اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

ما قبل الجريمتين الغادرتين في طهران والضاحية الجنوبية ليس كما بعده، المواجهة مع الاحتلال الإسرائيلي لم تعد جبهات إسناد بل معركة كبرى مفتوحة ساحاتها قطاع غزة وجنوب لبنان واليمن والعراق وإيران، والرد الحتمي الجدي قادم لا محالة. هكذا وضع الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله القواعد الجديدة للمواجهة، رافضا الضغوط الخارجية الداعية «لعقلنة» الرد، وبات واضحا ان حزب الله لن يسمح بان تكون الكلمة الاخيرة في هذه الحرب لأسرائيل، ولن يسمح لها بان تغير قواعد الردع في المنطقة ولبنان، وتبقى احتمالات الذهاب الى الحرب الشاملة رهنا بسلوك دولة الاحتلال التي تقف منذ ليلة امس على «رجل واحدة» بانتظار الترجمة العملية لكلمات نصرالله التي طالما وعد ونفذ بحسب معلقين اسرائيليين، اقروا بعد الخطاب بان اسرائيل دخلت في حالة من التوتر، والشلل، ونقلت وسائل اعلام عن مسؤولين اسرائيليين تقديرهم بأن «الردّ آتٍ من لبنان»، واقروا بانهم لا يعرفون ماهيتها؟

استنفار «ورسائل»؟

وفي هذا السياق، وفيما ارتكب الطيران الاسرائيلي مساء امس مجرزة جديدة في بلدة شمع سقط ضحيتها 4 شهداء سوريين و5 جرحى لبنانيين،دخلت الجبهة الداخلية الاسرائيلية بعد كلمة السيد نصرالله في حالة استنفار، حيث صدرت التعليمات والارشادات للاسرائيليين بالدخول في حالة من الاستعداد للأسوأ، وهو ما اثار ارباكا وقلقا في المدن الاسرائيلية.وكشفت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، ايضا أن إسرائيل نقلت رسالة إلى حزب الله عبر دبلوماسيين غربيين تفيد بأن استهداف المدنيين الإسرائيليين بشكل واسع سيؤدي إلى حرب شاملة.  وذكرت الصحيفة أن حزب الله والحرس الثوري قد يؤخران الرد من أجل الاستعداد بشكل شامل. وأشارت إلى أن «إسرائيل تستعد لرد محتمل مشترك بين حزب الله والحرس الثوري الإيراني.

رفع الجهوزية

 من جهة أخرى، أفادت هيئة البث الإسرائيلية، بأن منظومات الدفاع الجوي الإسرائيلية على جهوزية عالية لاعتراض أي تهديد من لبنان فيما تحلّق مقاتلات من سلاح الجو في أجواء البلاد. وكشفت الهيئة عن أن قيادة الجبهة الداخلية أوعزت إلى المصانع في شمال إسرائيل التي لديها مواد خطرة بإفراغها أو تقليص الكميات التي لديها كإجراء وقائي.

 الرد حقيقي لا شكلي

وكان الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، توعد بـ»رد حقيقي وليس شكليا» على اغتيال الشهيد شكر، معتبرا أن المواجهة مع إسرائيل لم تعد «جبهات إسناد بل معركة كبرى مفتوحة»، وقال نصر الله خلال مراسم تشييع الشهيد فؤاد شكر ان المواجهة مع إسرائيل لم تعد جبهات إسناد بل معركة كبرى مفتوحة ساحاتها قطاع غزة وجنوب لبنان واليمن والعراق وإيران، أضاف متوعدا: على العدو ومن هم خلفه انتظار ردنا الآتي حتما ولا نقاش ولا جدل في ذلك، وبيننا الأيام والليالي والميدان. وتابع: نبحث عن رد حقيقي وليس شكليا كما يروج، بل هو رد مدروس جدا.وتوجه للاسرائليين بالقول» اضحكوا قليلا وستبكون كثيرا»..

واد الفتنة...

