اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


يعتبر ظهور الدم في البول، أو ما يُعرف طبيًا بـ"البيلة الدموية"، من الأعراض المقلقة التي تستدعي الانتباه الطبي الفوري، حتى وإن لم يكن مصحوبًا بألم أو أعراض أخرى. وفي حين قد يكون الدم واضحًا بالعين المجرّدة، فقد يظهر فقط تحت المجهر أثناء الفحوص الروتينية. هذا العارض، الذي يُستهان به أحيانًا، يمكن أن يُخفي خلفه مجموعة واسعة من الأسباب التي تتفاوت بين البسيطة والخطيرة.

تتنوع الأسباب المؤدية إلى وجود دم في البول، وتشمل حالات شائعة مثل التهابات المسالك البولية، والتي تتسبب بتهيج بطانة المثانة أو الإحليل، ما يؤدي إلى نزيف خفيف يظهر في البول. كما أن وجود حصى في الكلى أو الحالب قد يُحدث خدوشًا صغيرة في الأنسجة البولية، مسبّبًا بذلك خروج دم مع البول. في حالات أخرى، قد يكون السبب أعمق وأخطر، مثل أمراض الكلى المزمنة، أو وجود أورام في المثانة أو الكلى، سواء كانت حميدة أو خبيثة.

هذا وهناك عوامل محددة تجعل بعض الفئات أكثر عرضة للإصابة بالبيلة الدموية. على سبيل المثال، يُعتبر الرجال فوق سن الخمسين أكثر عرضة لهذه الحالة نتيجة تضخّم البروستاتا الحميد، والذي قد يُعيق تدفق البول ويتسبب في احتباسه وحدوث نزيف. كما تُعد النساء أكثر عرضة للإصابة بالبيلة الدموية المرتبطة بالتهابات المسالك البولية بسبب قرب الإحليل من المهبل والشرج، مما يُسهّل انتقال البكتيريا. الرياضيون، بدورهم، قد يلاحظون وجود دم في البول بعد نشاط بدني مفرط، وهي حالة تعرف باسم "البيلة الدموية الناتجة عن التمارين"، وغالبًا ما تكون مؤقتة وغير خطيرة.

لا تقتصر تداعيات وجود الدم في البول على القلق النفسي فقط، بل قد تكون مؤشرًا لحالة صحية تتطلب علاجًا عاجلًا. ففي حال لم يُعالج السبب الكامن وراء البيلة الدموية، قد تتفاقم الحالة وتؤدي إلى مضاعفات خطيرة مثل فشل كلوي، أو انتشار ورم في حال كان السبب سرطانًا غير مكتشف. كما أن تجاهل الأعراض المتكررة قد يؤدي إلى تدهور في جودة حياة المريض، خاصة إذا كانت مصحوبة بألم، أو صعوبة في التبول، أو فقدان الوزن غير المبرر.

بالتالي، يُنصح أي شخص يلاحظ تغيرًا غير معتاد في لون البول، خاصة إذا تحول إلى اللون الأحمر أو البني الغامق، بعدم تجاهل هذا العارض واللجوء الفوري إلى الطبيب المختص. فهذه التغيرات قد تُشير إلى وجود دم، سواء كان ظاهرًا بالعين المجردة أو غير مرئي ويكتشف فقط من خلال التحاليل المخبرية. وتتضاعف أهمية الاستشارة الطبية في حال ترافق تغيّر لون البول مع أعراض أخرى مثل الشعور بحرقة أثناء التبول، أو ألم مستمر في أسفل البطن أو الظهر، أو تكرار التبول بصورة غير طبيعية، أو حتى الشعور بالإرهاق العام وفقدان الشهية.

الفحوصات التشخيصية تبدأ عادةً بتحليل البول الكامل، الذي يُعد أداة أولية لرصد وجود خلايا دم حمراء أو عدوى بكتيرية أو وجود بلورات قد تشير إلى الحصى. يُتبع ذلك في بعض الحالات بإجراء تحاليل دم لقياس وظائف الكلى والتأكد من عدم وجود علامات على الالتهاب أو فقر الدم. كما قد يطلب الطبيب إجراء تصوير بالموجات فوق الصوتية (الإيكو) أو الأشعة المقطعية لتصوير الكلى والمثانة والحالب، بحثًا عن أي تشوهات أو أورام أو حصى قد تكون السبب وراء النزيف. وفي حالات محددة، خاصة عندما تكون النتائج غير حاسمة أو يشتبه بوجود أورام في المثانة، يُوصى بتنظير المثانة، وهو إجراء يُمكّن الطبيب من فحص بطانة المثانة والإحليل باستخدام أنبوب رفيع مزوّد بكاميرا.

الأكثر قراءة

نتنياهو يهدّد وأورتاغوس تساوم... لبنان يردّ بالتفاهمات والترقب انتكاسة لمخزومي في بيروت: طموح السراي يصطدم بضعف التمثيل السني «بلديات المتن»: نيكول الجميّل تتحدى ميرنا المرّ في معركة الاتحاد