اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

يدخل العام الجديد غدا، طاويا عاما شهد احداثا بعضها مفاجئاً، كالسقوط السريع للنظام السوري، وغير مألوفة في التاريخ الانساني الحديث، حيث ترتكب قوات الاحتلال «الاسرائيلي» مذبحة دموية وابادة جماعية في غزة ضد الشعب الفلسطيني، امام العالم الصامت والمتواطىء بخبث، لحماية آخر كيان عنصري في العالم. واذا كانت الاسئلة المقلقة اكثر من الاجوبة ازاء «الزلزال» السوري، فان المأساة مستمرة في غزة، امام عالم منافق غير مبال.

سبقت تلك الاحداث حرب لا تقل دموية على لبنان، مستهدفة حزب الله وبيئته الحاضنة، حيث تم دفع اثمان باهظة بعد التعرض الى خسائر كبيرة لا تعوض ماديا وبشريا، وفي مقدمتها استشهاد الامين العام السيد حسن نصرالله. لكن الضربة المؤلمة لم تصل الى حد الهزيمة. حزب الله اليوم يلتقط انفاسه، بعدما نجح مقاتلوه في الميدان في وقف التوغل «الاسرائيلي» عند القرى الامامية، ما فرض وقفا «هشا» للنار تحاول «اسرائيل» الاستفادة منه لتحقيق انجازات تكتيكية، قبل نحو شهر على انتهاء مهلة تطبيقه.

في العام الجديد ستكون السيادة اللبنانية امام تحديات واختبارات صعبة، اذا استمرت العربدة «الاسرائيلية» على حالها، واذا استمرت الدول الضامنة للاتفاق في «سبات عميق»، وسيعود السؤال حينذاك كيف ستتصرف المقاومة ازاء استمرار الخروق الفاضحة؟

 الاختبار والتحدي لا يتوقفان عند هذا الحد، فالسيادة ستكون ايضا امام اختبار ال9 من الجاري موعد انتخاب رئيس جديد للجمهورية، حيث لم تصل بعد «كلمة السر» الخارجية الى بيروت، ولم تنته بعد عملية اختبار وفحص المرشحين، مع توقعات بان تحسم هوية الرئيس نهاية الاسبوع الجاري، ما يجعل الاستحقاق معلقا على رهانات البعض على حسم خارجي في «الربع الساعة الاخير»، واوهام البعض الآخر ممن يسعون الى التأجيل علّ في ذلك فرصة لتمرير رئيس تحد في زمن «التحولات الكبرى» في المنطقة، ومع دخول الرئيس الاميركي المنتخب دونالد ترامب الى البيت الابيض. اما الانتظار الاكثر غموضا، والتحدي الاكبر فيبقى ما ستؤول اليه الاوضاع في سوريا، المتأرجحة بين خيارات غير محسومة ستترك تأثيرها المباشر في الساحة اللبنانية.

مخاطر «الزلزال» السوري

وفي هذا السياق، تشير اوساط ديبلوماسية الى الاندفاعة الخارجية تجاه لبنان، سببها الاوضاع السورية المستجدة، فالاهتمام بالملف الرئاسي والسعي الى انجازه سببه علامات الاستفهام غير الواضحة، حول التوجهات الفعلية لحكام دمشق الجدد. وتوحي مجريات الأحداث في سوريا، بان انعكاساتها على لبنان ستكون كبيرة، فاذا نجح السوريون في اقامة دولة سورية قوية، حينئذ يحتاج اللبنانيون الى سلطة متماسكة اقتصادياً وسياسياً لمنع «هيمنة» السلطة السورية الجديدة على الحياة السياسية والاقتصادية في لبنان. اما اذا ذهبت سوريا الى الفوضى، فان التأثيرات ستكون كارثية.

والاخطر ان تذهب الامور نحو التقسيم، وعندئذ سيكون على «الطاولة» ملف حماية الأقليات في المنطقة، وضمن المشاريع الدولية المتداولة مشروعان:

- الاول: انتقال العدوى الى الساحة اللبنانية، حيث يتم تعزيز الفكرة الانفصالية عند البعض، والتي يتم الترويج لها تحت عنوان الفدرالية، ويجري فرض تقسيم طائفي ومناطقي، تحت تاثير «العصا الاسرائيلية».

