توجس سعودي من تلك "الظواهر الفرويدية" في البيت الأبيض، والى الحد الذي يحملنا على التساؤل حول امكان اندلاع الصراع بين قصر اليمامة والبيت الأبيض...
أثناء الولاية الأولى، اتصل بي رئيس تحرير صحيفة سعودية، للتعليق الضاحك على ما كتبته من أن "ايفانكا تتجول في رأس أبيها بالكعب العالي"، في نظري كل غانيات لاس فيغاس يتجولنّ عاريات في رأسه"!
منذ لقاء الملك عبد العزيز والرئيس فرنكلين روزفلت، غداة مؤتمر يالطا عام 1945، وتكريس "الميثاق الأبدي" بين أميركا والسعودية، لم تعرف المملكة رئيساً على ذلك المستوى من الفظاظة والزبائنية. الأمير محمد بن سلمان حاول احتواءه بالكلام عن استثمارات سعودية في الولايات المتحدة بقيمة 600 مليار دولار. لم يعجبه المبلغ وطالب بتريليون دولار. ما تناهى الينا أن الملك سلمان حذر من الانحناء أمام الرجل الذي "لن يتورع عن تعريتنا حتى من عباءاتنا".
ترامب لا يريد الحروب ليس فقط لأنها تستهلك الأرصدة الأميركية، بل لأنها قد تستهلك العظمة الأميركية. هذا ما حصل في فيتنام وفي أفغانستان. لعله توقف كثيرأً عند كلام جوزف ستيغليتز، الحائز نوبل في الاقتصاد، حين تنبأ بحدوث الهزة المالية في أيلول 2008، وكادت تطيح بالتاج الأميركي لولا الاجراءات البنيوية التي أقدم عليها باراك أوباما.
مؤلف "خيبات العولمة" لاحظ أن تكلفة الحرب في أفغانستان والعراق ناهزت الـ 3 تريليونات دولار، ما يمكن أن يزعزع البنية المالية للبلاد (أخذاً بالاعتبار وصول الدين العام الى أرقام قياسية). كثيرون كتبوا عن هاجس الرئيس الأميركي الاستراتيجي أن يرى "برج ترامب" في نيويورك وهو يتهاوى.
غريب كلامه عن اللاحروب. بن سلمان بدوره لا يريد الحروب ولا الصراعات، التي في نظره أثبتت عبثيتها بالاستهلاك السيزيفي لثروات المنطقة، ولأزمنة المنطقة (لا خواء في اي مكان في العالم يضاهي الخواء عندنا). ولكن ألا تفضي مواقف ترامب وسياساته حيال القضية الفلسطينية، الى التفجير الحتمي للشرق الأوسط؟
نتائج لقاء المكتب البيضاوي بين دونالد ترامب وبنيامين نتنياهو كانت مروعة. لا أثر للشعب الفلسطيني، ولا للدولة الفلسطينية. تشتيت سكان غزة في أصقاع الأرض. وأمام المشرعين في الكونغرس مشروع قانون يحظر استخدام لفظة "الضفة الغربية"، العودة الى التسمية التوراتية للضفة، أي "يهودا" و"السامرة" (ثمة مؤرخون يؤكدون أن التسمية كنعانية لا عبرانية). ترامب وعد باعلان السيادة "الاسرائيلية" على الضفة وترحيل سكانها. أركان الائتلاف دعوا الى ذلك علناً. ايتامار بن غفير وبعد ترحيبه بالنتائج، أبدى رغبته في العودة الى الحكومة. لا غزة ولا أهل غزة، كوت دازور شرق أوسطية...
كلام قاطع وبصياغة محكمة، في بيان لوزارة الخارجية السعودية، تشديد على موقف "راسخ وثابت ولا يتزعزع، وليس محل تفاوض أو مزايدات"، ليضيف أن ولي العهد "أكد هذا الموقف بشكل واضح وصريح، ولا يحمل التأويل في حال من الأحوال، خلال الخطاب الذي القاه لدى افتتاح أعمال السنة الأولى من الدورة التاسعة لمجلس الشورى، حيث شدد على أن المملكة لن تتوقف عن عملها الدؤوب في سبيل قيام الدولة الفلسطينية، وعاصمتها القدس الشرقية، وان المملكة لا تقيم علاقات ديبلوماسية مع "اسرائيل" دون ذلك"...
