اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


في ظل الواقع الجيوسياسي الحساس الذي يحيط بلبنان، شكلت المساعدات العسكرية الاميركية ركيزة اساسية في دعم المؤسسة العسكرية اللبنانية. فمنذ 2006 ازدادت وتيرة الدعم الاميركي كما ونوعا، لتبلغ ذروتها مع الحرب على الارهاب، واعتبار الجيش اللبناني "شريكا استراتيجيا" فيها، لتشمل التدريب والتجهيز والتسليح، في سياق ما تعتبره واشنطن "دعم الدولة ومؤسسات الشرعية"، وهو ما عادت واوردته وركزت عليه "ورقة براك" الاخيرة.

مساعدات تموضعت ضمن رؤية استراتيجية، هدفت الى تمكين الجيش اللبناني من مكافحة الارهاب وضبط الحدود وتعزيز الاستقرار الداخلي، في مواجهة التحديات الامنية المتعددة التي يواجهها لبنان، من تسلل الجماعات المتطرفة، الى هشاشة البنية الامنية الحدودية من مختلف اتجاهاتها.

مع الاشارة الى ان الدعم لم يكن خاليا من الاعتبارات السياسية، اذ غالبا ما ارتبط بمواقف اميركية ضاغطة تجاه سياسيات لبنان الخارجية، وبعض قضاياه الداخلية، ما طرح تساؤلات متكررة حول اهداف هذه المساعدات وحدود تأثيرها، كذلك استخدامها كورقة ضغط ام كوسيلة دعم فعلي للجيش اللبناني، كما لباقي الاجهزة الامنية.

في هذا الاطار، شكلت المساعدات المقدمة لسلاح الجو اللبناني، الذي دمر بشكل شبه كامل خلال الحرب، احد ابرز اوجه التعاون بين واشنطن وبيروت، حيث اندرجت ضمن دعم قدرات الجيش في مجالات الاستطلاع والمراقبة والمواجهة المحدودة، من خلال تزويد القوات الجوية:

- 3 طائرات "سيسنا كارافان" مجهزة بصواريخ "هيلفاير" الليزرية.

- مسيرات "سكان ايغل" لدعم قدرات الاستطلاع والمراقبة الجوية.

عدد من الطوافات الخفيفة والمخصصة للنقل.

- 6 طائرات "سوبر توكانو" مخصصة للهجوم والاستطلاع، وتستخدم في عمليات مكافحة الارهاب.

ورغم الانجازات الكبيرة والاستثنائية التي حققها فنيّو وطيارو القوات الجوية، تحديدا خلال معركة نهر البارد، مع تحويلهم الطوافات الى "قاذفات قنابل"، الا ان تقارير التقييم الاميركية وفقا لاحد المختصين في هذا المجال، ركزت على محدودية القدرات التقنية والموارد البشرية، مقابل تطور التهديدات الخاضعة لحسابات سياسية وعسكرية دقيقة.

في هذا الاطار، عادت الى الواجهة طائرات "السوبر توكانو - ايه29"، مع موافقة وزارة الخارجية الاميركية على عقد لبيع خدمات الصيانة وقطع الغيار والتدريب الفني لتلك الطائرات الست، بقيمة تقديرية تبلغ 100 مليون دولار، خصوصا ان هذه الطائرات وطياروها بحاجة الى اعادة تأهيل، بعد سنوات من دخولها الى الخدمة الفعلية.

مصدر اميركي متابع اكد ان واشنطن ترى في هذه الصفقة دعما لسياستها الخارجية وامنها القومي، من خلال تعزيز امن لبنان، الذي يعد شريكا مهما للاستقرار والتقدم الاقتصادي في الشرق الاوسط، كما ستساعد القوات المسلحة اللبنانية في تنفيذ اتفاق وقف الاعمال العدائية، من خلال صيانة هذه الطائرات الحيوية المستخدمة في الدعم الجوي القريب، ومهام الاستطلاع والمراقبة والاستخبارات، والتي سبق وتم استخدامها فوق قطاع جنوب الليطاني اكثر من مرة خلال الفترة الاخيرة، بالتعاون مع طائرات "السيسنا".

وتوقع المصدر الا يواجه لبنان اي صعوبة في استيعاب المعدات التي ستقدم وبرامج التدريب المخصصة، معتبرا ان الصفقة لن تؤثر على التوازن العسكري الاساسي في المنطقة، كاشفا ان قرار وزارة الخارجية لا يزال بحاجة الى تمريره في الكونغرس ليصبح نافذا، مؤكدة ان بيروت لن تدفع اي اموال. وبالتالي فان الموافقة ستحال الى لجنة المساعدات، التي ستقوم بحسم مبلغ ال 100 مليون دولار من حصة لبنان السنوية من تلك المساعدات، والتي تتراوح راهنا بين 250 مليون الى 300 مليون دولار، ما يعني عمليا ان "صفقة السوبر توكانو" ستستحوذ على حوالي ثلث قيمة المساعدات الاجمالية.

عليه، فان القرار الاميركي يعد دعما تقنيا وعسكريا فعالا ضمن الحدود المرسومة للجيش، لكنه لا يحمل اي ابعاد سياسية تقرأ في سياق الصراع الاقليمي والدولي حول موقع لبنان ومكانة جيشه، ضمن توازنات الداخل والخارج، يختم المصدر.

الأكثر قراءة

مفاوضات بين أميركا وحزب الله؟