اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


اذاً، رجب طيب اردوغان فوجئ بتكثيف الأمير محمد بن سلمان حضور بلاده الجيوسياسي في سوريا، دون أي تنسيق بين الرياض وأنقرة، التي اذ تعتبر نفسها الوصية على النظام السوري بل وعلى الدولة السورية، كانت تراهن على دور مالي فقط  للمملكة، ما يعني الآن الحد من الـتأثير التركي على أحمد الشرع، بالصورة التي قد تحمل اردوغان على التخلص منه بطريقة ما، وهو الذي اذ تتواجد الاستخبارات التركية تحت ثيابه، تولت تصنيعه ليكون الوالي العثماني على سوريا.

المسألة الفائقة الحساسية هنا، أن الرئيس التركي تعهد لبنيامين نتياهو، واثناء الاجتماعات التركية ـ "الاسرائيلية" في أذربيجان، بأن الشرع سيكون جاهزاً في غضون اشهر قليلة، للقيام بخطوات عملانية في اتجاه التطبيع، ما يستتبع اقدام لبنان على خطوات مماثلة، لتكتمل "الحلقة الرخوة"  حول الدولة العبرية. واذ توجه الشرع مباشرة، وبرسالة "أخوية" الى "الاسرائيليين" يعلن فيها ألاّ عداء معهم، أشار على ذلك النحو الساذج، الى أن "عدونا مشترك"، اي ايران وحزب الله، ليقول في الوقت نفسه أن التطبيع غير وارد الآن، ما يعكس مدى تأثير السعودية عليه، بعدما ربطت مسألة الانضمام الى "اتفاقات ابراهام"، باقامة الدولة الفلسطينية، وهي التي انزعجت كثيراً من الضغط الذي مارسته المؤسسة اليهودية للحيلولة دون دونالد ترامب، والموافقة على انشاء مفاعل نووي في المملكة، الأمر الذي يعني كثيراً ولي العهد السعودي، برهانه على تحويل بلاده الى دولة أشد فاعلية في المحيط، ان على المستوى الجيوسياسي أو على المستوى الجيوستراتيجي.

جهات أوروبية رفيعة المستوى بدأت تتحدث عن "صراع الرؤوس" في سوريا وعلى سوريا. ووفقاً لمصدر خليجي، دعت السعودية الشرع الى التريث في مسألة التطبيع في ظل الأجواء الضبابية الراهنة، ما قد يعرّضه للخطر، بوجود فئات سورية واسعة ترفض اي خطوة تجاه "اسرائيل"، ليس فقط قبل الانسحاب "الاسرائيلي" من المناطق التي احتلتها في الآونة التي أعقبت سقوط نظام بشار الأسد، وانما أيضاً قبل الانسحاب من مرتفعات الجولان، أو على الأقل التوصل الى ترتيب ما لهذه المرتفعات ينزع السيادة "الاسرائيلية" عنها، بعدما كان "الكنيست" قد اصدر في 14 كانون الأول 1981، "قانون الجولان" الذي يقضي بـ "فرض القانون والقضاء والادارة "الاسرائيلية" على هضبة الجولان".

في هذا السياق، من هو الرأس الذي يمكن أن يسقط، بعدما سبق للرئيس دونالد ترامب وأطلق في ولايته الأولى "صفقة القرن"، لتأخذ مسارها العملاني بـ"اتفاقات أبراهام"، مع التوقف هنا عند التسمية التي تضفي بعداً ايديولوجياً على العلاقات العربية ـ "الاسرائيلية"، الأمر الذي راهنت عليه المؤسسة اليهودية لتكريسه الأساس التوراتي، الذي يتعدى الوجه الاستراتيجي للدولة العبرية. كما أن ترامب كان قد وعد "تل أبيب" بأنه سيضغط على المملكة للانضواء في دومينو التطبيع، حتى اذا تحقق ذلك تغيّر الشرق الأوسط.

بطبيعة الحال، "الاسرائيليون" ضد سيطرة تركيا على سوريا وعلى لبنان، لأن ذلك يعني وصولها كدولة كبرى في المنطقة، ويحكمها الهاجس الخاص باعادة احياء السلطنة العثمانية. من هنا، الانذار "الاسرائيلي" بعدم السماح لأي جندي تركي والدخول الى دمشق، التي باتت  عملياً في القبضة "الاسرائيلية"، والى حد الاغارة على محيط قصر الشعب، وان كان ترامب قد أعلن عن رضاه على الدور التركي في سوريا.

هكذا عبرت "اسرائيل" عن غضبها من الأمير محمد بن سلمان، بعدم سماحها لوفد توجه وفد من وزراء الخارجية العرب، برئاسة الأمير فيصل بن فرحان الى رام الله للبحث في خارطة الطريق الخاصة باقامة الدولة الفلسطينية، ليبرر مسؤول "اسرائيلي" ذلك الموقف برفض أي شكل من أشكال وجود "دولة الارهاب"، وهي التي كانت تنتظر من الرئيس الأميركي موافقته على أي قرار تتخذه "اسرائيل" بالحاق الضفة بها.

وتبعاً لمعلومات خليجية، فان المملكة لم تكن لتقدم على تلك الخطوة من دون الضوء الأخضر الأميركي، تزامناً مع اطلاق سلسلة من الأسئلة "الاسرائيلية" حول ما حدث في قصر اليمامية بين الرئيس دونالد ترامب والأمير محمد بن سلمان حول الموضوع، الذي يواجه بمعارضة "اسرائيلية" عاصفة، لاعتبار القادة السياسيين والعسكريين أن دولة فلسطينية في الضفة والقطاع تعني بداية النهاية للدولة العبرية، خصوصاً وأن هناك توجساً من المؤسسة اليهودية لرغبة الرئيس الأميركي في احلال الدور السعودي محل الدور "الاسرائيلي"، في حماية المصالح الأميركية في الشرق الأوسط، وبوسائل بعيدة عن الوسائل العسكرية التي تزيد في مستوى العداء للولايات المتحدة.

سوريا، بوضعها الجغرافي الذي يؤثر بشكل مباشر على الوضع المستقبلي للمنطقة، لا بد أن تكون مركزاً للصراع، سواء بخلفيات ايديولوجية أو تاريخية، لتبدو الصورة هكذا: السعودية في مواجهة التمدد التركي والتمدد "الاسرائيلي". في هذه الحال، أين يقف دونالد ترامب الذي يضطلع بدور "المايسترو" وسط الحلبة؟ وهو الذي يعلم أن سوريا التي تعاني من الخراب الاقتصادي ومن الارتباك السياسي، بحاجة الى المال أكثر من حاجتها الى اي شيء آخر.

الاستنتاج الأخير... ان الصراع حول سوريا هو الصراع حول المنطقة. من يسقط، ومن يبقى  على المسرح؟؟

الأكثر قراءة

واشنطن تضغط سياسياً... وعراقجي يعرض مشاركة انمائية فورية! تعيينات قضائية بالتقسيط... بالاسماء والمواقع تصفيات بلدية طرابلس... «تحجيم» لكرامي؟