اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

عندما اختار بايرن ميونيخ، فنسنت كومباني، لتولي المهمة الفنية للفريق خلفًا لتوماس توخيل الصيف الماضي، تساءل البعض عما إذا كان المدرب الشاب الذي عانى قبلها مباشرة من الهبوط رفقة بيرنلي من البريميرليغ، مستعدًا في الوقت الراهن لقيادة أحد عمالقة كرة القدم العالمية، ليأتي رد البلجيكي على المشككين بعد أقل من عام بالفوز بلقب البوندسليغا.

ومن الواضح أن إدارة البايرن رأت في كومباني إمكانيات هائلة قادرة على تجديد شباب الفريق، واستعادة هيمنته المحلية من جديد بعد فوز باير ليفركوزن بالثنائية الموسم الماضي.

وقال ماكس إيبرل، المدير الرياضي للبايرن، عند تعيين المدرب البلجيكي: "كان يتواجد على رأس قائمتنا منذ البداية لاعتقادنا بامتلاكه موهبة تدريبية هائلة".

وبالفعل كان القرار في النهاية بمثابة الضربة الكبيرة، حيث نجح البلجيكي في سد الفراغ الذي تركه توخيل، وأعاد البايرن إلى قمة الكرة الألمانية، ممهدًا الطريق لعصر جديد واعد.

بداية قوية

بدأ كومباني مسيرته مع الفريق بشكل رائع، حيث أسقط أولم الناشط في الدرجة الثانية برباعية نظيفة في كأس ألمانيا، قبل أن يفوز بأول 4 مباريات له في الدوري بعد تسجيل 16 هدفًا، إضافة إلى سحق دينامو زغرب بنتيجة (9-2) في دوري الأبطال.

وساعدت تلك النتائج المبكرة كومباني على كسب ثقة اللاعبين والجماهير، كما مهدت الطريق لموسمه الناجح مع الفريق.

ثورة تكتيكية

يطلب من بايرن ميونيخ دائما الهجوم وإمتاع الجماهير، وكان كومباني الخيار الأمثل في هذا الصدد، بإجادته أسلوب لعب (2-4-4) عند الاستحواذ على الكرة، بتشجيع الجناحين مايكل أوليسيه وليروي ساني على البقاء على الأطراف، بينما ينتقل لاعبو خط الوسط والظهيرين إلى نصف ملعب الخصم للسيطرة على الكرة.

وفي الدوري الألماني لا يوجد فريق يضاهي البايرن في معدل الاستحواذ على الكرة الذي وصل إلى 64%، كما لا يوجد من ينافسه أيضا في التسديدات والأهداف.

والأمر لا يقتصر على الهجوم وحسب، فقد حسن كومباني دفاع البايرن بالاعتماد على رباعي دفاعي أساسي، وقال عن ذلك فيليب لام أسطورة العملاق البافاري السابق: "منح (كومباني) الوضوح للفريق، حيث يعتمد على كيم مين جاي ودايو أوباميكانو بانتظام، الأمر الذي منحهما الثقة".

ولطالما كانت تدخلات كومباني إيجابية خلال المباريات، والمثال على ذلك التعادل أمام بوروسيا دورتموند (1-1) في شهر تشرين الثاني الماضي، فبعد التأخر (1-0) في الشوط الأول، كانت كلماته حاسمه بحسب القائد مانويل نوير: "كان مركزًا ومحللًا، لقد صنع الفارق لنا في الشوط الثاني ضد دورتموند".

وبفضل هيكليته وأسلوب لعبه الواضح إضافة إلى ثقة الفريق به، تحول بايرن ميونيخ تحت قيادة كومباني إلى الآلة الأكثر فعالية في الدوري الألماني.

التواصل

يتحدث كومباني اللغات الإنكليزية والفرنسية والهولندية والألمانية بطلاقة، وبالتالي نجح في إيصال أفكاره بفعالية إلى فريقه المتنوع، وبدأ التدريبات باللغة الإنكليزية، ومن ثم أدار المؤتمرات الصحافية بالألمانية منذ البداية، مشجعًا النجوم الأجانب على تعلمها.

