لم تستكمل الدولة اللبنانية التعيينات الإدارية والقضائية والتشكيلات الديبلوماسية بالوتيرة نفسها، التي أنجزت فيها التعيينات العسكرية والأمنية، لاصطدامها مجدّداً بمبدأ المحاصصة السياسية والتوزيع الطائفي، في حين أنّ تمرير التعيينات الأمنية كانت مطلباً ملحّاً من قبل دول الخارج. وإذ تدخل التشكيلات القضائية وبقية التعيينات الإدارية والقضائية ضمن الإصلاحات المطلوبة، لكن يبدو أنّها تصطدم، على ما جرت العادة، بالحصص والمحسوبيات، رغم الحديث عن عهد جديد وتغييري.
على صعيد التشكيلات والترفيعات الديبلوماسية، أكّدت أوساط ديبلوماسية مطّلعة أنّ وزير الخارجية والمغتربين يوسف رجّي قد عمل منذ تولّيه منصبه على هذا الملف، الذي يتضمّن 74 سفارة بينها 3 بعثات (لدى الأمم المتحدة في نيويورك، والأونيسكو في فرنسا، وجنيف في سويسرا) للبنان في الخارج، كونه بات حاجة ملحّة في ظلّ ما يعانيه من نقص وشواغر. فالتشكيلات الديبلوماسية الأخيرة حصلت في عهد الوزير جبران باسيل في 20 تمّوز من العام 2017، في حين لم يتسنّ للوزراء الذين خلفوه مثل ناصيف حتّي وشربل وهبي من إجراء أي تشكيلات. ولم تمرّ التشكيلات في عهد الوزير عبدالله بو حبيب لاعتبارات سياسية، فاكتفى بإجراء مناقلات للفئة الثالثة شملت 60 ديبلوماسياً فقط في تمّوز من العام 2023، كون الفئتين الأولى والثانية تتطلّب موافقة مجلس الوزراء، وكانت حكومة الرئيس نجيب ميقاتي تصرّف الأعمال حينذاك، ما جعل الأمور تتراكم وتُصبح أوضاع غالبية السفراء مخالفة للقانون.
وقام رجّي بوضع المسودة الأولية للتشكيلات، التي لم تتضمّن أسماء السفراء في السفارات الأساسية التي توزّع عُرفاً، على حصص الرئاسات الثلاث، على ما ذكرت الأوساط العليمة، ورفعها الى رئيس الجمهورية جوزاف عون، بعد أن سأل السفراء المعنيين بالتشكيلات والترفيعات في أي بلد يودّون أن يتمّ تعيينهم، انطلاقاً من مبدأ استشارتهم في الأمر، مع تحديد أسماء الدول التي يُمكن أن يعيّنوا فيها بحسب التوزيع الطائفي. وقد تلقّى الإجابات حول أفضلية بعض التشكيلات.
هذا وكشفت الأوساط ان الرواتب انخفضت خلال السنوات الماضية بفعل الأزمة المالية والإقتصادية، ولم تُصحّح على ما كان الوضع عليه في السابق. في حين أنّ رواتب السفراء في الخارج، قد أصابتها التعديلات الطفيفة، إلّا أنّها تُدفع بالإجمال نسبة الى الوضع المعيشي في كلّ بلد، والذي لا يُمكن تخطّيه، ما يجعلها مقبولة أكثر من رواتب الداخل. علماً بأنّ سفارات لبنان في عدد من دول الخارج تشكو من النقص في عدد السفراء والديبلوماسيين والموظّفين، ولا بدّ من سدّ هذه الثغرات.
