يعاني الكثير من الأشخاص من الألم في مؤخرة الرأس، والذي قد يظهر فجأة أو يتطور تدريجيًا مع مرور الوقت. لا يُعتبر هذا النوع من الألم مجرد انزعاج عابر فحسب، بل قد يكون في بعض الحالات دلالة على وجود مشاكل صحية أعمق تستدعي التدخل الطبي. ومن هنا تنبع أهمية التعرّف على العوامل التي تساهم في ظهوره، والآثار المترتبة عليه، فضلًا عن الأمراض التي قد تكون مخفية خلفه.
في معظم الأحيان، يرتبط هذا الألم بالتوتر العضلي أو الإرهاق العصبي، حيث يُعتبر الصداع التوتري أحد أبرز المسببات. يظهر هذا الصداع نتيجة الإجهاد النفسي أو الجسدي، خاصة بعد الجلوس لفترات طويلة بوضعية خاطئة أو التعرّض لضغط نفسي مستمر. يشعر المريض حينئذ بضغط خفيف إلى متوسط الشدة، يبدأ من مؤخرة الرأس ويمتد أحيانًا إلى الرقبة والكتفين.
في المقابل، هناك أنواع من الصداع أكثر حدة مثل الصداع العنقودي، الذي يتسم بحدّته وطابعه الدوري. هذا الصداع عادة ما يصيب جهة واحدة من الرأس ويتركّز خلف العين أو في الجزء الخلفي منها، وغالبًا ما يظهر في شكل نوبات مؤلمة قد تستمر لدقائق أو ساعات. يرتبط هذا النوع من الصداع باختلالات في النظام العصبي اللاإرادي وقد يتفاقم خلال مواسم معينة.
من جهة أخرى، يعاني البعض من الألم خلف الرأس بسبب مشكلات هيكلية في العمود الفقري، خصوصًا في الفقرات العنقية. إن الانزلاقات الغضروفية أو التهابات المفاصل أو حتى التقلصات العضلية في الرقبة قد تؤدي إلى ألم يبدأ من الرقبة ويشعّ نحو مؤخرة الرأس. وغالبًا ما يتفاقم هذا النوع من الألم عند تحريك الرأس أو الجلوس لفترات طويلة دون تغيير الوضعية.
أما في حالات أخرى، فقد يكون هذا الألم إشارة مبكرة إلى ارتفاع ضغط الدم. إذ يلاحَظ لدى بعض المرضى صداع نابض في مؤخرة الرأس، خاصة في ساعات الصباح الباكر. عندما يكون ضغط الدم مرتفعًا بشدة، فإن الأوعية الدموية في الدماغ تتأثر سلبًا، مما يؤدي إلى الشعور بضغط شديد وألم قد يترافق مع دوخة أو اضطراب في الرؤية.
وفي سياقات أكثر خطورة، يمكن أن يُنذر الألم الحاد والمفاجئ في مؤخرة الرأس بحدوث نزيف تحت العنكبوتية، وهو نوع نادر وخطر من السكتات الدماغية. يوصف هذا الصداع غالبًا بأنه “أسوأ صداع في الحياة”، ويظهر بشكل مباغت وقد يصاحبه غثيان، تيبّس في الرقبة، أو فقدان مؤقت للوعي. التعامل مع هذا النوع من الحالات يتطلب عناية طبية فورية.
ومن بين الأسباب الخطرة كذلك التهاب السحايا، الناتج من عدوى فيروسية أو بكتيرية تُصيب الأغشية المحيطة بالدماغ. في هذه الحالة، لا يكون الألم خلف الرأس وحده هو العرض، بل ترافقه أعراض أخرى مثل الحمى الشديدة، تيبّس الرقبة، والتحسس من الضوء، مما يستوجب تشخيصًا دقيقًا وسريعًا لتفادي المضاعفات.
من الواضح إذًا أن الألم خلف الرأس لا يجب الاستهانة به، خصوصًا إذا كان متكررًا أو يصاحبه أعراض إضافية. فبعض الحالات قد تتطلب مجرد استراحة أو تعديل في نمط الحياة، بينما تُخفي حالات أخرى أمراضًا تستوجب العلاج الفوري. ولهذا، يبقى اللجوء إلى الطبيب عند الشك هو الخيار الأسلم لتفادي المخاطر المحتملة.
في النهاية، فإن فهم الخلفيات الطبية المختلفة لهذا الألم يساعد على الوقاية منه والتعامل معه بفعالية أكبر. ومع تعدّد أسبابه وتشعّب أعراضه، تظل المتابعة الطبية الدقيقة هي الوسيلة الأضمن للحفاظ على سلامة الجهاز العصبي والصحة العامة.
الأكثر قراءة
عاجل 24/7
-
14:11
سرايا القدس: سيطرنا على طائرة استطلاعية للاحتلال خلال تنفيذها مهام استخبارية في سماء حي الشجاعية شرق مدينة غزة
-
13:54
التحكم المروري: حركة المرور كثيفة على طريق كورنيش المزرعة بالاتجاهين
-
13:13
رئيس مجلس النواب نبيه بري يلتقي في هذه الاثناء في عين التينة قائد الجيش العماد رودولف هيكل
-
12:43
رجّي: الدولة "بدّا تاكل عنب مش تقتل الناطور" ونحاول بالديبلوماسيّة والصداقات إخراج إسرائيل من لبنان ولواشنطن مصلحة في استقرار البلد عبر قيام دولة فاعلة وعدم تدخّل دول خارجيّة به
-
12:42
رجّي عن سحب السلاح الفلسطيني: هذا أمر تقني أمني عسكري محض
-
12:41
رجّي: لا نريد من أحد أن يتدخل بشؤوننا الداخلية
