ماذا يمكن أن يفعل بنيامين نتنياهو لتقويض المفاوضات بين الولايات المتحدة وايران ؟ لا نتصور أنه سيفاجئ الجنرال مايكل كوريلا، قائد القيادة الوسطى الأميركية، باعطاء الأوامر الى قاذفاته بتدمير المنشآت النووية الايرانية، بعدما أبلغه كوريلا وجهاً لوجه، أن التعامل العسكري مع الجمهورية الاسلامية يتعلق بالأمن الاستراتيجي لبلاده.
لكنه الرجل الذي قالت "هاآرتس " انه يجلس فوق قنبلة موقوتة قد تنفجر فيه في أي لحظة، بعدما بدأت أصوات الاعتراض من ضباط وطياري الاحتياط تجد صداها وبقوة، داخل المؤسسة العسكرية. التعليقات تتحدث عن جيش منهك، وعن صدمات سيكولوجية قد تتولد عنها "متلازمة غزة" Ghaza syndrome ، على شاكلة "متلازمة فيتنام" Vietnam syndrome التي اصابت آلاف العسكريين الأميركيين. الى ذلك التظاهرات اليومية التي يعتبر المشاركون فيها، أن رئيس الحكومة يربط بقاءه في السلطة ببقاء الرهائن، ولو موتى، في قبضة حماس.
صحيفة "اسرائيل هيوم" كانت قد نقلت عن أطراف في الائتلاف، أن ستيفن ويتكوف وعباس عراقجي سيشتبكان بالأيدي في الجلسة الأولى من محادثات مسقط، وفي أجواء تشي بأن نتنياهو يواجه ما يشبه الصدمة، بسبب الاختلاف بينه وبين دونالد ترامب حول التعاطي مع الحالة الايرانية. فارق شاسع بين التغيير بالقاذفات النووية والتغيير بالقفازات الحريرية، خصوصاً مع قناعة البنتاغون، وكذلك وكالات الاستخبارات، بأن الايرانيين لم يحاولوا البتة ملامسة القنبلة، لا بل أن الوساطات التي جرت وراء الضوء، أظهرت استعدادهم للانفتاح الديبلوماسي، وحتى للانفتاح الاستراتيجي على الولايات المتحدة.
استطلاعات الرأي تشير الى أن أحزاب الائتلاف في مأزق صعب، حتى وان كان الاعصار الايديولوجي قد انبعث بقوة في العقدين الأخيرين. "الليكود" أمام تراجع دراماتيكي، بعدما شهد ذروة التألق في عهد الثنائي مناحيم بيغن وآرييل شارون. لكن الأول انتهى بسبب التجربة المريرة في لبنان داخل بطانية الصوف، والثاني دخل في غيبوبة ما لبثت أن تحولت الى غيبويبة ابدية. تكهنات كثيرة حول نهاية نتنياهو، بعدما ذهب بعيداً في لعبة النار وفي لعبة الدم، دون أن يمتلك أي تصور لليوم التالي، وهنا نقطة الضعف القاتلة، وحيث بدا أن العملية العسكرية التي جعلت غزة تتعدى "هيروشيما القرن"، تدور في حلقة مفرغة.
باستطاعته القول أنه دمر كل القوى المعادية "لاسرائيل". قواته على الأرض في غزة، وفي لبنان، وفي سوريا، كما أن العمليات المبرمجة في الضفة حالت دون أي انفجار واسع النطاق فيها. لكن السؤال يبقى "وماذا بعد" ؟ الجبهات الثلاث مفتوحة ودون أن يصل الى اي من أهدافه، ان في ترحيل الفلسطينيين الى سيناء والى الضفة الشرقية، أو في حمل اللبنانيين والسوريين على الذهاب سيراً على الأقدام الى أورشليم.
نتنياهو يدرك أن توصل الأميركيين والايرانيين الى اتفاق حول البرنامج النووي، بالتالي وقف الصراع، وبدء مرحلة فتح الأبواب، يعني أن نهايته السياسية قد دنت. ولعل الكثيرين يلاحظون أن الايرانيين لا يمارسون هذه المرة، هوايتهم في اللعب على حافة الهاوية، خشية السقوط فيها. الرجل الذي في البيت الأبيض هو دونالد ترامب لا جو بايدن، الذي احتار خصومه أهو البطة العرجاء أم الدجاجة العرجاء. الرجل الآن من وصفه بوب وودورد وروبرت كوستا في كتابهما Peril ، بالكائن البشري الذي تخرج النيران من اذنيه.