وتجاوز «الخطوط الحمراء»

ولفت السيد نصرالله ما حصل في الضاحية هو عدوان وليس فقط عملية اغتيال، ولفت الى ان ما حصل ليس ردة فعل على ما حصل في مجدل شمس بل هذا ادعاءٌ وتضليل وهو جزء من الحرب ومن المعركة، ولقد نفينا مسؤوليتنا عما جرى ونملك جرأة وشجاعة الاعتراف لو كان ذلك خطأ منا، فتحقيقنا الداخلي يؤكد ألا علاقة لنا بما جرى في مجدل شمس والعدو نصب نفسه مدعياً عاماً وقاضياً وجلاداً. كما لفت إلى أنه «بفضل الوعي والمواقف الحازمة من قيادات طائفة الموحدين الدروز الكريمة تم وأد الفتنة وتعطيلها»، وشكر القيادات السياسية والروحية الدرزية على موقفها. السيد نصر الله قال «إننا ندفع ثمن إسنادنا غزة ودعمنا القضية الفلسطينية وهذا ليس جديداً ونحن نتقبل هذا الثمن وندفعه ..وأكد أن «نحن في معركة مفتوحة في كل الجبهات وقد دخلت في مرحلة جديدة»، وسأل: «هل يتصورون أن يقتلوا القائد إسماعيل هنية في طهران وتسكت إيران»؟كما توجه للإسرائيليين قائلًا لهم: «ستبكون كثيراً لأنكم لا تعلمون أي خطوط حمراء تجاوزتم».

ماهي «رسائل» نصرالله؟

وفي هذا السياق، لفتت مصادر مطلعة «للديار» الى ان السيد نصرالله كان حاسما في مسألة الرد، لكنه كان ايضا حاسما في عدم الرغبة في خروج الامور عن السيطرة والذهاب الى حرب واسعة، ولهذا تحدث عن خوض المعركة بعقلانية وشجاعة. لكن ما هو ثابت ان قوله بان الرد حتمي وحقيقي وليس شكليا وان الميدان سيتكلم، فهذا يعني ان الهدف قد تم تحديده وموعد التنفيذ يبقى في جعبة القيادة العسكرية الجهادية للمقاومة بعد ان تم تعيين مسؤول عام جديد بديلا عن الشهيد فؤاد شكر، والذي تسلم مهامه بعد ساعات قليلة من الاستشهاد...اما الرسالة الابرز فكانت لكل ما حاول من الدبلوماسيين الغربيين تحديد شكل الرد، فكانت «الرسالة» واضحة بانه لا مساومة على حق الرد على اسرائيل التي ستنال عقابها على كسر قواعد الاشتباك التي لن تقبل المقاومة بان يتم تعديلها بمعزل عما ستؤل اليه الامور في جبهة غزة. واذا كان السيد  نصرالله لم يعط عنوانا جديدا للمرحلة الجديدة، لكنها ستكون مختلفة كما ونوعا عن طبيعة جبهة الاسناد التي سيتطور عملها تصاعديا وستكون الساعات المقبلة شاهدة على التطور النوعي كما ونوعا.

البعد النفسي للخطاب؟

وبراي تلك الاوساط، فان ما يوازي الموقف الحاسم للرد عسكريا وربما امنيا هو البعد النفسي للخطاب ليس فقط رفعا لمعنويات جمهور تاثر بعمليتي اغتيال الشهيدين هنية وشكر، وانما في دفع الاسرائيليين الى مساءلة قيادتهم التي اتخذت القرار بعمليتي القتل، بالسؤال  عن الجدوى منها، في حال كان الثمن باهظا داخل اسرائيل، وهو حتى الان كبير جدا لجهة الشلل العام السائد هناك وحالة الاستنفار في المدن الكبرى والمستوطنات بانتظار ردودد الفعل من كافة الجبهات. اما اذا حصل رد فعل كبير ومؤثر عندها سيكون الغضب كبير لدى الجمهور الاسرائيلي حيال الحسابات الخاطئة للقيادتين العسكرية والسياسية اللتين نقلتا الحرب الى الجبهة الداخلية.

تهديدات نتانياهو

في المقابل، اكد رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو بان إسرائيل على مستوى عال جدا من الاستعداد لأي سيناريو سواء في «الدفاع أو الهجوم»، وأضاف خلال حديث مع قادة قيادة الجبهة الداخلية بالجيش: سنفرض ثمنا باهظا للغاية لأي عمل «عدواني» ضدنا من أي ساحة، وفق ما نقلت عنه إذاعة الجيش الإسرائيلي. وكشفت القناة «الـ 12» العبرية عن اتصال هاتفي بين نتانياهو وبايدن مساء امس.

