تعتبر إكزيما اليدين من أكثر الأمراض الجلدية شيوعًا، وتؤثر بشكل مباشر في حياة المصابين بها. وهي حالة التهابية تصيب الطبقة الخارجية من الجلد، وتترافق غالبًا مع أعراض مزعجة كالحكة الشديدة، والاحمرار، والجفاف، وفي بعض الأحيان قد تصل إلى التشقق والنزيف. ورغم أنها ليست من الأمراض المعدية، فإن آثارها في المصاب قد تكون مزعجة ومؤلمة، خصوصًا إذا تحولت إلى حالة مزمنة أو تُركت دون علاج.
تتعدد أسباب الإصابة بإكزيما اليدين، وتختلف من شخص إلى آخر. غالبًا ما تنشأ نتيجة تعرض الجلد لمواد كيميائية مهيجة مثل الصابون القوي، المعقمات، والمنظفات المنزلية. كذلك، فإن الاستخدام المتكرر للماء أو ارتداء القفازات لفترات طويلة قد يزيد من فرص الإصابة. إلى جانب العوامل الخارجية، هناك أيضًا أسباب داخلية تؤدي دورًا مهمًا، مثل الاستعداد الوراثي، أو ضعف الجهاز المناعي، أو الإصابة بأمراض جلدية مزمنة، كما أن التوتر النفسي والانفعالات الحادة قد يُساهمان في تفاقم الحالة.
وتختلف حدة الأعراض باختلاف شدة الإصابة. فقد تكون الأعراض خفيفة وتظهر على شكل جفاف بسيط في الجلد مع حكة خفيفة، بينما في الحالات المتوسطة، قد تظهر بقع حمراء متقشرة مصحوبة بحكة شديدة وإحساس بالحرق. أما في الحالات الشديدة، فقد تظهر تشققات عميقة في الجلد، وتقرحات، وحتى نزيف، مما يفتح المجال أمام الالتهابات البكتيرية ويجعل الوضع أكثر تعقيدًا.
لكن السؤال الأهم هو: متى تصبح إكزيما اليدين خطيرة؟ تُعد الإكزيما خطرة عندما تبدأ بالتأثير سلبًا على حياة المصاب اليومية، سواء من حيث القدرة على العمل أو أداء الأنشطة البسيطة كالغسيل أو الطبخ أو ارتداء الملابس. كما تزداد خطورتها إذا تطورت إلى التهاب جلدي حاد، وهو ما قد يحدث عند دخول البكتيريا من خلال الشقوق الجلدية المفتوحة. من العلامات التي تستدعي القلق: ظهور إفرازات صفراء أو قيح، ارتفاع حرارة المنطقة المصابة، الشعور بالألم الشديد، أو ملاحظة أن الحالة لا تتحسن رغم استخدام العلاجات الموضعية. في هذه الحالة، يجب التوجه فورًا إلى طبيب الجلدية لتلقي العلاج المناسب قبل أن تتفاقم المضاعفات.
من ناحية الوقاية، فإن اتباع روتين عناية يومي دقيق يُعدّ حجر الأساس في الحد من نوبات إكزيما اليدين وتقليل شدّتها، بل وقد يساهم في منع عودتها بالكامل لدى بعض المرضى. تبدأ الوقاية من أبسط التفاصيل، مثل ترطيب اليدين بانتظام، خاصة بعد غسلها أو التعرض لأي مادة قد تسبب الجفاف. من المهم اختيار مرطّبات طبية عالية الجودة، خالية من العطور، والكحول، والمواد الحافظة التي قد تُسبب تهيجًا للبشرة الحساسة. ويفضل استخدام كريمات ذات تركيبة سميكة وفعالة في حبس الرطوبة داخل الجلد، مثل تلك التي تحتوي على السيراميد أو الفازلين.
كما يُنصح بارتداء قفازات واقية عند القيام بالأعمال المنزلية التي تتطلب استخدام مواد تنظيف قوية، أو عند غسل الصحون لفترة طويلة. مع ذلك، يجب الحذر من ارتداء القفازات لفترة طويلة دون تهوية، لأن التعرق داخلها قد يُفاقم الحالة، لذا يُفضل ارتداء قفازات قطنية تحت القفازات المطاطية لتقليل التهيّج.
