مشكلتنا مع "الاسرائيليين" أنهم يعتبرون قوتهم العسكرية "حالة الهية"، وأن إلههم هو "رب الجنود"، حتى إنهم رأوا في طائرات "الميراج" التي دمرت سلاح الجو في مصر، منذ الساعة الأولى لحرب حزيران 1967، الطيور النحاسية التي بعث بها "يهوه" للقبض على أرواحنا (الشريرة). أما قوتنا العسكرية فهي ما دون "الحالة البشرية". إلهنا رب الضحايا، ان شئتم... رب القتلى.
لا مجال البتة للمقارنة بين وضعنا التكنولوجي، ونحن واقعأً ما تحت التكنولوجيا، ووضع "اسرائيل"، لنشير الى أن "اليهود" الذين حطوا الرحال في فلسطين فكروا عام 1912 في انشاء "التخنيون"، أي "معهد اسرائيل للتكنولوجيا"، ليبدأ العمل عام 1924، أي قبل نحو ربع قرن من اعلان دافيد بن غوريون قيام الدولة.
وحين فكّر الرئيس رونالد ريغان في اطلاق "برنامج حرب النجوم"، الذي يتمثل بنصب منصات فضائية مزودة بمدفعية لأشعة اللايزر وللجزيئيات الالكترونية، لتدمير أي صاروخ معاد عابر للقارات خلال 7 أو 8 ثوان، أوفد المدير التنفيذي للبرنامج الجنرال جيمس آبرامسون في آب 1981 الى "تل أبيب" للتوقيع على اتفاقات تتعلق بصنع بعض الأجهزة الحساسة للبرنامج.
هذا ما جعل "اسرائيل" تتفوق عسكريأً، وبصورة دراماتيكية على البلدان العربية قاطبة، لينكسر ذلك التفوق بظهور الصواريخ. وهذا ما لاحظته هيلاري كلينتون، وزيرة الخارجية في عهد باراك أوباما، داعية "الاسرائيليين" الى أن ياخذوا بالاعتبار أن شيئاً ما قد حدث، وأدى الى تغيير الكثير من مفاهيم القوة ومفاهيم التوازن. آنذاك انقضّ عليها الذئاب باتهامها بممالأة العرب وطعن "الاسرائيليين" في الظهر، والى حد العمل ضدها ابان المنافسة الرئاسية مع دونالد ترامب.
التفوق العسكري ليس بالظاهرة الأبدية في منطقة هي في حال ارتجاج (واجترار) متواصل. الفيت كونغ الحفاة كانوا يسقطون يومياً بصواريخ "سام ـ 7"، قاذفة عملاقة من طراز "بي ـ 52"، ليناهز عدد الطائرات الأميركية التي أسقطت ومن كل الأنواع، بما فيها طائرات الهليكوبتر الـ 10000 طائرة.
شيء ما يشبه الخيال، كيف كان رجال المقاومة في لبنان أثناء مرحلة التحرير يتسلقون ذلك الجدار الشاهق الذي يوصل الى قلعة الشقيف، وهم يتجنبون أجهزة الرصد الالكترونية والألغام والعوائق الالكترونية الأخرى المعقدة، ليزرعوا راية المقاومة على القلعة.
المشاهد الخارقة أيضاً ظهرت في غزة. من كان يتصور أن باستطاعة مقاومين، مهما كانت صلابتهم، يستطيعون مواجهة تلك الأهوال الجوية والبرية والبحرية، التي انقضّت بكل تلك الوحشية على القطاع، الذي يخلو من أي تضاريس طبيعية، والذي حولته القنابل الأميركية الى ركام. لأكثر من ثمانية أشهر استنزف أولئك المقاومون حتى عظام ملوك التوراة، الذين كان يلجأ اليهم "الحاخامات" والساسة والجنرالات على السواء.
الخبراء الاستراتيجيون وصفوا تلك الحرب بأنها "أول حرب حقيقية بين العرب والاسرائيليين". هذه التجربة المريرة زادت في هواجس القيادة العسكرية "الاسرائيلية"، التي توجد بين يديها عشرات التقارير حول الترسانة الصاروخية لحزب الله، ناهيك بأسطول المسيّرات المتعددة المهام. حديث عن "الصواريخ الجبارة" التي لم تخرج بعد من صوامعها، والتي تهدد بتدمير كل مظاهر وكل مقومات الحياة في المناطق الأكثر حيوية.
لاحظنا مدى الذهول الذي اعترى تلك القيادة ، بعدما أظهرت المؤسسة العسكرية بامكاناتها التكنولوجية الساحقة، عجزها عن رصد المسيّرة "هدهد"، وهي تتهادى فوق المناطق الاستراتيجية، كمؤشر على امكانية تحويل كل تلك المنشآت وخلال دقائق الى حطام.
اذا يحاول بنيامين نتنياهو بطريقته البهلوانية، توظيف الورقة اللبنانية في "صراعه" مع جو بايدن، أي حرب بين لبنان و "اسرائيل" ستكون "حرب القرن"، لأن تداعياتها لن تقتصر على تغيير المسارات الاستراتيجية في المنطقة، بل تنسحب حتى الى تغيير الخرائط.
هذا ما يثير الهلع لدى الأميركيين، الذين يعتقدون أن تدخلهم العسكري سيكون كارثياً، وعدم تدخلهم سيكون كارثياً أيضاً. لذا تحريك الأرمادا الديبلوماسية بكل قوتها من أجل حل مستدام للوضع الحدودي بين لبنان و "اسرائيل". المهمة ليست مستحيلة اذا كانت التكشيرة الأميركية باتجاه "اسرائيل" هذه المرة، لا باتجاه لبنان...
يتم قراءة الآن
-
لماذا آثر نصرالله أن يستشهد ؟
-
عودة الرعاية الخليجية للبنان وموسم سياحي واعد صناديق الشمال على موعد مع التغيير أو تثبيت التوازنات؟! وساطة عربية بين دمشق و«تل ابيب»: ماذا يُحضَّر؟
-
تصعيد «اسرائيلي» يسقط ضمانات واشنطن... وخيبة امل في بعبدا لا تعديل للقانون... هل تحصل الانتخابات في بيروت؟ «هواجس» من مفاجآت ترامب... وقلق في «اسرائيل»
-
أردوغان يُقدّم الشرع هديّة لنتنياهو
الأكثر قراءة
عاجل 24/7
-
08:53
صحيفة "معاريف" الإسرائيلية: أحزاب المعارضة ستحصل على 62 مقعداً بالكنيست إذا أجريت انتخابات اليوم
-
08:41
بدء الاحتفالات في روسيا بمناسبة الذكرى الـ80 للانتصار على النازية في الحرب العالمية الثانية
-
07:51
التحكم المروري: قتيل و ٥ جرحى في ٣ حوادث تم التحقيق فيها خلال ال ٢٤ ساعة الماضية
-
07:24
عراقجي: مع استئناف المحادثات بين إيران والولايات المتحدة يتم نشر المزيد من صور الأقمار الاصطناعية لإثارة المخاوف بشأن إيران
-
07:24
عراقجي: نتنياهو يسعى لتعطيل المحادثات ولم يعد لديه أي مصداقية وهو يواصل الآن مساعيه لفرض إملاءاته على ترامب عبر عملائه
-
07:23
وزير الخارجية عباس عراقجي ينفي ما قالته قناة "فوكس نيوز" ومنظمة "خلق" بشأن العثور على منشأة نووية جديدة في إيران
