اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

على وقع «جنون» اميركي يلف العالم، بسبب الحرب التجارية التي اطلق العنان لها الرئيس الاميركي دونالد ترامب، وفيما شهدت المنطقة قمة مصرية – فرنسية – اردنية في القاهرة، حضر فيها الملف اللبناني على وقع مخاوف من مواجهة عسكرية بين الولايات المتحدة وايران، تحرّض عليها «اسرائيل» التي تواصل المذبحة المفتوحة ضد الشعب الفلسطيني، وتستمر في عمليات القتل الممنهج على الساحة اللبنانية، وبانتظار اماطة اللثام حول الغموض الذي رافق استدعاء رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتانياهو الى البيت الابيض، غادرت المبعوثة الاميركية مورغان اورتاغوس بيروت، لكن طيفها ظل حاضرا بقوة بالامس، حيث زار رئيس مجلس النواب نبيه بري بعبدا، قاطعا الطريق على محاولة «خبيثة» من قبلها، لايجاد شرخ بين موقفه وموقف الرئيس جوزاف عون، فاعيد التأكيد على وحدة الموقف اللبناني ازاء ما طرح من ملفات، خصوصا ملفي حصرية السلاح والاصلاحات، وسط معلومات عن تفاهم بين «الثنائي» والرئيس على «خارطة طريق» حول استراتيجية الامن الوطني.

وقد حسم الرئيس لاحقا امام وفد «مجموعة العمل الاميركية لاجل لبنان»، الاولويات اللبنانية حين اكد ان «مسألة السلاح لا تحل الا بالحوار الداخلي مع حزب الله، باعتباره مكونا لبنانيا». وهذا يعني بحسب مصادر مطلعة ان بعبدا التي تتبنى سرعة حل هذه المسألة، ترفض التسرع تحت الضغوط. وفهم في هذا الاطار ان الضغط الاميركي يتمحور حول ربط هذا الملف باعادة الاعمار، ووقف الاعتداءات «الاسرائيلية»، لكن دون وضع جدول زمني محدد يلزم الطرف اللبناني، وان كانت المبعوثة الاميركية قد اوحت بأنه لن يكون مفتوحا.

تحصين الداخل

وفي هذا السياق، يصر رئيس الجمهورية على تحصين الوضع الداخلي، من خلال التفاهم مع رئيسي مجلس النواب والحكومة على استراتيجية موحدة، في مواجهة الضغوط الاميركية –»الاسرائيلية»، ولهذا فانه يصر على مقاربة الملف من زاوية حصرية السلاح وليس نزعه، كيلا يشكل استفزازا لبيئة حزب الله، وهو ابلغ الاميركيين صراحة ان لبنان يحتاج الى الوقت الكافي ومساحة معقولة كي ينضج هذا الملف، لان الامور معقدة وتحتاج الى روية في التعامل مع مسألة لا يمكن «الغلط» في معالجتها، لان تداعيتها قد تكون كارثية على الداخل.

توافق بين عون وحزب الله

وفي هذا الاطار، تنفي مصادر «الثنائي» ان يكون النقاش بين الرئيسين عون وبري يتمحور حول دوره كوسيط مع حزب الله لتليين موقفه، وهو امر مناف للحقيقة، لان رئيس المجلس لا يمكن ان يؤدي هذا الدور ، خصوصا انه متفاهم مع الحزب على كل المقاربات فيما يتعلق بهذا الملف. من جهة اخرى، فان النقاش مفتوح ومباشر بين حزب الله ورئيس الجمهورية، ويدرك الرئيس عون جيدا ان حزب الله ليس ضد حصرية السلاح ضمن الدولة.

ووفقا للمعلومات، ثمة تفاهم واضح لا يقبل التباسا بين الطرفين على 3 مبادىء اساسية:

- اولا: ان المقاومة ليست ميليشيا وحقها في الدفاع عن لبنان مكفول في الدستور، ولهذا فان مقاربة سلاحه مختلفة، وتتم عبر بحث استراتيجية الامن الوطني.