في هذا السياق، يبدو أن رئيس "الموساد" دافيد بارنياع مصاب بخلل في الخيال. حالة من البارانويا يعيشها الجهاز، ما بدا جلياً في تقاريره الأخيرة حول الخطة الخاصة، بنقل الاسلحة من ايران الى حزب الله الأمر المستحيل، غير الوارد على الاطلاق لا في طهران ولا في الضاحية الجنوبية. التقارير تتحدث عن انطلاق البواخر من الموانئ الايرانية في اتجاه مصر، أو في اتجاه السودان، وحتى ليبيا. ومن هناك الى مرفأ بيروت، أو الى المياه الاقليمية اللبنانية، كما لو أن الأسطول الأميركي، ومعه الأقمار الصناعية والمسيرات، لا تراقب حتى طيور النورس على الشواطئ الايرانية، ناهيك عن أن "الاسرائيليين" يرصدون كل سفينة تتجه نحو لبنان، مع وجود قطع بحرية تابعة لقوات الطوارئ الدولية، تتولى تفتيش كل باخرة يشتبه بحمولتها.
الكلام الاستخبارتي، الكوميدي أيضاً، عن الطريق بين ايران والعراق وسوريا ولبنان، والمفتوحة بطريقة أو بأخرى (هل من نفق يمتد من جنوب ايران الى جنوب لبنان ؟). فات "الموساد" أن الايرانيين خططوا لنقل الأسلحة الى حزب الله عبرالأراضي "الاسرائيلية" باعتبارها الأكثر أماناً، لتبرير القيام بعملية عسكرية تحول دون سقوط نتنياهو على طاولة ويتكوف وعراقجي، اللذين قد يتبادلان القبلات هذه المرة، الا اذا كانت جلسة الغد مخصصة لمسائل تقنية، ويقتصر الحضور على الخبراء من الجانبين.
نتوقف هنا عند الاشارات الديبلوماسية التي تتحدث عن محاولات "جادة" يقوم بها "اللوبي اليهودي"، لاثارة الخلاف بين أعضاء الفريق الرئاسي الأميركي حول مسار المحادثات، وهذه نقطة مؤثرة بطبيعة الحال، وان كانت الكلمة الأخيرة لترامب.
لا تفاؤل ولا تشاؤم. لا شك أن المشهد الاقليمي في منتهى التعقيد. ماذا في رأس بنيامين نتنياهو؟ نكتب وطائرة الـ MK تحلق فوق رؤوسنا...
يتم قراءة الآن
-
من هو الشريك المسيحي الذي يراهن عليه في لبنان؟ جنبلاط صاحب قرار "الحرب والسلم" في الجبل... يختار المصالحة وشريكه فيها
-
سورية تتعرّى من عظامها
-
استنفار أمني وسياسي «لنأي» لبنان عن الفتنة السورية تبريرات اسرائيلية مقلقة لعدوانها...هل تمهّد للتصعيد؟
-
هل وقعت السويداء في فخ الخريطة الجديدة؟ قراءة في أبعاد التدخل الإسرائيلي
الأكثر قراءة
عاجل 24/7
-
23:31
الرئاسة السورية: الجهات المختصة تعمل لإرسال قوة لفض الاشتباك وحل النزاع بالسويداء بالتوازي مع إجراءات سياسية.
-
23:31
الرئاسة السورية: الهجوم على العائلات الآمنة والتعدي على كرامة الناس أمر مدان ومرفوض ولن يقبل بأي ذريعة.
-
23:30
الرئاسة السورية: لا نقابل الفوضى بالفوضى بل نحمي القانون بالقانون ونرد على التعدي بالعدالة، وسوريا دولة لكل أبنائها بمختلف انتماءاتهم ومكوناتهم من الطائفة الدرزية والبدو على حد سواء.
-
23:30
الرئاسة السورية: ندعو كل الأطراف لضبط النفس وتغليب صوت العقل ونؤكد بذل جهود لإيقاف الاقتتال وضبط الانتهاكات.
-
23:29
الرئاسة السورية: الأحداث المؤسفة بالجنوب سببها اتخاذ مجموعات خارجة عن القانون السلاح وسيلة لفرض أمر واقع، وننطلق في موقفنا من أحداث الجنوب السوري من الحرص على السلم الأهلي لا منطق الانتقام.
-
23:22
شعبة "المعلومات" أوقفت السجين الثالث بين السجناء الـ 9 الفارين من سجن درك النبطية في جنوب لبنان.
