اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

  ما الذي يمنع بنيامين نتنياهو أن يفكر مثلما فكّر هولاكو، وهو «الخان» الأعظم، أو مثلما فكّر أدولف هتلر، وقد ترعرع على موسيقى ريتشارد فاغنر، وعلى فلسفة فريديريك نيتشه؟ انه «الحاخام» الأعظم الآتي للتو من أقاصي «التوراة»، وحيث رقصة الأنبياء بين جاذبية الدم وجاذبية النار... 

قد يكون أعظم من «الخان الأعظم»، ومن زعيم الرايخ الثالث. «اليهود» في العالم كل شيء، والعرب (والمسلمون) في العالم لا شيء. الايرانيون الذين دوت صرخاتهم في أرجاء الدنيا بازالة «اسرائيل» من هذا العالم، وربما من العالم الآخر، يدقون كل الأبواب لكي تكون الضربة محدودة ولا تزعزع النظام. الأتراك الذين بنوا قصراً للخليفة يفوق قصر يلدز في البذخ والأبهة، يختبئون وراء ذلك اللوح الزجاجي الذي يدعى رجب طيب اردوغان.

«الحاخام» الأكبر يسحاق يوسف يفاخر بأن «رب الجنود» يقاتل الى جانب جنوده، ما دام الاله الأميركي (اله الكرة الأرضية) الى جانبه. المفكر التونسي عبد الوهاب المؤدب الذي وضع «داء الاسلام» وكتباً أخرى أحدثت دوياً، قال «اذا ظهر نبي في زمننا، فسيكون بسروال الجينز، وبدلاً من أن يدعو الى الصلاة، يدعو الى تناول أطباق الهوت دوغ في مطاعم ماكدونالدز» !

قد يقال، بل يقال فعلاً، انه خطأ في التوقيت ويرقى الى مرتبة الخطيئة. خطأ في التوقيت؟ أي توقيت ذاك الذي يمكن أن نراهن عليه، اذا كنا قد آثرنا الاقامة (السعيدة) على تخوم الغيب (الغيبوبة الأبدية)، أو على أبواب ألف ليلة وليلة، ولو باتت شهرزاد تمشي على عكاز خشبي؟

أي منطق أن يختزل كل تاريخ المسلمين وكل تاريخ العرب، بالمساجد التي تغص بالمؤمنين وباللحى، التي تعود الى زمن أبي العتاهية، بما يتفوه به جو بايدن، أو بما يتفوه به دونالد ترامب؟ هنا، في جنوب لبنان رجال يقاتلون قتال الجبابرة للدفاع عن ترابهم، بعدما تحول تراب المسلمين وتراب العرب، الى موطئ قدم لكل آلهة، ولكل أباطرة، ولكل صعاليك القرن...

ألا يتصرف نتنياهو كما لو أنه لا يجر وراءه جو بايدن فقط أو فلاديمير بوتين فقط، أو شي جين بينغ فقط. انه يجر كل ملوك وكل رؤساء الأرض. 

بعد غياب السيد حسن نصرالله (ويا له من غياب!) لم نعد نثق بأحد. الحلفاء قبل الأعداء. ذاك الغياب الذي هو غيابنا. لكن مَن ساروا على خطاه يشعرون أن صوته لا يزال يهز الدنيا، وهم بقتالهم البطولي يهزون الدنيا، حتى ليكاد هرتسي هاليفي يسأل اذا «كنا نقاتل حقاً كائنات بشرية»؟

هم يعترفون بالعدد الهائل من المصابين يومياً. من يصدق أن ذلك يحدث في مواجهة الأرمادا «الاسرائيلية» (اسبارطة القرن). صدمة في الدولة العبرية، كما لو أن ايهود باراك لم يحذرهم المرة تلو المرة، من «جهنم الذي هناك»؟ في هذه الحال، نتنياهو الى أين؟

لبنان وحيداً. لم يعد خفياً أن ثمة خطوطاً مفتوحة بين لبنانيين في واشنطن وكل من بيروت و»تل أبيب». «الآن دوركم لتضربوا حزب الله من الخلف». هنا الضربة الكبرى، الفجيعة الكبرى، دون أي اعتبار لذلك الاحتضان الرائع للنازحين. احتضان الأهل للأهل من كل المناطق ومن كل الطوائف. الصدور المشرعة ومن الجميع أياً كانت انتماءاتهم الحزبية أو السياسية.

ندرك أي تداعيات يمكن أن يحدثها انتشار مئات آلاف النازحين  في المناطق الآمنة، حتى في «اسرائيل» يتخوفون من انفجار داخلي. ولكن هناك الدولة لا اللادولة كما في حالتنا، حيث تفتح أبواب الهواء أمام دعاة التفرقة، وفي ظروف تبدو المنطقة كلها على فوهة البركان.

سباق سيزيفي بين ما يجري فوق السطح وتحت السطح، وبعدما تبيّن أن أحداً لا يعرف ما يجول في رأس نتياهو الذي سبق وخدع حتى الأميركيين، لننتظر أي ضربة سيوجهها الى ايران. على الرأس أم على الخاصرة؟

هوذا لبنان، وحتى لبنان العتابا والميجانا، أكان اريكة القمر أم أريكة الآلهة. لبنان الذي يتجلىّ بكل بهائه  على أرض الجنوب، لن يسقط ما دامت المقاومة لن تسقط. أيها السيد نتنياهو وأنت «الحاخام» الأعظم، مثلما فكرت بجنون هولاكو وبجنون هتلر، حاول أن تفكر بنهاية «الخان» الأعظم، وبنهاية الفوهرر. ثمة ستالينغراد أخرى في جنوب لبنان...

الأكثر قراءة

أجواء سلبيّة تحيط بمفاوضات وقف النار في لبنان وغزة نتنياهو يتحدّث عن حرب وجود طويلة وقاسية المقاومة تفرض إيقاعها في الميدان