لا توحي الزيارة الثالثة للموفد الاميركي توم براك لبيروت بالكثير من التفاؤل، خصوصا انها تاتي في وقت تغلي فيه المنطقة، من الاحداث التي تشهدها سوريا، وارتداداتها على الساحة اللبنانية، الى عودة التصعيد الكلامي على الجبهة الايرانية، فيما يراوح الوضع في غزة مكانه، ما ينذر بمضاعفات على مستوى الشرق الاوسط ككل، الخاضع لاختبار بالغ الخطورة، يستهدف وجود أقلياته، وبالتالي حدود دوله التي رسمها اتفاق سايكس-بيكو، فيما المطلوب من لبنان الذي يعاني اصلا من وضع هش، ان ينهض بمؤسساته الرسمية ويعزز امنه واستقراره بمعزل عن هذا الغليان.
وسط هذه الاجواء، تتطاير الأوراق والملاحظات على خط واشنطن – بيروت، بنود تبقى واخرى تُزاد بحسب تقلبات المواقف، تواكبها جولات مكوكية لم تنته الى اي حسم، تقطعها جرعات أمل غير مستندة الى اي معطى عملي وملموس، وتسويق رسمي بان «الامور ماشية» وفق الخطة المرسومة، بعيدا من الفولكلور والضوضاء، حرصاً على تنفيذها بهدوء ورويّة من دون استفزاز اي فريق لبناني، فالمهم على حدّ قولها «أكل العنب مش قتل الناطور».
اليوم الثاني
وفيما استمرت مفاعيل اللقاءات الرسمية لليوم الاول للزيارة، مدار بحث وتمحيص، توالت التسريبات حول ما تناوله اللقاء الثالث في مقر الرئاسة الثانية، من نقاط حساسة، خصوصا ان الفريق الاميركي يعول كثيرا على الاجتماع برئيس المجلس، الذي حمل معه ردودا شفهية على كثير من التساؤلات، وجاءت في توقيت دقيق سياسيا واقليميا، مع انكشاف ملامح صفقة اميركية اقليمية تتقاطع مع الاستحقاقات اللبنانية.
مصدر مواكب للاتصالات كشف ان الجانب الاميركي استطاع انتزاع تعهد لبناني بعقد جلسة للحكومة توافق بالاجماع على نص الورق اللبنانية، بعدما ابدى الثنائي الشيعي موافقته وتاكيده على حضورها، على ان يحدد موعدها خلال الايام المقبلة، مشيرا الى ان الريبة اللبنانية الكبرى تكمن في اصرار واشنطن على عدم تقديم أي ضمانات، بمعنى تركها الامور لمصلحة التوازنات التي يمكن ان تستجد على الارض، مؤكدا ان الرد اللبناني عمليا هو اقصى ما يمكن للبنان ان يوافق عليه، وبالتالي فان الورقة الاخيرة هي نهائية، دون ان يعني ذلك انقطاع التواصل مع الجانب الاميركي، حيث ستبقى الابواب مفتوحة على أي اقتراحات جديدة من ضمن المسلمات اللبنانية، مبديا اعتقاده بان زيارات براك ستبقى قائمة في أي لحظة الى بيروت تبعا للتطورات الاقليمية والمحلية.
في عين التينة
وكشف المصدر ان مبدأ «الخطوة بخطوة» لم يعد صالحا في ظل اقرار براك بعجز واشنطن عن فرض أي شيء على تل ابيب، موضحا ان رئيس المجلس طلب، ازاء ذلك، أن يكون هناك سلّة متكاملة للحل، تضمن حقوق لبنان وأمنه الذاتي، وتجعله ينطلق في محادثات داخلية حول استراتيجية دفاعية، اذ لا يمكن مطالبة الحزب بتسليم سلاحه ومفاوضته على ذلك في ظل استمرار الاحتلال، من هنا كان طرح عين التينة لمرحلتين: انسحاب اسرائيل مقابل سحب السلاح جنوب الليطاني، ووقف العدوان مقابل الاستراتيجية الوطنية.
