اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


رأى الأمين العام لجمعية مصارف لبنان الدكتور فادي خلف أن "السياسات الجديدة التي اعتمدها مصرف لبنان تشير إلى تبدّل واضح في طريقة تعاطيه مع الأزمة المالية"، واعتبرها "خطوات تعكس رغبته في تحقيق استقرار نقدي ومالي على قدر المستطاع، يستفيد منه المودعون بشكل خاص، ويساعد في مواجهة التحديات القائمة حالياً"، مشيراً إلى أن "هذه الإجراءات تبقى خطوة في الاتجاه الصحيح، ما دامت أخذت بالاعتبار مصلحة المودعين من جهة، واستمرارية القطاع المصرفي من جهة أخرى".

كلام خلف جاء في افتتاحية التقرير الشهري الأخير لجمعية مصارف لبنان بعنوان "مصرف لبنان: خطوة في الاتجاه الصحيح"، وهنا نصّها: "في ظل الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي تعصف بلبنان، أصدر مصرف لبنان تعميماً يهدف إلى تسديد ثلاث دفعات في شهر تشرين الأول 2024 للمستفيدين من التعميمين 158 و166. هذه الخطوة جاءت في سياق الظروف الاستثنائية التي فرضتها الحرب الراهنة على لبنان، وهي مبادرة تعدّل في مسار سياسة المصرف المركزي في معالجة أزمة السيولة التي يعاني منها المودعون منذ سنوات.

أحد أبرز التغييرات التي طرأت على سياسة مصرف لبنان هو اعتماده على ضخ الدولار النقدي في السوق عبر المودعين بدلاً من الاعتماد على الصرافين وأسواق القطع. هذه الخطوة ليست مجرد إجراء تقني بل هي تغيير جذري في السياسة النقدية، وتعكس إدراكاً بأن ضخّ الدولار عبر المودعين يسهم في إعادة الأموال إلى أصحابها بدلاً من أن تُستنزف عبر التدخل المباشر في سوق القطع أو تُبدّد عبر سياسات دعم لم يرَ منها المواطن إلا القليل القليل. هذه السياسة، إذا ما استمرت، يمكن أن تؤسّس لحل أولي للودائع، وتحدّ من الضغوط على سعر الصرف في آن معاً.

تساؤلات حول مستقبل هذه السياسة

من الطبيعي أن يتطلّع المودعون إلى معرفة ما إذا كان يمكن متابعة هذه الخطوة التي لقيت استحساناً واسعاً. ويبقى السؤال الأساسي: ما الذي يُخطّط له مصرف لبنان في هذا الشأن، خاصة إذا استمرت الحرب لفترة أطول؟ القرار يبقى طبعاً في عهدة المركزي لينظر في إمكان الاستمرار في هذه السياسة وإيجاد الحلول التي تخفّف من وطأة الأزمة المعيشية على المودعين.

ماذا عن الإمكانات المتاحة لمصرف لبنان؟

إيداعات المصارف لدى مصرف لبنان بالدولار حوالى 80 مليار دولار.

حسابات المودعين بالدولار لدى المصارف (باستثناء الودائع الجديدة) حوالى 87 مليار دولار.

التوظيفات الإلزامية لدى مصرف لبنان 14% من مجموع 87 مليار دولار، أي حوالى 12.2 مليار دولار.

ميزانية مصرف لبنان تُبَيِّنْ أنه يوجد منها حوالى 10.3 مليار دولار.

أي أن مصرف لبنان ما زال عليه أن يعيد تكوين هذه التوظيفات بما لا يقل عن 1.9 مليار دولار. وهذا ممكن، ما  دامت احتياطات مصرف لبنان مودعة لدى المصارف المراسلة في الخارج ويتقاضى عليها الفوائد.

هذا لا ينفي أيضاً وجوب إعادة مصرف لبنان تكوين الـ 67.8 مليار دولار الباقية (80.0 - 12.2) المودعة لديه لمصلحة المصارف، خارج التوظيفات الإلزامية، وذلك بصورة تدريجية.

لقد أثبت مصرف لبنان في الآونة الأخيرة أنه قادر على إعادة تكوين التوظيفات الإلزامية ودفع الأشهر الإضافية منها للمودعين في آنٍ معاً. بالتالي، إذا تابع مصرف لبنان سياسته الصائبة الحالية، يمكنه أن يساهم بشكل كبير في تسديد الدفعات الإضافية للمودعين من جهة، ويساعد في استمرار ثبات سعر الصرف من جهة أخرى. هذا بالإضافة إلى تقليص التزاماته تجاه المصارف بشكل تدريجي.

هذه السياسات الجديدة التي اعتمدها مصرف لبنان تشير إلى تبدّل واضح في طريقة تعاطيه مع الأزمة المالية. إنها خطوات تعكس رغبته في تحقيق استقرار نقدي ومالي على قدر المستطاع، يستفيد منه المودعون بشكل خاص، ويساعد في مواجهة التحديات القائمة حالياً. وفي النهاية، تبقى هذه الإجراءات خطوة في الاتجاه الصحيح، ما دامت أخذت بالاعتبار مصلحة المودعين من جهة، واستمرارية القطاع المصرفي من جهة أخرى".