اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


عشية طي آخر اوراق روزنامة العام 2024 ، هدأت الحركة السياسية واستكان الامن، فيما وتيرة العمليات العسكرية وخروقات الاحتلال "الاسرائيلي" مستمرة، بعدما ارتفعت عاليا الاعتراضات اللبنانية، وتحركت الاتصالات براعيي اتفاق وقف النار الاميركي والفرنسي، الذي يوفد الى بيروت وزيري خارجيته جان نويل بارو ودفاعه سيباستيان ليكورنو لاجراء معاينة ميدانية عن قرب للوضع اللبناني، وتمضية عيد رأس السنة مع الكتيبة الفرنسية في اليونيفل جنوباً، كما في كل عام.

النصف الاول من هدنة الستين يوما لوقف اطلاق النار انقضى، ولكن من دون ان يتوقف اطلاق النار. فـ "اسرائيل" ماضية في انتهاكاتها الفاضحة للقرار، تنفذ الغارات وتوسع من بيكار عدوانها جنوبا، على وقع تحول، ما كان مجرد تهديدات اعلامية، خلال الساعات الماضية الى قرارات اتخذتها الحكومة المصغرة، تزامنا مع اوامر رئيس الاركان بتصعيد الضغط العسكري في القطاع، بمصادقتها على تمديد حال الطوارئ على الحدود الشمالية حتى شهر آذار المقبل، ما يعني عمليا الابقاء على احتلالها لقرى جنوبية لما بعد انتهاء مهلة الستين يوما، رغم ان اللافت في الموضوع نقطتان:

- الاولى: ان التوصية بعدم الانسحاب جاءت من المستوى العسكري والامني، الذي كان يستعجل انهاء الحرب.

- الثانية: اتت الخطوة في ظل تراجع حجم الوحدات المنتشرة على طول الجبهة، بعد سحب ثلاث فرق باتجاه الجولان وغزة، ما يطرح الكثير من علامات الاستفهام.

في كل الاحوال، تكشف مصادر مطلعة على اجتماعات "لجنة المراقبة الخماسية"، ان الفريق الاميركي غير مرتاح لمسار الامور، خصوصا انه تبلغ من "تل ابيب" ردا على مراجعاته، متحججا ان الجانب اللبناني لم يلتزم بالاتفاق، فانتشار الجيش اللبناني يسير ببطء شديد، كما ان عمليات الاستطلاع التي يقوم بها الجيش "الاسرائيلي"، والمعطيات التي تجمعها طائرات التجسس الاميركية، بينت تعزيز حزب الله لوجوده جنوبا.

ووفقا للمصادر، فان "اسرائيل" قررت على ما يبدو الاستمرار في تنفيذ عملياتها، وان بوسائل جديدة، عبر تنفيذها عمليات "تسلل" وتقدم باتجاه قرى وبلدات لم تصلها خلال الحرب، في سعيها نحو تدمير البنية التحتية لحزب الله، من مخازن سلاح وانفاق، والاهم من ذلك اعتماد سياسة الارض المحروقة، ضمن شريط حدودي بعمق ثلاث كيلومترات غير قابل للعيش، في ظل عمليات التدمير الممنهج للمنازل والحقول والبنى التحتية، وتقطيع اوصال المناطق، التي تحتاج الى مئات ملايين الدولارات لاعادة ترميمها.

ورأت المصادر ان ما يحصل كان متوقعا، فالقيادة السياسية "الاسرائيلية"، وعلى رأسها رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو، الذي اضطر للسير باتفاق الترتيبات الامنية تحت ضغط الجيش من جهة، والاميركيين من جهة ثانية، يجد اليوم الفرصة مناسبة للانقلاب على الاتفاق، في ظل التطورات الاقليمية الدراماتيكية، وفي مقدمتها التطورات السورية، التي تعتبرها "تل ابيب" فرصة لن تتكرر، حيث باتت تملك التفوق الميداني من جهة البقاع، وهو ما سيسمح لها بتحقيق خطوات كانت عجزت عنها طوال الـ ٦٦ يوما من القتال.

وكشفت المصادر ان زيارة الوسيط الاميركي، التي ستكون محصورة بالملف الجنوبي تحديدا، هدفها "شدشدة" الاتفاق لمنع الاهتزازات من ان تؤدي الى سقوطه.

وختمت المصادر بان لا احد يملك الجواب راهنا حول المشهد في اليوم الاول بعد انتهاء المهلة الـ ٦٠ يوما، رغم ان الاكيد الوحيد هو ان المشهد الجنوبي دقيق والواقع خطير، فلا ضمانات حول تنفيذ الانسحاب الكامل من الاراضي المحتلة، ولا طبيعة الرد على القرارات "الاسرائيلية" معروف، حيث كل شيئ يبقى في باب التحليلات والتكهنات.