اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

أنجز إتفاق وقف إطلاق النار بين حزب الله و"إسرائيل" في 27 تشرين الثاني الفائت بوساطة المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين، غير أنّ هذا الإتفاق لم يتم الإلتزام به من قبل "إسرائيل" منذ الساعة الأولى لدخوله حيّز التنفيذ. وبدا هشّاً بعد أن بلغت الخروقات "الإسرائيلية" أكثر من 54 في الأيام الأولى، بحسب إحصاءات الدولة اللبنانية، ومن بينها تحذير سكّان 70 بلدة جنوبية من العودة الى قراهم، قبل أن تتدخّل الولايات المتحدة الأميركية وتُمارس الضغوطات على "إسرائيل" لمنعها من تنفيذ تهديداتها بضرب بيروت، وعدم التمييز بين لبنان وحزب الله إذا ما انهار الإتفاق.

وفي الوقت الذي لم يُنفّذ "وقف الأعمال العدائية بين الجانبين" على ما يجب، بحجّة أنّ "آلية" المراقبة لم تشكّل بعد، في حين تدخّل هوكشتاين لمنع نسف الإتفاق برمّته من قبل "الإسرائيلي"، تلحظ أوساط ديبلوماسية مطّلعة أنّ اتفاق وقف النار، لم يأتِ على ذكر انسحاب القوّات "الإسرائيلية" من الأراضي اللبنانية المحتلّة بما فيها مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء الشمالي من بلدة الغجر، والنخيلة وسواها، إنّما اكتفى بطلب انسحابها من الأراضي التي دخلت اليها خلال عدوانها الأخير على لبنان، ولا سيما من القرى الحدودية. وإذ ذكر المعنيون بالإتفاق أنّه يتضمّن "آلية تقنية" لتنفيذ القرار 1701، غير أنّ الإتفاق لم ينصّ على كيفية إيجاد الحلّ الملائم لمزارع شبعا التي ذكرها القرار المذكور في البندين 7 و10، إذ نصّ على إيجاد حلّ طويل الأمد للنزاع، وعلى ترسيم الحدود الدولية للبنان ولا سيما في المناطق حيث الحدود متنازع عليها، بما في ذلك الاهتمام بقضية مزارع شبعا.

فالإبقاء على القوّات "الإسرائيلية" في الأراضي اللبنانية التي احتلّتها سابقاً ولا تعتبرها من ضمن مساحة لبنان (بهدف السيطرة عليها، وضمّها الى ما تُسمّيه "دولة إسرائيل")، على ما تلفت الاوساط، خلافاً للواقع ولما تنصّ عليه الإتفاقيات والمعاهدات والمعقودة، والخرائط المودعة لدى الأمم المتحدة، وانسحابها فقط من القرى الحدودية التي توغّلت اليها خلال الشهرين الأخيرين من الحرب، ولاحقاً ربّما من النقاط السبع المتبقية من الـ 13 نقطة المتنازع عليها عند الخط الأزرق، تنفيذاً لما ينصّ عليه اتفاق وقف النار، لا يعني أنّ "إسرائيل" تريد حلّاً طويل الأمد.

وهذه الأراضي اللبنانية التي احتلّتها "إسرائيل" على مراحل أو انسحبت من بعضها لتعود فتحتلّها، على ما أوضحت الاوساط، ليست بحاجة الى مراسيم أو وثائق لإثبات لبنانيتها، لأنّها موضوعة بكاملها ضمن الحدود اللبنانية الدولية منذ اتفاقية "بوليه - نيو كومب" في العام 1923، وصولاً الى "اتفاقية الهدنة" في العام 1949. ولهذا لا تحتاج الدولة اللبنانية الى تبرير لبنانيتها، أو الطلب من أي دولة الإعتراف بلبنانيتها. ولهذا ليس على الدولة اللبنانية، سوى القيام بجهود ديبلوماسية للتأكيد على هذا الأمر، وعلى إدراجه في كلّ إتفاقية تُعقد بينها وبين "إسرائيل" بطريقة غير مباشرة، لكي تنسحب منها هذه الأخيرة.

أمّا اليوم، ومع طلب الإتفاق من القوّت "الإسرائيلية" الإنسحاب فقط من القرى الحدودية، التي دخلت اليها منذ فترة قصيرة جدّاً، وحلّ النقاط المتنازع عليها المتبقية على طول الخط الأزرق، بما يتفق مع القرار 1701، فهذا يعني، وفق الأوساط نفسها، أنّ معالجة قضية مزارع شبعا ستؤجّل الى مرحلة لاحقة، لا أحد يدري كم تدوم بعد. وهو أمر من شأنه إبقاء النزاع قائماً مع العدو، ما دامت قوّاته تحتلّ أراضٍ لبنانية، يملك أصحابها اللبنانيين أوراق ملكية منازلهم وأرزاقهم فيها. في الوقت الذي كان يجب أن يقوم الأمين العام للأمم المتحدة آنذاك، بتقديم المقترحات حول قضية النقاط المتنازع عليها ومزارع شبعا خلال 30 يوماً من صدور القرار 1701. علماً بأنّه صدر في 11 آب من العام 2006، ولم يقم أي أمين عام، سابق أو لاحق، بتقديم أي مقترح بشأنها حتى الساعة.

من هنا، تجد الأوساط الديبلوماسية أن قضية المزارع والتلال والغجر والنخيلة وسواها، لا بدّ وأن تُبحث في أي إتفاقية لترسيم أو تثبيت الحدود البريّة بين لبنان و"إسرائيل". فما يريده لبنان هو تطبيق الإنسحاب الكامل للقوّات "الإسرائيلية" من الأراضي المحتلّة، ووقف خرق سيادته وفقاً لما ينصّ عليه القرار 1701، واتفاق وقف إطلاق النار الأخير. أمّا في حال تمّ تجاهلها فإنّ أي إتفاق لتثبيت الحدود البريّة سيكون منقوصاً، على غرار ما يحصل خلال الإتفاقات الأخيرة التي تعقدها الولايات المتحدة بين الجانبين، وتترك فيها ثغرات.

وهذا لا يؤدّي الى حلول مستدامة وطويلة الأمد، على ما تخشى الاوساط، إنّما الى تجدّد الصراع بين لبنان والعدو كلّ عشر أو عشرين سنة. وهو ما لم يعد لبنان قادراً على تحمّله، كونه يريد العيش بسلام، لأنّ عدم الإستقرار فيه أفضى الى هجرة عدد كبير من أبنائه من الطوائف كافة، وهؤلاء يُعتبرون خسارة بشرية لا يُمكنه تعويضها، على مدى العقود المقبلة، إلّا في حال حصوله على حقوقه كاملة في البرّ والبحر والجوّ.

الأكثر قراءة

القصر الجمهوري يستعد... هل يكون 9 كانون الثاني موعداً للحسم الرئاسي؟ «الاسرائيليون» لاهالي الجولان: لن ننسحب وستخضعون للقانون «الاسرائيلي» بالتجنيد اعتراض اميركي اوروبي على العفو العام عن الإسلاميين وطلبات إخلاء السبيل رُدّت