- الثاني: يروج له بعض الاوروبيين، عبر طرح  ضمّ الساحل السوري مع وادي النصارى إلى لبنان،  تحت عنوان «الملاذ الآمن للأقليات في الشرق»، وهو مشروع يعيد رسم الخرائط من جديد، وقد لا يتم الامر دون اثارة المزيد من الفوضى؟!

«بلاهة» الغالب والمغلوب؟

وتخوفت مصادر سياسية مما اسمته» سطحية» بعض المسؤولين اللبنانيين ومبالغتهم في تقدير تأثير المتغيرات التي حصلت في المنطقة بالداخل اللبناني، فالمعارضون لحزب الله يعيبون عليه إنكاره للواقع، وهم يتعاملون معه كأنه هزم وسحق في المواجهة الاخيرة مع «اسرائيل»، لكن الحقيقة ان وضعه الداخلي لم يتأثر ولا يزال يتمتع على الرغم من الضربات المؤلمة بورقة «الفيتو» على الكثير من الاستحقاقات، وما حصل معه لا يشبه ابدا هزيمة النظام السوري.

ولهذا يحتاجون الى التواضع والتعامل بواقعية مع الاحداث، لاستيعاب الأزمة ومعالجة التحديات، وخوض حوار بناء لا يقوم على «بلاهة» الغالب والمغلوب، التي ستؤدي الى المزيد من الازمات.

حركة دولية واقليمية ناشطة

ويشهد العام الجديد تزخيما للحراك المحلي والخارجي حول ملفين اساسيين:

- الخروقات «الاسرائيلية» لاتفاق وقف اطلاق النار، وقد باتت تتهدد هيبة الدول الضامنة ومعها الحكومة.

- ملف الاستحقاق الرئاسي، مع توقعات بان يشهد المزيد من «خلط الاوراق» قبل جلسة 9 كانون الثاني المقبل. ففي وقت يرتقب ان يزور وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان السبت المقبل بيروت، على أن يسبقه الخميس مستشاره للشؤون اللبنانية يزيد بن محمد آل فرحان، ويليه مطلع الاسبوع المبعوث الرئاسي الاميركي اموس هوكشتاين، وربما ايضا الموفد الفرنسي جان ايف لودريان، فيما وصل وزيرا الدفاع الفرنسي سيباستيان ليكورنو والخارجية جان نويل بارو الى لبنان، لتمضية العطلة مع الكتيبة الفرنسية العاملة في اليونيفيل، وسيعقد الوزيران ثلاثة اجتماعات مع ممثل فرنسا في «آلية مراقبة وقف إطلاق النار في لبنان» الجنرال غيوم بونشين، وقائد قطاع جنوب الليطاني العميد غابي لاوندوس، وقائد الجيش العماد جوزاف عون. 

ضبابية رئاسية

 رئاسيا، وعلى الرغم من الحركة الناشطة على خط الاستحقاق، فان الأمور حتى الآن لا تزال ضبابية غير واضحة المعالم بعد . بورصة الطامحين الجديين للوصول الى القصر الجمهوري، وعددهم لا يتجاوز اصابع اليد الواحدة، تتأرجح صعودا وهبوطا من دون ان يحسم مصير حظوظهم، فيما تفضل غالبية القوى السياسية الرهان على الربع الساعة الأخير لحسم الخارج موقفه لعدم حرق المراحل.

ماذا تريد السعودية؟

 وهو امر يفسر عدم انسحاب رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية من السباق الى بعبدا وإعلان استمراره حتى جلسة التاسع من كانون الثاني المقبل، وتمسك «الثنائي» بدعمه، وكذلك عدم وضوح موقف «القوات اللبنانية» التي باتت تفضل التريث في اجراء الاستحقاق لتهيئة الظروف لانتخاب رئيسها، أو اقله من هو محسوب عليها، ولهذا ارسل جعجع النائب بيار بوعاصي الى الرياض في عملية «جس نبض» لموقفها من ترشيح «الحكيم»، ومحاولة اقناعها بضرورة عدم الذهاب الى تبني مرشح وسطي او توافقي ، في وقت تشهد المنطقة انقلابا في موازين القوى قد لا يتكرر في المستقبل.

