اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


ستعود أجمل مما كانت.. كلمة قالها السيد حسن نصرالله لأول مرة بعد عدوان تموز عام 2006 من قلب الدمار في الضاحية الجنوبية لبيروت، فأصبحت بعد العدوان الصهيوني عام 2024 وعداً والتزاماً للمقاومة أمام شعبها، شريك التضحيات والصبر والصمود والثبات والنصر في كل مواجهة مع العدو الصهيوني، الذي لم ولن يستطيع إخضاعه مهما كبُر ثمن تضحياته، في أكبر مواجهة أخلاقية وإنسانية في التاريخ، من جبهة إسناد لغزة ونصرة للمظلومين والمستضعفين، الى جبهة حماية للبنان كما عاهدت المقاومة بلدها وشعبها منذ الطلقة الأولى بحمايتهم بدم شبابها ودموع أمهاتهم ويُتم أولادهم، وصبر وصمود أهل المقاومة الذين لم ولن يتراجعوا عن خياراتهم يوماً، وسيُكملون مسيرتهم حتى الطلقة الأخيرة.

لم تكن الضاحية الجنوبية يوماً مكاناً عادياً يُشبه غيره، وإنما مكان انتماء وولاء وهوية، بما ترمزه من مدينة تَحمل بزواياها وبكل حجر فيها، همَّ أمة غاب عن قضاياها كثيرون بخياراتهم المتخاذِلة، فبقيت هي برمزيتها ومَن معها بموقفها الثابت والراسخ الى جانب الحق، تُقاتِل من أجله بوجه العالم المتصهين، تؤدي واجبها الأخلاقي والمبدئي والإنساني، الذي ألزمت نفسها به بتقديمها أغلى ما تملك أمام الله والتاريخ.

مشهد الدمار والدماء كان على مرآى العالم الذي لم يُحرِّك ساكناً ولو بموقف واحد، لا بل كان شريكاً فيه، فلم يجد شعبها الى جانبه في أقسى معركة مرّت عليه ،سوى مقاومته تحميه خلال الحرب، وبعد إعلان وقف إطلاق النار لم يجد أيضاً سوى مقاومته الى جانبه تُعيد إعمار ما دمّره العدو ، بوعد والتزام قطعته على نفسها أمام ناسها، الذين قدّموا أروع ملاحم الصمود بوجه عدوان صهيوني إجرامي لم يسبق له مثيل..

بدأ حزب الله بإعداد ملف إعادة إعمار الضاحية خلال الحرب، تقول المصادر، بداية بإحصاء عدد المباني التي دمّرها العدو، والتي تجاوزت ضعف ما دمّره خلال عدوان تموز عام 2006 وعند إعلان وقف إطلاق النار، بدأ بتشكيل اللجان التي ستتابع مع الناس الذين دمّرت "إسرائيل" بيوتهم، فقُسِّمت الضاحية الى 90 مربّعا، وفي كل مربّع يوجد مكتب يُتابع مع سُكّانه تفاصيل مراجعاتهم ، من مسح أضرار الى تقدير خسائر، الى قبض أموال من ثلاثة مراكز موزَّعة في الضاحية، وحتى عند اعتراض البعض شُكَّلت لجان مختصة بمتابعة هذا الملف لإعادة الكشف من جديد ، وزيادة التعويض بحال كان المعترِض مُحِقاً بذلك، وفق ما تؤكد المصادر، مع التأكيد على أن هناك مَن رفض التعويض من المقاومة، واعتبر أنه يكفي ما قدّمت من تضحيات، وهناك مَن أعاد جزءاً من التعويض إذا كان أكثر مما يَستحق.

حتى اللحظة أَنجز حزب الله بعملية مسح الأضرار في الضاحية بين 90 الى 95%، وفق المصادر، ومن الآن حتى آخر هذا الشهر، يكون قد أَنجز بنسبة كبيرة المرحلة الأولى التي تتعلّق بدفع مبالغ الإيواء والأثاث وقبض الناس الأموال لترميم منازلهم، أما البدء بإعادة إعمار المباني المهدَّمة كلياً فهو في المرحلة الثانية، باعتبار أن الكشف عن الأضرار كان مقسَّماً لمجموعة أجزاء:

١-  أبنية مدمّرة كلياً يحصل أصحابها على بدل إيواء وأثاث.

٢ -  أبنية مُدمَّرة جزئياً وهي قسمين: قسم يحتاج لترميم بحال حصول الضرر في المبنى بأقسام مشتركة، ولا يستطيع الفرد الوصول الى منزله، فذلك يحتاج الى بدل إيواء ريثما تقوم الجهة المسؤولة بترميمه.

وقسم آخر بحال كان الضرر لَحِق بمنزل داخل مبنى، فيحصل صاحبه على تعويض لترميمه أو إصلاح ما تضرر، وبذلك يَحق له بدل إيواء بحال كان في فترة الترميم غير صالح منزله للسكن.

أما فيما يتعلق بعملية رفع الركام التي تقع على عاتق الدولة، فتقول المصادر إن رفع الردم حصل على مرحلتين:

- الأولى: عند إعلان وقف إطلاق النار، قام حزب الله مع اتحاد بلديات الضاحية برفع الركام لفتح الطرقات الى حين بدء الدولة بعملها.

- الثانية: قامت الحكومة بتكليف اتحاد بلديات الضاحية، لتلزيم رفع الأنقاض وبدأ العمل.

واللافت أن السرعة بإنجاز هذا الملف في الضاحية مِن قِبل الدولة، والذي الى حد ما يتماشى مع خطة حزب الله في ملف إعادة الإعمار أو على الأقل لا يُعيقها، لم يحصل في الجنوب ولم يتم البدء به حتى اللحظة، رغم رصد الأموال له.

لا شك أن حزب الله إستفاد من تجربة حرب تموز بالنسبة لملف إعادة إعمار الضاحية، وهذا واضح في الأداء الحالي بإدارة نفس الملف بعد ١٨ عاماً، فبعد كل هذه السنوات تجد في الضاحية الجنوبية، المقاومة نفسها بوعدها والتزامها أمام ناسها، والشعب هو نفسه بخياراته وثباته وثقته بمقاومته، فهما يسيران سوياً في نفس الإتجاه نحو الهدف ذاته، بوحدة الدم والمصير وبتضحيات مشتركة. وعندما تسأل شعب المقاومة عنها هناك جواب واحد لدى الجميع ألا وهو: "نحنا ما منترك المقاومة.. حدا بيترك حالو"..

الأكثر قراءة

دعم دولي لولادة حكومية قيصرية بثقة متواضعة الدوحة تعود الى بيروت من جديد... دعم للمؤسسات ونفط وغاز واشنطن لنتنياهو: لاستبعاد خيار تجدد المعارك في لبنان