يساعدكم التسعير بالدولار ايضا؟

بلى لقد ساعد بضبط التذبذب بالأسعار لكن الطلب لم يزدد . لقد كنا نتمنى نحن والقطاع السياحي الاستمرارية والا توجد تقلبات كبيرة التي تعتبر عدونا الأول وهي تهبط بنا دفعة واحدة من رأس الجبل إلى قعر الوادي. ان هذا الأمر خارج عن سيطرتنا وليس بمتناول يدنا إنما بيد الطبقة السياسية وهنا على أي طبقة سياسية نتكلم اليوم إذ لا توجد حكومة إنما فقط حكومة تصريف أعمال مبتورة واهتماماتها بمكان آخر ومجلس النواب أيضا لا يجتمع ويوجد خلاف حول كونه هيئة انتخابية او هيئة تشريعية والمؤسسات الدستورية لا تعمل كما يجب .

الحكومة والموازنة

من الملاحظ أن هذه الحكومة لا ترحمكم حسب موازنتها الأخيره فهل تمكنتم كهيئات اقتصادية من إزالة الصواعق الموجودة فيها؟

ان الموازنة لم تأت منفردة إنما جاء معها مجموعة من النصوص الضريبية أحدها اقتراح فرض رسم ١٠% على الاستيراد بما له بديل محلي وضريبة على القروض المسددة باللولار او بسعر ١٥٠٠، بالإضافة إلى ضريبة موحدة على المداخيل . لقد فرحنا عندما تم إقرار الموازنة في موعدها الدستوري لكن "اسمع تفرح جرب تحزن". لقد راهنا على عدم اقرارها في مجلس النواب إنما بمرسوم حكومي . لقد تعاونت الهيئات الاقتصادية بشكل متناغم وحثيث مع لجنة المال والموازنة التي احيي رئيسها واعضاءها على الدور الذي قاموا به إذ تقبلوا الكثير من مطالبنا .

ونحن راضون على الموازنة مع انتظار رؤية الصياغة النهائية .

انتم مع توحيد سعر الصرف على ٨٩.٥٠٠؟

هذا غير اكيد بعد إذ انه يشكل اشكالية كبيرة للقطاع المصرفي ولا يوجد حتى الآن توافق كامل بهذا الخصوص عندما وضعت الموازنة كان يوجد أكثر من ١٠٠بند ضريبي وقد عطلت لجنة المال والموازنة صاعق التفجير بها وقد أكدت انها لن تزيد الضرائب والرسوم وستقبل القيمة من خلال تغيير سعر الصرف وهذا أمر مشروع إذ انه بعد دولرة الاقتصاد لا يمكننا الصرف على أساس ١٥٠٠او ١٥٠٠٠ وهذا أمر اكيد وهو مطلب أساسي لصندوق النقد الدولي. لكن تبقى هنا اشكالية سعر ال١٥٠٠٠المصرفي وتعميم ١٥١ بالنسبة لكميات السحب . انا لا اعتقد ان المسألة قد تم حلها نهائيا لكن لنتذكر أن حجم الموازنة زاد أربعة أضعاف على ما كان عليه قبل سنة لذا بدأ القطاع العام يأخذ مكانه في الدورة الاقتصادية. كما أن الضريبة المضافة بقيت على ١١% ،وقد كان يوجد لهجة تهديدية في الموازنة إذ نجد بنودا عقابية والاحالة إلى القضاء وهذا أمر غير معهود في لبنان وقد تم الأخذ بكلام الهيئات الاقتصادية بالإضافة إلى موضوع الشطور على الضرائب والنسب المئوية والتنزيلات العائلية. لقد أعطت لجنة المال صورة ناصعة وايجابية جدا عن العمل النيابي خلال هذه الفترة .