البيان أثار التساؤلات داخل ادارة ترامب ، الذي طالما انتهج سياسة الترويع "لولانا لقضى آيات الله على عروشكم في غضون دقائق"، (ثم قال خلال اسبوعين). الآن لا مجال للتلويح، ولأسباب شتى، بـ "الغول الايراني"، فهل يتم التلويح بـ "الغول التركي" بعد وضع رجب طيب اردوغان يده على سورية واقام قواعد عسكرية فيها؟
ما علمناه من مصادر خليجية أن محمد بن سلمان لن يخضع لأي ضغط من أجل "التطبيع المجاني" مع الدولة العبرية، أو من أجل خفض اسعار النفط، ومع اعتبار أن هذه المسألة ليست من صلاحيات دولة بعينها. ولكن متى كان دونالد ترامب يتعامل مع دول العالم، لا سيما العالم العربي، بمنطق رجل الدولة لا بمنطق شايلوك، وهو يقتطع من لحم زبائنه...
لم نتصور يوماً أن الرئيس الأميركي يفهم ما هو الشرق الأوسط بالتفاعلات الايديولوجية والتاريخية. اللافت أن الأوروبيين، باستثناء الانكليز، ينظرون اليه على أنه "الرجل الذي يقف على باب جهنم"، كما وصفته صحيفة "ليبراسيون" الفرنسية، حتى أنه لا يفهم أميركا، لترى في سياسته "قبعة الكاوبوي وهي عالقة أو معلقة في الهواء"...
باحث أميركي في العلاقات التاريخية بين الأمم (مايكل ايرفنغ) قال لترامب " لا تمش على قبر فرنكلين روزفلت"، الذي كان يعتبر أن الامساك بالسعودية يعني الامساك بالشرق الأوسط. لا أحد يتوقع انفجار العلاقات بين واشنطن والرياض. ولكن لا بد لترامب أن يكون أكثر ادراكاً لدقة الموقف السعودي من الموضوع الفلسطيني، بعدما كان جاريد كوشنر يراهن على حلول الهيكل محل الكعبة في الليتورجيا (الطقوسية) الاسلامية.
ترامب أمام المأزق. لا شيء يمكن أن يرغم الفلسطيني على الرحيل عن أرضه. العالم يعترض. هل يتراجع أم تراه يفتح باب جهنم؟!
يتم قراءة الآن
-
ايجابيات وسلبيات التعميمين 158 و166 غبريل للديار : اتخذ مصرف لبنان قرار رفع سقف قيمةً السحوبات لان الحل الشامل للودائع متأخر
-
برّاك يطرح تسوية صعبة والحكومة على مفترق طرق تحويلات المغتربين تبقي الاقتصاد حيًّا رغم الأزمات انطلاق الامتحانات الرسمية وسط احتجاجات وتحديات تربوية
-
أين إيران في تغيير الشرق الأوسط؟
-
نداء الساحل السوري: أنقذوا ما تبقى منا
الأكثر قراءة
عاجل 24/7
-
23:33
الحكومة السورية: - نرحب بأي مسار مع قسد من شأنه تعزيز وحدة وسلامة أراضي البلاد
-
23:33
الحكومة السورية: متمسكون بمبدأ سوريا الواحدة وجيش واحد وحكومة واحدة
-
23:33
بيتكوين تسجل مستوى قياسيا مرتفعا جديدا عند 111051 دولارا بارتفاع 2.2%
-
23:32
قصف مدفعي وفوسفوري على أطراف الوزاني
-
22:55
الرياضي يفوز على الحكمة بنتيجة 83 - 75 ويتقدم 3-1 في السلسلة النهائية من "ديكاتلون" بطولة لبنان لكرة السلة
-
22:05
- القاضية دورا الخازن ادعت على جاد غاريوس مدير شركة betarabia بالتهرب الضريبي وإثراء غير مشروع وتبييض الأموال
