اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


في لحظة سياسية حساسة ودقيقة من عمر المنطقة، تسلم الموفد الاميركي المؤقت ورقة الحل السياسي، لمعالجة المعضلات اللبنانية المستعصية وفقا للرؤية المحلية، في زيارة واكبها اهتمام اقليمي ومحلي في سياق ديبلوماسي خارج عن المألوف، حملت في طياتها محاولة اميركية لاعادة طرح التوازن بين الاصلاح السياسي والدعم الاقتصادي، مع التركيز على اعادة تثبيت دور لبنان في خارطة المصالح الاميركية في المنطقة.

فبين الترحيب الحذر والرفض الضمني، الذي عبر عنه المعنيون في الجلسات المغلقة، بدت رحلة طوم براك اختبارا حقيقيا لقدرة واشنطن على التأثير، في بلد التعقيدات الداخلية وتباينات اطرافه الحادة في مقاربة الملفات الاستراتيجية، رغم محاولته التخفيف من وقع "الرفض الترامبي" للمسار اللبناني، معتمدا استراتيجية ستيفن ويتكوف في مقاربة الملف الاوكراني، هما المتخرجان من المدرسة الديبلوماسية نفسها.

فالفرحة التي عاشها بعض الداخل مع خروج مورغان اورتاغوس من المشهد، لم تدم طويلا، ذلك ان اللهجة الديبلوماسية الهادئة التي اعتمدها في يومه البيروتي الاول، والتي سمحت بفتح باب التسريبات والتأويلات على مصراعيها، معززة بدفق معلومات من المقرات الرئاسية، عن امتنان وفرحة واشنطن بانجاز الورقة وبمن اعدها وحضرها، سرعان ما تبخرت مع مساء اليوم الثاني، عشية عودته لمتابعة نقاش بنود الورقة الذي بدأه عبر "الاونلاين"، حيث كشف حقيقة موقفه واصطفاف بلاده، ذاهبا ابعد من اورتاغوس، في تقييمه "للطقم السياسي" الحاكم. فما الذي قاله؟

لا شك ان كلامه حمل الكثير من المواقف المعروفة ، والتي ما عادت خافية على احد، الا ان اللافت فيها كان تعبيره الصريح ووصفه للمسؤولين اللبنانيين، حيث يمكن التوقف عند النقاط التالية، التي تفكك الكثير من الالغاز التي احاطت بنتائج زيارته، ومن ابرزها:

- اعتباره ان الطبقة السياسية اللبنانية "تعيش في دوامة مسرحيات سياسية متكررة، تفتقد إلى الجدية والقرار، وتراهن على الخارج أكثر من التزامها بإرادة الداخل"، وهو ما سبق واشار اليه في حديثه عن عدم التعويل على المفاوضات الايرانية – الاميركية، ذلك ان لا "سلة" حل هذه المرة، انما الحلول على القطعة والساحات منفصلة عن بعضها البعض.

- كشفه عن انه من لاعبي الشطرنج، اي من اصحاب التخطيط والتكتيك و الرؤية الاستراتيجية، فيما قادة لبنان من لاعبي "طاولة الزهر"، حيث الرهان على الحظ والخطوات المرتجلة.

- وصفه لنفسه بـ"الديبلوماسي السيّئ"، انطلاقا من ان "نفسه قصير لا يحب الانتظار كثيرا"، وهي سياسة الرئيس دونالد ترامب، الذي يستعجل بت الملفات وحسم الخيارات.

- جزمه بان "أي اتفاق سيُعرض ضمن الآليات الدستورية المعتمدة محليا عبر الحكومة اللبنانية ومؤسسات الدولة"، وبالتالي فهو يعيد الكرة الى ملعب الترويكا التي حاولت تجنب انفجار الحكومة.

- تحدث نيابة عن دول الخليج، مطمئنا المعنيين ان كل الزيارات والجولات لن تجدي نفعا ،ولن تسمح بتدفق المساعدات، طالما ان الشروط الاميركية لم تتحقق.

- بدا غير واثق من ان عودته بعد اسبوعين الى بيروت ستكون منتجة او سامحة لتحقيق تقدم، لن يكون ممكنا الا في حال حصول معجزة.

هكذا اذا وضع اللبناني، الذي استعاد جنسيته اللبنانية مع شقيقه وثلاثة من ابنائه في مرسوم صادر عن رئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان، اصبعه في قلب الجرح اللبناني. واللبيب من الاشارة يفهم، على ما ردد على مسامع احد اصدقائه بلغة عربية "مكسرة"... 

الأكثر قراءة

بري الذي أذهل المبعوث الأميركي