اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


في لبنان، لم تعد التحديات الرياضية تقتصر على المنافسة في الملعب، بل امتدت إلى صراع البقاء في ظل الأزمات المتلاحقة.

فالحرب والأوضاع الاقتصادية والسياسية تركت ندوباً عميقة على الجسم الرياضي، من انهيار البنى التحتية إلى هجرة النجوم، وآخرهم نجوم نادي بيروت فيرست كلوب لكرة السلة سيرجيو درويش وعلي مزهر الى اليابان، وعلي حيدر الى ليبيا، وصولاً الى استشهاد أقرباء للكثير من اللاعبين والاداريين، ما أثر على مردودهم الرياضي.

خلال الحرب توقفت جميع المسابقات الرياضية حتى في المناطق البعيدة عن الأماكن المستهدفة. وبعد توقف آلة الحرب "الاسرائيلية" الوحشية، عاد النشاط الرياضي بسرعة الى الملاعب والصالات اللبنانية، لكن بألم كبير، وتحت شعار: الرياضة قد تصمت مؤقتاً، لكنها لا تموت!

تأثيرات عميقة

الحرب والصراعات المسلحة لها تأثيرات عميقة على مختلف جوانب الحياة في أي بلد، بما في ذلك الرياضة. وفي لبنان، الذي شهد العديد من الحروب والنزاعات الداخلية والخارجية، تأثرت الرياضة بشكل كبير. والحروب والنزاعات المسلحة تؤدي غالبا إلى تدمير البنية التحتية، بما في ذلك الملاعب والمرافق الرياضية. وقد تعرضت العديد من الملاعب والمراكز الرياضية، خصوصاً في البلدات وقرى جنوب لبنان للتدمير أو التخريب خلال القصف "الاسرائيلي" الوحشي والممنهج. وهذا التدمير أثر بشكل كبير على قدرة الرياضيين على ممارسة رياضاتهم بشكل طبيعي، وأدى إلى نقص في الأماكن الرياضية المتاحة للتدريب والمنافسة.

تأثير الحرب على الرياضيين

الحرب لم تؤثر فقط على البنية التحتية، بل أيضا على الرياضيين أنفسهم. العديد من الرياضيين اللبنانيين تأثروا بشكل مباشر أو غير مباشر بالحرب، سواء من خلال النزوح، أو الإصابة، أو فقدان أقرباء لهم، أو حتى المشاركة في الدفاع عن أرضهم. بعض الرياضيين وجدوا أنفسهم غير قادرين على مواصلة مسيرتهم الرياضية بسبب الظروف الصعبة التي فرضتها الحرب. بالإضافة إلى ذلك، أثرت الحرب على الصحة النفسية للعديد من الرياضيين، مما أدى إلى تحديات إضافية في حياتهم الشخصية والرياضية.

وتقول ريما وهي احدى لاعبات كرة القدم: "الحرب سرقت منا ملاعبنا، لكنها لم تسرق ارادتنا".

وتابعت "هناك شهداء في كثير من العائلات الرياضية، وقد أثر هذا الأمر بشكل كبير على مستوى اللاعبات واللاعبين، لكن العزيمة بقيت وسنستمر في الرياضة لأننا شعب يحب الحياة، ولن يقهرنا عدو بطائراته وقذائفه المجرمة".

أما حسين وهو من سكان الضاحية ويلعب كرة القدم أيضاً، فأكد أن الحرب أثرت على مستواه لأنه فقد خلالها العديد من أقربائه ورفاقه، كما ان الحرب جعلته يتوقف عن التمرين، لكنه اشار الى أنه مستمر وهو استعاد مستواه تدريجياً في الاشهر الماضية.

ويقول علي وهو من سكان الشياح ان الحرب جعلت الرياضة تتوقف في لبنان في الملاعب، لكنها لم تتمكن من ايقافها في نفوس اللاعبين الذي عادوا الى الملاعب بقوة واصرار لاظهار أن الرياضة في لبنان تتوقف لكنها لا تموت.

المنافسات الرياضية

الحروب تؤدي غالبًا إلى توقف أو تأجيل المنافسات الرياضية. وقد تأثرت البطولات الرياضية المحلية والدولية بشكل كبير بسبب الحرب. إذ أن العديد من المباريات والبطولات (وخصوصاً كرة السلة وكرة القدم) تم إلغاؤها أو تأجيلها، مما أثر على مسيرة الرياضيين والفرق الرياضية. بالإضافة إلى ذلك، أدى نقص الاستقرار السياسي والأمني إلى صعوبة في جذب الفرق والرياضيين الأجانب للمشاركة في البطولات اللبنانية.

تعافي الرياضة اللبنانية بعد الحرب

بعد توقف القصف "الاسرائيلي" الوحشي، بدأت الرياضة اللبنانية في التعافي تدريجيا. وتمت إعادة فتح بعض الملاعب والمرافق الرياضية، وبدأت البطولات الرياضية في العودة إلى طبيعتها. وقد أظهر الرياضيون اللبنانيون صمودا كبيرا واستطاعوا تحقيق نجاحات على المستوى المحلي والدولي.

وعلى الرغم من التحديات التي واجهتها الرياضة اللبنانية بسبب الحرب، هناك آمال كبيرة لمستقبل مشرق. اذ تم فتح ملعب مدينة كميل شمعون الرياضي الذي استعاد رونقه، أمام المباريات، وعادت الى صرحه المباريات الرياضية، وآخرها دربي بيروت بين الأنصار والنجمة والذي انتهى انصاريا (6-1).

لا شك أن تأثير الحرب على الرياضة في لبنان كان عميقا وممتدا على مختلف الجوانب. من تدمير البنية التحتية إلى تأثيرها على الرياضيين والمنافسات الرياضية. كما مثلت الحرب تحديا كبيرا للرياضة اللبنانية. ومع ذلك، أظهرت هذه الرياضة صمودا كبيرا واستطاعت أن تعود بقوة بعد انتهاء القصف "الاسرائيلي".

وبين أنقاض الملاعب، ظهرت إرادة لا تنكسر. الرياضة اللبنانية اليوم ليست مجرد ألعاب، بل أصبحت رسالة... رسالة صمود من شعب يعلم جيداً أن الملاعب قد تصمت لكنها لا تموت، وأن الكرة ستستمر في الدوران حتى تحت القصف. 

الأكثر قراءة

بري الذي أذهل المبعوث الأميركي