وراى المصدر ان براك اوصل رسائل ثلاث واضحة، اولى، بدَّل من تصريحه السابق حول حزب الله، فاعتبره هذه المرة «حزباً إرهابياً» وفق تصنيف بلاده، ، جاء بناء لطلب مباشر من وزارة الخارجية، بعدما كان استرسل واجتهد في كلامه المرة الماضية في حديثه عن التمييز بين جناح عسكري وآخر سياسي، وهو ما يدل على ان الخارجية الاميركية غير مرتاحة للهجته الدبلوماسية «الزايدة»، والمواقف التي يطلقها، وهو ما وصلت اصداؤه الى اكثر من شخصية لبنانية، ثانيًا، أن اتفاق وقف إطلاق النار لم ينجح، وأنه لا توجد أي جهة ضامنة لمنع تجدد الحرب، الثالثة، والأخطر، تأكيده أنه «لا توجد ضمانات» وأن واشنطن «لا تستطيع إرغام إسرائيل على فعل أي شيء»، ما يعني رفض المقترح اللبناني بضرورة وجود ضمانات واضحة.
وختم المصدر، بانه رغم الاجواء الايجابية التي حاول بثها، الا ان غالبية من التقوه جانبيا خرجوا بانطباعات غير ايجابية، متحدثين عن خيبته من الرد اللبناني، والعجز عن كسر دائرة المراوحة، اذ ان الرد الثاني يكاد يكون نسخة طبق الاصل عن الاول، مقرا بان هذه الدوامة اوصلت الى فشل اتفاق وقف اطلاق النار، من جهة، والى عجز واشنطن عن تقديم الضمانات التي تطالب بها بيروت، معتبرة ان زيارته الحالية وضعت لبنان في مواجهة اسرائيل وحيدا، متخوفة من ان يكون قد اقترب من اختتام «مهمته اللبنانية» ومن غسل يديه من الأزمة، بعد عجزه عن الحصول على التزامٍ بسقفٍ زمني وبآلية لتسلّم سلاح حزب الله.
في الخلاصة فان الزيارة الثالثة رسخت الواقع التالي: المبادرة الاميركية لا تزال مطروحة على الطاولة، المهلة امام لبنان تضيق، الدعم الدولي مشروط باجماع داخلي على خريطة الطريق الاميركية، والا فان الفرصة الاخيرة ستضيع، وفق توصيفه.
اليونيفيل
وفي سياق متصل، علم ان المجموعة الاوروبية وعلى راسها فرنسا، تقدمت من الامين العام للامم المتحدة معربة عن استعدادها لتغطية حصة الولايات المتحدة الاميركية من تمويل قوات الطوارئ الدولية في جنوب لبنان، خصوصا ان واشنطن ابلغت القيادة الدولية عزمها وقف التمويل، وقد اتخذت الخطوات الاجرائية في هذا الخصوص وفقا لما بينته بنود الموازنة المعروضة على الكونغرس.
غير ان مصادر دبلوماسية في نيويورك اشارت الى ان حل تلك الاشكالية لا يعني ان التمديد لليونيفيل بات بحكم الامر الواقع، في ظل التهديد الاميركي باستخدام حق النقض ضد اي قرار لا يراعي مصالح واشنطن وخططها.
عون الى البحرين
وسط هذه الاجواء، غادر رئيس الجمهورية الى البحرين، في زيارة رسمية تستمر ليومين، في اطار رحلاته الخارجية الى الدول العربية، بهدف اعادة لبنان الى الحضن العربي، ومحاولة كسر العزلة التي عانت منها بيروت طوال السنوات الاخيرة، ووفقا للمتابعين، بدا لافتا في برنامج رحلته، لقاؤه مع رؤساء تحرير الصحف البحرانية، مع الاشارة الى ان الاهمية التي تكتسبها هذه الزيارة تنبع من كون المنامة، احد ابرز المؤشرات على اتجاه الرياح السعودية.