- ثانيا: التزام حزب الله بوقف النار، وقد اثبتت الوقائع انه اوفى بالتزاماته بشهادة القوى الامنية وفي مقدمتها الجيش، وكذلك قوات «اليونيفيل»، وهو تعاون على نحو كامل كما هو متفق عليه جنوب الليطاني، وباتت المنطقة خالية من السلاح والتعاون مستمر مع قيادة الجيش دون اي معوقات او تحفظات.

ثالثا : اما مقاربة سلاح المقاومة ضمن استراتيجية وطنية، فثمة تفاهم واضح بين الجانبين على ان مقاربته ستتم  بعد تحرير النقاط الخمس، واستعادة الاسرى، ووقف الاعتداءات «الاسرائيلية» على الاراضي اللبنانية. وهي تفاهمات تحفظ السيادة اللبنانية وتضع المجتمع الدولي وفي مقدمته واشنطن امام مسؤولياتها، اذا ارادت ان يعود الاستقرار الى جانبي الحدود.

عوكر: سحب السلاح بسرعة

وفي تعليق على زيارة مساعدة موفد الرئيس الأميركي إلى الشرق الأوسط مورغان أورتاغوس، أعلنت السفارة الأميركية في لبنان، في منشور على حسابها عبر منصة «إكس»، أنّ « أورتاغوس أبدت سعادتها بالعودة إلى لبنان ولقاء الرؤساء الثلاثة»، وأشار البيان الى «أن المناقشات الصريحة أسهمت في دفع لبنان نحو حقبة جديدة، وهو ما يعني نزع سلاح حزب الله بسرعة، وسن إصلاحات لإنهاء الفساد، وتوفير حكومة مفتوحة وشفافة بحيث يكون لدى جميع اللبنانيين الإيمان والثقة في دولتهم.»

اما وزير خارجية العدو جدعون ساعر فعبر بوضوح عن نيات حكومة الاحتلال، حين زعم ان «اسرائيل» ترغب في السلام مع لبنان، لكن حزب الله يمثّل العقبة الكبرى، وقال « السلام مع لبنان ممكن، إن فرض الجيش اللبناني سيطرته على لبنان كله»!

التهويل مستمرّ

ولم تتوقف حملة التهويل الممنهجة من قبل اطراف داخلية لبنانية تستعجل طرح ملف سلاح حزب الله على الطاولة، وتولى زوار «معراب» التحذير من «الغضب» الاميركي، الذي قد يتحول «ضوء اخضر» لـ «اسرائيل» كي تستأنف الحرب، معتبرين ان ما جاءت به اورتاغوس كـ «الفرصة الاخيرة»، ولا ينفع معها «التذاكي» اللبناني، لان واشنطن تريد ذلك بشكل سريع.

فيما لم تخف اجواء رئيس «القوات اللبنانية» سمير جعجع «المنتشي» بدخول المبعوثة الاميركية الى لبنان عبر بوابة «معراب»، تململه من موقف الرئيس عون ووصف مواقفه بالتردد، الذي يلغي مفاعيل خطاب القسم ويورط لبنان في مشاكل بغنى عنها؟!

جيش الاحتلال منهك!

وفيما يهول البعض ويهدد «بالعصا الاسرائيلية»، كشفت صحيفة «يديعوت احرونوت» عن نقص حاد في جهوزية جيش الاحتلال بخوض حروب جديدة، وقالت «لا تحسدوا رئيس الاركان  أيال زامير، فحياته مع الحكومة ليست سهلة، وستأتي اللحظة التي يجبر فيها على مخاطبة وزراء «الكابنيت» بالقول : لا تتوقعوا مني حرباً في أربع أو خمس جبهات دون مقاتلين، وتمولون وتشجعون التملص دون مقاتلين». وكشفت الصحيفة إن «الامتثال لخدمة الاحتياط آخذة في التقلص، الجنود ليسوا متحمسين للعودة، والوحدات تخرج إلى الميدان بحجم ناقص، والجيش النظامي متوتر تحت أقصى الطرف ومنهك، والنتيجة أداء غير كاف وتآكل في الانضباط.»

