آن الأوان لكي ندرك أن الولايات المتحدة لا تنظر الينا ككائنات بشرية ، بقايا قبلية برؤوس القردة وبأشكال القردة، في هذه الأدغال التي ضاع فيها الأنبياء، وضاع فيها الله، وتدعى الشرق الأوسط، والا كنا نرتضي بالظهور المقوسة، أن نكون الرهائن في قبضة دونالد ترامب أو في قبضة بنبامين نتنياهو ؟
هذه هي "الخطة التوراتية" التي ينفذها رئيس الحكومة "الاسرائيلية"، وقد أثبت في جلسة "الكنيست" ليلة الأربعاء، أنه باق كـ"نبي" على عرش داود. كم بلغت بنا السذاجة حين ظننا أن ترامب بات جاهزا لالقاء رأسه في سلة المهملات، كما لو أن الرجل لا يقوم بكل ما يلزم لخدمة المصالح الأميركية في المنطقة، التي يفترض أن تبقى في دورانها داخل الحلقة المقفلة.
نفهم أن يقف رجل البيت الأبيض ضد ايران، التي ارتضت أن تضطلع بدور "الغول" الذي يبحث عنه الأميركيون حتى في شقوق الجدران، دون أن تدرك أي خطوط حمراء، وأي أسلاك شائكة، تحيط بالمنطقة التي طرد منها الروس وهم حفاة . اذا كنتم تتذكرون ما فعل بهم أنور السادات في مصر، وما حل بهم في سورية حيث لم يبق لهم من رصيد استراتيجي سوى جثة بشار الأسد. هذه حظيرة أميركية، لا بأس أن تكون حلبة لمصارعة الثيران، أو لصراع الديكة. كل صراع من هذا القبيل هو لمصلحة الولايات المتحدة. ذاك الصدأ الذي اعترى عقولنا ؟
لكننا لا نفهم كيف يقف رجل البيت الأبيض ضد السعودية التي فتحت له صدورها وصناديقها، ودون أن تحيد يوماً عن الخط الأميركي، وكذلك ضد فرنسا التي استطاع ايمانول ماكرون بكل دونكيشوياته، أن يجعل منها القهرمانة الأميركية، بتلك المواقف الصارخة حيال الحرب في أوكرانيا، ودون أن يقرأ ما حذّر منه مفكرون سياسيون في بلاده، من أن الخطر على القارة العجوز بات من التنين الأميركي لا من التنين الصيني.
السعودية وفرنسا اللتان تسعيان الى حل سياسي لا عسكري للدولة الفلسطينية، طرحتا مشروع عقد مؤتمر دولي في نيويورك للبحث في الآليات الخاصة بانشاء تلك الدولة. وكان قد تردد أن الأمير محمد بن سلمان طرح هذه المسألة مع دونالد ترامب أثناء زيارته الأخيرة للمملكة، وكان ترحيب منه اذا كان من شأن ذلك وضع حد نهائي للصراع .
قبل نحو اسبوع من موعد انعقاد المؤتمر (ما بين 17 و 20 حزيران )، اقترح السفير الأميركي في "اسرائيل" مايكل هاكابي، وهو صاحب شعار "التغيير في الشرق الأوسط بأبعاد توراتية"، بأن تتخلى دول اسلامية عن بعض أراضيها لاقامة دولة فلسطينية مستقلة، ملاحظاً أن هذه الدول تمتلك أراضي تفوق مساحتها ما تسيطر عليه "اسرائيل" بـ 644 مرة. بالصوت العالي قال لا لدولة فلسطينية في فلسطين. توقعوا ما يمكن أن يكون عليه مصير سكان غزة والضفة !
أعقب ذلك، كشف وكالة "رويترز" بتسريب متعمد، عن أن ادارة دونالد ترامب حثت عدداً من حكومات العالم على عدم المشاركة في المؤتمر، لاعتبار الولايات المتحدة أن أي خطوات "مناهضة لاسرائيل" هي كتحد مباشر للمصالح السياسية الخارجية للولايات المتحدة، والى حد التهديد بانزال عقوبات مباشرة على الدول المشاركة.
لا دور في المنطقة الا الدور الأميركي والدور "الاسرائيلي". الآخرون اضافات بشرية على الخريطة . لكننا هنا أمام المملكة العربية السعودية، بثقلها المعنوي والمادي، والتي عليها أن تدرك أن الدولة الفلسطينية هي الدولة المستحيلة على أرض فلسطين. في هذه الحال علينا أن نتابع بـ" شغف"، بل بمنتهى الشغف، المذابح اليومية للفلسطينيين، تمامًا كما كنا نتابع الأفلام الهوليوودية حول ابادة الهنود الحمر كونهم الحثالة.