كيف سيكون الرد؟

وفيما تحدثت وكالة «رويترز» عن حصول اجتماع بين مسؤولين إيرانيين مع ممثلين عن حزب الله وحماس، والجهاد الاسلامي، وانصار الله،في طهران، للتنسيق بسيناريوهات الردّ المحتملة على إسرائيل، توقعت مصادر دبلوماسية غربية ان يكون  رد إيران وحزب الله منسّقاً مع بقية مكونات المقاومة ولفتت الى ان اولى نتائج التصعيد الأخير ستكون تعميق التنسيق التكتيكي بين إيران وحزب الله و»أنصار الله» وفصائل الحشد الشعبي العراقي وحركتي حماس والجهاد الإسلامي»، ولفتت الى انه سيكون هذا هو المشهد الجديد من الآن فصاعداً. ولفتت تلك الاوساط الى ان إيران وحزب الله لا يرغبان بالانجرار للعبة نتانياهو أو منحه الفرصة التي يحتاجها لجرّ الولايات المتحدة الأميركية الى الحرب، ولهذا من المرجح ان يحاولان الرد لكن مع تجنّب الحرب وفي الوقت نفسه ردع إسرائيل بقوة عن مواصلة شنّ ضربات موجّهة، ولهذا لن يصعدوا الى درجة المواجهة الشاملة.

حالة الذعر

ونقلاً عن محافل رفيعة جدًا بالمؤسسة الأمنيّة الإسرائيليّة، كشف مراسل الشؤون العسكريّة في صحيفة «هآرتس» النقاب عن أنّ جيش الاحتلال يستعِّد لهجومٍ إيرانيٍّ من عدّة جبهاتٍ، مُشيرًا إلى أنّ التقديرات تُشير إلى أنّ حماس ستعمل على تنفيذ عمليات مقاومةٍ من الضفّة الغربيّة المُحتلّة، وأنْ تقوم بإطلاق الصواريخ إلى مركز الكيان، أمّا فيما يتعلّق بردّ حزب الله، فأوضحت المصادر أنّ هناك خلافًا لدى الجهات ذات الصلة بالجيش حول الردّ، فالقسم الأول يؤمن بأنّ الردّ سيكون محصورًا، فيما يؤكّد القسم الثاني أنّ الحزب سيُوجِّه صواريخه لضرب المنشآت المدنيّة.

جدوى الاغتيالات؟

من جهتها، اعتبرت صحيفة «اسرائيل هيوم» انه من السابق لأوانه القول إذا ما حققت التصفيتان كل أهدافهما؛ فالهدف ليس الرد فقط. في عملية من هذا النوع، يريد المرء ويحتاج التأثير في سلوك الطرف الآخر وتغييره، أو على الأقل خلق ظروف تسمح بتغيير الواقع. ولفتت الى ان  رد حزب الله المنسق مع إيران سيصمم كيف سيكون وجه المعركة. فالتدهور إلى حرب قد يحصل في ضربة دقيقة لموقع حساس في وسط البلاد أو عقب نتيجة مأساوية شاذة أخرى. الرد المحدود قد يجلب فرصة لإنهاء الحرب ولتسوية في الشمال. لهذا الغرض، بات المطلوب زعامة اسرائيلية تحدد استراتيجية متعددة الجبهات في نظرة بعيدة المدى. وخلصت الى القول» علينا أن نتذكر بأن أي أعمال تكتيكية، مهما كانت ناجحة، ربما تضيع هباء دون غاية استراتيجية تعرف كيف تستغلها وتستخلص أقصى ما فيها».

استدراج واشنطن للحرب!

وفي سياق متصل، رات «هآرتس» ان خطر الانزلاق في حرب شاملة بات حقيقياً أكثر من أي وقت مضى، ولفتت الى ان إسرائيل تبدو امام معضلة،  فهي لا تريد حربا شاملة، ومن  الواضح أن سياستها في الشمال لا تنجح في ردع حزب الله، ورغبتها في خوض حرب أكثر كثافة لبضعة أيام على أمل أن تضغط على بيروت وطهران، غير مضمونة لان المشكلة تبقى في أنه يصعب السيطرة على شدة اللهب، ما سيصعب التوصل إلى التهدئة بعد ذلك. وبرايها ثمة سؤال أساسي سيؤثر على الأحداث لاحقاً، يتعلق بموقف الولايات المتحدة التي لا تعرف ما الذي تريده إسرائيل ؟ فهل يفكر نتنياهو في جر الإدارة الأميركية لمعركة مباشرة ضد إيران على خلفية التصعيد الإقليمي، حتى قبل انتخابات الرئاسة الأميركية في تشرين الثاني؟