من الضروري أيضًا اختيار منتجات العناية الشخصية بعناية فائقة. فيجب تجنّب الصابون العادي القاسي أو الغني بالعطور، واستبداله بصابون لطيف مخصّص للبشرة الجافة أو المصابة بالإكزيما. كما يُفضل استخدام الماء الفاتر بدلًا من الساخن عند غسل اليدين، لأن الحرارة المرتفعة تزيد من جفاف الجلد وتهيجه.
هذا وتلعب العوامل النفسية دورًا لا يقل أهمية عن العوامل الفيزيائية. فالتوتر، والقلق، وقلة النوم، جميعها يمكن أن تُسبب تفاقمًا في أعراض الإكزيما، أو تُحفّز ظهورها مجددًا بعد فترة هدوء. لذلك، من المهم ممارسة تقنيات الاسترخاء مثل التأمل، وتمارين التنفس العميق، واليوغا، أو حتى تخصيص وقت يومي للقيام بنشاط مريح يحسّن الحالة النفسية. وقد يوصي بعض الأطباء بجلسات علاج سلوكي للمصابين بالحالات المزمنة للسيطرة على التوتر النفسي المتكرر.
كذلك لا بد من التنبه إلى العوامل البيئية، مثل التغيّرات الجوية المفاجئة، خصوصًا في الشتاء، حيث تزداد نوبات الإكزيما بسبب برودة الجو وجفاف الهواء. لذلك يُنصح باستخدام جهاز ترطيب الجو داخل المنزل، وارتداء قفازات دافئة عند الخروج لتقليل التأثيرات البيئية على البشرة.
في الختام، إكزيما اليدين ليست مجرد حالة جلدية سطحية، بل قد تتحوّل إلى مشكلة صحية مزمنة تؤثر على جودة حياة المريض، ونفسيته، وقدرته على العمل. لذا فإن الالتزام بروتين وقائي دقيق، والانتباه لأبسط التغيرات في البشرة، والتعامل السريع مع أي انتكاسة، يشكلون معًا خط الدفاع الأول في مواجهة هذه الحالة الشائعة والمزعجة.
يتم قراءة الآن
-
عون في مُواجهة المخاطر: اشهد اني قد بلّغت لبنان بين خطابين... تباين لكن لا صدام داخلي إسرائيل تصعد...واتصالات لمنع انفجار الحكومة
-
هل تغزو الفصائل السوريّة البقاع؟
-
جهد رئاسي للوصول الى صيغة توافقيّة لحصريّة السلاح... وإلّا المجهول؟ حزب الله يزور عون في الرابية الاثنين... ولقاء قريب مع جنبلاط الانتخابات النيابيّة مفصليّة: الحريريّون باشروا التحضيرات... وتحالف «الاشتراكي» و«القوات»
-
الطفلة التي حاورت زياد قبل 29 عاماً: "منحبّك كتير بلا ولا شي"...
الأكثر قراءة
عاجل 24/7
-
10:32
النائب ابراهيم كنعان للـ LBCI: تبلّغت رسمياً من موفد الرئيس الفرنسي أن قانون اصلاح المصارف كما قانون السرية المصرفية قبله والانتظام المالي واسترداد الودائع شرط أساسي لعملية التعامل مع لبنان وتنظيم مؤتمر الدول المانحة للبنان في الخريف المقبل
-
10:26
استطلاع لصحيفة "معاريف" الإسرائيلية: 61% من الإسرائيليين قلقون من السفر إلى دول الإتحاد الأوروبي خشية التعرض لاعتداءات
-
09:56
"يسرائيل هيوم": بعض المواقع الإسرائيلية توقفت إثر الهجوم السيبراني وأخرى نشرت فيها رسائل سياسية
-
09:55
"يسرائيل هيوم": تعرض مواقع رياضية إسرائيلية معروفة لهجوم سيبراني واسع مصدره قطاع غزة
-
09:39
وزارة الصحة في غزة: "شاحنات تحمل أدوية ومستلزمات طبية ستدخل القطاع اليوم
-
09:36
مدير الإغاثة الطبية بغزة للجزيرة: أدوية مرضى السكري لا تدخل والكثير من النساء الحوامل يعانين من سوء التغذية
