اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


نقيب المحامين السابق في بيروت

يعتبر المحامي الياس كسبار من اكثر المحامين الذين واكبوا معالي النقيب أدمون كسبار، وتشبع من علمه وحكمته وخبرته.

وبناء على طلبي كتب عدة طرائف. يقول:

الاجتهاد المستمر

كان المرحوم النقيب ادمون كسبار يروي القصة التالية:

كنت في مصر لحضور مؤتمر المحامين العرب، ذهبت قبل الظهر الى محكمة التمييز فاستوقفتني مرافعة من محام شاب يقول فيها: انا اعرف، ايها السادة، ان الاجتهاد حول المسألة المطروحة هو مستقر ومستمر، ولكنني اريد ان الفتكم الى ان هذا الاجتهاد بدأ مع حكم بدائي اعتمد الحل دون اي تعليل، فجاء حكم لاحق يعطف عليه، ثم اخذت بالحل محكمة الاستئناف ومن بعدها محكمة النقض لذلك، اريد منكم وبالحاح اذا اردتم الاخذ بهذا الاجتهاد ان تعللوا حكمكم لنرى ما هو سبب ومبرر الحل الذي اعتمده الاجتهاد.

تأجلت الدعوى للحكم مدة ثلاثة ايام.

في مساء يوم الحكم، صودف انني كنت مدعوا الى عشاء وقد جلس بقربي رئيس محكمة التمييز، فسألته عما اذا كان الحكم قد صدر وما هي نتيجته. فاجابني ضاحكاً: لقد ردينا الدعوى للاجتهاد المستمر.

أما المرحوم الاستاذ عبدالله لحود، فكان يقول لي:

يصدر قانون وتطرح مسألة نزاعية يقوم محام غير متمرس ما فيه الكفاية باجراء دراسة يصدر على اثرها قاض غير متمرس ايضا حكمه. ويأتي قاض آخر ليتبنى ذات الحل، وبعدها يصبح الاجتهاد مستمرا مستقرا ويصبح من الصعب عليك ان تغير مساره مهما اتيت به من ابحاث.

* * *

ويضيف المحامي الياس كسبار

لحظة تنفيذ الاعدام

صباح تنفيذ حكم الاعدام بأحد ملوك انكلترا، وكان البرد قارساً طلب الملك قميصا اضافيا لانه لا يريد ان يظهر مرتجفاً فيعتقد اعداؤه انه يرتعد من الخوف.

اما بيار لافال، رئيس وزراء فرنسا في ظل حكومة فيشي، فقد حاول الانتحار صباح اليوم المقرر لاعدامه. واجريت له على الفور /17/ سبعة عشر عملية غسيل معدة لاخراج السم من جسده، ورغم انه كان منهارا فقد اقتيد الى الباحة لتنفيذ حكم الاعدام به وعندما اعطوه كرسيا ليجلس عليه رفض قائلا:

Un president de conseil de france meurt debout.

ما معناه: ان رئيس وزراء فرنسا يموت واقفا.

تولى المحامي الفرنسي الكبير مورو- جيافيري الدفاع عن "لاندرو" وهو من اشهر المجرمين الفرنسيين الذين اتهموا باغراء النساء واستدراجهن الى فيلا خارج باريس حيث كان يغتصبهن ومن ثم يقتلهن ويرميهن في المدفأة، فلا يعود يظهر لهن اي اثر، وقد بلغ عدد ضحاياه /24/ امرأة. ورغم براعة مورو وتشديده على عدم وجود جرم لعدم وجود جثة، فقد حكم على لاندرو بالاعدام لوجود ادلة اخرى دامغة بحقه.

صباح يوم تنفيذ حكم الاعدام، اقترب مورو من لاندرو وهمس في اذنه:

استحلفك بالله ان تقول لي الحقيقة وما اذا كنت فعلا ارتكبت هذه الجرائم، لانني حتى الان غير مقتنع كليا ببراءتك او بادانتك.

فاجابه لاندرو:

يا استاذ، هذا سري الذي سيدفن معي ويرافقني في الابدية.

** *

وكالة للمحامي

احد كبار المجرمين في فرنسا اوكل امر الدفاع عنه الى احد المحامين الشباب الذي عرف عنه انه جاهل ومغرور وعندما التقى هذا المحامي الشاب المحرر القضائي الشهير جيو لندن، بادره بالقول:

هل علمت انني اصبحت وكيل فلان وسأترافع عنه.

فأجابه لاندرو:

اذا صح الامر، يكون فلان (اي المجرم الكبير) قد ارتكب جريمة اقسى من كل جرائمه السابقة وهي محاولة الانتحار.

كان احد المحامين يترافع عن موكله، قائلاً:"ان هذا المتهم هو من خيرة الناس واكثرهم نزاهة وارفعهم اخلاقاً..." فقاطعه موكله وصاح في وجهه: هل ادفع لك اتعابك لكي تتعمد اهانتي امام المحكمة.