لماذا برأيكم قامت وزارة المالية بتقديم هذه الموازنة الضريبية بامتياز؟

اننا كهيئات اقتصادية لدينا وعي اكيد بالموضوع وقد تم استدراك الأمر. لكن وزارة المالية في النهاية تريد أن تؤدي دورها الأساسي وهو تأمين ايرادات لأن نفقات الدولة آخذة بالازدياد خصوصا الرواتب. اننا نفهم ونتفهم ذلك لكن بدل التركيز على القطاع الخاص الشرعي ليتجهوا الى ضرب أبواب التهريب والتهرب والاملاك البحرية والنهرية والمخالفات فيها .لكن في الحقيقة لا توجد جرأة على هذا الصعيد إذ انه باعتراف وزارة المالية يوجد ٤٠% من المؤسسات غير مسجلة بضريبة الدخل والأرباح و٦٠% غير مسجلة بضريبة TVA. اننا نقول لهم ليزيدوا الإيرادات لكن من الأماكن الصحيحة وإلا ستتجه المؤسسات الشرعية إلى التحول نحو القطاع الرمادي.

لجنة المؤشر 

ماذا بخصوص لجنة المؤشر التي اجتمعت مؤخرا واقرت بدل النقل ب٤٥٠٠٠٠ ليرة وهل يوجد أي اختلاف في وجهات النظر خصوصا ان رئيس الاتحاد العمالي العام يطالب بحد أدنى للاجور لا يقل عن ٥٠ مليون ليرة؟

ان الهيئات الاقتصاديه تواكب الأمور في البلاد وأحيانا تستبقها وقد اجتمعت لجنة المؤشر أكثر من ١٢ مرة وبادرت إلى إيجاد الحلول الممكنة وعلينا الا ننسى أن الدولار اليوم مستقر منذ عدة أشهر والحلول بخصوص الرواتب تحتاج إلى استقرار بحده الأدنى لكننا في القطاع التجاري في قعر القعر ولسنا قادرين على دفع الزيادات المطلوبة في الأجور. ان الزيادة على النقل في القطاع العام تختلف عن القطاع الخاص ولا يمكن المقارنة بينهما لكننا قبلنا وسرنا ببدل النقل الموحد .أما بخصوص الراتب فلا يمكن أن يكون الحد الأدنى٥٥٠ دولارا بينما كان قبل الأزمة ٤٥٠. هل يمكن أن يتراجع الاقتصاد بنسبة ٦٠% ورئيس الاتحاد العمالي يطالب بحد أدنى أعلى مما كان سابقا؟ إنه شعار غير قابل للتطبيق اطلاقا وهو يعرف ذلك فما دام الإنتاج لم يعد إلى سابق عهده فلا يمكن دفع هذه الزيادة في الراتب رغم اعترافنا بغلاء المعيشة لكننا بوضع يجعلنا مهما دفعنا ومهما تقاضى العامل يبقى قليلا. ان الأرقام العشوائية لا تفيد ابدا .

ما موقفكم من قانون الإيجارات غير السكنية الذي عارضته القطاعات التجارية وقد رده مؤخرا رئيس الحكومة؟