استطرادا لا قوة ديبلوماسية، ولا قوة عسكرية لأي دولة في المنطقة، اما بالتدمير كما حدث في لبنان وسورية، أو بوضع الترسانات العربية بآلاف الطائرات وبآلاف الدبابات قيد الاحتجاز. تلك المليارات الهائلة التي تذهب أدراج الرياح، ولندع رجب طيب أردوغان ماض في تلك الغيبوبة العثمانية، بدور الغلام في الحرملك الأميركي، وحتى في الحرملك "الاسرائيلي". وها هو الساكت على الاختراقات "الاسرائيلية" للأراضي السورية، يدفع بدمشق الى التطبيع، أي اهداء رأس أحمد الشرع الى بنيامين نتنياهو. هل يتصور الرئيس التركي ما مصيره حالما تنتهي مهمته؟ القاؤه من نافذة البيت الأبيض.
لا "اسرائيل" بتلك الايديولوجيا الدموية وبتلك الصواريخ النووية، هي التي تهدد أمن المنطقة وأمن العالم . ستيفن ويتكوف اكتشف وفي هذه اللحظات بالذات (لحظات التهويل وربما فعلا لا قولا)، أن ايران التي تخضع للرقابة الصارمة من الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والتي لا تمتلك أي منظومة دفاعية في وجه الغارات "الاسرائيلية"، تملك "كمية كبيرة من الصواريخ، ما يمثل تهديدا وجوديا لأميركا وللعالم وللخليج". هل شاهدتم في حياتكم حلقة كوميدية على هذا المستوى من الغباء ؟
حقًا كيف تدار الديبلوماسية أو الاستراتيجية الأميركية بتلك الكمية من الغباء (عبقرية الغباء)؟ لا الصواريخ النووية الروسية والصينية العابرة للقارات، ولا الصواريخ النووية الكورية الشمالية التي تلامس لوس انجلس وسان فرنسيسكو، تهدد وجود أميركا، بل صواريخ ايران التي اسقطتها المضادات الأردنية بالوسائل التقليدية ...
لكنه الاله الأميركي بالكلام المقدس. سواء كنا أعداء لأميركا، أم حلفاء لأميركا، مكاننا هو جهنم. وليكن الشرق الأوسط هو ... جهنم!!
يتم قراءة الآن
-
جلسة السلاح تحرّك العاصفة... وماكرون يتدخّل لتفادي الانفجار برّاك ينسحب إلى موناكو ورسائله تربك بيروت بإنتظار التشكيلات القضائية: ملفات حساسة وشخصيات نافذة على الطاولة
-
هكذا الإعداد لحرب أهليّة في لبنان
-
الأنظار الى <جلسة الثلاثاء> و<الحزب> مُلتزم بالحوار مع الرئيس عون قادة حزبيون هددوا بتفجير الشارع: الاصبع على الزناد قاسم: لن نقبل أن يكون لبنان ملحقاً بإسرائيل والبلد معرض لخطر وجودي من إســرائيل وداعــش
-
الشرع ونتنياهو يلتقيان في لبنان؟
الأكثر قراءة
عاجل 24/7
-
13:02
تأجيل البت بقانون تنظيم القضاء العدلي إلى الجلسة المسائية بناءً على اقتراح رئيس الحكومة لمزيد من الدرس بهدف المواءمة بين إقتراح لجنة الإدارة والعدل ومشروع الحكومة
-
13:02
الهيئة العامة لمجلس النواب أقرت القانون الرامي الى التعديل بعد أحكام القانون رقم 73 تاريخ 23/4/2009 وتعديلاته (تحديد شروط إعطاء مديري المدارس الرسميه تعويض إدارة) بمادة وحيدة
-
13:00
الشيباني: لا نمثل أي تهديد لإسرائيل ولا نية لتنفيذ أي اعتداء ضدها
-
12:36
مجلس النواب اقر إقتراح القانون الرامي الى تعديل بعض أحكام القانون رقم 11 الصادر بتاريخ 12/6/2025 المتعلق بالايجارات للاماكن غير السكنية وفق التعديلات التي رفعتها لجنة الادارة والعدل
-
12:29
الهيئة العامة لمجلس النواب اعادت إقتراح القانون الرامي الى التعديل الفقرة ب من المادة 37 من القانون رقم 367 الصادر في الاول من اب عام 1994 (مزاولة مهنه الصيدلة) الى لجنة الصحة النيابية
-
12:18
وزير الخارجية السوري: نتطلع إلى تعاون روسي كامل وصادق لدعم مسار العدالة الانتقالية في سوريا