سلام عند ماكرون
والخميس يغادر رئيس الحكومة نواف سلام الى باريس للقاء الرئيس ايمانويل ماكرون، على ان يستكمل المباحثات التي بدأها مع المستشار الاقتصادي للمبعوث الرئاسي الفرنسي الخاص جاك دو لا جوجي في حضور السفير الفرنسي، حيث جرى البحث في مستجدات قانون إعادة هيكلة المصارف والتعديلات المطروحة عليه في مجلس النواب، إضافةً إلى مناقشة الجدول الزمني المتوقع لإقراره، كما تناول الاجتماع التقدّم المحرز في إعداد قانون الفجوة المالية، في إطار السعي إلى إرساء أسس التعافي المالي والاقتصادي في لبنان.
مشروع اعادة الهيكلة
والى الورشة التشريعية الاصلاحية، حيث اكدت اوساط نيابية ان اللجنة الفرعيّة المخصّصة لدراسة مشروع قانون إصلاح أوضاع المصارف، انهت عملها، بعدما حسمت مسالة تركيبة الهيئة المصرفيّة العليا، ضمن المهلة التي حددتها السلطة اللبنانية لواشنطن وصندوق النقد، قبل نهاية تموز، حيث ستحيل تقريرها الذي يتضمن المحاضر والتعديلات إلى لجنة المال والموازنة، ومن بعدها إلى الهيئة العامّة، وهو ما كان استفسر حوله توم براك بالتفصيل خلال لقاءاته «المالية».
أمّا بالنسبة لقانون الفجوة المالية، فتكشف المعطيات ان القدرة على إنجازه في غضون اسبوعين صعبة، لأن المشكلة ترتبط بهذه النقطة بالذات، لأنها تعني كيفية توزيع المسؤوليات بين مصرف لبنان والمصارف والدولة اللبنانية، وتحديد طريقة دفع الأموال والنسبة التي ستدفعها كل جهة، وبالتالي هذه هي النقطة الأكثر حساسية بكل الأزمة التي كانت جامدة لست سنوات مضت بسبب العجز عن مقاربة هذا الموضوع، ولذلك فإن إنجاز هذا الموضوع سيتطلب وقتاً إضافياً ولن يكون ممكنًا في نهاية الشهر الحالي.
قائد الجيش في الاردن
من جهته وصل قائد الجيش العماد رودولف هيكل الى الاردن في اول زيارة عربية له لبحث الملفات المشتركة بين الجيشين، خصوصا ان عمان تعتبر من الاطراف الفاعلة والمؤثرة في الملف الفلسطيني، كما انها ساهمت في تسليح الجيش اللبناني، من تقديمها دبابات «ام 60»، ومجموعة مدفعية محمولة ذاتية الحركة، الى اكثر من 60 ملالة ام 113، لتجهيز كتيبتين من الجيش للانتشار في منطقة جنوب الليطاني.
جديد السلاح الفلسطيني
وليس بعيدا، كشف مصدر فلسطيني، ان حركة التغييرات التي تشهدها قيادة الساحة اللبنانية على المستويين السياسي والعسكري، تحت اشراف وقيادة الرئيس محمود عباس، تتزامن مع اتصالات بعيد عن الاعلام مع الجانب اللبناني تندرج راهنا في اطار «تنظيم السلاح الفلسطيني لا سحبه وتسليمه»، في اطار التزام السلطة بما تعهد به ابو مازن خلال زيارته الى بيروت.
الحسم اقترب
على صعيد آخر، في ظل الضبابية التي تحيط بمصير منحة العسكريين التي أقرتها الحكومة، وبعد العودة عن الضريبة على المحروقات التزامًا بقرار مجلس شورى الدولة، يجد العسكريون أنفسهم في موقع المدافع عن حقهم مع غموض الحكومة في مقاربتها لموضوع الرواتب، التي تعاني من ازدواجية واضحة بصرف رواتب خيالية لبعض الموظفين، في حين تشتكي من عدم وجود مصدر لتمويل منحة العسكريين.
