اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

أكدت رئيسة التحرير السابقة لوكالة الأنباء الكويتية (كونا)، إقبال الأحمد، أن «المرأة الكويتية دفعت ثمن ديموقراطية بلدها، حيث يُقتل حقها السياسي بسبب مواقف بعض النواب، وهو حق لايزال مرتبطاً بنظرة الرجل وتقبله للمرأة داخل مجلس الأمة».

وقالت إن الانتخابات باتت طائفية دينية، وهذا واقع غير صحي ينسحب على انتخابات اتحاد الطلبة في جامعة الكويت، والتي تُعد بداية التشرذمات الطائفية والقبلية والدينية، إذ يتم الانتخاب على أساس القبيلة، وليس للمصلحة العامة أو للجامعة والوطن والمجتمع، فضلاً عن الحدة وعدم تقبل الرأي الآخر، ولا حتى النتائج.

ولفتت الكاتبة والصحافية إقبال الأحمد إلى أن «الإعلام اليوم هو المؤثر الأول في المجتمعات، غير أن حرية الصحافة والإعلام في الكويت كانت خلال فترة السبعينيات والثمانينيات أكبر بكثير مما هي عليه اليوم، إذ كان الجو العام يتسم بالحرية والثقة، فالحرية تنعش الإعلام، أما اللجوء للتقييد والمحاسبة والتردد في إعطاء المعلومة، فيسيء كثيراً للإعلام، كما أن الفوضى في الإعلام تُعد مصيبة وانتكاسة، فلا يجوز أن تكون (حارة كل مين إيده إلو)».

وكانت الأحمد حلَّت ضيفة على برنامج «الجوهر» بموسمه الرابع، الذي تنظمه أكاديمية لوياك للفنون – (لابا)، بعد ورشة تدريب إعلامي مكثف على مهارات إعداد وإقامة حلقة حوار ناجحة دربت فيها الإعلامية رانيا برغوت شباباً شغوفين بالإعلام من الكويت وسلطنة عمان وفلسطين واليمن ولبنان.

بداية، أشادت برغوت بجهود مؤسسة لوياك، التي «تسهم في تنشئة أجيال واعية مثقفة»، وأضافت: «شبابنا يحاورون شخصيات تمثل جوهر نهضة مجتمعنا الكويتي والعربي في قطاعات عدة، وحرصاً على العودة إلى جوهر الإعلام النزيه، بعد أن دخلنا في مرحلة خطيرة، نتولى تدريبهم حول أبجديات الإعلام».

وأشادت الإعلامية إقبال الأحمد بجهود «لوياك»، وقالت: «ما قامت به حتى الآن، حتى مؤسسات الدولة والدولة بحجمها لم تنجح به بهذا الشكل، قياساً بعدد أفراد المؤسسة وقلة الإمكانيات». وشكرت رئيسة مجلس الإدارة العضو المنتدب للوياك ولابا فارعة السقاف، وعضوات مجلس الإدارة، على جهودهن ووقتهن، وحتى مساهماتهن المادية لاحتواء الشباب، من خلال «أنشطة مبتكرة تدفعنا إلى الافتخار بالنساء الكويتيات، وبالرجال الداعمين لهنّ في التوجه والفكر».

أساتذة جامعة الكويت يتقلدون اليوم مناصب رفيعة

وفي إجابتها عن المشارك محمد بهبهاني، استذكرت الأحمد مرحلة الثانوية، التي وصفتها بمرحلة «تكوين الشخصية، حيث كانت إدارة الثانوية حازمة، ما دفعنا إلى التحلي بالالتزام، ما ساهم في صقل شخصيتنا. كُنت شغوفة بقراءات أكبر من عُمري، وأذكر كتابين كان لهما الأثر البالغ في حياتي، الأول بعنوان (خطة السيطرة على منابع النفط) المتعلق بالسياسة الأميركية الخارجية، والثاني بعنوان (رحلتي من الشك إلى اليقين)، والذي ينتقل عبره الكاتب من الإلحاد إلى اليقين. هذان الكتابان دفعاني لتحديد مسار قراءاتي، فكان أن اخترتُ التخصص في مجال الاقتصاد والعلوم السياسية».

