انتهت اجتماعات الربيع لمجموعتَي البنك الدولي وصندوق النقد الدولي التي امتدت من 21 الى 26 نيسان الحالي بحيث حضرت وفود وزارية ونيابية وحكام البنوك المركزية من أكثر من مئة دولة ومن بين هذه الوفود الوفد اللبناني الذي ضم وزير المال ياسين جابر ووزير الاقتصاد عامر البساط وحاكم مصرف لبنان كريم سعيد، ومستشاري رئيس الجمهورية جوزاف عون.
وبدعوة من الصندوق والبنك الدولي شارك في هذه الإجتماعات رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان الذي عقد لقاءات مع المؤسسات المالية الدولية والإدارة الأميركية في البيت الأبيض ووزارة الخزانة.
ربما هذه ليست المرة الأولى الذي يشارك فيها لبنان في لقاءات صندوق النقد الدولي أملاً بإبرام إتفاق معه بغية الحصول على قرض ومن ورائه فتح الأبواب أمام لبنان بوجه المجتمع الدولي من أجل مساعدته وعودة الثقة إلى هذا البلد الغارق في وحول الأزمات على جميع أنواعها ، لكن هذه المرة يبدو ان الأمور تختلف عن السابق وتحمل بعض الإيجابية لجهة إمكانية التوصل إلى إتفاق مع الصندوق، إذ أن الوفد اللبناني حمل في جعبته تعهدات ووعود إضافية تؤكد بأنّ لبنان سلك بالفعل طريق الإصلاح ويسعى للذهاب أبعد من ذلك بتنفيذ كل متطلبات الصندوق .
ولهذا المبتغى كانت الحكومة سارعت لإقرار تعديل قانون السريّة المصرفيّة ومشروع قانون معالجة أوضاع المصارف وإعادة تنظيمها قبل موعد هذه الاجتماعات وربطت دخول القانون المتعلق بالمصارف حيّز التنفيذ بإقرار قانون معالجة الفجوة الماليّة أو توزيع الخسائر.
وبغض النظر عما إذا كان مشروع قانون معالجة أوضاع المصارف مطلباً لصندوق النقد الدولي السؤال الأهم يبقى حول مدى أهميته وانعكاسه على الإقتصاد وإمكانية مساهمته في حل أزمة المودعين .
في هذا الإطار يقول الباحث في كلية سليمان العليان للأعمال (OSB) في الجامعة الأميركية في بيروت (AUB)، استراتيجي مخاطر، اقتصادي سياسي ونقدي الدكتور محمد فحيلي في حديث للديار القانون هو معالجة اوضاع المصارف وإعادة تنظيمها ومن المهم جداً لها بل أمر أساسي أن لا نقيٍمه على أساس أنه قانون إعادة هيكلة المصارف ،لأن إعادة الهيكلة بحاجة إلى موارد لبنان لا يمتلكها وبحاجة أيضاً لثقة غير موجودة لدى القطاع المصرفي ،مؤكداً أنه مهما تمكنت المصارف من تأمين رأسمال وسيولة فإذا لم تتوفر الثقة فعودة إنتظام القطاع المصرفي لن تتأمن،" وهذا أمر مهم جداً".
وفي محاولة لوضعه توصيف موجز وسريع لمشروع قانون الحكومة حول إصلاح القطاع المصرفي أطلق فحيلي عليه عبارة إطلاق عجلة عودة الإنتظام إلى العمل المصرفي، لأنه في الخطوط العريضة يطلب هذا مشروع القانون من المصارف القادرة على خدمة الإقتصاد أن تقوم بعملها وهذه المصارف موجودة منذ أكثر من سنتين ولكنها مترددة، لأن المصارف التجارية الموجودة في لبنان اتفقت مع بعضها البعض على أن يأتي الحل من الدولة بحجم واحد للجميع، معتبراً أن هذا الأمر مستحيل سيما وأن الرئيس ميقاتي حاول أن يذهب في هذا الإتجاه لكن كل محاولاته باءت بالفشل .
ووفقاً لفحيلي الحكومة الحالية تعمل بطريقة مختلفة ولم تذهب باتجاه قانون الكابيتال كونترول ولا قانون معالجة الودائع ولا قانون إعادة هيكلة المصارف، بل هي تقوم بخطوات مدروسة وممكنة وهي إطلاق عجلة عودة الإنتظام إلى القطاع المصرفي ، مؤكداً أن هذا مشروع القانون لا يتطرق إلى موضوع معالجة الودائع ولكن يقول بالأسباب الموجبة إطلاق عجلة عودة الإنتظام إلى القطاع المصرفي، " ومن المؤكد أنه سيساهم في معالجة أوضاع الودائع سيما الودائع الصغيرة إنطلاقاً من المبالغ المحمية بمؤسسة ضمان الودائع وصولاً إلى عتبة الودائع الصغيرة التي ستحدد لاحقاً وحالياً يتم التداول بـ ١٠٠ ألف دولار ".