* * *

ويضيف المحامي كسبار

رئيس المحكمة

كان احد القضاة المنفردين الجزائيين في فرنسا مشهوراً بأمرين:

تذمره من المرافعات وبخاصة الطويلة منها.

اصدار الحكم فور انتهاء المرافعة. والحكم كان شبه معروف: ستة الاف فرنك فرنسي غرامة.

مرة وقف احد المحامين امامه للبدء بالمرافعة وقال:

ساتناول في مرافعتي الوقائع اولا، والظروف المحيطة بالجرم ثانيا، والبحث في القانون ثالثا، ثم انتهي بالمطالب.

قاطعه الرئيس: يا استاذ، ابدأ بفقرة المطالب.

ومرة ثانية، كان احد المحامين يترافع، وفي عز مرافعته اضطر للتوقف لحظة لمسح العرق عن جبينه، فاخذ القاضي الكلام فورا وقال: حكمت المحكمة على المتهم بالسجن لمدة شهر وبغرامة ستة الاف فرنك.

ومرة ثالثة، كان احد المحامين يتهيأ للمرافعة، فقال له الرئيس:

"ارجو ان تكون مختصرة" فبادره المحامي "الشفقة والرحمة" وجلس: فوجئ الرئيس وقال "براءة" وقد انتشر خبر هذه الحادثة في فرنسا وقيل في ذلك: "انه المحامي الوحيد الذي بلف هذا القاضي.

* * *

من اجمل ما قيل في مرافعات النائب العام ما قاله القاضي راجي الراعي في مرافعة تتناول جريمة بشعة هزت الرأي العام:

"هذه الجريمة يقشعر لها بدن الجرائم".

* * *

ويضيف المحامي كسبار

لو لم يصدر الحكم بالبراءة

كان النائب والوزير السابق المغفور له المحامي بهيج تقي الدين يروي هذه القصة:

اثناء فترة تدرجي في مكتب المرحوم حبيب ابو شهلا، توكلنا عن احد المتهمين امام محكمة جنايات طرابلس، وتابعت انا المحاكمات، الا ان الاستاذ ابو شهلا اراد المرافعة شخصيا في القضية مع انه لم يكن يعرف التفاصيل ولا هو تابعها. ذهبنا الى طرابلس صباح يوم المرافعة في سيارته، وعلى الطريق شرحت له التفاصيل وبخاصة ما جاء في التحقيقات، وترافع في القضية، وختم بالتالي: لقد حصلت في فرنسا قضية مشابهة تماما (رواها المرحوم ابو شهلا امام المحكمة) وقضت محكمة جنايات باريس بالبراءة. وصدرت الصحف في اليوم الثاني تقول:ماذا كانت حالة القضاء في فرنسا لو لم يصدر الحكم بالبراءة؟...واضاف ابو شهلا: ايها السادة هل ستتحملون وزر تجريم المتهم في هذه القضية؟.

وفي طريق العودة، يتابع المرحوم بهيج تقي الدين، سألت الاستاذ ابو شهلا: اية قضية كنت تشير اليها، واين قرأتها" فأجابني: يا بني، هذه القضية لم تحصل، ولكن لن يتجرأ اي قاض على مناقشتي في الموضوع، عليك ان تتعلم امراً: ان المحامي الكبير كالقاضي الكبير، لا يناقشه احد فيما يقوله.

ويختم تقي الدين: لقد تعلمت هذا الدرس منه، وانا الآن في موقعه.

* * *

ويختم المحامي الياس كسبار:

أجمل ما قيل:

اجمل ما قاله المحامي الفرنسي الكبير"ALBERT NAUS" وهو احد اشهر المحامين الفرنسيين حاليا، عن المحامي الفرنسي الشهير في الاربعينات والخمسينات مورو – جيافيري: IL ETAIT

L’ENFANT TERRIBLE DU PALAIS

وليس اجمل من هذا الوصف اطلقته انا شخصيا على معلمي ووالدي بالروح المرحوم النقيب ادمون كسبار.

واجمل ما قرأت لسعيد تقي الدين:

"ليس من الضروري ان تضع على باب قفص الاسد لافتة ممنوع الدخول"

واجمل ما نقل النقيب ادمون كسبار عن والده الشيخ الياس كسبار قوله:

تربح الدعوى في حالات ثلاث:

إما لان الدعوى يجب ان تربح، كوجود سند دين غير مطعون فيه.

إما من براعة المحامي.

وإما من خطأ القاضي.

ومن اجمل ما قاله المرحوم النقيب ميشال عقل عن الاحكام القضائية:

"بعض الاحكام يصدرها القضاء، وبعضها الآخر يصدرها القضاء..والقدر".