اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

غياب «كلمة السر» الخارجية رئاسيا، بسبب خلافات «اللجنة الخماسية»، يبقي عددا كبيرا من الكتل النيابية في حالة من الدوران في الحلقة المفرغة على مسافة اسبوع واحد من جلسة الانتخاب المفترضة لرئيس الجمهورية والتي لمحت المعارضة بالامس الى احتمال تطييرها. الاميركيون، والفرنسيون افتتحا النشاط الدبلوماسي مع العام الجديد، لكن كلا الطرفين لم يبحثا الرئاسة في عين التينة، بل كان اتفاق وقف النار «الطبق الرئيسي» في المحادثات بانتظار وصول عاموس هوكشتاين الى بيروت عله يحمل اي مؤشرات دالة على رغبات الاميركيين. السعوديون لم يطلبوا بعد مواعيد رسمية وسط تضارب في المعلومات حول تراجع وزير الخارجية عن ترؤس الوفد، لكن الثابت حتى الان ان الرياض لا تزال على موقفها بانها لن تسمي مرشحا مفضلا على نحو مباشر، وهي حددت في السابق المواصفات التي تعنيها والمهمة مناطة بمجلس النواب اللبناني. فيما القطريون المقيمون في بيروت لم يبادروا بعد الى الاجهار صراحة بتوجهاتهم الرئاسية. «الثنائي الشيعي» لا يجد نفسه مضطرا للتفريط «بورقة» ترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية في غياب اي كلام جدي مع الداخل والخارج حول هوية الرئيس الوسطي الذي لا يعتبر تحديا لاحد.

اما التكتلات النيابية السنية فهي على تشتتها في ظل عدم الوضوح في الموقف السعودي. والمعارضة ليست على «قلب واحد»، بغياب حسم الرعاة الخارجيين للموقف، في ظل انزعاج الكثيرين من محاولة «القوات اللبنانية» لتسيّد المشهد وفرض ترشيح غير واقعي لرئيسها سمير جعجع او من ينوب عنه. «التيار الوطني الحر» لا يزال في مربع المناورة وهو متهم بمحاولة ابتزاز مكشوفة للجميع، وخصوصا «الثنائي»، وهو في سبيل حرق اوراق قائد الجيش يلمح الى احتمال قبوله بجعجع، وحده النائب السابق وليد جنبلاط يغرد خارج السرب باعلانه ترشيح قائد الجيش العماد جوزاف عون، وهو خيار اعتبرته «القوات» ايضا قطعا للطريق امام «الحكيم».

انه «سيرك» مفتوح يمارس فيه الكثير من النواب «حركات بهلوانية» في وقت شديد الحساسية في واقع لبنان ومستقبله، الرهانات على التطورات الخارجية قد تدخل البلاد في تعقيدات هو بغنى عنها، ولعل «لغم» ملف نجل الشيخ القرضاوي القضائي-السياسي دليلا بسيطا عن حجم الحرج اللبناني في التعامل مع الملفات، حيث تبدو السلطات السياسية في موقف لا تحسد عليه وهي تحاول تجنب ازمة سياسية ذات انعكاسات اقتصادية وحتى امنية.

بري «والنافذة» المفتوحة!

اما العدو الاسرائيلي، فلا يزال على عدوانيته، وقد وسع بالامس من خرقه المستمر لاتفاق «وقف النار»، مستهدفا للمرة الاولى منذ دخوله حيذ التنفيذ، مرتفعات اقليم التفاح بغارتين جويتين مدعيا استهداف منصات صواريخ لحزب الله. ولا يعد العمق الجغرافي الذي يتجاوز الـ 13 كلم وحده الامر اللافت في الاعتداء الجديد، وانما توقيته، فهو جاء بعد ساعات قليلة من لقاء رئيس مجلس النواب نبيه بري رئيس لجنة المراقبة لتنفيذ إتفاق وقف إطلاق النار الجنرال الاميركي جاسبر جيفيرز، في حضور سفيرة الولايات المتحدة الاميركية لدى لبنان ليزا جونسون. وتم عرض للأوضاع الميدانية منها  في ضوء مواصلة إسرائيل خرقها لبنود الإتفاق، وفيما طلب بري الابقاء على النافذة مفتوحة كي يسمع الجنرال الاميركي صوت المسيرة الاسرائيلية التي كانت تحلق فوق بيروت، اكتفى الضابط الاميركي بالابتسام.

الضابط الاميركي «مستاء»؟

 ووفقا للمعلومات، استعرض بري بالارقام عدد الخروقات الاسرائيلية وطالب جدية اكبر من اللجنة في التعامل معها لانها تاخذ الامور الى وضع معقد للغاية خصوصا ان اسرائيل تتعمد ابطاء انسحابها من القرى الجنوبية. وعلم في هذا السياق ، ان الجنرال الاميركي ابدى استياءه من الخروق الاسرائيلية، وشدد على السعي لوضع الحد لها في اقرب وقت، ولجم الخروقات، وقدم ما يمكن اعتباره ضمانة بالحرص على عدم تفويت الفرصة الراهنة للحفاظ على وقف النار، وهو ما سيسعى اليه هوكشتاين الذي يحمل معه تعليمات واضحة بضرورة التزام كافة الاطراف بالاتفاق.