في هذا الوقت، تشير المعلومات الى ان الرياض لم تحسم موقفها نهائيا من تبني ترشيح قائد الجيش العماد جوزاف عون، الذي لم يحصل على «جواب نهائي» من المملكة، وبقيت الاجواء ضبابية غير حاسمة، لكن لم تقفل «الابواب» امام حظوظه. ولهذا لم يحمل السفير السعودي «كلمة السر» المفترضة الى رئيس مجلس النواب نبيه بري، عندما زاره قبل ايام قليلة بعيدا عن «الاضواء»، ويؤمل ان تكون الاجوبة نهائية عند حضور وزير الخارجية الى بيروت.

رهانات «قواتية»

وفي وقت يتوقع ان تعلن «معراب» موقفها الرئاسي مطلع الاسبوع المقبل، بعد انتهاء جولة الموفدين، اطلق رئيس «القوات» سمير جعجع مواقف جديدة تزيد الشكوك في رغبته بتأجيل الاستحقاق، رهانا على الادارة الاميركية الجديدة. وهو في هذا السياق، تحدث عن مواجهة ما اسماه «المنظومة اللعينة» ، وقال «هي لا تزال متماسكة، وتتألف من جماعة «الممانعة»، بالإضافة إلى «التيار الوطني الحر»، وهي تحاول في شتى السبل والطرق أن تجد وسائل للحفاظ على مواقعها في الدولة. ولكننا لهم بالمرصاد. لن نسمح لهم بالحفاظ على أي موقع في الدولة».

ازعور «عاتب»!

في هذا الوقت، بقيت المقار السياسية والحزبية ، لا سيما المؤثرة منها عديدا في البرلمان، محطة لزيارات بعض المرشحين الطامحين على ما يشهده الصرح البطريركي في بكركي، حيث استقبل البطريرك مرشح المعارضة السابق جهاد ازعور. ووفق المعلومات، وضع ازعور الراعي في اجواء تخلي من رشحه في السابق عنه، مبديا انزعاجه من «قلة الوفاء» حيث لم تحصل اي اتصالات معه سلبا او ايجابا!

انتكاسة «التكتل» السني؟

 وفي ظل غياب الحسم السعودي، اربكت حركة النواب السنة، وتعرضت محاولة تكتلهم الى انتكاسة، في ظل حساسية البعض على دور يرونه اكبر من حجمه للنائب فيصل كرامي، ولهذا "فرط عقد" اجتماع تنسيقي كان مقررا عقده بالامس، ما يطرح اكثر من علامة استفهام حول قدرة هؤلاء على التحول الى «بيضة قبان» في الجلسة المقبلة.

ووفق مصادر مطلعة، اذا لم تضغط السعودية على نحو صريح ومباشر لن تبصر «الكتلة النور»، والامر مرهون بزيارة بن فرحان الى بيروت مع نهاية الاسبوع الجاري.

وفي هذا السياق، توقع النائب عبد الرحمن البزري أن تُعقد جلسة التاسع من كانون الثاني «رغم الغموض الذي يحيط بمسألة الأسماء المطروحة، ومواقف الكتل تجاه المرشحين»، مشيرا الى ان «في حال تم التوافق على انتخاب شخصية عسكرية أو أمنية ، فإن الأمر يتطلب أكثر من ثلثي المجلس».

وشدد البزري على ان «الحركة الأبرز هي زيارة الموفد السعودي المرتقبة، التي تأتي في إطار اهتمام سعودي مستمر بلبنان». وقال :»هناك خطوة سعودية جدية ومميزة منتظرة في الثالث من الشهر المقبل، ومن المتوقع أن تسهم هذه التحركات في انتخاب رئيس الجمهورية في الجلسة المقبلة.