ولاقت قيادته صدى لدى لاعبيه، وهذا ليس مفاجئًا، حيث قال عنه لاعبه وزميله السابق في مانشستر سيتي، ساني: "إنه قائد بارع يتمتع بشخصية لا تشوبها شائبة، ودائمًا ما يقود الطريق".

كما يصمم كومباني أسلوب تواصله مع كل فرد، متفهما للرسائل المختلفة المطلوبة من كل فرد، وعن ذلك قال متوسط ميدان البافاري جواو بالينيا: "ما يميز عمله هو علاقته الجيدة بكل فرد منا، لديه طريقة فريدة من نوعها، هذا مهم لروح الفريق، فلا أحد يشعر بالوحدة".

وساعد هذا النهج الشخصي على بناء الثقة والاحترام داخل الفريق، مما ساهم في خلق ديناميكية عمل جماعية متناغمة.

المحفز

يرسخ كومباني ثقافة التطوير المستمر، مشجعًا لاعبيه على بذل أقصى جهدهم والسعي نحو التميز، وقال أوباميكانو عن مدربه الذي أخرج أفضل ما لديه هذا الموسم: "أخبرني أنه لابأس بارتكاب الأخطاء في كرة القدم، كل ما كان يطلبه هو إصلاح الخطأ عند ارتكابه، أشعر بثقته".

أما جمال موسيالا فقال عن مدربه: "تحدثت كثيرًا مع فنسنت عند انضمامه إلينا، لقد حفزني على تطوير مهاراتي في بعض الجوانب، من خلال التقدم نحو منطقة الجزاء، والإنهاء من مسافة قريبة وتسجيل الأهداف السهلة، لقد ساعدني على الارتقاء بمستوى أدائي إلى مستوى أعلى".

هذا هو الشعور الذي يتردد في أرجاء الفريق، حيث أشاد أمثال هاري كين وجوشوا كيميتش وسيرج غنابري وآخرون بقدرة كومباني على تحفيز اللاعبين وتحسين أدائهم.

مساحة للتحسن

لم يخلو موسم البايرن من بعض الانتكاسات، من الخروج من ثمن نهائي كأس ألمانيا على يد باير ليفركوزن، وتوديع دوري الأبطال من ربع النهائي أمام إنتر.

ولكن كانت هناك ظروف أدت إلى تلك الهزائم، من طرد نوير المبكر في هزيمة الكأس ألمام ليفركوزن، إضافة إلى قائمة الإصابات الطويلة التي شملت نوير وأوباميكانو وموسيالا وديفيز التي وجهت ضربة موجعة لطموحات البايرن الأوروبية، وبالتالي سيحدث القليل من الحظ فارقًا كبيرًا في الموسم المقبل.

مجد البوندسليغا

على الرغم من الانتكاسات، حقق البايرن هدفه الرئيسي وهو استعادة لقب البوندسليغا، حيث تصدروا المشهد معظم فترات الموسم بتحقيق الانتصارات المتتالية في الوقت الذي عانى فيه ليفركوزن من كثرة التعادلات، وانتهت مواجهتاه ضد فريق المدرب تشابي ألونسو- اللتان وصفتا بأنهما مرشحتان لحسم اللقب، بتقاسم النقاط.

وأدار كومباني مباراة الدور الثاني أمام ليفركوزن في شهر شباط الماضي ببراعة في باي أرينا، حيث سيطر ليفركوزن على الكرة والاستحواذ، ولكن حرص البلجيكي على تقارب خطوط فريقه وتميزه بالصلابة الدفاعية، التي منحته نقطة حافظت على الفارق الكبير بينه وبين ليفركوزن في صدارة الترتيب. 

الأكثر قراءة

اقبال متوسط وإشكالات أمنية في انتخابات الشمال عون في الكويت: نحن بحاجة لاستثمارات لا لهبات ترامب الى السعودية... سفير اميركا في «اسرائيل»: الرئيس لن يعترف بدولة فلسطينية