حرارة اللقاء بين عون وبري؟

 وكان رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون بحث مع رئيس مجلس النواب نبيه بري في التطورات في الجنوب، إضافةً إلى نتائج زيارة أورتاغوس، والخطوات الواجب انجازها بعد الزيارة، الى وجوب الاسراع في بت القوانين الاصلاحية في مجلس النواب. وكان الاستقبال الحار من قبل عون لبري واضحا ومقصودا امام الاعلاميين، بهدف ارسال رسالة واضحة الى من يعنيهم الامر، بان التفاهمات تامة بين الرجلين حول كل الملفات، والموقف موحد حول القضايا المطروحة للتفاوض مع الاميركيين، بعكس ما اوحت به اورتاغوس في حديث اعلامي قبل مغادرتها.

ووفق المعلومات، تم التفاهم على تسريع القوانين الاصلاحية من خلال التعاون مع الحكومة، فيما جرى تجديد التفاهم على مسألة مناقشة ملف حصرية السلاح ضمن استراتيجية الامن الوطني.

الرئيس يحسم الاولويات

وقد حسم الرئيس عون امام وفد من «مجموعة  العمل الأميركية  لدعم لبنان» برئاسة ادوارد غابريل موقف لبنان الموحد، مؤكدا «ان الإصلاحات وسحب السلاح هما مطلبان لبنانيان كما هما مطلبان للمجتمع الدولي والولايات المتحدة الأميركية، ونحن ملتزمون العمل من اجل تحقيقهما».

وردا على سؤال حول رؤيته لطريقة سحب سلاح حزب الله، أكد الرئيس عون على «أهمية اللجوء الى الحوار، وكما  قلت في خطاب القسم، لا يوجد مكان لأي أسلحة، أو أي مجموعات مسلحة، إلا ضمن إطار الدولة. والمسائل تحل بالتواصل والحوار، ففي نهاية المطاف، حزب الله هو مكون لبناني.» وقال: «نحن سنبدأ قريبًا في العمل على صياغة استراتيجية الأمن الوطني، التي تنبثق منها استراتيجية الدفاع الوطني.»

وشدد رئيس الجمهورية على «ان الموقف اللبناني موحد، وجميعنا ملتزم العمل باتجاه الهدف عينه. أحيانًا يكون لدينا اختلاف في الرأي، وهذا أمر طبيعي وهو يشكل جوهر الديموقراطية. علينا أن نناقش ونتحاور. وفي النهاية هدفنا واحد». وشدد على «ان لبنان بحاجة الى الوقت والمساحة لحل الأمور بروية»، مشيرا الى ان «بقاء إسرائيل في النقاط الخمس التي احتلتها لن يكون مفيدا للبنان لكن يعقد الوضع اكثر، لذلك نطالب الولايات المتحدة بالضغط على «إسرائيل» للانسحاب منها.» ولفت الى «ان الحكومة قبل ثلاثة أسابيع، وافقت على تجنيد 4500 جندي لزيادة استعدادنا في الجنوب».

رسالة اميركية؟

وكان غابريل اشار الى انه يحمل رسالة من واشنطن تؤكد على «ضرورة نزع سلاح حزب الله، واجراء الإصلاحات اللازمة لحصول لبنان على المساعدات المالية، وان العاصمة الأميركية تتطلع الى ان تتم التغييرات على هذا الصعيد  بشكل سريع». وقال: «لقد كانت هناك إشادة كبرى بالعمل الذي قام به الجيش اللبناني، وبالعمل الجيد الذي قمتم به أنتم أيضاً. وأعلم أن مساهمتكم في ذلك كانت مهمةجدا.» أضاف: «لا يزال هناك الكثير من الأمور التي يجب إنجازها، وقد تمت إحاطتنا علماً بها. وكلما تم تنفيذها بسرعة، استطعنا مساعدتكم بشكل أسرع». وكشف عن «مشروع قانون تمويل في الكونغرس الأميركي يتم التحضير له للسنة المقبلة، وعن ثلاثة مشاريع قوانين مهمة ضمن الحزمة الاقتصادية».

