نزوح سوري جديد تشهده المعابر الحدودية اللبنانية بسبب المجازر الحاصلة في سوريا، وصل عدده الى أكثر من 10 آلاف نازح، رغم الحديث عن أنّ المعارك قد انتهت هناك. الأمر الذي سيكون له تداعيات إضافية على لبنان، إذا ما استمرّ الوضع على هذا المنوال، في الوقت الذي تسعى فيه حكومة الرئيس نوّاف سلام الى تحقيق "الإصلاح والإنقاذ"، والى إعادة النازحين السوريين الذين يتخطّى عددهم المليوني نازح الى بلادهم، بهدف البدء بتنفيذ الإصلاحات المطلوبة منها داخلياً وخارجياً.
ويبدو أنّ النزوح السوري الجديد سيؤدّي الى تداعيات معقّدة على الصعيدين السياسي والإنساني في لبنان، على ما ترى مصادر سياسية مطلعة، تشمل النقاط الآتية:
1ـ الضغط على البنية التحتية: لبنان يعاني من أزمة إقتصادية ومالية فعلية، لم تعمل الحكومة الجديدة بعد على وضع خطة شاملة لإخراجه منها. في حين أنّ النزوح السوري المستمر يؤدّي اليوم الى المزيد من الأعباء على المدارس والمستشفيات والقاعات التي تستضيفهم، كما على الخدمات العامة الأساسية، لا سيما في مناطق الشمال وعكّار التي تستقبل أعداداً كبيرة من النازحين. كما يؤثّر سلباً على العائلات اللبنانية التي تستضيف النازحين، وهي تعاني من وضع إقتصادي صعب.
2ـ التأثير على الإقتصاد اللبناني المنهار أساساً: النزوح الجديد يُسبّب ضغطاً إضافياً على الأسواق اللبنانية، بما في ذلك سوق العمل. وهناك قلق من زيادة معدلات البطالة في المناطق التي يستقرّون فيها مثل السماقية والريحانية والحيصة والمسعودية وتلّ بيرة وتلّ حميرة وتلّ عباس الشرقي وحكر الضاهري وبربارة وعين الزيت والعريضة وجبل محسن وسواها، بسبب منافسة النازحين السوريين مع اللبنانيين على وظائف منخفضة الأجر. كما أن تكاليف دعم النازحين الجدد تُمثّل عبئاً إضافياً جديداً على الحكومة اللبنانية، التي تنكب حالياً على دراسة الموازنة العامّة للعام 2026.
3ـ الإستقطاب السياسي والاجتماعي: يمكن أن يثير النزوح الجديد توترات داخل المجتمع اللبناني بين الذين يساندون النازحين السوريين، ويدافعون عن حقوقهم الإنسانية، والذين يعارضون هذا النزوح. وكانوا يأملون بأن تقوم الحكومة الحالية بإعادة النازحين الى بلادهم في أسرع وقت ممكن، لكي يرتاحوا على الصعيد المعيشي والإجتماعي بعد سنوات من المعاناة. ولهذا يعتبر هؤلاء بأنّ النزوح الجديد، من شأنه أن يُشكّل تهديداً للهوية الوطنية وللأمن الداخلي. وهذه الانقسامات قد تتفاقم بالتالي، وتؤثر على الاستقرار السياسي الداخلي.
4ـ التحديات الإنسانية: يُواجه النازحون السوريون ظروفاً إنسانية صعبة، إذ فرّوا من القتل من دون أن يحملوا معهم أيّاً من مقتناتهم، على ما يقولون، الأمر الذي يجعل إقامتهم في المخيمات القائمة حالياً غير ممكن، كونها مزدحمة أساساً. كما أنّ حصولهم على المواد الغذائية والدواء يعتمد على البلديات والمساعدات الفردية من قبل العائلات التي تستضيفهم. أمّا الذين لا يجدون المأوى والمأكل والدواء فوضعهم سيء جدّاً. وقد تتفاقم هذه الأوضاع مع تزايد أعداد النازحين خلال المرحلة المقبلة، إذا لم تجد الدولة حلّاً لهم.
5ـ الضغط على العلاقات اللبنانية - السورية: إنّ التصعيد العسكري في سوريا يؤدي إلى تدهور العلاقات بين البلدين، مع وجود قلق من أن تتخذ الحكومة اللبنانية إجراءات جديدة ضد النازحين السوريين، مثل ترحيلهم أو فرض قيود جديدة على دخولهم.