من يكذب على من؟

وفي هذا الاطار، عبرت مصادر مقربة من «عين التينة» عن الاستياء التام من هذه التطورات، واعتبرت ان ما قام به جيش الاحتلال «رسالة» تحد واضحة للجميع، فاما ان الاميركيين «يبيعون» اللبنانيين كلاما معسولا، ويكذبون، ولا يقومون بما عليهم، او ان الاسرائيليين لا يكترثون بضغوط ادارة راحلة ويعملون وفق اجندتهم بانتظار دخول الرئيس المنتخب دونالد ترامب الى البيت الابيض، وفي كلا الحالتين الامور غير مطمئنة ولا يمكن التعامل معها باستخفاف.

التصعيد الاسرائيلي

وكانت طائرات العدو قد اغارات على مرتفعات اقليم التفاح مرتين واستهدفت منطقة حرجية بين بلدتي سجد والريحان. كما اغارت مسيرة اسرائيلية قبل ظهر امس على منطقة الرومية بين بيت ليف وياطر. وقام جيش العدو ايضا بعمليات تمشيط  بالأسلحة الرشاشة للمناطق الممتدة بين ياطر وبيت ليف ورامية . وكانت قوة اسرائيلية  توغلت صباح امس إلى داخل بلدة بيت ليف وقد شوهدت بالعين المجردة آليات الجيش الاسرائيلي على طريق البلدة بالقرب من خزان المياه ، فيما لم تغب الطائرات المسيرة والاستطلاعية والحربية  عن سماء المنطقة لا سيما في القطاعين الغربي والأوسط. ورُصد تراجع القوات الإسرائيلية من أحياء الناقورة باتجاه رأس الناقورة وعلما الشعب بالتزامن مع تمشيط بالأسلحة الرشاشة. كما حلّقت مسيّرة إسرائيلية فوق العاصمة بيروت والضاحية الجنوبية على مستوى منخفض طوال يوم امس.

جنبلاط ينصح جعجع؟

رئاسيا، بقي الحراك دون المستوى المطلوب، واذا كانت الاتصالات تتسارع خلف الكواليس، الا ان محاولة تأمين توافق على اسم توافقي لا يزال دونه عقبات كبيرة، واهمها، برأي مصادر سياسية بارزة، شعور قوى المعارضة ان لديها فرصة «تاريخية» لانتخاب رئيس وفق معادلة «غالب ومغلوب» بعد التطورات المتسارعة في لبنان والمنطقة،وهو امر يثير «نقزة» في المختارة التي يخشى زعيمها وليد جنبلاط من رهانات خاطئة تطيح بجلسة التاسع من الجاري، او تؤدي الى نتائج لا تعكس طموحات «الرؤوس الحامية» من المعارضة. وعلم في هذا السياق، انه نصح عبر وسطاء رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع بالتواضع قليلا، والتعامل مع موازين القوى الداخلية بواقعية، باعتبار ان التوازنات في مجلس النواب لم تتغير، «والثنائي» لا يزال يحظى بتاييد غالبية الشيعة، ولا يمكن تجاوزهم او محاولة عزلهم، ولذلك من الضروري الذهاب الى التوافق على مرشح مقبول من الجميع وعدم الاطاحة بالجلسة المقبلة لان الامور قد تفتح على مفاجآت غير منتظرة. لكن في «معراب» لا يزال الموقف على حاله لجهة القول» انه اذا لم نأت برئيس يشبهنا الان فمتى يكون ذلك»؟

بري يتعهد...ولكن

وفيما تسربت معلومات عن ان وزير الخارجية السعودي لن يحضر الى لبنان هذا الاسبوع كما تردد، بل قد يرسل مستشاره.استقبل الرئيس بري وزير خارجية فرنسا جان نويل بارو والوفد المرافق حيث تناول البحث الأوضاع العامة في لبنان والمنطقة والمستجدات السياسية والعلاقات الثنائية بين لبنان وفرنسا، كما التقى رئيس المجلس السفير البابوي في لبنان المطران باولو بورجيا، وكان بري واضحا لجهة التزامه بعدم الخروج من «ساحة النجمة» قبل تصاعد «الدخان الابيض»، متعهدا ان «الثنائي» لن يفرط عقد الجلسة، لكنه شدد ايضا على انه وحده لا يمكنه انتخاب رئيس؟

وكان وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن بحث مع نظيره الفرنسي بارو، خلال اتصال هاتفي مساء أمس الاول، مستجدات الملفين السوري واللبناني. وأفاد بيان لمكتب المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر، أن الوزير الأميركي «أشاد بقيادة فرنسا في دعم لبنان، بما في ذلك مساعداتها المستمرة للقوات المسلحة اللبنانية، وأكد أهمية اتباع نهج منسق لمساعدة الشعب اللبناني على إعادة بناء مؤسساته واستعادة قيادته من خلال الانتخابات الرئاسية.