وعن المرحلة الجامعية، قالت: «كانت جامعة الكويت متميزة بمستوى عالٍ جداً من التدريس، حتى ان أساتذتنا من بعض الدول العربية يتولون اليوم مناصب رفيعة، كرؤساء مجالس وزراء ووزراء وغيرها من المناصب المرموقة. كما أن الأساتذة الكويتيين أصبحوا اليوم شخصيات بارزة جداً. تلك الشخصيات درَّستني، وصقلت شخصيتي، لذلك نترحَّم على تلك الأيام من حيث جودة التعليم والمناهج ومستوى الهيئة التدريسية».

الأمراض الاجتماعية تبدأ بالفصل والتشكيك في الطلاب

وأشادت الأحمد بنظام الجامعة المختلط والصحي، «كنا زملاء وإخوة، رحلاتنا مشتركة، ورغم كون أسرتي من النوع المحافظ، لكنها لم تعترض على رحلاتنا الجامعية خارج البلاد، لأن التنشئة كانت قوية، وكانت الثقة عالية، ولا أجد اليوم أي مبرر لمحاولات الفصل، لأن الأمراض الاجتماعية تبدأ بالفصل والتشكيك بالطلاب».

وفي سياق ردها على المشاركة أروى أحمد، بشأن مسيرتها المهنية، قالت الأحمد: «بدأتُ الكتابة من خلال مجلة (سيدتي)، وكان مقالي الأول بعنوان (مملكتي) تحدثت فيه عن أسرتي، ومن ثم انتقلت للكتابة في جريدة القبس، وشرَّفوني بعمود ثابت في الصفحة الأخيرة. وقد وثقت كتاباتي ومقالاتي في ثلاثة كتيبات بعنوان (رنة قلم)، وهي، رنة سياسية، ورنة وطنية، ورنة إنسانية».

عدم التوقف عن الكتابة

وتابعت: «عندما عرضوا عليَّ منصب رئيسة التحرير في وكالة كونا، أعربت عن اعتزازي وامتناني، واشترطتُ أنني لن أتوقف عن الكتابة أو عن إبداء الرأي بكل حُرية وشفافية».

وعن الصعوبات التي واجهتها، كونها أول امرأة تتولى منصب رئيسة تحرير في الوطن العربي، كشفت إقبال أنها لم تواجه أي صعوبة، لأنها مرَّت بكل مراحل العمل الإعلامي، ما منحها قوة داخلية. وأضافت: «غير أن المسؤولية كبرت، خصوصاً كوني امرأة، لكنني أهوى الإعلام، ولا أتخيل نفسي خارج هذه المهنة. كما أن النجاح كان هدفي الدائم، وكنتُ أطمح للوصول إلى أكبر مركز في الوكالة».

ومن منطلق كونها مديرة مشروع الحملة الإعلامية لتصحيح المسار الاقتصادي الكويتي، اعتبرت الأحمد أن «بصمة المرأة في الاقتصاد الكويتي كبيرة وواضحة، وربما بصمتها في القطاع الاقتصادي أوضح منها في القطاع الحكومي، حيث تحتل مكانتها المرموقة في المصارف والشركات الخاصة، في حين أنها مسيَّرة ومقيَّدة في القطاع الحكومي، لا تُتاح لها فُرص التقدم، رغم تحليها بالكفاءة».

ورأت أن «الاقتصاد الكويتي يُفترض أن يكون بمستويات أعلى مما هو عليه، وما كان لينافسه أحد، لأن الكويت تملك قدرات عالية، وهي قائمة على الاقتصاد والتجارة منذ بداياتها التاريخية، لكن عجلة الاقتصاد مرتبطة بعوامل كثيرة، بينها: القوانين، والجو العام، والإدارة الخارجية».