الخروقات... ومسؤولية المقاومة

وبانتظار وصول المبعوث الاميركي عاموس هوكشتاين، لمحاولة الضغط على قوات الاحتلال لتنفيذ اتفاق وقف النار، استمرت الخروقات «الاسرائيلية»، ونفذ الجيش الاسرائيلي بعد ظهر امس، عملية نسف عنيفة في الطيبة قضاء مرجعيون.

وفي هذا السياق اكد عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسن فضل الله ان المقاومة لن تتخلى عن مسؤولياتها، واشار الى انه وبمعزل عن الانقسامات السياسية والخلافات في الداخل، يفترض أن تكون مواجهة الاعتداءات «الإسرائيلية» على بلدنا في إطار موقف وطني مسؤول، يتحمل فيه الجميع مسؤولياتهم، سواء الدولة أو الجهات الرسمية أو القوى السياسية، لأن هذه القضية يجب أن تعني جميع اللبنانيين، ولأن الجنوب هو جزء من بلدنا، والكل يفترض أن يكون معنيا بالدفاع عن السيادة وحمايتها،  وهذا يحتاج إلى موقف وطني»، معتبرا  أن «ثبات المقاومة والجهد السياسي الذي قاده الرئيس نبيه بري بالتنسيق الكامل مع قيادة حزب الله، هو الذي أوصل إلى وقف إطلاق النار، الذي يلزم العدو الانسحاب خلال مهلة 60 يوما، دون أن يتضمن بنودا تسمح للعدو بالقيام بما يريد من خروق واعتداءات يقوم بها، منذ إعلانه، على الأراضي اللبنانية وعلى الجنوب والقرى الحدودية.

العربدة «الاسرائيلية»

وفي اطار العربدة «الاسرائيلية»، أعلن وزير الحرب «الإسرائيلي» يسرائيل كاتس فرض عقوبات اقتصادية، على حملة تبرعات لمتضرري عملية تفجير أجهزة «البايجرز» في حزب الله، لافتا إلى «أن  القرار هو جزء من سياسة عدم التسامح، ورسالة واضحة لكل من يفكر في تمويل ما اسماه «الإرهاب»، تحت ستار المساعدات الإنسانية»... مشيرا إلى» أن أي محاولة من جانب حزب الله للتعافي ستُقطع، والعمل جار لتجفيف مصادر تمويله خصوصا انه يحاول استعادة قدراته».

ميقاتي ينصح جونز؟

 في هذا الوقت، علمت «الديار» ان رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي ابلغ السفيرة الاميركية ليزا جونز قبل مغادرتها الى الولايات المتحدة ، بان الجهة الوحيدة التي عرضت على الحكومة اعادة الاعمار هي ايران، ونصحها بعدم عرقلة العملية، لانها اذا لم تمر عبر الدولة، فان الاموال ستأتي بطرق اخرى وتوزع عبر حزب الله. وقد وعدت بعرض الامر على المسؤولين الاميركيين.

حزب الله واعادة الاعمار

وفي هذا السياق، اعلن نائب رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله الشيخ علي دعموش عن مراحل تنفيذ حملة «وعد والتزام»، لرفع آثار العدوان الصهيوني على لبنان، وقال «ان من راهن على أن حزب الله لن يعوض على المتضررين، نقول له إن رهانه قد خاب». وأضاف،ان هذا المشروع انطلق تحت عنوان «وعد والتزام» ، ولنقول لشعبنا إن وعد السيد نصرالله وخطط السيد صفي الدين والتزام الشيخ قاسم وسنفي بذلك. واضاف دعموش: نقول شكرًا لإيران شعبًا وقيادةً، وللعراق حكومةً وشعبًا ومرجعيةً، ولكل الدول الشقيقة والصديقة التي تريد المساعدة في إعادة الإعمار، وأطمئن أهلنا الشرفاء بأن أموال الإيواء والترميم يجري تأمينها بالشكل المناسب، وكل حملات التشويش لن تؤثر في ثقة شعبنا بمقاومته».

الأكثر قراءة

رئيس آخر لجمهوريّة أخرى