يُعتبر التهاب البنكرياس من الحالات الطبية التي تُثير القلق لما لها من تأثيرات خطيرة على صحة الإنسان، وقدرتها على التسبب بمضاعفات قد تهدد الحياة في حال لم يتم التعامل معها بجدية. البنكرياس هو غدة تقع خلف المعدة وتؤدي وظائف مزدوجة تتعلّق بإفراز الإنزيمات الهاضمة من جهة، وتنظيم مستويات السكر في الدم من جهة أخرى. وعندما يتعرّض هذا العضو للالتهاب، تبدأ إنزيماته في مهاجمة أنسجته بدلًا من المساعدة في الهضم، مما يؤدي إلى تلف داخلي قد يكون حادًا أو مزمنًا بحسب طبيعة الالتهاب.
تتعدد الأسباب التي تؤدي إلى التهاب البنكرياس، غير أن أبرزها يرتبط غالبًا بوجود حصى في المرارة تعيق تدفق العصارات الهاضمة، أو الإفراط في شرب الكحول لفترات طويلة، وهو عامل شائع في حالات الالتهاب المزمن. كذلك، يمكن أن يكون السبب ارتفاع الدهون الثلاثية في الدم، أو الإصابة ببعض الفيروسات، أو التعرّض لإصابات في البطن، أو استخدام أدوية معيّنة، إضافة إلى العوامل الوراثية النادرة. ورغم تنوّع الأسباب، إلا أنّ النتيجة في جميع الحالات هي اضطراب شديد في وظيفة البنكرياس قد يؤدي إلى خلل عام في التوازن الداخلي للجسم.
إن مخاطر التهاب البنكرياس لا تقتصر على الأعراض المؤلمة فقط، بل تمتد لتشمل آثارًا صحية جسيمة، مثل الإصابة بداء السكري نتيجة تلف الخلايا المنتجة للأنسولين، أو المعاناة من سوء هضم مزمن بسبب تضرر الخلايا المسؤولة عن إفراز الإنزيمات الهضمية. وفي بعض الحالات، قد تتكوّن كيسات مملوءة بالسوائل داخل البنكرياس، وقد تتعرض للتمزق أو العدوى، مما يستدعي تدخلًا جراحيًا. كما أن استمرار الالتهاب قد يؤدي إلى إصابة البنكرياس بعدوى حادة، أو إلى حدوث نزيف داخلي، أو حتى فشل في وظائف الكلى أو الرئتين، وقد تصل الحالة إلى تعفن الدم الذي يُعد من أخطر مضاعفات الالتهاب.
ولا يمكن إغفال الأثر النفسي والاجتماعي الذي يُخلّفه التهاب البنكرياس، خصوصًا في حال تكرار النوبات أو تطور الحالة إلى التهاب مزمن. يعاني المرضى غالبًا من فقدان الشهية، انخفاض الوزن، التعب المستمر، واضطرابات في نمط الحياة اليومية. ومع مرور الوقت، يصبح المرض عبئًا نفسيًا يحتاج إلى دعم إضافي، سواء من العائلة أو من مقدّمي الرعاية الصحية، لا سيما في ظل الحاجة المستمرة إلى تنظيم الغذاء وتناول الأدوية والمتابعة الطبية الدورية.
إنّ التحكّم في هذا المرض يبدأ دائمًا بالوقاية والوعي. الامتناع عن شرب الكحول، اعتماد نظام غذائي متوازن قليل الدهون، معالجة مشاكل المرارة بسرعة، ومراقبة مستويات الدهون في الدم، كلها خطوات مهمة للوقاية من الالتهاب. كما أن استشارة الطبيب قبل تناول أي أدوية مشكوك في تأثيرها على البنكرياس يوفّر طبقة حماية إضافية، خاصةً لدى الأشخاص الذين لديهم تاريخ عائلي مع المرض.
في الختام، يمكن القول إن التهاب البنكرياس مرضٌ جدّي يتطلب وعيًا طبيًا واستجابة فورية. فالمضاعفات التي قد تنشأ عنه تؤثر على أكثر من عضو، وتنعكس سلبًا على جودة حياة المريض. لذلك، من الضروري تعزيز التوعية الصحية بهذا المرض، والتشديد على أهمية التشخيص المبكر والعلاج السليم في تفادي مخاطره، وحماية البنكرياس من أي تلف قد يصعب علاجه لاحقًا.
يتم قراءة الآن
-
معالم الردّ على ورقة برّاك تتبلور... وحزب الله سلّم موقفه إجهاض مُحاصرة «الثنائي» انتخابياً... والمواجهة مفتوحة الأمن العام فكّك خليّة لتنظيم «داعش» تتعاون مع «الموساد»؟!
-
زمن التسويات الثقيلة: لبنان يستعد لصفقة كبرى على حافة الانهيار؟ القوات تخسر معركة المغتربين... مخاوف من تعطيل المجلس
-
حسين السلامة بين التطبيع والتصفية: لماذا اختارت تل أبيب قصف قلب دمشق؟
-
الهجوم على مدرسة» شارل ديغول»: هجوم على «الجسور»؟ أم لإخراج سوريا من هذا الكوكب؟
الأكثر قراءة
-
حسين السلامة بين التطبيع والتصفية: لماذا اختارت تل أبيب قصف قلب دمشق؟
-
المخرج للسلاح بالتوافق بين عون وبري وقاسم وسلام بري لصحافيين :وليد جنبلاط أقرب سياسي لي زعيم المختارة يرفض عزل حزب الله و"الدق" برئيس المجلس
-
المفتي دريان يجتمع مع الشرع السبت... ماذا على الطاولة؟ عريمط لـ "الديار": أهل السنّة في لبنان ليسوا بحاجة لحماية من أحد أياً كان!
عاجل 24/7
-
12:30
أوكرانيا: استدعاء القائم بالأعمال الأميركي بعد تعليق واشنطن إرسال أسلحة
-
12:30
وسائل إعلام "اسرائيلية": إصابة 4 جنود بجروح خطيرة في انفجار عبوة ناسفة استهدفت دبابة في قطاع غزة
-
12:24
الخارجية الروسية: إذا أنشأ الاتحاد الأوروبي منظمة كالناتو فإنّ الهيكل العسكري الجديد سيشكل تهديداً لموسكو وسيتعين التعامل معه
-
12:22
الخارجية الروسية: عسكرة الاتحاد الأوروبي تغير موقف روسيا تجاهه نوعياً وهو ما ينطبق على القطاع العسكري
-
12:21
وزارة الخارجية الروسية: الناتو حوّل منطقة البلطيق الأكثر هدوءاً إلى منطقة مواجهة عسكرية
-
12:13
هيئة البث "الإسرائيلية": النيابة العامة توافق على طلب نتنياهو تأجيل شهادته بسبب زيارته إلى الولايات المتحدة