ولا يُلاقي ملف التشكيلات عقبات في توزيع السفراء على دول العالم، كونه يتبع القيد الطائفي بحسب القانون والأعراف، فعلى أساس الطائفة يُعيّن السفير في هذا البلد دون ذاك، وبما يتوافق أيضاً مع لغته الثانية أو الثالثة التي يُتقنها والى ما هنالك. إلّا أنّ ما يعيق صدور هذه التشكيلات عن مجلس الوزراء حتى اليوم، رغم تسريعه مسألة التعيينات الأمنية والعسكرية، في ما انصبّ عمله أخيراً على إنهاء القوانين المصرفية قبل مغادرة الوفد اللبناني للمشاركة في اجتماعات "الربيع" لصندوق النقد الدولي في واشنطن، على ما تلفت الأوساط الديبلوماسية، هو تعيين السفراء من خارج الملاك. ولا بدّ من اعتماد معايير الكفاءة والنزاهة في هذه التعيينات، سيما وأنّ السفراء الذين ستتمّ تسميتهم، سيتولّون مراكز مهمّة في بعض سفارات وبعثات لبنان الدائمة في الخارج.
فالرئيس عون وضع أسماء السفراء الذين يريدهم في كلّ من باريس وواشنطن والفاتيكان، لكنه لا يزال يحتفظ بها، في الوقت الذي لا يزال فيه رئيس الحكومة نوّاف سلام يتمهّل في تسمية السفراء السنّة في كلّ من بعثته الدائمة في نيويورك وفي الأونيسكو أيضاً الى جانب السعودية. أمّا رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي فقد حسم أمر تسمية السفراء من حصّته، التي أتت على النحو الآتي: حسين حيدر (سويسرا)، فرح برّي (لندن)، أسامة خشّاب (طوكيو)، وليد حيدر (بلجيكا)، وبلال قبلان (قطر).
وثمّة مشكلة أخرى تُواجه هذا الملف، على ما أشارت الأوساط المطّلعة، هي العدد الكبير للسفراء اللبنانيين في الخارج، والذي مضى على تعيينهم سنوات عديدة، أي أكثر ممّا يُفترض، إذ لا يجب بقاء أي سفير أكثر من 7 سنوات في الخارج، ما يفرض عليه العودة الى الإدارة المركزية. في حين أنّ السفراء العاملين في الإدارة المركزية وعددهم لا يتعدّى الـ 15 سفيراً، والذين يجب تعيينهم في الخارج، لا يُمكنهم تغطية جميع السفارات، ما يستوجب تعيين ديبلوماسيين من الفئة الثانية بمنصب قائم بالأعمال، بصفة سفير، في بعض هذه السفارات.
بناء عليه، ينتظر ملف التشكيلات الديبلوماسية إحالته الى مجلس الوزراء، بعد استكمال التسميات من قبل جميع الأطراف المعنية، وأن يُبصر النور بعد إيجاد الحلول المناسبة للعقبات التي تعتريه، ومن دون أي خلافات سياسية، لا سيما على الحصّة المسيحية بين الرئيس عون والوزير رجّي. فهل يتمّ اعتماد معايير الكفاءة والنزاهة في هذا الملف دون سواها من المحسوبيات والتدخّلات الخارجية، إنصافاً للسفراء الذين خدموا لبنان في الداخل والخارج في أحلك الظروف؟!
الأكثر قراءة
عاجل 24/7
-
23:29
عدوان أمdركي يستهدف بعدة غارات مديريات بني مطر وبني حشيش وهمدان بمحافظة صنعاء
-
23:05
البنتاغون: وزارة الخارجية وافقت على صفقة قيمتها 1.33 مليار دولار لتزويد بولندا بصواريخ جو - جو متوسطة المدى
-
23:04
القناة 12 الإسرائيلية: إسقاط مسيّرة فوق شبه جزيرة سيناء أطلقت من اليمن في اتجاه "إسرائيل"
-
22:57
الرئيس الأميركي دونالد ترامب: سأزور إفريقيا وسأجري اتصالات مع المسؤولين الأستراليين
-
22:08
الرئيس الأميركي دونالد ترامب: سأزور إفريقيا وسأجري اتصالات مع المسؤولين الأستراليين
-
22:00
وزارة الخارجية الأميركية: بعض مسؤولي السلطة الانتقالية بسوريا موجودون في نيويورك وواشنطن لا تطبع العلاقات مع دمشق في هذه المرحلة