حزب الله والرئيس السيادي

من جهته اعلن عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسن فضل الله ان حزب الله لا يقبل بعزل احد وهو مع انتخاب رئيس سيادي حقيقي يواجه اي اعتداء على السيادة، وخصوصا من قبل العدو الاسرائيلي.واضاف « لا نريد لاحد ان يعزل ونحن منفتحون على الحوار والتعاون مع من يريد ان يتعاون على اعادة نهوض البلد ومعالجة اثار العدوان الاسرائيلي.

جلسة 9 قد لا تنتج رئيسا

في هذا الوقت، تعثر مجددا جمع الكتل السنية على راي رئاسي واحد، وفشلت كتلة الاعتدال، والتوافق الوطني، ونواب مستقلين للمرة الثانية في عقد لقاء جامع امس لكن الاجتماع تم تاجيله مجددا الى يوم الاثنين المقبل. من جهته اكد وزير الداخلية في حكومة تصريف الاعمال بسام مولوي الحاجة إلى رئيس يواكب المرحلة ، لكنه قال ان جلسة التاسع من كانون الثاني قد لا تنتج رئيساً بانتظار توافق داخلي أكبر، مشيرا الى ان السعودية تميل الى ان يكون انتخاب قائد الجيش.

ماذا تريد المعارضة؟

من جهتها فشلت قوى المعارضة التي عقد نوابها اجتماعًا في مقر كتلة تجدد في الخروج بتوافق حول اسم لخوض العركة الانتخابية في الجلسة المقبلة، ووفق المعلومات ثمة تريث بانتظار الوفد السعودي وكذلك زيارة هوكشتاين الى بيروت، وبعد الاجتماع تلا النائب وضاح الصادق بيانا اوحى فيه بان موعد الـ 9 من الجاري ليس «مقدسا» لانتخاب رئيس، لان المعارضة التي تدرك حجم المسؤولية الملقاة على عاتقها تجاه كل لبنان، حسب تعبيره، لا تعني بأي شكل من الأشكال قبولها بانتخاب رئيس لـ 6 سنوات لا يمتلك كل المواصفات التي تخوله تنفيذ المهام التي تتطلّبها مرحلة العهد الكاملة والتي تشمل بالتوازي: إعادة الاعتبار للدستور وحكم القانون، إستعادة السيادة على القرار والأرض وحصر السلاح بيد مؤسسات الدولة، تطبيق كافة الاتفاقات والقرارات الدولية، القيام بالإصلاحات المطلوبة لمعالجة آثار الانهيار المالي والاقتصادي وإعادة بناء الاقتصاد الشرعي اللبناني، تصحيح علاقات لبنان مع محيطه العربي والمجتمع الدولي..

«اللغم القضائي»

في هذا الوقت، تجهد السلطات السياسية الى تفادي «اللغم القضائي» المتمثل بقضية عبد الرحمن القرضاوي المطلوب من السلطات المصرية وكذلك من السلطات الاماراتية. وفيما تطالب كل من مصر وابوظبي بترحيله لمحاكمته تدخلت تركيا التي يحمل جنيستها ايضا لمنع تسليمه، وقد زار فد من السفارة التركية القرضاوي ووعده بمتابعة ملفه على اعلى المستويات لمنع تسليمه واعادته الى الاراضي التركية. وبانتظار تسلم المف المصري اعطى النائب العام التمييزي القاضي جمال حجار اشارة قضائية بتوقيف القرضاوي بعد استجوابه في البلاغ المقدم من قبل دولة الامارات،واستمعت القاضية في النيابة العامة التمييزية ميرنا كلاس الى الموقوف في ملف مذكرة التوقيف الإماراتية وأعطت الإشارة بتوقيفه. وعلم في هذا السياق، ان التوقيف اجراء روتيني بانتظار استكمال التحقيقات في المذكرة المصرية، وعندها ستصدر التوصية القضائية وتحال الى الحكومة كي تتخذ الموقف السياسي المناسب. وفي هذا الاطار، تمارس تركيا ضغوطا سياسية عالية السقف مع الجهات اللبنانية لمنع تسليمه، فيما يبقى الموقفان المصري والامارتي على تشددهما، وتبدو الحكومة امام اختبار شديد الاحراج، خصوصا ان لا معاهدة تسليم مشتركة مع الامارات، ووفق القانون الانساني لا يجب تسليمه لمصر، لكن اغضاب الجانبين مكلف. وفي المقابل، فان استعداء تركيا التي «تمون» على الحكم الجديد في دمشق، دونه خسائر كبيرة وتداعيات خطيرة، لذلك فان الملف يدرس بعناية بحثا عن مخرج يقلل الخسائر.

الأكثر قراءة

جلسة الخميس لم تكشف عن اسرارها بانتظار جولات الموفدين... وبري عازم على انتخاب الرئيس الموفد السعودي لم يطرح اسما محدداً... وزيارة هوكشتاين تحت المجهر النيابي العدو يلوح بعدم الانسحاب... وقاسم: قيادة المقاومة تقرر متى وكيف تقاوم