لقد أقر مجلس الوزراء القانون في ١٩، ١٢، ٢٠٢٣ وقد اصدرت جمعية تجار بيروت بيانا اعتراضيا في يوم ٢١ . اننا نقر بأن صاحب الملك القديم في وضع سيىء جدا لكن إذا تم تطبيق القانون بحذافيره سينتقل الظلم دون مرحلة انتقالية إلى التاجر الذي سيصبح بحالة يرثى لها . لقد كانت الفترة الانتقالية في قانون الإيجارات السكنية تسع سنوات وبدل النسبة ٤% بينما في قانون الإيجارات غير السكنية فالنسبة هي ^% لذا طالبنا بمدة ٩او ١٠سنوات وتخفيض النسبة من ٨ الى ٤% وقد اقرت الدولة في الإيجارات السكنية انشاء صندوق لأنه توجد هوة كبيرة بين المالك والمستاجر ولا يمكن حلها فتركوا ذلك للصندوق. اننا نريد التفاوض مع المالكين القدامى على اساس"لا يموت الديب ولا يفنى الغنم" لقد اجتمعت مع وفد من نقابة المالكين القدامى لدرس الموضوع والأجواء مفتوحة بيننا . ان همنا الأساسي هو المحافظة على استمرارية القطاع التجاري بالإضافة إلى حقوق المالك القديم . أن هذا القانون غير متوازن ولا يتكلم على أي تعويض بينما دفع التاجر خلوا كبيرا وصل احيانا إلى ٤٠و٥٠% من قيمة المأجور كله. كما أن فترة الانتقال سريعة جدا ثم ان الإيجار هو جزء او عنصر مهم من المؤسسة التجارية التي لديها ٣عناصر: الاسم، الزبائن والايجار فإذا ضرب الإيجار فهذا يعني ضرب استقرار المؤسسة . لكن في الوقت ذاته نحن نعترف بحقوق أصحاب الملك إذ انني اؤمن بالاقتصاد الحر ومن مبادىء هذا الاقتصاد أن يحقق الاستثمار مردودا ولا يجوز حرمان اي انسان من عدم استثمار ممتلكاته. انني أيضا من دعاة الحوار البناء والمجدي وسنصل حتما إلى حل.

كيف تقيمون الوضع بعد اربع سنوات على الأزمة الاقتصادية دون تحقيق اي شيء من القوانين الإصلاحية التي يطالب بها صندوق النقد الدولي وكل الناس ولماذا برأيكم لم تطبق؟

لم تطبق بسبب جملة من الأسباب. أولا أن التفاوض من الجانب اللبناني لم يكن كما يجب. ان العديد من الدول نجحت في تفاوضها أكثر منا .

هل تعتقدون بوجوب تغيير المفاوض؟

اتمنى ان يتغير النهج. انا أرى أن الاتفاق المبدئي التمهيدي الذي وقع في نيسان ٢٠٢٢ أصبح في عالم الأموات. اننا نسير بما يريده صندوق النقد دون النظر الى خصوصيات لبنان فالبلد ذو بعد دولي ويقوم على التحاويل من الخارج وللأسف يوجد جزء كبير من اقتصاده رماديا لكيلا أقول أسود لذا لا يمكن ضرب المكلف او المواطن او المؤسسة الملتزمة بالكرباج والا نرى الفظاعات الحاصلة في البلاد. لا يمكننا إجراء كابيتال كونترول على القطاع الشرعي والقطاع غير الشرعي نتركه يفعل ما يشاء . أن هذا لا يجوز إنما المشكلة الكبرى تكمن في قضية الودائع إذ ان المشاريع كلها حتى اليوم ذات روحية واحدة وهي إفلاس القطاع المصرفي وتطيير الودائع تحت أي مسمى . عندما يقال إعفاء مصرف لبنان من التزاماته الدولارية تجاه المصارف اي شطب الودائع بجزء كبير منها . ان القطاع المصرفي هو قطاع مركزي في المعادلة الاقتصاديه وعمليا ليس لدينا اسواق مالية لذا اذا لا يوجد مصارف فلا القطاع العام ولا الخاص لديه القدرة على تمويل ذاته. على الدولة الاعتراف بمسؤوليتها عن الأزمة وكيف ستساهم في ردم الهوة وهي عبارة عن ٧٢ مليار دولار دون أن تبيع أصولها إنما نريدها أن تستثمر الأصول بطريقة أفضل لتغذي حاجاتها وتملأ صندوق إعادة تكوين الودائع وردها لأصحابها. ان الأزمة هي أزمة وطنية مالية نقدية مصرفية واقتصادية وعبثا نحاول تصغير المشكلة ونحصرها بين مصرف ومودع . انها أولا مشكلة نظامية على صعيد كل المصارف والحل يجب ان يكون حلا وطنيا بتحمل الدولة مسؤوليتها ومن ثم المصرف المركزي والمصارف ضمن جدول زمني لمدة ١٥سنة لكي نصل إلى ما نريد دون ضرب الثقة نهائيا بلبنان.


الأكثر قراءة

اكثر من حجمه