6 ـ التحديات الأمنية والإحتكاك الطائفي: قد يُفاقم تدفّق النازحين السوريين بشكل مستمر التوترات الأمنية في لبنان، لا سيما في ظل وجود نازحين شاركوا في الحرب. كما أن هناك مخاوف من وجود عناصر متطرفة بين النازحين، قد تُشكّل تهديداً للأمن اللبناني. فضلاً عن حصول الإحتكاك الطائفي في بعض المناطق بين النازحين الجدد، الذين هم بغالبيتهم من الطائفة العلوية والسكّان اللبنانيين من طوائف أخرى.
وتقول المصادر نفسها بأنّ النزوح السوري الجديد هو أمر جدّي، وهو يتفاقم يوماً بعد يوم، ولا يزال مستمرّاً، في الوقت الذي لا تأخذه المنظمات الدولية والدول المانحة على محمل الجدّ. فحتى الآن لم يتحرّك المجتمع الدولي لإغاثة هؤلاء وتقديم المساعدات لهم، وقد سعى خلال السنوات الماضية الى حصول الإنتقال السياسي في سوريا، وجعله شرطاً اساسياً لفتح الباب أمام إعادة النازحين السوريين من لبنان الى بلادهم. ولا تزال المبادرات تقتصر على الأفراد غير الميسورين في لبنان.
لهذا، فإنّه على الحكومة اللبنانية، على ما تلفت المصادر، أن تُطالب منظمات الأمم المتحدة والجمعيات المعنية، ولا سيما المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، بالمبادرة الى الإهتمام بأوضاع النازحين الجدد. علماً بأنّ لبنان يريد حلّاً عاجلاً لأوضاعهم إذ لا يُمكنه تحمّل أعباء إضافية باستضافة عدد كبير منهم (مع الحديث عن أنّ عدد العلويين السوريين يصل الى ثلاثة ملايين شخص)، سيما وأنّهم يدخلون الى لبنان عبر المعابر غير الشرعية وليس بالطرق القانونية، على ما يُفترض.
ولا بدّ بالتالي من الضغط على المنظمات المعنية للقيام بواجباتها الإنسانية، فهي مجبرة على تكثيف جهودها لتلبية إحتياجات هؤلاء النازحين، الى حين إيجاد الحلّ الجذري لأوضاعهم. علماً بأنّ هذا الأمر يُشكّل تحدياً إضافياً في ظلّ تراجع الدعم الدولي، بسبب الأزمات العالمية وعدم إيفاء المانحين بوعودهم. فهل يستجيب المجتمع الدولي الذي يتفرّج اليوم على ما يحصل من نزوح سوري جديد عبر المعابر الحدودية، لتخفيف حدّة الأزمة، والعبء الإضافي على لبنان؟!
يتم قراءة الآن
-
انجاز التعيينات الامنية الخميس... «تسوية» شقير وعبدالله أنقذتها؟ بري للخماسية: «وطني معاقب» واوتاغوس: مفاوضات الحدود قريبا الحجار يكسر الجمود... والبيطار على مشارف قرارات حاسمة!
-
أيّها الشرع زامير في دمشق
-
قلق من تداعيات مجازر الساحل... وردود فعل رسميّة خجولة؟ بلاسخارت تنقل أجواء سلبيّة من «اسرائيل»... متري: لا نزع للسلاح بالقوة إنجاز أمني للجيش شمالاً... وتحقيقات المرفأ تنطلق من جديد
-
قراءة في المتاهة الإيرانيّة
الأكثر قراءة
عاجل 24/7
-
10:45
رئيس بعثة صندوق النقد الدولي إرنستو راميريز ريغو دعا خلال لقائه رئيس الجمهورية إلى ضرورة وضع خطة إصلاحية مالية موحدة تساعد لبنان على الخروج من أزماته والرئيس عون شدد بدوره على التزام لبنان بالمضي في تنفيذ الإصلاحات
-
10:44
الجيش اللبناني: ما بين الساعة 10.30 والساعة 16.00، ستقوم وحدة من الجيش بتفجير ذخائر غير منفجرة في جرد بلدة قوسايا - زحلة.
-
10:33
صحيفة "يديعوت أحرونوت": بعد مرور 17 شهراً على اندلاع الحرب لا تزال حماس القوة المهيمنة في غزة
-
10:32
إذاعة الجيش "الإسرائيلي": السيطرة على قمة جبل الشيخ السوري تمنح “إسرائيل” نقطة مراقبة على مساحات واسعة في لبنان و سوريا
-
10:31
عراقتشي: لم تصلنا رسالة ترامب حتى الآن ولكن من المقرر أن يتم تسليمها عبر إحدى الدولة العربية إلى طهران قريباً
-
10:31
إذاعة الجيش "الإسرائيلي": "الجيش" يبني موقعين عسكريين في قمة جبل الشيخ السوري و إسرائيل باقية هناك حتى إشعار آخر