ضوابط واضحة

وفي حديثها مع المشاركة فاتن العسيلي، أوضحت الأحمد أن «الغاية الأساسية من العمل داخل (كونا) هي إشباع رغبة لهذا النوع من العمل، الذي أجد فيه إضافة يومية ولحظية إخبارية وفرصة للتميز. وقد لمست أهمية الرقابة الذاتية التي من المفترض أن تكون في كل مجالات الحياة. فمن الضروري نقل الخبر بكل دقة ومسؤولية، بحيث تكون الوكالة مصدراً للثقة والأمان، وليس لنقل الشائعات. وكنت حريصة على إعطاء الفرصة للنساء الجديرات. واليوم يُحسب للوكالة تعيينها امرأة في منصب المديرة العامة. فأنا مع المرأة إن كانت تستحق».

وأكدت أنها مع حرية الإعلام، لكنها مع الضوابط الواضحة والملزمة، «مهما كان البلد متقدماً ومنفتحاً وديموقراطياً، على ألا تكون كالضوابط الشرعية في الكويت التي تُلقى وتُترك».

وحول مشاركة المرأة في انتخابات مجلس الأمة، قالت: «يجب أن يكنَّ نساء قويات، وجديرات بالفوز، فأنا أصوِّت للكفاءة أولاً. مجلس الأمة بحاجة إلى كفاءة وقوة ومواجهة وقدرة على الكلام والرد. ولم أرشِّح نفسي لأنني لم أجد في بيئة العمل السياسي ما أستطيع أن أعطيه، بل قد أهدر وقتي في النزاعات والصراعات. وهناك الكثير من المتصيدين بالنساء داخل مجلس الأمة والمعارضين لوجودها، لمجرد أنها امرأة».

وفي إجابتها عن المشاركة آية البيطار، تحدثت إقبال عن «دور فاعل وأساسي للإعلام لناحية تناوله السياسة، وتعامله معها، وتقليبها وتحويرها. باعتقادي، أصبح الإعلام رقم واحد في كل ما يجري حولنا، وعلى مدار 24 ساعة. فقد يكذِّب قضية، أو يضخِّمها، أو يصدِّر قضية ويشعلها. إنه أداة لكل شيء، لا سياسة ولا اقتصاد ولا اجتماع ولا صحة من دون إعلام».

وعن الضجة التي أُثيرت حول مسلسل «زوجة واحدة لا تكفي»، انتقدت «ازدواجية المعايير في وزارة الإعلام»، وقالت: «هناك بعض الملاحظات السلبية، لكن من باب الظلم أن يُحوَّل المسلسل إلى النيابة العامة، وكأنه جريمة قتل أو مخدرات. لا يجوز أن نهرب من واقعنا، لسنا مجتمعاً فاضلاً. همّهم خصوصية المجتمع الكويتي والحفاظ على السلوكيات، لكننا نشهد في مجلس الأمة التقاذف والشتائم، رغم أنه أهم بكثير من المسلسل».

أما المشارك محمد الحارثي، فغاص في ذكريات ضيفة «الجوهر»، التي وصفت نفسها بأنها «كويتية، إعلامية، تعشق بلدها»، وقالت: «نشأتُ في بيئة كويتية مشجِّعة، كانت تفصل بين الخصوصية والطموح، فمنحتني ثقة عالية جداً، وأتاحت لي اختيار ما أشاء، قبل أن أنتقل إلى المجتمع الذي وجدتُ فيه كل الدعم والمساندة، رغم أن مجال عملي كان يُعد جديداً على المرأة. لكن بوجود قيادات داعمة ومتفهمة ومتفتحة ومسؤولة، مُنحت الفرصة لإثبات ذاتي، ووصلتُ إلى ما كنت أصبو إليه. وقدَّم لي زوجي وأبنائي الدعم الكبير، ووجدتُ في عيونهم الفخر والثقة بأن مَنْ تدير مملكتهم الصغيرة قادرة على إدارة مملكة أكبر».

