اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

في الأسابيع التي تلت هجوم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على "إسرائيل"، حذر المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان، من استخدام التجويع كسلاح في الحرب، وبعد مرور 7 أشهر، ومع معاناة غزة من "مجاعة شاملة" ونزوح أكثر من 75% من سكانها، تضج وسائل الإعلام "الإسرائيلية" والدولية بأخبار عن احتمال إصدار المحكمة أوامر اعتقال ضد مسؤولين "إسرائيليين" كبار، قد يكون ضمنهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.

بهذه المقدمة افتتحت مجلة "فورين بوليسي" مقابلة مع الرئيس السابق للمحكمة الجنائية الدولية شيلي إيبوي أوسوجي، يجيب فيها عن الأسئلة المتعلقة باختصاص المحكمة في الحرب "الإسرائيلية" على غزة.

يقول أوسوجي إن الكثيرين شككوا في أهلية هذه المحكمة لتنفيذ مثل هذه المتابعات القانونية، لكن الواقع أن الجنائية الدولية مخولة بالبت في مدى شرعية سلوك "إسرائيل" وحماس في الحرب.. وفيما يلي 4 أسئلة لتوضيح ذلك، وفقا للكاتب.

أولا: ما هي الجنائية الدولية؟

تأسست الجنائية عام 2002، وهي محكمة دولية لديها القدرة على محاكمة الأفراد المتهمين بارتكاب جرائم، كالإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب والعدوان، وهي لا توجه الاتهام إلى دولة أو شعب.

ولذلك فإن قول نتنياهو إن أوامر الاعتقال الصادرة عن هذه المحكمة "ستضع إسرائيل في قفص الاتهام" خاطئ، لأن الجنائية الدولية تقتصر على مساءلة الأفراد عن سلوكهم المزعوم باعتباره جرائم، ولن تدين "إسرائيل" ولا مواطنيها، حسب رئيسها السابق.

ثانيا: هل تتمتع المحكمة بسلطة قضائية على "الإسرائيليين"؟

هذا ما يرد عليه أوسوجي قائلا إن هذه المحكمة يمكن أن تحاكم مواطني دولة طرف في نظام روما الأساسي، ويمكنها أيضا أن تحاكم الجرائم المرتكبة على أراضي دولة طرف في المعاهدة سواء كانت طرفا في نظام روما الأساسي أم لا.

وإذا لم تكن "إسرائيل" طرفا في المعاهدة، فإن فلسطين عضو فيها، وبالتالي يمكن للجنائية أن تحاكم المسؤولين "الإسرائيليين" بتهمة التواطؤ في الجرائم التي يُزعم أن الجيش "الإسرائيلي" ارتكبها على الأراضي الفلسطينية.

وقد تم استخدام نفس المبدأ القانوني في حالة موسكو، وهي ليست عضوا في نظام روما الأساسي، عندما دعت مجموعة مكونة من 39 دولة إلى التحقيق في الغزو الروسي لأوكرانيا، مما أدى إلى إصدار مذكرة اعتقال بحق الرئيس فلاديمير بوتين، في خطوة أشاد بها الرئيس الأميركي جو بايدن، وبالتالي سيكون من التناقض أن تقبل أي من هذه الدول باختصاص المحكمة على المواطنين الروس وترفض ذلك لـ"الإسرائيليين"، كما يقول أوسوجي.

ثالثا: لماذا هذا مثير للجدل؟

عشية تعيينه رئيسا للمدعي العام للولايات المتحدة في محاكمات نورمبرغ، قال قاضي المحكمة العليا روبرت جاكسون "لا يمكننا أن نتعاون بنجاح مع بقية العالم في إرساء سيادة القانون ما لم نكن متقبلين أن هذا القانون قد يعمل ضد ما يمكن أن يكون مصلحتنا الوطنية".

وهذه قاعدة حسن النية التي يجب أن توجه المواقف تجاه المحاكم العليا في العالم -كما يقول القانوني العالمي- إذ يخلو تحقيق المحكمة من السياسة والتدخل السياسي، وإن كانت بعض الدول لا تدعم المحكمة في تنفيذ أوامر الاعتقال عندما يتعلق الأمر بأصدقائها وحلفائها.

رابعا: ماذا يعني صدور لائحة اتهام من المحكمة؟

ردًا على هذا السؤال، قال رجل القانون إن أي أمر اعتقال تصدره الجنائية الدولية على المسؤولين "الإسرائيليين" قد يتضمن تهمة استخدام التجويع سلاحا في الحرب على غزة، بالنظر إلى تصريحات المسؤولين "الإسرائيليين" أنفسهم وعرقلة وصول الغذاء والمساعدات التي استنكرها الكثيرون على نطاق واسع.

ونهاية المطاف، عندما تثبت التهم على المسؤولين "الإسرائيليين"، فإن ذلك لا يعني الاعتقال والمحاكمة الفورية، ولكن مشكلة هؤلاء بموجب أي مذكرة اعتقال من الجنائية الدولية أن الأعضاء بالمحكمة البالغ عددهم 124 دولة سيكونون ملزمين قانونا باعتقالهم إذا سافروا إلى أي منها، ولا ينبغي الاستهانة بهذا الالتزام، حيث ألغى بوتين خطته لحضور قمة بريكس في جنوب أفريقيا، على ضوء التزام بريتوريا الواضح باعتقاله.