اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

القطيعة مستمرة بين السعودية ورئيس "تيار المستقبل" سعد الحريري، وهي بدأت منذ ان قدم استقالته في 4 تشرين الثاني 2017 من الرياض بسبب ادائه السياسي في لبنان، الذي لم ترض عنه المملكة، بعد تسلم الامير محمد بن سلمان لمنصب ولي العهد لوالده الملك سلمان بن عبد العزيز، والذي كان يأخذ على الحريري مهادنته لحزب الله، ومشاركته في الحكومة معه، مما اثار غضب الرياض على الحريري الذي استدعته اليها، فقدم استقالته بعد عام على التسوية الرئاسية، التي نسجها مع "التيار الوطني الحر" برئاسة جبران باسيل، واوصلت العماد ميشال عون الى رئاسة الجمهورية، والذي اعتبر الحريري مختطفا في السعودية بعد تقديم استقالته، التي عاد عنها بعد تدخل خارجي مع الامير محمد بن سلمان، الذي ابلغ الحريري بانه غير راض عنه، ما دام حزب الله يساعد الحوثيين في اليمن وهو يشاركه السلطة.

ومنذ ذلك التاريخ، والعلاقات بين السعودية والحريري تتراجع، ووصلت الى حد اخراجه منها، بعد تصفية اعماله فيها، ووضع شركته "اوجيه السعودية" وما يتفرع منها في "المزاد العلني" بعد اعلان افلاسها.

هذه المسيرة من التوتر والجفاء، لم تلق لها حلولًا، لان القيادة السعودية كانت متصلبة بموقفها ليس من سعد الحريري فقط، بل من عائلة رفيق الحريري، بمن فيهم بهاء الذي كان وما زال يعتبر نفسه وارثًا سياسيًا طبيعيًا "للحريرية السياسية"، وبدأ يعمل على ذلك منذ قدم شقيقه سعد استقالته من رئاسة الحكومة في مطلع تشرين الثاني 2017، لكن عائلته لم تقبله، وتمسكت بسعد، الا ان بهاء بدأ يعمل منفردًا محاولا استقطاب مسؤولين وافراد من "تيار المستقبل"، وسعى الى تأسيس حالة سياسية، وانشأ علاقات مع وسائل اعلام.

ابواب المملكة ما زالت مقفلة على "الحريرية السياسية"، وكان آخر ما تم تداوله من معلومات، ان الامين العام "لتيار المستقبل" احمد الحريري، لم يعط سمة دخول الى السعودية لاداء مناسك الحاج، فالغى الزيارة، في وقت حصلت سكرتيرته غنى حبلي عليها. وتكشف مصادر مطلعة على ما جرى، ان السعودية وجهت رسالة بذلك الى احمد الحريري، وعبره الى ابن خاله سعد، بان الوقت لم يحن بعد للعودة الى المملكة، التي ما زالت حذرة في التعامل مع "الحريرية السياسية"، التي امامها امتحانات يجب ان تمر بها، وآخرها الانتخابات البلدية والاختيارية التي جرت في ايار الماضي، حيث اعلن رئيس "تيار المستقبل" في الذكرى العشرين لاغتيال والده الشهيد رفيق الحريري في 14 شباط الماضي، انه لن يشارك فيها، وان مشاركته في الانتخابات النيابية المقبلة ستكون له كلام حولها، "وكل شيء بوقته حلو" كما قال سعد، في اشارة منه الى ان تعليقه العمل السياسي ما زال قائما، منذ ان اعلنه في الانتخابات النيابية الماضية عام 2022.

لكن ما اعلنه سعد الحريري لم يتم الالتزام به من عمته بهية وابنها احمد، وفق المعلومات، فتم دعم اللائحة التي ترشح عليها العميد المتقاعد محمود الجمل، وضمته مع "الجماعة الاسلامية" والنائب نبيل بدر وعائلات بيروتية، واستطاع الجمل ان يخرق اللائحة المدعومة من تحالف الاحزاب المتعارضة، وضمت "امل" وحزب الله و "القوات اللبنانية" و "الكتائب" و "التيار الوطني الحر" و "الطاشناق" والحزب "التقدمي الاشتراكي" و "جمعية المشاريع الخيرية الاسلامية". في وقت عملت بهية الحريري على دعم لائحة في صيدا، فاز اعضاء منها، لكن هذا التصرف لم يطمئن سعد الحريري، وان كان لا يزعجه، لكنه لا يفتح له ابواب السعودية، واعتبر ما قامت به بهية وابنها احمد مخالفا لتوجهاته، لا بل تمردًا عليه، وسأل عن تمويل المعركة الانتخابية.

من هنا، فان الازمة انتقلت الى داخل "بيت الوسط"، الذي كان الحريري اتخذ قرارا بفتحه امام المواطنين، وان تتخذه بهية مقرًا لها لممارسة نشاطها السياسي من وسط بيروت، لا من صيدا، لبدء العمل السياسي.

ودخل على الخط بهاء، مع ظهور تباين في وجهات النظر بين سعد وبهية، فاعاد التواصل مع عمته لتقف معه وتسانده في ان يكون هو في "بيت الوسط"، ومنه تعود له وراثة "الحريرية السياسية"، وهذا ما اقلق سعد الذي اتخذ قرارا بتخفيض عدد الموظفين والنفقات الى حدود الدنيا. وهي اشارة منه الى انه مستمر في تعليق عمله السياسي الى ان يحين الوقت المناسب، وما زال يعمل لفتح ابواب السعودية له، لانها هي الفاعلة في لبنان ولها الدور الاساسي فيه، ووالده رفيق دخل باب السياسة من الرياض في عهد الملك فهد بن عبد العزيز، وكان موفدا شخصيا له للمساعدة في حل الازمة اللبنانية، وانعقاد مؤتمر الطائف، ووصوله الى رئاسة الحكومة وتعزيز حضوره السياسي، وتشكيل كتلة نيابية كبيرة، وبات الزعيم السني الاوحد في لبنان.

الرضا السعودي على "الحريرية السياسية" ما زال في الثلاجة، ولم تتقدم محاولات ذوبان الجليد بينهما، وان السياسة السعودية مع الامير محمد بن سلمان تختلف عما كانت عليه سابقاً، وتريد في لبنان حلفاء اوفياء، لا سماسرة مال.


الأكثر قراءة

الارهاب يقرع أبواب مسيحيي سوريا المنطقة في المجهول بعد قرار ترامب الانخراط بالحرب ايران تتجه لاغلاق مضيق هرمز... وتداعيات كارثية مُرتقبة على دول العالم