اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

سامي سماحة

شعرة الفصل بين معركة الوصول الى السماء ومعركة الوصول الى تحرير الأرض والناس انقطعت حين صار مصير الامة بميزان الموت والحياة، شعرة الفصل بين معركة انتصار الفكرة وتحرير الأرض انقطعت حين تهددت الأرض بطوفان الحرب، فأين تعيش الفكرة حين تذهب الأرض ويندثر الناس، وما نفع النضال من أجل السماء حين نخسر الأرض، ألم يقل أنطون سعادة: اقتتالنا على السماء أفقدنا الأرض .

خلافنا على السماء أفقدنا الهوية القومية، أفقدنا وحدة الاتجاه ووحدة العمل فأصبحنا امة تقاتل من أجل بقائها على قيد الحياة وهي أشلاء طوائف ومذاهب تزعم الشرْكة وتسعى الى الفرقة .

خلافنا على السماء أورثنا خلافنا على الأرض ودفعنا الى ان نقيم علاقة بين الأرض والسماء من أجل الدخول الى المقلب الثاني على متن الفوز بجنات تجري من تحتها الأنهار، ومن أجل ضمان التمايز والخصوصية المختلفة عن الآخر ارتضت الطوائف والمذاهب التبعية وأصرت على نقاط الخلاف التي أسست للخلاف على الوطن والأمة وتحديد الأصدقاء والأعداء .

خلافنا مع اليهود قبل ان يكون خلافا بالنظرة الى الحياة والكون والعلاقة مع التاريخ وحوادثه هو خلاف عقائدي على الأرض والوطن، والخلاف على الوطن يتقدم الخلاف على النظرة الى الحياة لأن الوطن هو المكان الحاضن للنظرة .

لقد أكدت جميع المؤتمرات التي عقدها اليهود الصهاينة وفي طليعتها مؤتمر بال على المعركة العقائدية أي معركة الأمة والوطن ولم تواجه هذا المؤتمرات بمؤتمرات على مستوى الامة والوطن وترتقي بمشروعها الى مستوى انشاء الخطة القومية والوطنية واكتفت بأفعال تقوم على أساس الدين مما أدخل أزمة كبيرة في الامة خاصة بعد ان قرر البابا ان يجمع التوراة والانجيل في كتاب واحد هو الكتاب المقدس، فأجبر المسيحيين على الموافقة على هلوسات التوراة الوحشية والشيطانية، وزرع خازوق خلاف في الامة يقوم على موقف من السماء .

وحده أنطون سعادة قرأ ورأى وأسس مشروع نهوض للأمة هو الحزب السوري القومي وجعل من مبادئه المبدأ الإصلاحي الخامس: إعداد جيش قوي يكون ذا قيمة فعلية في تقرير مصير الأمة والوطن .

لم يُكتب للحزب السوري القومي الاجتماعي حتى الساعة الانتصار في المجتمع ليجعل كما قال فلسطين في عقيدة الأمة السورية، ولم تنتظره الأمة ولا المعركة، ولم يدعه العرب والغرب واليهود يعمل لانتصار الحزب فحاكوا له المؤامرات قبل ان يسافر الى الخارج ولاحقوه هناك. وعندما عاد رغما عنهم كمنوا له بما يملكون من تفوق في اختراق فئات من شعبنا ومن حيثيات كثيرة وكبيرة في العالم.

استشهد سعادة وتوقف العمل بانشاء الجيش القوي وبدأ المشروع القومي بالترنح والتراجع لحساب مشروع العروبة المزيفة وحركات المقاومة الدينية والمذهبية والكيانية وتحولت القضية الفلسطينية من قضية قومية الى قضية كيانية وأقرّ العرب بأن منظمة التحرير هي الناطق الرسمي والممثل الشرعي ووافق على هذا المشروع الأحزاب القومية فكان الخازوق الثاني الذي أوصلنا الى هذا المأزق الكبير.

لأن معركة التحرير لا تقبل الفراغ، ملأ الفراغ الاتجاهات الإسلامية المقاومة وكانت البداية حركة التحرر الوطني الفلسطيني "فتج" التي كانت نواتها مجموعة من الإخوان المسلمين في طليعتهم ياسر عرفات وخليل الوزير ومع حركة التحرر الوطني الفلسطيني اختلط حابل الأسلمة بنابل القومية لكنه سجل تقدما للمقاومة المتأسلمة على المقاومة الوطنية والقومية وبدأت نغمة قيام الدولتين التي أوصلت ياسر عرفات الى رام الله ومن ثم محاصرته بمعركة عسكرية واغتياله بالسم .

بالأمس عندما سعى العالم الغربي الى القضاء على مؤسسات الدولة الواحدة في الشام تحت شعار الأسلمة، جاء المسلمون الى دمشق من كل العالم العربي ومن كل العالم، وأنشؤوا التنظيمات والجمعيات والأحزاب الإسلامية، ومارسوا أقسى أنواع الهمجية والتخلف وأبدعوا في فنون القتل والقتال والتضحية بالنفس، وأظهروا الى العلن حالة من التخلف كانت الغاية منها ارجاع الشام الى عصور ما قبل المحمدية وأبدعوا في ابتكار فنون الترغيب بحريات الجنة وأنهار اللبن والعسل، جاء الى الشام من كل الأمم في العالم،  حتى ان بعض الفلسطينيين تخلوا عن تحرير فلسطين وجاؤوا الى دمشق لتحريرها من الدولة الواجدة. وانشاء الدويلات الطائفية والمذهبية. لماذا لم نر هؤلاء يأتون الى فلسطين ولبنان والمشاركة في معركة طوفان الأقصى من العدو اليهودي الصهيوني ؟ وهل القضاء على فكرة الدولة في الشام أهم من تحرير المسجد الأقصى وتحرير كامل فلسطين من العدو؟ 

كيف استطاع بعض العرب وهذا الغرب وهذه الولايات المتحدة استنفار المسلمين للقتال في الشام، ولم يستطع الاخوان المسلمون وحزب الله في لبنان استنفار المسلمين في العالم للمشاركة في رد العدوان ووقف حرب الإبادة على غزة ولبنان؟ 

هنا تظهر العلامة الفارقة بين المعركة القومية والمعارك الدينية والطائفية.

جاء ت عملية طوفان الأقصى ومن ثم عملية الاسناد من لبنان لتؤكدا قومية المعركة، فالقتال من أجل تحرير الوطن واسترجاع الأرض عمل قومي بامتياز.

الفعل قومي، الوقائع قومية، المعركة قومية، والخطاب إسلامي، وهذا دلالة على ان الوقائع تقدمت على الخطاب الفكري والسياسي القومي، وهذا ما ساعد على تعميم مشروع المقاومة الدينية التي أحيت مشاريع الطوائف في البلد وفسحت المجال لتطوير عمليات الاختراق لهذه الطوائف والمذاهب.

السؤال: من يعيد الخطاب القومي الى المعركة القومية؟ وهل تحمل التنظيمات القومية أهلية إحياء خطاب أنطون سعادة القومي ؟

الأكثر قراءة

الجيش السوري يستعد لهجوم مضاد والطيران الروسي والسوري يقصف التكفيريين وزير الخارجية الإيراني يزور تركيا غدًا وروسيا ترفض اهتزاز الوضع في سوريا