اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


بعد أن وجد نتنياهو نفسه في مأزق كبير داخل "الكنيست الإسرائيلي"، مع احتمال كبير لسقوط حكومته بسبب مسألة تجنيد "الحريديم"، ونهاية حياته السياسية بفشل ذريع، واحتمال دخوله السجن بتهمة الفساد، قرر، كما وصفه الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون، "الهروب إلى الأمام" عبر مهاجمة إيران، ظنًّا منه أن العملية ستكون نزهة سهلة.

رغم العدوان "الإسرائيلي" على الجمهورية الإسلامية الإيرانية الذي دام 12 يوما، حيث استُخدمت فيه كامل الأسطول الجوي الحربي "الإسرائيلي" المؤلف من 50 طائرة شبح من الجيل السادس الأكثر تطورا في العالم، إضافة إلى مئات الطائرات المقاتلة الأميركية الصنع من الجيل الخامس المتطور جدا، ورغم الاختراق النوعي الذي حضّر له "الموساد" لسنوات طويلة، وكذلك الاستعانة بالصواريخ الأميركية الخارقة للتحصينات لضرب المنشآت النووية، خاصة في فوردو ونطنز وأصفهان، لم تركع إيران، بل على العكس أوجعت "إسرائيل" بشدة من خلال إطلاق مئات الصواريخ الباليستية التي حمل كل منها رؤوسا حربية بزنة تتراوح بين 500 كلغ و1500 كلغ.

ولا يمكن إنكار أن "إسرائيل" عبر طيرانها وعمليات "الموساد" ألحقَت خسائر جسيمة، شملت اغتيال عدد كبير من كبار القادة العسكريين الإيرانيين وأكثر من 12 عالما نوويا بارزا، لكن الهدف الأساسي لنتنياهو، كان تغيير النظام عبر جرّ واشنطن لدعمه في هذه المهمة، لكنه فشل. حتى إن تقارير صحافية أميركية أكدت أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب هو من منع نتنياهو من محاولة اغتيال المرشد الأعلى وتغيير النظام.

وكانت صدمة نتنياهو كبيرة جدا عندما بدأت الصواريخ الإيرانية تتساقط على "إسرائيل"، مستهدفة مواقع استراتيجية مثل مقر "الموساد" في ضواحي "تل أبيب"، ومراكز حساسة جدا في مدينة حيفا، خاصة المرفأ والمصانع الكبرى التي تنتج مواد حيوية للكيان. فهذه هي المرة الأولى في تاريخ "إسرائيل" التي يتكبّد فيها الكيان هذا الحجم من الخسائر البشرية والمادية خلال بضعة أيام، من دون أن يكون بمقدورها الادعاء بأنها خرجت منتصرة في النهاية.

وقد قدّرت كلفة هذه الحرب على "إسرائيل" بحوالى 9 مليارات دولار بين خسائر عسكرية ومدنية.

وتشير تقديرات عسكرية دولية إلى أن إيران تمتلك أكثر من 15 ألف صاروخ باليستي، وأكثر من 30 ألف مسيّرة مفخخة، وأنها استعدّت لسنوات طويلة لهذا النوع من المواجهة مع "إسرائيل"، وهي حرب قد تدوم أكثر من عامين.

للتذكير، فإن الجمهورية الإسلامية الإيرانية تخضع لعقوبات دولية منذ أكثر من 40 عاما، وهو ما حرمها من شراء طائرات حربية حديثة ومتطورة. هذا يفسّر سيطرة سلاح الجو "الإسرائيلي" على الأجواء الإيرانية. كذلك، رغم توقيع معاهدة دفاعية العام الماضي بين روسيا وإيران، فإن موسكو لم تسلّم إيران منظومات صواريخ "إس-400" المتطورة المضادة للطائرات.

لكن المهندسين الإيرانيين والتكنولوجيا الإيرانية نجحوا في تعويض هذا النقص، عبر تطوير صواريخ باليستية وصواريخ ذكية يبلغ مداها حتى 6,000 كيلومتر، بما يمكّنها من الوصول إلى شرق أوروبا مثل اليونان وقبرص، وبعض هذه الصواريخ قادر على حمل رأس حربي زنة طن كامل.

أما بالنسبة للقصف الأميركي الذي استهدف مواقع تخصيب اليورانيوم، فقد أفادت محطة CNN وصحيفة "نيويورك تايمز" أن القنابل الأميركية الخارقة للتحصينات، ربما لم تتمكن من تدمير جميع المواقع، رغم عدم تأكيد أي شيء حتى الآن. وحتى لو تمكنت إيران من تهريب نحو 400 كلغ من اليورانيوم المخصب بنسبة 60%، فهي بحاجة إلى أجهزة طرد مركزي جديدة لرفع نسبة التخصيب إلى 90% لتصنيع سلاح نووي.

ويكاد يجمع الخبراء العسكريون الغربيون على أن جميع أجهزة الطرد المركزي الإيرانية دُمّرت خلال الغارات. ويؤكد هؤلاء أن إيران ستحتاج ما بين سنة إلى سنتين لإعادة بناء البنية التحتية المطلوبة لتخصيب اليورانيوم إلى نسبة 90% ،والحصول من هذه الكمية على نحو 15 قنبلة نووية.

وأكد مرجع سياسي بارز، على علاقة وثيقة بإدارة الرئيس ترامب، أن المفاوضات بين الولايات المتحدة وإيران ستُستأنف قريبا. وبما أن ترامب رجل أعمال قبل أن يكون سياسيا، فإن أحد دوافعه للتقارب مع إيران هو الدافع الاقتصادي، إذ إن إيران دولة غنية جدا بالنفط والغاز، ويولي ترامب أهمية كبيرة لاستثمارات الشركات الأميركية في هذا السوق الكبير، الذي يضم 90 مليون نسمة. 

الأكثر قراءة

زمن التسويات الثقيلة: لبنان يستعد لصفقة كبرى على حافة الانهيار؟ القوات تخسر معركة المغتربين... مخاوف من تعطيل المجلس