اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

... في المرحلة الأولى من مسار التعافي الاقتصادي، من مصلحة الجميع بدءاً من الاقتصاد الوطني مروراً بالمصارف وصولاً إلى المودِع، أن يعود القطاع المصرفي إلى ممارسة دوره شبه الطبيعي ما دام الاتفاق مع صندوق النقد الدولي لا يزال متأخراً والخطط الإنقاذية مجمّدة حتى اليوم... فأقله، في ظل الوضع الضبابي المخيِّم على البلاد المشوب بالشلل، العمل على تحريك جزئي للاقتصاد من خلال عودة المصارف إلى تأدية وظيفة التسليف!

هذا ما أثاره حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري في خلال "المنتدى العقاري الثاني" في بيروت، معلناً أن "الوقت حان كي يُعيد القطاع المصرفي عملية التسليف". مع الإشارة إلى أن دعوة منصوري لا تعني أن المصارف قادرة على التسليف فوراً، بل يدخل كلامه ربما في إطار الضغط على المجلس النيابي لدفعه إلى إقرار قانون يسمح بعودة التسليف.

فالانطلاق بإعطاء التسليفات للقطاع الخاص، من شأنه تحريك العجلة الاقتصادية، وزيادة موجودات المصارف ورأسمالها، ما يساهم تلقائياً في ردّ أموال المودِعين وهذا مطلب الجميع من دون استثناء. انطلاقاً من ذلك، إن أي خطوة تساهم في صمود المصارف، يجب أن تكون موضع ترحيب من قِبَل المودِعين أولاً والمسؤولين ثانياً في ظل الفراغ الدستوري في سدّة الحكم والشلل الحكومي كما النيابي...

لكن وفق إجماع المعنيين، كي تحقق هذه الخطوة الهدف وبالتالي خوض غمار التسليف بنجاح، يبقى الشرط الأساس سداد القروض بالدولار الأميركي إذا أرادت المصارف إعادة التسليف، إنما قانون النقد والتسليف يمنع إلزام المقترِض بسداد دينه بالدولار. من هنا على مجلس النواب إقرار قانون يُلزم صاحب القرض بالدولار أن يسدّده بعملة الاقتراض ذاتها أي بالدولار.

في السياق، يشدّد مصدر مالي عبر "المركزية" على "وجوب الفصل بين مصير الودائع وعمل المصارف. إذ بات الجميع على قناعة بأن مصير الودائع مرتبط باستمرارية المصارف، في حين أن انهيار القطاع المصرفي يعني ضياع الودائع بالكامل. وبالتالي، من مصلحة المودِعين منع إفلاس أي مصرف قبل إنجاز اتفاق ردّ الودائع".

ويوضح المصدر أن "الأموال التي يقصد منصوري استخدامها في عودة التسليف هي الـ "فريش دولار". وهناك مئات ملايين الدولارات مودَعة في المصارف يمكن استخدامها لهذه الغاية. لكن وبحسب ما هو معلوم، لا تستطيع المصارف استخدام هذه الأموال في عمليات التسليف إن لم يصدر قانون من مجلس النواب يحدّد طريقة تسديد القروض، من خلال منع التسديد بالليرة أو بأي عملة أخرى غير عملة القرض.

وعن وضعية المصارف ومدى استعدادها للتسليف، يشير المصدر إلى أن "القدرة على التسليف تتفاوت اليوم بين مصرفٍ وآخر قبل بدء خطة التعافي، لكن ذلك لا يؤثر في المشروع.... كما أن هذا التفاوت الذي كان قبل الأزمة لم يمنع استمرارية القطاع.

ماذا عن ثقة المواطن بالعودة إلى الاقتراض من المصارف؟ يُجيب المصدر المالي: إن عودة التسليف تعاكس مفهوم الادّخار في المصرف... فاستعادة الثقة تحتاج إلى وقت من جهة وإلى إجراءات على الدولة اتخاذها توحي بالتغيير نحو المعالجة والإنقاذ. لكن من المرجَّح أن الدولار الـ "فريش" سيتمّ تسليفه للمؤسسات الخاصة الموثوق بها حصراً، كون استخدام هذه الأموال للضرورة أو لتغطية كلفة الأعمال، بما يعني أن المرحلة الأولى ستكون محصورة بتسليف الأعمال، وليس أي نوع آخر من التسليفات.

في الخلاصة، تبقى استعادة القطاع المصرفي دوره التسليفي أمرا أساسيا لاستعادة الثقة ... فالازدهار. إذ إن خطط المعالجة كافة المطروحة حالياً، تُدرِج في أهم بنودها "عودة المصارف إلى التسليف"، لأن بذلك ترفع موجوداته وتتمكّن بالتالي من ردّ أموال المودِعين بوتيرة أسرع، ومن جهة أخرى تحفّز الاقتصاد وترفع النمو الاقتصادي، وفي نتيجة الأمر تعود الثقة إلى الاقتصاد اللبناني والقطاع المصرفي، وهذا تحديداً ما يخدم المودِعين ويساهم في استعادة أموالهم. ويُخطئ مَن يربط مصير الودائع والاقتصاد، بالتسليف المصرفي! إذ إن مصيرهما مرتبط بما ستقرّره الحكومة ومجلس النواب معاً لاسترداد الودائع... والنهوض بالاقتصاد.

الأكثر قراءة

نتائج زيارة هوكشتاين لاسرائيل: تقدم وايجابية ومجازر وتدمير؟! نتانياهو يراهن على الوقت لفرض هدنة مؤقتة مرفوضة لبنانيا الجيش الاسرائيلي منهك... ولا بحث بتجريد المقاومة من سلاحها