وتابعت: «ذكرياتي كثيرة، لكن أجملها المرحلة الجامعية. كما أتقنتُ التمثيل وتقمُّص الشخصيات، لكنني أبعد إنسانة عن التقليد والظهور بما لا يشبهني. نصيحتي للشباب التحلي بالالتزام والإصرار، لتحقيق الأهداف بوسائل صحيحة غير ملتوية. وأردِّد دوماً حكمتين، (لا يصح إلا الصحيح)، و(ربك يمهل ولا يهمل). وعلى إعلاميي المستقبل تعلُّم المهنة على أصولها، بعيداً عما نشهده اليوم من ركاكة وبُعد عن أصول الكتابة الصحافية».

واستعادت الأحمد فترة الغزو العراقي الأليم، قائلة: «استيقظنا فجأة لنجد أنفسنا فاقدي الهوية والجنسية والمال، ووصلنا لدرجة الصفر. كانت فترة في غاية الصعوبة والتحدي، ولم نتخيل أننا سنستعيد كل شيء وسنعيد بناء الوطن، لكننا كنا نؤمن بأن ما حصل باطل ولا بد من عودة الحق لأصحابه، وهذا ما منحنا الأمل والقوة. كما أذكر مشاركتي بعد التحرير مع وفد أهلي كويتي في زيارة إلى واشنطن بخصوص موضوع الأسرى، فكان أن نشر أحد المتدينين مقالاً نعتنا فيه بـ (الوفد الخائن)، باعتبار أننا نلجأ للولايات المتحدة الأميركية. وعندما عُدنا رفعنا 11 دعوى بحقه، بعدد أفراد الوفد، ففرضوا عليه غرامات مالية جعلته يندم ويتوقف عن الكتابة».

دور مؤثر

من جهتها، تطرَّقت المشاركة أروى اليحمدية إلى دور المرأة القيادية وريادتها، حيث أكدت إقبال حرصها على عدم اختلال ميزان حياتها بين الأسرة والعمل، موضحة: «كان هناك نوع من التحسس من وجودي كرئيسة تحرير من قِبل بعض الرجال، باعتبار أنه من المعيب أن ترأسنا امرأة، لكنني تمكنت من الانسجام معهم، وتركت الأثر الإيجابي». وأسفت لمحاولات البعض «منح المرأة مخصصات مالية مقابل بقائها في المنزل، وهذا غير منصف، فنحن أكثر من نصف المجتمع، ولنا دور مؤثر، غير أن المجتمع لا يثق بالمرأة، فيركز على المرأة الوحيدة في مجلس الأمة، ويتغاضى عن أخطاء 49 نائباً، علماً بأن المرأة أبدعت في مجلس الأمة والمجالس البلدية. لذلك، أطالب بـ (كوتا) محددة، كي نفرض وجود المرأة المنتجة في البرلمان. والمرأة بحاجة اليوم إلى (رنة قلم) بشأن حقوقها والثقة بقدراتها وبإمكانياتها على المواجهة والتأثير».

بدوره، سأل المشارك محمد زين عن مدى تأثير الذكاء الاصطناعي على مهنة الإعلام، فأجابت الأحمد: «يساعد الذكاء الاصطناعي في تجميع المعلومات بثوانٍ، وهذا قد يؤثر على بعض فرص العمل، لكنه لا يحل محل الإعلامي، كونه يبقى خالياً من المشاعر والرأي الخاص والتعبير الذاتي والبصمة الشخصية التي يحتاجها العمل الصحافي».

عروبة الإخباري 

الكلمات الدالة

الأكثر قراءة

نتائج زيارة هوكشتاين لاسرائيل: تقدم وايجابية ومجازر وتدمير؟! نتانياهو يراهن على الوقت لفرض هدنة مؤقتة مرفوضة لبنانيا الجيش الاسرائيلي منهك... ولا بحث بتجريد المقاومة من سلاحها