وفي هذا الاطار علم ان العسكريين المتقاعدين امهلوا الحكومة حتى نهاية الشهر، فإذا لم يتقاضَ العسكريون المنحة، فإن اليوم التالي ستشهد الشوارع تحركًا واسعًا، وإقفالًا جماعيًا في كل المناطق اللبنانية، لأنه لا يمكن استمرار الاستهزاء بحقوق العسكريين والمتقاعدين العسكريين، ذلك انه تمت جباية الضريبة على المحروقات على مدى شهرين، حيث بلغت العائدات 30 مليون دولار، وبالتالي التذرع بعدم وجود أموال لدفع المنحة هو غير صحيح، لأن ما تمت جبايته كان تحت عنوان تغطية منحة العسكريين.
التشكيلات القضائية
على صعيد التشكيلات وبعد تعثر تمرير تعيينات بعض الهيئات الناظمة «لعيوب» شابت العملية، عادت الى الواجهة مسالة التشكيلات القضائية، في ظل التعثر المستجد على خطها، فبعد حل مسالة المدعي العام المالي، برزت الى الواجهة عقدة مدعي عام جبل لبنان، وسط شد حبال بين وزير العدل الذي يدعم القاضي سامي صادر، ورئيس مجلس القضاء الاعلى الذي يؤيد وصول القاضي سامر ليشع، في وقت يبدو ان «الصلحة» بين الرجلين «لم تكتمل»، علما ان «الورقة» التي سيرفعها مجلس القضاء نهاية الشهر، للوزير، الذي قطع اجازته وعاد الى بيروت، تتضمن اسماء 470 قاضيا.
يشار في هذا السياق الى ان عجلة التفتيش القضائي عادت الى الدوران، بعد فترة من التوقف، اذ تسجل سلسلة من الاستدعاءات لقضاة على خلفية مسائل مسلكية، كالسفر الى الخارج دون اذن، وضع منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي، واستخدام تطبيق «تيك توك».
يتم قراءة الآن
-
بعد تألقه عبر مواقع التواصل الإجتماعي..هذه هي نصائح عيسى شما للشباب!
-
إذا لم تضمن أميركا... من يمنع الحرب المقبلة؟ واشنطن تنسحب مالياً من اليونيفيل وفرنسا تتحرك للإنقاذ منصب مدعي عام جبل لبنان يعرقل التشكيلات القضائية؟
-
برّاك «يُناور» ويُدير «لعبة» تمرير الوقت؟ لا ضمانات تكبح «اسرائيل»... و«العين» على لقاء بري مخاوف امنية من «خاصرة رخوة» في الشمال!
-
حين تتقاطع دمشق و«تل أبيب» على حساب بيروت: ما الذي جرى في الكواليس؟
الأكثر قراءة
عاجل 24/7
-
08:47
القناة 12 الإسرائيلية: إدارة ترامب أبلغت إسرائيل وحماس بأنها تريد رؤية نهاية للحرب
-
08:44
إعلام أميركي: اختراق أنظمة وكالة الأمن النووي الأميركية من قبل قراصنة
-
08:41
قوة إسرائيلية توغلت فجرا إلى ريحانة بري في سهل الماري وداهمت منزلا يقيم فيه عمال سوريون بحثا عن عامل سوري لم يكن متواجدا حينها قبل ان يقتادوا اثنين منهم و يحتجزوهما لوقت قبل إطلاق سراحهما
-
08:37
هيئة البث الإسرائيلية: الولايات المتحدة نقلت رسالة إلى "حماس" مفادها أنّه إذا لم تسلّم جوابها قريباً فإن واشنطن ستتراجع عن بعض الضمانات التي تم التوافق عليها
-
08:18
"نيويورك تايمز" عن مسؤولين إيرانيين: نرجح وقوف إسرائيل وراء ما تشهده إيران من انفجارات وحرائق
-
07:14
التحكم المروري: جريحان في حادثان تم التحقيق فيها خلال ال ٢٤ ساعة الماضية
