اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

شرف المحامي ان يتوفى وهو يترافع امام قوس المحكمة، ويدافع عن الحق والعدالة، او في مكتبه وهو يكتب لائحة او مذكرة. ولكن ما يوازي هذا الشرف ايضاً، ان يستشهد المحامي الإنسان، وهو صامد في ارضه بوجه العدو الذي يضرب جميع المواثيق الدولية، ويعتدي على الحجر والبشر بأبشع انواع وادوات الاسلحة المتطورة. والدول والمجتمع الدولي والمنظمات الدولية والمحلية تتصرف وكأن الامر طبيعي او ان ما يحصل لا يعنيها، او انها في صلب تحالف الارواح الشريرة، غير عالمين بأن الميثة الاولى Mythe في فكرنا اللبناني، هي ميثة طائر الفينيق الذي يُحرق ويصبح رماداً، ثم يعود وينهض بعنفوان ويقوم من رماده.

الزميل المحامي المرحوم نديم قدوح، إبن الجنوب الحبيب، رفض ترك ارضه ومنزله في الجنوب، وبقي صامداً فيه. ففي عهد الطفولة فيه «عالشمس طلينا، ومن غبرة حفافيك اجيال ربينا..." كما يقول وديع الصافي. لا انسى يوم كنت مرشحاً لمنصب نقيب، واقامت لي المحامية العزيزة نسرين حمزة لقاء في بلدة زفتا، حيث استشهد الزميل المرحوم نديم، قال لي بكل ثقة، وهو يبتسم بابتسامته الرقيقة التي عرف بها: سوف اؤيدك مهما كان القرار. وبقيت عبارته المحببة والجريئة والصادقة راسخة في عقلي وفي قلبي.

الزميل الشهيد نديم كان صادقاً، ودوداً، مندفعاً في تحقيق رسالة الحق والعدالة. وكان محباً لزملائه الذين يشهدون على ذلك، ومحباً لأهله ولأصدقائه ولأبناء بيئته. وبقي صامداً في الجنوب فاستحق الشهادة.

غداً، سيعود الجميع الى منازلهم ومكاتبهم بإذن الله، وسنعود الى قصور العدل، لندافع عن اصحاب الحقوق والمظلومين، ولن يكون الزميل الحبيب نديم بيننا بالجسد، انما سوف يكون حاضراً بمحبته ووداده ومبادئه الثابتة، يشجعنا من فوق على متابعة رسالتنا السامية.

رحمه الله

نقيب المحامين السابق في بيروت

الأكثر قراءة

من الكهوف الى الملاهي الليلية