سلام وحصرية السلاح

وفي وقت لاحق، أكد الرئيس  سلام امام الوفد أن «الحكومة مصممة على تطبيق خطتها للإصلاح ، ومواصلة العمل لحصر السلاح بيد الدولة، وبسط سلطتها على كامل أراضيها». وأشار إلى «أن الاصلاحات المالية انطلقت من خلال مشروع قانون رفع السرية المصرفية ومشروع اصلاح القطاع المصرفي، بالإضافة إلى إقرار آلية للتعيينات الادارية التي دخلت حيز التنفيذ من خلال فتح الباب للترشح لتعيين رئيس مجلس الإنماء والإعمار».

حزب الله : منعطف خطر

في غضون ذلك، اعلن عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب علي فياض، في كلمة ألقاها خلال تشييع حزب الله لثلة من الشهداء في بلدة طلوسة الجنوبية ان «من موقع ادراكنا بخصوصية المرحلة وتعقيداتها والتهديدات والتحديات التي نواجهها، نعتبر أن الوطن مهدد في أرضه وامنه من العدو «الاسرائيلي»، ومهدد في قراره السيادي الذي يتعرض للاستباحة والمصادرة، وإلا كيف يفسرون هذا التدخل الخارجي في التعيينات الادارية والقضائية والمالية والعسكرية؟ وكيف لهم أن يبرروا هذا التدخل السافر في الملفات الإصلاحية المالية والنقدية والإدارية التي تتصل ببناء الدولة»؟

وقال «إن كل ذلك يؤكد أن بلدنا يمر في منعطف خطر حافل بالتحديات، وعلى كل القوى والشخصيات الشريفة الحريصة على سيادة البلد واستقلاله، أن تضافر جهودها المشتركة لمواجهة التحديات».

اعتداءات وشهداء

ميدانيا، واصلت «اسرائيل» عربدتها ، ونفذت سلسلة من الاغتيالات، حيث سقط شهيدان سوريان على دراجة نارية، وإصيب مواطن  في غارة على طريق الدردارة - سهل الخيام، كما نفذت مسيّرة «اسرائيلية» غارة أمام محل لتصليح الدراجات النارية في بلدة الطيبة في قضاء صور، وأسفر الهجوم، بحسب وزارة الصحة عن سقوط شهيد. 

وبعد الظهر تم استهداف سيارة في بيت ليف، وأفيد عن اصابة سائقها بجروح . كما استهدفت مسيرة تلة الكنيسة بين بلدتي الطيبة ورب ثلاثين بقنابل صوتية.

 الامن الداخلي تحت السيطرة

في هذا الوقت، اكد قائد الجيش العماد رودولف هيكل لنقيب محرري الصحافة اللبنانية جوزف القصيفي إن «الجيش اللبناني ملتزم بتنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي الرقم 1701، وقرار وقف إطلاق النار الصادر عن هذا المجلس، وهو منتشر في منطقة جنوب الليطاني، ويقوم بمهماته دون إبطاء أو معوقات بالتعاون الكامل مع المجتمع الجنوبي في تلك المنطقة». واضاف  إن «انسحاب العدو «الاسرائيلي» يجب أن يتم اليوم قبل الغد من المناطق التي يحتلها، لأن هذا الانسحاب يؤدي إلى الاستقرار ويوطد حضور الدولة الفاعل في كل المناطق اللبنانية».

وعن الأمن في الداخل قال: «الأمن في الداخل هو تحت السيطرة بالتنسيق مع سائر الأجهزة الامنية اللبنانية».


الأكثر قراءة

دونالد ترامب لا يريد الانتحار