ويتوقع فحيلي إذا سار مشروع القانون في المسار الصحيح ان تتم غربلته في لجنة المال والموازنة ثم في لجنة الإدارة والعدل، إلا إذا ارتقى رئيس مجلس النواب نبيه بري طرحه على اللجان المشتركة مباشرةً، "عندها سيقر كما هو أي أننا ذاهبون باتجاه إقرار القانون بطريقة صورية وهذا الأمر فيه خطورة كبيرة لأن تداعياته ستكون سلبية".
ويلفت فحيلي إلى أن هناك مادة في مشروع القانون تعطف تنفيذ هذا القانون إذا تم إقراره في مجلس النواب على القانون الذي ينظم العلاقة بين المؤسسات المصرفية التجارية والمودعين وقانون آخر يصل إلى مستوى إعادة هيكلة المصارف بشكل أن يتم تطبيق القوانين الثلاثة في رزمة واحدة، معتبراً أنه في هذه الحالة يتم التأسيس لعودة إنتظام العمل في القطاع المالي.
ولكن يرى فحيلي ان هناك ثغرة أساسية وهي أن عودة الإنتظام إلى القطاع المالي يجب أن تكون أولاً من بوابة عودة المصارف القادرة على خدمة الإقتصاد إلى خدمة الإقتصاد ،" وهذا الأمر يكون من خلال إنشاء آلية للتواصل الإيجابي والمنتج مع مودعيها للإتفاق على كيفية جدولة الودائع".
ويشرح فحيلي كيفية جدولة الودائع أي طمأنة المودع على أمواله وتأمين الوصول إليها وفق التراتبية التالية:
أولاً: لتامين تمويل فاتورة الإستهلاك
ثانياً؛ لتأمين تمويل فاتورة الطبابة إذا استدعى الأمر مع توفر المستندات المطلوبة
ثالثاً: تأمين فاتورة التعليم مع توفر المستندات " وهذا حالياً مستحيل"
رابعاً: ولاحقاً إذا أراد المودع أن يشتري منزلاً او أرضاً فعلى المصارف أن تؤمن له السيولة.
وتحدث فحيلي عن شروط أخرى يجب توفرها لعودة الإنتظام إلى القطاع المالي بشكل جيد، منها رفع لبنان عن اللائحة الرمادية من قبل مجموعة العمل المالي وشرط آخر يتعلق بإعادة هيكلة الدين العام، وصولاً إلى تحسين تصنيف لبنان الإئتماني وخروج المصارف اللبنانية التجارية من تحت عباءة التعثر الذي فُرض عليها بعد قرار حكومة حسان دياب بالتوقف عن خدمة الدين العام.
ويرى فحيلي أن إعادة هيكلة المصارف او تنظيم العمل المصرفي أو معالجة اوضاع المصارف أو قانون تنظيم العلاقة بين المصارف والمودعين، لن يعيد الإنتظام إلى القطاع المصرفي بل عودة المصارف القادرة على خدمة الإقتصاد إلى خدمة الإقتصاد والتواصل الإيجابي والمنتج مع مودعيها يطلق عجلة ترميم الثقة، لأنه من دون ثقة لا يوجد إنتظام، معتبراً أن اليوم لا يوجد قطاع مصرفي بل هناك ثلاث مجموعات للمصارف مجموعة قادرة على العودة لخدمة الإقتصاد ويجب أن تبدأ بأسرع وقت ومجموعة ثانية تحتاج إلى بعض الدعم لجهة السيولة ورأس المال وكلفة دعمها ليست كبيرة وممكن أن تعالج من خلال الدمج او ضخ رأسمال جديد من قبل كبار مساهميها، و المجموعة الثالثة يجب ان تذهب نحو التصفية.
الأكثر قراءة
عاجل 24/7
-
23:31
بارو: جزء كبير من مستقبلنا يعتمد على كيفية انتهاء الحرب العدوانية في أوكرانيا، والصين قد تملأ الفراغ في حال انسحاب الولايات المتحدة من التعددية العالمية.
-
23:29
بارو: نعتقد أنه لا يوجد حل عسكري للملف النووي الإيراني، وندعم المحادثات بين الولايات المتحدة وإيران، وإذا اخترنا المواجهة لا التعاون سنخسر الكثير ولنا خصوم كبار مستفيدون من الحرب التجارية.
-
23:28
وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو: أي محاولة عسكرية لحل الملف النووي الإيراني ستكون تكاليفها باهظة ولا نرغب في تحملها.
-
22:59
مدير أمن ريف دمشق: الاتفاق ينص على تسليم السلاح الفردي غير المرخص وحصر السلاح بيد الدولة.
-
22:58
الحزب التقدمي الاشتراكي: اتفاق بين الإدارة السورية وأبناء جرمانا على ترتيبات سلمية تنزع بذور الفتنة، ونأمل التزام الأطراف المعنية باتفاق جرمانا ليعود الهدوء والاستقرار للمنطقة.
-
22:58
مدير أمن ريف دمشق: اتفاق بشأن مدينة جرمانا بين مندوبين عن الحكومة السورية ووجهاء المدينة، وهو ينص على تسليم السلاح الثقيل فورا وزيادة انتشار قوات الأمن في جرمانا.
