اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

الرئيس نجيب ميقاتي نقل الينا هذه البشرى «أميركا تحبنا»... نستذكر قصة لادغار آلان بو عن امرأة كانت تقتل عشاقها الذين تقع في غرامهم بطعنة في القلب، ثم ترقص حول الجثة أو تحتسي الشامبانيا فوقها. ولأن أميركا تحبنا، كل القاذفات التي تدمر مدننا وقرانا صناعة أميركية، وكل القنابل التي تقتل أهلنا وأطفالنا هي بضاعة أميركية...

يا دولة الرئيس. حبذا لو تقرأ ما قاله المؤرخ البريطاني بول كنيدي حول الأمبراطوريات التي بأرواح الأفاعي، وان عدت وأوضحت «بحبك يا سواري بس مش متل ايدي». «اسرائيل» هي اليد وهي الذراع. في عهد بنيامين نتنياهو هي الرأس أيضاً، ونحن السوار الذي من تنك، والا لما كنا هكذا نلقى في سلة الأزمات.

أليست أميركا هي التي ترعى هذه الأوليغارشيا التي تتأرجح بين ثقافة الفساد وثقافة التفاهة، وحيث الدولة ـ المغارة (مغارة علي بابا) لا الدولة ـ الدولة، لنتسكع على أبواب العالم من أجل وقف مطحنة الدم التي لا نظير لها في التاريخ، دون أن يعنينا أن تكون المقاومة مدعومة من ايران، أو مدعومة من بنغلادش، أو مدعومة من جزر القمر، ما دامت تحمي أرضنا وما تبقى من حياتنا من الأقدام الهمجية...

كل ما يحصل على الأرض يشي بضوء أخضر أميركي، بعدما وصف السناتور لندسي غراهام اسرائيل بـ «المكان المفضل لاقامة الله». نسأل أولياء أمرنا في الدين وفي الدنيا اذا كان الله يقيم حقاً في الدولة العبرية؟

حتى ديبلوماسياً، ماذا فعلت لنا أميركا التي تحبنا؟ لا خطوة واحدة نحو تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 425 لزحزحة الاحتلال الذي بقي يجثم على أرضنا 22 عاماً، بالرغم من أن منظمة التحرير الفلسطينية رحلت بقضها وقضيضها عن لبنان، بعدما كانت الذريعة لاجتياحنا. وهل زودت الجيش اللبناني بطائرة واحد أو بقنبلة واحدة من مئات الطائرات وآطنان القنابل، التي تذهب الى «اسرائيل»، والتي حولت كل ليلة من هذه الليالي الطويلة والمريرة في بلادنا، الى ليلة هيروشيما؟

يا لذلك الحب الذي يذكّرنا بقيس بن الملوح، وهو يقف عند باب ليلى العامرية، حاملاً الجمر في كفه وفي قلبه، ليمزق ثيابه في نهاية المطاف مثلما تمزق القنابل الأميركية أجسادنا وأرواحنا على مدار الساعة.

ألسنا يا دولة الرئيس، كلبنانيين وكعرب، وأنت من طرابلس الفيحاء بالتراث العروبي الفذ، ضحايا السياسات الأميركية التي لا ترى فينا سوى الخردة البشرية، الا أذا كانت قد رأت فينا ما رآه مايك بومبيو، في ذلك العشاء الآخر على مائدة احدهم «يليق بكم أن تكونوا البيفرلي هيلز لا تورا بورا»، كما لو أن وكالة الاستخبارات المركزية ليست وراء تصنيع أسامة بن لادن لقتال السوفيات في افغانستان، وكما لو أن آلان دالاس مدير الوكالة، وشقيقه وزير الخارجية جون فوستر دالاس، لم يبتدعا في عهد الرئيس دوايت ايزنهاور، ذلك النوع من الاسلام الذي لا يصلح حتى للقردة.

من البديهي أن نسأل الرئيس ميقاتي، وهو الصديق القديم والعزيز، هل من المنطقي لأمبراطورية هي الأعظم في التاريخ، وقد فرضت اسلوب حياتها (وأكثر من كل الديانات وأكثر من كل الحضارات) في كل أصقاع الدنيا، الى حد الحديث عن «الديانة الأميركية» التي حلت محل سائر الديانات، ألاّ تستطيع وقف طوفان الدم في كل من لبنان وغزة، وحيث الحرب تدمر كل أثر للحياة؟ 

الكوميديا الأميركية في ذروتها، بالاتصالات المكوكية لآموس هوكشتين التي ما زالت تدور حتى اللحظة في الحلقة المفرغة، ليبقى أنتوني بلينكن في زياراته الاحدى عشرة في عنق الزجاجة، والى الحد الذي يحمل ريتشارد هاس الى الكلام عن «تلك الفضيحة الديبلوماسية، وحيث يتقاذف أركان الائتلاف وزير خارجيتنا كما لو أنه كرة من القش». ولكن متى كان للديبلوماسية الأميركية أن تزحزح مواقف «اسرائيل» ولو قيد أنملة؟

بالتأكيد نتنياهو ينظر الى جو بايدن نفسه على أنه كرة من القش، ومنذ أن حلّ في البيت الأبيض، كون زعيم الليكود يراهن على عودة دونالد ترامب، وهو الذي يهدد باسقاط العروش ان لم تفتح الأبواب  لصفقة القرن.

سواء كانت كامالا هاريس، أم كان دونالد ترامب في البيت الأبيض، يبقى نتنياهو، وكما علّق السناتور بيرني ساندرز ساخراً، الأمبراطور على كتفيِ الأمبراطور!!