حزب الله التحدي الاكبر لاسرائيل

من جهتها أشارت صحيفة «فورين بوليسي» الأميركية، ان حزب الله يشكل اكبر تحد لاسرائيل، واعتبرت انه إذا اتسع نطاق الصراع، فإن ترسانة حزب الله الصاروخية الضخمة وقواته العسكرية المخضرمة ستشكل تهديداً كبيراً لإسرائيل، ومن المرجح أن يكون الاضطراب أكبر بكثير مما شهدته إسرائيل منذ عقود، حتى بما في ذلك هجوم 7 تشرين أول الماضي. وبراي الصحيفة فان حزب الله  هو أحد أكثر الجماعات غير الحكومية تسليحاً في العالم، ويشكل تهديداً جوياً أكثر خطورة على إسرائيل من حماس، ويمتلك ترسانة أكبر كثيراً تتراوح بين 120 ألفاً و200 ألف صاروخ وقذيفة، كما يمتلك صواريخ باليستية قصيرة ومتوسطة المدى الأكثر فتكاً والأكثر خطورة وهي صواريخ فاتح 110. وإضافةً إلى ترسانة الصواريخ والقذائف الهائلة هذه، «يمتلك حزب الله بعضاً من أكثر المقاتلين مهارةً في الشرق الأوسط».

 الضغوط الغربية

وفيما بعث وزير الخارجية الاميركي انتوني بلينكن عبر قطر رسالة إلى إيران وحزب الله بعدم الرد على إغتيال هنية،  وشكر ،جال وزير الخارجية البريطانية ديفيد لامي ووزير الدفاع جون هيلي على المسؤولين اللبنانيين. اولى محطاتهما المحلية كانت في قصر بسترس حيث استقبلهما وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الاعمال عبدالله بوحبيب، حيث أعرب وزير الخارجية البريطاني عن شكوكه في امكان التوصل الى اتفاق لوقف اطلاق النار في غزة، واعرب عن قلقه من أن يؤدي سوء حسابات الأطراف كافة الى جرّ المنطقة لمزيد من التصعيد. وفي مقر الرئاسة الثانية في عين التينة، التقى رئيس المجلس النيابي نبيه بري، الوزيرين. وجدد بري التأكيد «أن لبنان لا يريد الحرب ، لكنه في نفس الوقت مستعد للدفاع عن نفسه.بعدها، زار الوفد السراي حيث التقى رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي. 

لا اجوبة «انتظروا نصرالله»...

ووفقا لمصادر مطلعة، فان الوفد البريطاني الذي جال على المسؤولين اللبنانيين خرج خالي الوفاض وقيل له في القصر الحكومي والخارجية صراحة لا نملك اجوبة «انتظروا كلمة نصرالله» كما ننتظرها. وكانت السفيرة الاميركية طلبت نقل «رسالة» الى حزب الله بان يكون الرد متناسبا «ومعقول» ولم تتردد في التهديد بان بلادها لا يمكنها التكهن والسيطرة على رد الفعل الاسرائيلي اذا كان رد حزب الله واسع وغير محدود. لكنها وفقا للمصادر عينها لم تتلق اي اجابة على «رسالتها» وقيل لها صراحة ان «الكرة» في ملعب اسرائيل التي تتحمل مسؤولية التصعيد ولن يقبل حزب الله بالمساومة على حجم الرد.

شكوى دبلوماسية

دبلوماسيا، تقدمت وزارة الخارجية بشكوى أمام مجلس الأمن الدولي وأمام الأمين العام للأمم المتحدة عبر بعثتها الدائمة في نيويورك، طالبت بموجبها الدول الأعضاء في مجلس الأمن «إدانة الاعتداءات الإسرائيلية السيبرانية ، وهي بصدد تقديم شكوى إلى مجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة، بشأن عدوان إسرائيل الأخير على ضاحية بيروت الجنوبية.

دعوات للمغادرة

وفيما لا تزال حركة الطيران تتاثر بالغاء الشركات رحلاتها الى بيروت، طلبت أستراليا من مواطنيها في لبنان المغادرة على الفور، قائلة إن هناك خطرًا حقيقيًا من تصاعد حدة التوتر على نحو خطير بين إسرائيل وجماعة حزب الله المسلحة. من جهتها ، نصحت فرنسا مواطنيها بعدم السفر إلى إسرائيل والأراضي الفلسطينية ولبنان، وسط مخاوف من تصعيد حاد في الشرق الأوسط. كما دعت الهند رعاياها الى مغادرة لبنان.

الأكثر قراءة

نصر الله: رأسكَ يا نتنياهو